طوق النجاة فى محبة ( رسول الله صل الله عليه وسلم )

طوق النجاة فى محبة رسول الله صل الله عليه وسلم

حب رسول الله صل الله عليه وسلم :

_ إن محبة رسول الله صل الله عليه وسلم _ تأتى بعد حب الله تبارك وتعالى , فى ذروة الإيمان المكين والسمو الأخلاقى , والنقاء النفسى ولقد أرسل الله تعالى رسوله صل الله عليه وسلم _ رحمة للعالمين , ليهديهم ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة , ولقد كان الرسول صل الله عليه وسلم المثل الكامل للإنسان فى أخلاقه وسلوكه وفيما تمسك به وتحلى من محاسن الصفات وحميد الخصال والأفعال , وكما وصفه ربه بما هو أعلى مما ذكرنا وأنه على خلق عظيم قال تعالى :" وإنك لعلى خلق عظيم " سورة القلم الآية 4 _ والمؤمن الصادق هو الