من فقه العبادات ( عبادة الصيام )

من فقه العبادات ( صيام شهر رمضان )
وفيه كل ما يهم المسلم من مسائل تتعلق بالصيام حتى يكون صومك صحيحا  

وعن أثر الصيام فى إيمان المسلم وسلوكه

قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات , فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام آخر , وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له , وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه , ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام آخر . يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر , ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون , وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداعى إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون , أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم , فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل , ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون " صدق الله العظيم الآيات من سورة البقرة من 183_ 187_

مما لاشك فيه أن للفرائض الدينية والآداب الإسلامية حكم غالية وأهداف سامية وفضائل عظيمة تظهر لنا أثرها من خلال التجارب والاكتشافات العلمية الحديثة والبعض الآخر قد يخفى علينا ,وعلينا أن نعلم قبل هذا وذاك أن أوامر الله تعالى ونواهيه كلها خير ورحمة وهى تنشد السعادة للإنسان وتحقق الخير للناس جميعا .
والمسلم عندما يصوم عليه أن يعلم أن أساس العبادات فى الإسلام هو إمتثال الطاعة
وفى أداء عبادة الصيام التسليم لله جل جلاله وما أعظم هذا التسليم والعبودية الخالصة للصيام خاصة فالصائم يجوع ويعطش وأسباب الغذاء والماء بين يديه وميسرة وامتناعه بمحض الإرادة خشية من الله تعالى ورغبة فى رضاه ولهذا نسب الله تعالى الصيام لنفسه تشريفا ونولى جزاء الصائمين بفضله فقال فى الحديث القدسى " كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لى وأنا أجزى به , يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلى "
والصيام ليس حرمانا مقصودا لذاته , ولكنه صفاء للنفس , والإرتفاع بها إلى السمو الروحى وحب الخير للناس , والعزوف عن الشر , والإبتعاد عن الإثم وتجنب الفسق
وبذل المعروف , وإغاثة الملهوف , وغض الطرف عن المحارم , وحفظ اللسان من سقط الكلام , والرفث واللغو , وهو ترويض وقهر للنفس اللوامة , والتخلق بكل خلق قويم والتخلى عن كل خلق ذميم وفى ذلك يقول الرسول صل الله عليه وسلم " لكل شئ زكاة , وزكاة الجسد الصوم , والصيام نصف الصبر "
ويقول صل الله عليه وسلم " إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولايصخب , فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنى صائم ..."
ويقول أمير الشعراء شوقى عن الصيام
الصوم حرمان مشروع , وتأديب بالجوع , وخشوع لله وخضوع , لكل فريضة حكمة , وهذا الحكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة , يعود الناس الصبر , ويعلمهم خلال البر , فإذا جاع من ألف الشبع , عرف الحرمان كيف يقع , وألم الجوع إذا لذع " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (1)

حتى يكون صومنا صحيحا يجب علينا أن نتعرف على أحكام الصيام (2)

فرض المولى جل شأنه عبادة الصيام على سائر المسلمين بالكتاب والسنة واجماع الأمة وأما ثبوته بالكتاب كما فى قوله تعالى " يا إيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات " سورة البقرة
يقول بن جرير الطبرى فى تفسيره والمعنى " فرض يعنى كتب عليكم , كما فرض على الذين من قبلكم من الأمم السابقة
ثبوت الصيام بالسنة
فالصيام أحد أركان الإسلام ومبانيه الخمسه لحديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال عن النبى صل الله عليه وسلم " بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمد رسول الله , وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لم استطاع إليه سبيلا " متفق عليه
ولقد فرض الله تعالى صيام رمضان على المسلمين , فى السنة الثانية من الهجرة فصام رسول الله صل الله عليه وسلم تسع رمضانات بالإجماع وأما قبل ذلك فكان المفروض عليهم صيام يوم عاشوراء لما ذكرته السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها فى حديثها الذى رواه البخارى فى صحيحه ونصه
" كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش فى الجاهلية وكان رسول الله صل الله عليه وسلم يصومه بوحى من الله فلما قدم المدينة صامه وامر الناس بصيامه فلما فرض شهر رمضان قال رسول الله صل الله عليه وسلم " من شاء صام ومن شاء أفطر " لينفى عنه بذلك حكم الفرض وأصبح صيام عاشوراء سنة .
وفى قوله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " إن الشهود فى الآية الكريمة ليس معناه الرؤية لكل من يريد الصيام ولكن الشهود هنا معناه الحضور والمعنى من حضر شهر رمضان وأدرك زمنه فواجب عليه أن يصوم متى كان أهلا للتكليف بالصوم وشروطه الإسلام , والعقل والبلوغ والقدرة والطهر من الحيض والنفاس
والصيام عبادة مفروضة على سائر المسلمين يجب على كل مسلم أداؤها متى كان أهلا للتكليف " فلا يجب الصيام على الكافر , ولا المجنون , والصبى , ولا غير القادر كا لشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض والمسافر وأن تكون المرأة خالية من الحيض والنفاس على تفصيل سنبينه إن شاء الله فى موضعه

وقد فرض الصيام على المسلمين كما فرض على الذين من قبلهم , لما فى الصيام من فوائد عظيمة , ولعل أكبر فوائد الصيام هو تقوى الله عز وجل وتعويد النفس الخشوع لله تعالى والخضوع لتعاليمه والإمتثال لشرعه وبذلك يتحقق للنفس الإنسانية الإستقامة على الخير والحق والإعتدال على الطريق المستقيم .
ويثبت صيام شهر رمضان برؤية هلاله , على جميع المسلمين روى مسلم فى صحيحه من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم " إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما " ولا خلاف فى ذلك ويجوز الجمع بين الرؤية والحساب الفلكى وهو أضبط كما بين العلامة المحدث المصرى فضيلة الشيخ أحمد شاكر وغيره كثير من العلماء المعاصرين كفضيلة العلامة محمد عبده وتلميذه العلامة رشيد رضا والشيخ الأكبر محمود شلتوت على سبيل الميثال لاالحصر .
ولايلزم اتحاد المسلمين فى الصوم لاختلاف الرؤية لأن أصل الشرع رؤية الهلال مع الجمع بين الرؤية والحساب الفلكى
ولا يلزم اتحاد المسلمين فى الصوم لاختلاف مطالع القمر فى البلاد الإسلامية وعدم اتفاق التوقيت فيها فمن ثبت لديه هلال رمضان فليصم " فمن شهد منكم الشهر فليصم " وأما الإجماع فقد ثبت فرضية الصيام بعمل الرسول صل الله عليه وسلم واجماع الصحابة والمسلمين حيث أجمعت الأمة على وجوب صيام شهر رمضان على كل مكلف كان أهلا للصيام , وأن منكر الصيام يكون مرتدا عن دين الإسلام لأنه أنكر معلوما ثبت بالدين بالضرورة " صفحة(2)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من فقه الصيام (3)
الصيام ومعناه
تعريف الصوم بإختصار _ الصوم لغة : الإمساك عن الشئ سواء كان طعاما أو مشربا أو مشيا أو كلاما ومن قول مريم الصديقة " إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا " سورة مريم الآية 26_
وفى الشرع : الإمساك عن المفطرات من الطعام , والشراب , والجماع مع النية من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس . وعلى الصائم أن يحفظ لسانه وجوارحه عن ارتكاب المعاصى , كالكذب والغيبة والنميمة والإعتداء على الآخرين وفعل المنكر , حتى ينال ثواب صومه , لأن الصيام ليس إمتناعا عن الأكل والشرب والجماع وفقط وإنما إلى جانب ذلك هو امتناع عن كل مانهى الله عنه قولا وفعلا .
وللصيام ركنان أساسيان لابد منهما لتحققه
الركن الأول : هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس قال تعالى " فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم , وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل " سورة البقرة

الركن الثانى من أركان الصوم النية ومعناها فى اللغة القصد قال تعالى " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " سورة البينة وحديث عمر رضى الله تعالى عنه أنه صل الله عليه وسلم قال " إنما الأعمال بالنيات ولكل إمرئ مانوى ..إاخ الحديث , والنية اصطلاحا هى القصد إلى فعل الشئ تقربا إلى الله تعالى والنية واجبة فى كل يوم من أيام رمضان من الليل دون النافلة فقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم كما ثبت عنه يخرج ثم يأتى أمهات المؤمنين فيسئلهن عن طعام ليأكل فلا يجد فى بيوته شئ فيقول إنى صائم لكن فى الفرض غير ذلك كما فى حديث حفصة رضى الله عنها أم المؤمنين عن النبى صل الله عليه وسلم قال " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له " وقد اختلف فى رفعه ووقفه ولكن وإن كان موقوفا فالرفع من الثقة زيادة موقوفة وقوله "من لم يجمع الصوم لاصيام له نكرة فى سياق النفى فيعم كل صيام ولا يخرج عنه إلا بدليل قام عليه على أنه لايشترط فيه التبيت لحديث عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت دخل على رسول الله صل الله ذات يوم فقال هل عندكم من شئ ؟ فقلنا لا فقال فإنى صائم " كما مر بيانه والنفى متوجه إلى الصحة والظاهر تجديدها لكل يوم من رمضان لأن الصيام عبادة مستقلة ولا يقاس على عبادة الحج , لأن الحج عمل واحد لايتم إلا بفعل ما اعتبره الشارع من مناسك "  والعبادات عامة لاتصح إلا إذا توافرت فيها النية الصالحة
والمراد بالنية فى الصيام أن يستحضر  من يريد الصوم إرادة الصيام فى قلبه فالنية من أعمال القلوب ولا عبرة بنطق اللسان , ويكفى فى النية عند الصيام العزم والقصد وتحديد المراد والقيام للسحور وتحرى وقت الفجر للإمساك عن الطعام والشراب ويقوم ذلك مقام النية , لأنه لايقوم بهذه الأعمال إنسان ما إلا وهو عازم على الصيام وذلك العزم هو النية " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(3)

على من يجب الصيام ؟
يجب الصيام على المسلم العاقل البالغ _ والصيام لايجب على الكافر والمجنون , لأن الصيام عبادة اسلامية فلا تجب على غير المسلمين , والمجنون غير مكلف شرعا لأنه مسلوب العقل الذى هو مناط التكليف قال رسول الله صل الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاثة , عن النائم حتى يستيقظ , وعن المجنون حت يفيق , وعن الصبى حتى يحتلم " يعنى حتى يصل إلى سن البلوغ . والصيام وإن كان غير واجب على الصبى ذكرا كان أو أنثى إلا أن على الوالدين أو غيرهما أن يأمره به ويحببا أولادهما الصغار فى الصوم ماداما مستطيعا له وقادر عليه  حتى يصير عادة لهم وحتى يمكنهم أداء العبادة عند البلوغ بسهولة ويسر فى الحديث أن النبى صل الله عليه وسلم أرسل صبيحة عاشوراء إلى قرى الأنصار مناديا ينادى من كان أصبح صائما فليتم صومه , ومن أصبح مفطرا فليتم باقية يومه فكنا نصومه , ونصوم صبياننا الصغار منهم ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن ( يعنى الصوف ) فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه اياه حتى يكون عند الإفطار " رواه البخارى ومسلم " . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (4)

الأعذار المبيحة للفطر :

ثم يثنى سبحانه أن الصوم أياما معدودات " فليس فريضة العمر وتكاليف الدهر ولكن الصيام أياما قليلة معلومة ومحددة لئلا يشق على النفوس فتضعف كن حمله وأدائه , فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام آخر .
ولذلك كان من يسر الإسلام ورحمة الله تعالى بالناس أنه لايكلف أحدا فوق طاقته قال الله تعالى " لايكلف الله نفسا إلا وسعها " سورة البقرة
ومن يسره أنه أباح الفطر لأصحاب الأعذار الآتية :_
مرضى يصومون (أى عليهم القضاء ) ومرضى لايصومون ( أى وعليهم الفدية  )
1_ المريض : يباح ترك الصوم للمريض إذا ألحق الصوم به ضررا شديدا , أو خاف زيادة المرض أو طول مدته عليه بل قد يكون الفطر لازما إذا كان العلاج يقتضيه ويكون ذلك بالتجربة أو بإخبار الطبيب الثقة .الأمين بحيث أنه لو صام وهو مريض ومات فإنه يكون أثما واستحق العقاب قال بذلك كثير من الفقهاء والعلماء  
وعليه أن يقضى الأيام التى أفطرها بعد الشفاء فقط
ويختلف المريض الذى يرجى شفاءوه عن المريض الميئوس من شفاؤه فكل منهما له أن يفطر لكن المريض الذى يرجى شفاوءه عليه أن يقضى ما عليه من أيام أفطرها بعد شفاءه بخلاف المريض الميئوس من شفائه لايجب عليه القضاء بل عليه الفديه
فمثله مثل الشخ الكبير والمرأة العجوز اللذان لايستطيعان الصوم إلا بجهد جهيد ومشقة وتكلف فهذا لايكلفه الله بالصوم كما قال تعالى " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين _ ومقدارهما وجبتان مشبعتان ( سحور وإفطار )  عن كل يوم أفطراه يعنى المريض الميئوس والشيخ والمرأة العجوز _ ويجوز دفع قيمة الوجبتين نقدا كما قال الإمام أبو حنيفة ومن وافقه ومن ذلك توسعة على المحتاجين من المؤن والعذاء والطعام ومما يجب لنا دائما أن نتذكر أن الشريعة الإسلامية سمحة غراء لاعسر فيها وأن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه وأن الذى لايقبل رخصة الله كما أمر عند وجود أسبابها فإن عليه من الإثم مثل جبال أحد كما أشارالحديث بذلك
فقال صل الله عليه وسلم " من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال أحد " .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (5)

2_ المسافر سافرا مباحا قدره كثير من العلماء بمقدار ( 84) كيلومتر قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله لاحد للشرع فى مسافة السفر فكل ما سماه الناس فى العرف سفرا ينطبق ذلك عليه قال جمهور العلماء أن المريض مرض يستطيع معه الصوم والمسافر الذى يستطيع كذلك الصوم مخيران إن شاء صاما وإن شاء أفطرا قال حمزة الأسلمى يارسول الله أجد قوة على الصوم فى السفر فهل على جناح ( يعنى اثم ) فقال هى رخصة من الله تعالى فى السفر فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه . والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يخرجون مع النبى صل الله عليه وسلم " فى شهر رمضان قال فمنا الصائم ومن المفطر فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم فلو كان الإفطار هو الواجب لأنكر عليهم الصيام بل الذى ثبت من فعل رسول الله صل الله عليه وسلم أنه كان فى مثل هذا الحالة صائما كما الحديث الذى فى الصحيحين عن أبى الدرداء قال خرجنا مع رسول الله صل الله عليه وسلم فى شهر رمضان فى حر شديد حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحروما فينا صائم إلا رسول الله صل الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة رضى الله عنه فالصيام فى السفر أفضل من الإفطار لفعل النبى صل الله عليه وسلم وبه قالت طائفة منهم الشافعى رحمه الله فإن شق الصيام فى السفر فالفطر أفضل أخذا بالرخصة كما فى الحديث عليكم برخصة الله التى رخص لكم " وقال أيضا صل الله عليه وسلم " من لم يقبل رخصة الله فعليه من الإثم مثل جبال أحد " وأما قوله صل الله عليه وسلم " ليس من البر الصيام فى السفر " فهذه حادثة خاصة وهو أن النبى صل الله عليه وسلم " رأى رجلا يظلل والزحام عليه شديد فسأل عنه فقالوا صائم أجهده العطش فقال ليس من البر الصيام فى السفر " . ( يعنى ليس من البر الصيام فى مثل هذه الحالة إذا أجهده السفر وكذلك إذا أجهده المرض الذى يرجى برؤه  وأما إن استطاعا الصيام مع عدم وجود المشقة والتعب المفرط فالصيام أفضل لقول الله تعالى " وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون " سورة البقرة ـ مسألة الإفطار لمن كان مسافرا سفر فيه معصية : اختلف فيها العلماء شأنها كأي مسألة اجتهادية لا دليل عليها من كتاب ولا سنة ولا قياس معتبر يمنع المسافر سفر معصية من الصيام وليس معنا دليل نمنعه من الفطر أو نلزمه بالصيام" يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" وتنازعوا في سفر المعصية , كالذي يسافر ليقطع الطريق ونحو ذلك على قولين مشهورين كما تنزعوا في قصر الصلاة " انظر الفتاوى المصرية ص 255_ ولم يأت عن رسول الله صل الله عليه وسلم إلا أنه قال فمن شاء صام ومن شاء أفطر فالحكم عام إلا أن يأتي دليل يخصصه أو يصرفه عن ظاهره " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (6)

3_ وكذلك من أصحاب الأعذار المبيحة للفطر المرأة الحامل والمرضع سواء خافت على نفسها أو جنينها أثناء الحمل أو رضيعها بعد الولادة يباح لها الفطر لهذا الحديث أن النبى صل الله عليه وسلم قال " إن الله تعالى " وضع شطر الصلاة عن المسافر والصيام عن الحبلى والمرضع وعليهما عدة من أيام آخر .
وقد ألحقها عبد الله بن عمر وغيره بالمريض الذى يرجى برؤه وإذا أرادت أن تصوم فعليها أن تستشير الطبيب أو الطبيبة المسلم الأمين الثقة الذى يعلم سنة رسول الله فى هذا الأمر ورأى الطبيب هو رأى الإسلام , المهم ألا تركب المرأة رأسها بعد تجربتها وخبرتها أو سؤال الطبيب بعدم صيامها وأن الصيام يضرها ويضعفها ثم هى تعاند وتصوم وهذا ليس من الإسلام فى شئ كما أنه يجب على المرأة الحامل والمرضع التى صامت بإذن الطبيب أو بتجربتها حيث وجدت أن الصيام لا يضرها أن تفطر وتنهى صومها إذا أحست بالتعب أو الإرهاق واستشارة الطبيب أو الطبيبة . ومن العلماء  من يقول بأن المرأة الحمل والمرضع إن كانت تتابع الحمل والرضاع معها ولا يأت لها وقت تصوم فيه تعلمه وسيتراكم عليها الصيام الذى يعجز معه الأداء أن عليها فقط الفدية وتكون بمثابة المريض مرض مزمن وتخرج عن كل يوم وجبتان مشبعتان افطار وسحور أو قيمتهما نقدا وهو رأى عبد الله بن عباس , وعبدالله بن عمر رضى الله تعالى عنهم أجمعين وبعض العلماء كا لإمام أحمد والشافعى رحمها الله يقولان بأن المرأة الحامل والمرضع إن خافت على نفسها وعلى جنينها ورضيعها معا كان عليها القضاء فقط  وأماالحامل والمرضع إن خافت على نفسها فقط أو على جنينها فقط كل على  ِحدةٍ  عليها الفدية والقضاء" وأقول  إن استطاعت أن تجمع بينهما وإن لم تستطع لضعفها عن أداء الصيام عليه الفدية وإن استطاعت الصوم ولم تستطع الفدية لفقرها صامت فقط وإن لم تستطع هذا ولا ذاك فليس عليها شئ إلا أن تستغفر الله وتزيد من الطاعات الأخرى هذا التخريج فى الفتوى من كلام الكاتب " وأقول أيضا المسلم والمسلمة أميرا لنفسيهما وكل إنسان على نفسه بصيرة وما يراه صالحا لنفسه فعله من غير ضرر وهو المسؤل أمام الله بعدما يسأل أهل العلم فالعالم والطبيب يقررا حالة وأما الواقع فأنت أعلم به ولأنك تتعامل مع الله ولا تتعامل مع بشر فى عبادة الصيام قال تعالى " وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير " سورة الحديد الآية (4) " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (7)

4_ وأما المرأة الحائض والنفساء فشأنها أمر آخر إذا صامت وقع صومها باطلا لايقبله الله تعالى وتركهن للصلاة كفر وكثير من النساء يصومن أثنا حيضهن ونفاسهن حياء من أولادهن من أن يسألن عن سبب الإفطار وكأن المرأة قد ارتكبت جريمة والأمر سهل إذا سألت البنت قالت لها بصرحة لتتعلم وإذا سألها الولد قالت له بأنها مريضة مثلا ومع اصرارها على الصيام وهى حائض بعد طهارتها لا تصلى أو أنها لاتحافظ على الصلاة وهذا أمر خطير جدا فى نفسها وفى تربيتها لأولادها  فمما يجب على الحائض والنفساء الفطر وحرمة الصيام وليس لها أن تتظاهر بالصيام و لو جاءها الدم فى نهار رمضان أو قبيل المغرب بقترة وجب عليها الإفطار ولو صامت صار صومها باطل وغير صحيح وكذلك مما يجب مراعاته أنها لو طهرت فى نهار رمضان أمسكت عن الطعام والشراب تعظيما لشهر رمضان . والحائض والنفساء لاتصوم حتى ترى الطهر وهى ( القصة البيضاء )أى القطنة تخرجها بيضاء عندما تتابع دم الحيض أو النفاس والمرأة الحائض والنفساء تقضى ما عليها من أيام الصيام التى أفطرتها بسب الحيض والنفاس ولا تقضى الصلاة التى تركتها بسب هذا العذر الشرعى وفى ذلك تقول السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها " كنا نؤمر بقضاء الصوم , ولا نقضى الصلاة " وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافا للحرورين من الخوارج ومن شابهم وأما المستحاضة فلها حكم آخر هى المرأة التى يزيد نزول الدم عليها فى غير أيام عادتها التى عرفتها من نفسها وهى تستطيع أن تفرق بين لون دم الحيض والإستحاضة فالأول أسود كريهه والثانى أحمر كغسالة اللحم فحكمها تصلى وتصوم ويأتيها زوجها ولو سال الدم على الحصير كما يقول بذلك بن عباس رضى الله تعالى عنهما وغيره ولكن عليها أن تحتشف بشئ يمنع سيلان الدم على بدنها حتى تستطيع أن تصلى وتتوضأ لكل صلاة حكمها حكم المريض بسلس البول, وعلها أن تبدأ صلاتها فور إنتهائها من الوضوء ولاتصلى بوضوءها الا الصلاة الحاضرة ونافلتها وهناك أمر آخر بعض النساء تريد أن تأخذ دواء ليمنع نزول الدم عليها أيام حيضاها لتستطيع أن تصوم رمضان كاملا ونقول هذا جائز وكن النساء فى زمن النبى صل الله عليه وسلم يفعلن ذلك ببعض أنواع النباتات(كمنقوع شجر الأراك الذى يؤخذ من السواك مفيدا فى هذا الموضع فوصفوه للنساء ) ولكن المرأة اليوم تستعمل علاج من المنكن أن يضرها فعليها أن تسأل الطبيبة الثقة فى ذلك فربما إن فعلت من نفسها تضررت ولتعلم أن ما يصلح لغيرها ربما لا يصلح لها قال تعالى " فاسأل به خبيرا " وقال أيضا فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون " وقال صل الله عليه وسلم " هلا سئلوا إذ لم يعلموا إنما شفاء العيى السؤال " يعنى الجاهل بالشئ "    وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (

مسائل تتعلق بأحكام الصيام
قال تعالى " فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون " سورة البقرة والمعنى أن من زاد على الإطعام أكثر من مسكين فهو خير له" وأن تصوموا خير لكم " فقد كانوا فى بدء الإسلام من شاء صام للمقيم الصحيح ومن شاء أفطر وأخرج الفدية إن كنتم تعلمون فضائل الصيام ثم نسخ الله تعالى هذا الحكم وأثبت الصيام على المقيم الصحيح ورخص للفطر للمريض والمسافر وأثبت الإطعام للشيخ الكبير والمرأة العجوز اللذان يجدهما الصوم , والمرض المبيح للفطر هو المرض الشديد الذى يزيد بالصوم أو يؤخر الشفاء أو كان العلاج يقتضيه ويلحق بالشيخ الكبير أصحاب الأمراض المزمنة والمستديمة وقد نصح الطبيب الثقة الأمين لهم بعدم الصوم لما فى ذلك من أضرار تعود عليهم فعليهم كذلك الفدية طعام مسكين كما مر بيان ذلك ,وكذلك أصحاب الأعمال الشاقة الذين لايجدون متسعا من الرزق سوى ما يزولنه من أعمال كعمال مناجم الفحم والحديد والصلب وغيرها فهولاء يصومون فى أوقات راحتهم , وكذلك الصحيح الذى يخاف المرض بالصيام يفطر مثل المريض وعليه الفدية وكذلك من غلبه الجوع أو العطش حتى كاد أن يهلك لزمه الفطر وإن كان صحيحا مقيما وعليه القضاء لما أفطره فمن أصر على الصوم حتى هلك ومات فقد أعان على قتل نفسه والله تعالى " يقول ولا تقتلوا أنفسكم إنه كان بكم رحيما " سورة النساء وقال تعالى " وما جعل عليكم فى الدين من حرج " سورة الحج " عقوبة من أفطر يوما من رمضان من غير عذر أو مرض " وإذا كنا قد وقفنا على معرفة الأعذار التى تبيح للمسلم والمسلمة الفطر أخذا برخصة الله تعالى التى هى حكم شرعى أصيل والأخذ بها ليس منبوذا ولا ناقص الإيمان بل هو وأصحاب العزيمة سواء فى الطاعة والثواب , ومعنى هذا الكلام أن من أفطر فى رمضان من غير عذر أو مرض له به برهان يشهد له أمام الله يوم القيامة فإن عليه إثم كبير هذا بالإضافى إلى إحباط عمله وضياع ثوابه قال تعالى ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو فى الآخرة من الخاسرين " سورة المائدة وحسبه قول رسول الله صل الله عليه وسلم " عرى الإسلام وقواعد الدين عليهن أسس الإسلام , من ترك منهن واحدة فهو كافر حلال الدم  ( شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , والصلاة المكتوبة , وصوم رمضان " وفى الحديث أيضا " من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة رخصها الله له لم يقضى عنه صيام الدهر وإن صامه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (9)
     

الترهيب من إفطار شئ من رمضان من غير عذر
وعن أبى أمامة الباهلى رضى الله تعالى عنه قال : سمعت النبى صل الله عليه وسلم يقول : بينما أنا نائم أتانى رجلان , فأخذ بضبعى فأتيا جبلا وعرا فقالا : اصعد , فقلت إنى لا أطيقه . فقال : إنا سنسهله لك فصعدت , حتى إذا كنت فى سواء الجبل إذا بأصوات شديدة , قلت ما هذه الأصوات ؟ قالوا : هذا عواء أهل النار , ثم انطلق بى , فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم , مشققة أشداقهم دما . قال قلت : من هؤلاء ؟ قال الذين يفطرون قبل تحلة صومهم الحديث رواه بن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما وقوله : قبل تحلة صومهم : معناه يفطرون قبل وقت الإفطار , الترغيب والترهيب للحافظ المنذرى تصحيح العلامة الألبانى
وقال الذهبى فى كتاب الكبائر " وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا عرض أى من غير عذر أنه شر من الماكس والزانى ومدمن الخمر بل يشكون فى اسلامه ويظنون به الزندقة والإنحلال , وإذا كنا نرى المقاهى والمطاعم ودور اللهو واللعب وحانات الخمور ونرى فى هذا الزمان المريض من المتمسلمين والمتمسلمات من ياكل جهارا نهارا فى الشوارع والأسواق , فكل هذا مما يؤكد شيئا واحدا وهو أن هؤلاء وهؤلاء قد خلعوا لباس الحياء وتجردوا من الخلق القويم . وما يجب على أصحاب الأعذار إن كان الإسلام قد رخص لك فى الإفطار عند ك برهان على ذلك من علم يجب عليك أن تستر عند تناول وجباتك من الطعام حتى لايتلوث الجو الخلقى فى المجتمع وتجعل نفسك محل شبهة وتدخل فى القيل والقال "وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (10)
     

من مسائل الصيام
ما يفعله المسلم إذا أفطر فى رمضان
أولا: الذى عليه القضاء فقط بمعنى أن عليه صوم الأيام التى أفطرها للعذر أو المرض , ومن أصحاب الأعذار الذين عليهم القضاء فقط , المسافر , أو الحامل , والمرضع أو المريض مرض يرجى برؤه وتم شفائه أو بزوال المانع من جهاد أو أصحاب الأعمال الشاقة وكذلك من أفطر يوما أو أكثر بسب خوفه على نفسه الهلاك من جوع أو عطش أو حيض أو نفاس وكذك من فسد صومه بسبب إبتلاع شئ من ماء المضمضة , أو الإستنشاق دون إرادته عند الوضوء , هؤلاء جميعا عليهم القضاء فقط بعدد الأيام التى أفطرها كل منهم , وليس ضروريا التتابع فى الصيام أى لايشترط أن يصوم الأيام التى أفطرها متتابعة بل يجوز له أن يصومها متفرقة وإن كان الأفضل التتابع " . . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (11)


             

وأما من عليهم الفدية فقط دون القضاء
المريض الميئوس من شفائه وقد نصحه الطبيب بعدم الصيام لما فى ذلك من ضرر
ومثله الشيخ الكبير الهرم والمرأة العجوز لايستطيعان الصوم إلا بجهد جهيد يبذل فيه غاية وسعه ويستنفذ طاقته فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها قال تعالى : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " وكما فى اللغة : أن الطاقة : أقصى غاية الوسع "
فأولئك عليهما الفدية عن كل يوم أفطراه من رمضان وهى ( إطعام مسكين واحد عن كل يوم ) وهى وجبتان مشبعتان للسحور والإفطار , ولا بأس من إخراج ذلك نقودا بمقدار ما ينفق الشخص فى وجبتى الإفطار والسحور وذلك أفضل للفقير والمسكين لينفق ذلك فيما هو يحتاج إليه .
وإذا كنا قد وقفنا عند رأى الإسلام فى صيام بعض أهل الأعذار من عدمه فمما يجب علينا أن لا يتخذ من ذلك ذريعة ومعولا لأى مرض أو عذر لكى يصوم أو يفطر تبعا لهواه , بالإضافة أن حالة كل إنسان قد تختلف عن الآخر فالمرض يتفاوت والذى يقدر ذلك الطبيب الثقةالأمين الذى على وعى ودرية بأحكام الشريعة وأن يكون على علم بحالة المريض وكذلك العالم هو الذى يحدد لك العذر أو المانع من عدمه لكى تصوم أو لاتصوم فيجب مراعاة الظروف والأشخاص والواقع عند الإجابة على أى حكم بالسلب أو الإيجاب .ومن مسائل الصيام من عليه الكفارة فقط " وهو كل من أفسد صومه متعمدا بتناول طعام أو شراب او جماع فى نهار رمضان فهذا يجب عليه الكفارة والكفارة هى :
1_ صيام شهرين متتابعين , فإن قطع التتابع من غير عذر ( مرض أو سفر ) فإن عليه أن يبدأ الصيام من أوله .
2_ إذا لم يستطع الصيام , أطعم ستين مسكينا , أكلتين مشبعتين من أوسط طعامه ويجوز له دفع القيمة نقدا بعدد الوجبات وتقدير قيمة ذلك " . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (12)

ما يباح للصائم فعله
هناك أشياء للصائم أن يفعلها ولا حرج عليه
نقول وبالله التوفيق , إن عبادة الصيام من أمور التشريع التى لادخل للإجتهاد فيها بحال من الأحوال والفطر لايكون إلا بتناول الطعام والشراب والجماع وتعمد القئ وفعل المعاصى والله سبحانه لطيف بعباده رؤف رحيم بخلقه ولذلك يقول " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " سورة البقرة وقال أيضا" يريد الله أن يفف عنكم " سورة النساء هناك أمور يجوز للصائم أن يفعلها دون إفساد لصومه وإن ظن بعض الناس خلاف ذلك : أولا: الإستحمام أو السباحة أو الغطس فى الماء فى نهار رمضان حتى لو كان ذلك على سبيل التبرد وتلطيف حد الحر فقد ورد أن الرسول صل الله عليه وسلم " صب الماء على جسده وهو متوجه لفتح مكة فى رمضان عند مكان يقال له السقيا " ثانيا : وضع القطرة أو الكحل فى العين فقد ورد أن رسول الله صل الله عليه وسلم أكتحل وهو صائم وكذلك وضع القطرة فى الأذن والأنف وإن وجد طعمها فى حلقه لأنها ليست بغذاء وكذلك بخاخة الأنف,وعلاج الصدر ,وبناء عليه فإن البخاخ الذى يستخدمه البعض من أجل توسيع الشعب الهوائية لا يفطر لأنه هواء لاجرم له , وإن كان يحوى بعض المركبات إذا أنه يدخل الجوف على هيئة هواء , إضافة إلى كونه يصل للرئة ولا يصل للمعدة ومثل ذلك فى الحكم الأكسوجين الذى يعطى لبعض المرضى , فإنه لا يكون مفطرا بناء على هذه القاعدة بخلاف بعض أنواع البخاخات التى يكون لها جرم بطحن بعض الحبوب ثم إيصالها للجوف فإنها تكون مفطرةثالثا : الحقن بمختلف أنواعها سواء كانت للتدوى أو للتغذية بخلاف حقنة( الجلوكوز ) فإن تناولها يفطر لأنها بمثابة غذاء يذهب حد الجوع وأما حقن التخدير وفى أى موضع من البدن سواء تحت الجلد أو فى العروق أو فى العضل , والقاعدة فى ذلك أن كل ما لم يصل إلى الجوف من المنفذ الطبيعى الفم لايفطر واختلف العلماء فى الحقنة الشرجية هل تفطر والراجح من كلام المحققين أنها لاتفطر لأنها ليست بغذاء , بل تستخرج الأذى وكذلك إستعمال المرهم واللبوس من أجل علاج البواسير لايؤثر ذلك فى الصيام " . . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (13)

يقول العلامة بن حزم رحمه اله تعالى " واستدل لما ذهب إليه فقال : إنما نهانا فى الصوم عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القئ والمعاصى وما علمنا أكلا ولا شربا يكون فى دبر أو إحليلا أو أذن أو عين أو أنف أو من جرح فى البطن أو الرأس وما نهينا قط عن أن نوصل إلى الجوف بغير الأكل والشرب وما لم يحرم علينا إيصاله " ويقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى مختصرا _ لو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله فى الصيام ويفسد الصيام بها لكان هذا مما يجب على الرسول صل الله عليه وسلم بيانه ولو ذكر ذلك لأصحابه لبلغوه الينا كما بلغوا سائر شرعه ..." رابعا : تكرار المضمضة والإستنشاق عند الوضوء مع عدم المبالغة لأنها مكروهة _ وقد قال النبى صل الله عليه وسلم للقيط بن صبرة رضى الله عنه " وبالغ فى الإستنشاق إلا أن تكون صائما " خامسا _ يجوز استعمال السواك او ما يقوم مقامه من أدوات التطهير والتنظيف للفم والأسنان كالفرشة والمعجون سواء أول النهار أو بعد الزوال " فالدين النظافة "
سادسا : بلع الريق المتولد من الفم ولو تكرر أو كثر داخل الفم لأنه يصعب تجنب ذلك , وأيضا تذوق الطعام للمرأة أو من يقوم بالطبخ بأن تتذوق الطعام بلسانها دون ابتلاع شئ منه لتعرف درجة الملوحة والصلاحية " . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (14)

سابعا : شم الروائح الطبيعية كالعطور والأزهار والبخور والتطيب والتعطر ما دامت الحاجة تدعوا إلى ذلك
ثامنا : من ذرعه القئ فلا قضاء عليه لأنه لايمكن التحرز من ذلك , ومن استقاء عمدا فعليه القضاء "
تاسعا : من أكل أو شرب ناسيا فإنما أطعمه ربه وسقاه ولا قضاء عليه ولا كفارة
_ ومن أكل أو شرب ظانا منه أن الفجر لم يؤذن وأنه ليزال بالليل فليمسك وصيامه صحيح
عاشرا : من طلع عليه الفجر وهو جنب ولم يغتسل بعد أو احتلم أثناء نومه بالنهار لايفسد صومه ولكن عليه ان يسارع إلى الغسل حتى يتمكن من أداء الصلاة فى وقتها
وإلا كان مقصرا فى حق عبادة الصلاة .
هذا بعض ما يباح للصائم فعله ولا حرج عليه
من مبطلات الصيام
1_ الإستنماء باليد ( وهو مايسمى بالعادة السرية ) فهى حرام فى غير الصيام فضلا عن أنها تبطل الصيام وعليه القضاء وكذلك نزول المنى بسبب تقبيل الزوجة أو بسبب تفكر  يبطل الصوم وعليه القضاء يعنى قضاء يوم ماكان ما أفسده
وأما ما سوى المنى كالمذى والودى وهو ماء رقيق يخرج عقب البول لايؤثر فى عملية الصيام سواء كان قليلا أو كثيرا
2- الأكل والشرب أو الجماع عمدا يجب عليه القضاء والكفارة العظمى وقد مر بيانها من الجماع صيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا وتسمى الكفارة العظمى .
وأما المتعمد الفطر بالأكل والشرب فيجب عليه القضاء فقط  وهذا لايمنع المفطر فى هذه الحالة  من تعرضه للوعيد الشديد من الله تعالى فقد روى الترمذى وابن ماجة وأبوا داود من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صل الله عليه وسلم قال " من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة رخصها الله له لم يقض عنه صيام الدهر وإن صامه " سابعا : شم الروائح الطبيعية كالعطور والأزهار والبخور والتطيب والتعطر ما دامت الحاجة تدعوا إلى ذلك ثامنا : من ذرعه القئ فلا قضاء عليه لأنه لايمكن التحرز من ذلك , ومن استقاء عمدا فعليه القضاء " تاسعا : من أكل أو شرب ناسيا فإنما أطعمه ربه وسقاه ولا قضاء عليه ولا كفارة _ ومن أكل أو شرب ظانا منه أن الفجر لم يؤذن وأنه ليزال بالليل فليمسك وصيامه صحيح عاشرا : من طلع عليه الفجر وهو جنب ولم يغتسل بعد أو احتلم أثناء نومه بالنهار لايفسد صومه ولكن عليه ان يسارع إلى الغسل حتى يتمكن من أداء الصلاة فى وقتها وإلا كان مقصرا فى حق عبادة الصلاة . هذا بعض ما يباح للصائم فعله ولا حرج عليه " . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (15)

أنواع الصيام
1-فرض :
أ- وهو صيام شهر رمضان آداء وقضاء
لمن أفطره كله أو أفطر يوما منه بعذر( مرض أو سفر أو مانع كالحيض والنفاس ) , قال الله تعالي : " يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون". سورة البقرة
ب- صيام الكفارات
وتقدم الحديث عن الكفارة من قبل فى حديثنا عند الكلام عن أصحاب الأعذار فى باب فقه الصيام
ثانيا: الواجب وهو قضاء ما أفسده الصائم من صوم التطوع :

ثالثا : السنة وهي قسمان :
أ‌- سنة مؤكدة :
ومنه صوم عاشوراء مع اليوم التاسع .
ب- سنة غير مؤكدة ومنه:
1-صوم ثلاثة أيام من كل شهر عربي , ويستحب أن تكون أيام (13,14,15)
2-صوم يومي الاثنين والخميس
3-صوم ست من شوال متصلة بعيد الفطر( مع جواز صيامها متفرقة بحيث لاتخرج عن شهر شوال )
4-صوم اليوم التاسع من ذي الحجة لغير الحاج

رابعا : الحرام ومنه:
1_ صيام يومى عيد الفطر والأضحى وثلاثة أيام بعد الأضحى , لأن أيام العيد بهجة وسرور ومشاركة وجدانية وعاطفية بين الصغار والكبار , والأغنياء والفقراء فى التمتع بما أنعم الله به على عباده من طيبات الحياة التى أباحها الله لهم .
2_ إفراد يوم الجمعة أو السبت بالصوم
3_ صوم المرأة وهى حائض أو نفساء لأن كلا منهما فى حاجة إلى تقوية , والصوم يضعفها , والدين يسر لاعسر .

خامسا : المكروه منه
1_ صوم يوم عاشوراء منفردا , عن اليوم التاسع أو الحادى عشر
2_ صوم الوصال ولو ليومين , وهو ألا يفطر بعد التأكد من غروب الشمس حتى يتصل صوم اليوم بصوم الأمس وهو من خصوصيات الرسول صل الله عليه وسلم وقد نهى رسول الله صل اله عليه وسلم عن الوصال وقال عن نفسه " إنى أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى . "
3_ صوم المريض ( ويدخل فى ذلك الحبلى والمرضع ) والمسافر إذا أجهدهم الصيام " وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حكمة الصيام فى الإسلام
تنوع العبادات
العبادات فى الإسلام تتنوع , فمنها القول كالدعاء , وذكر الله , والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر , وتعليم الجاهل , وإرشاد الضال إلى غير ذلك من الأعمال القولية
ومنها الفعلى , بالجسد كالصلاة , أو ماليا كالزكاة , ومنها ما يجمع بين المال والجسد كالحج إلى بيت الله الحرام .
ومنها ما أساسه الكف والإمتناع كالصيام .
وعن حكمة الصيام
فرض الله تعالى الصيام على عباده لحكمة سامية وغايات وأهداف عظيمة تظهر أثرها فيما يلى :
أولا: التقوى وتتمثل فى مراقبة الله تعالى وطاعته
والصائم يمسك عن تناول ما تشتهيه نفسه من طعام وشراب طائعا ممتثلا , فرحا مسرورا بطاعة ربه , والتزام أوامره , واجتناب نواهيه قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " سورة البقرة

ثانيا: الصيام قوة للروح
خلق الله تعالى الإنسان من جسد وروح , وجعل للجسد مطالبه من أكل وشرب ومتعة وللروح مطالبها من عبادة وذكر لله تعالى فإذا سيطرت مطالب الجسد على إشراقات الروح , وتحكمت الغريزة فى عقله , تحول من ملك كريم إلى حيون رجيم
وأما إذا أدرك الإنسان سر وجوده , وحكمة خلافته فى الأرض , وعرف أن الله تعالى خلق آدم من تراب وأسجد له ملائكته , وميز ذريته على جميع المخلوقات , وإذا سيطر الإنسان على جنبه المادى ومطالب جسده على مطالب الروح وغلب الروح على نوازع الجسد فقد صار إنسانا حقا قال تعالى " ونفس وما سواها فألهما فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " سورة الشمس صفحة(1)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

فوائد الصيام
إن فى الصيام تهذيب للنفس , وتقوية للإرادة , وتحرر من سلطان الغريزة , وانطلاق من سجن الجسد والشهوة , التى تسيطر على الإنسان طوال العام
ولهذا لم يكن عجيبا أن يرتقى روح الصائم , ويقترب من الملأ الأعلى , ويقرع أبواب السماء بدعائه فتفتح , ويدعوا فيستجيب له "
قال صل الله عليه وسلم " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حين يفطر , والإمام العادل , ودعوة المظلوم " رواه الترمذى وغيره
ثالثا :
الصيام تربية للإرادة
فقد قال صل الله عليه وسلم " الصوم نصف الصبر " رواه الترمذى
فالصائم يجوع ويعطش , ووسائل الفطر أمامه , ولكنه يصبر محتسبا لله تعالى ويتكرر ذلك منه كل يوم من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس ولعدة شهر كامل فى كل عام , وبذلك يتعود من الصيام قوة الإرادة وصدق العزيمة والنجاح فى الإضطلاع بمهام الإمور والسيطرة على نوازع الهوى والشهوة قال صل الله عليه وسلم " يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " رواه البخارى صفحة(2)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم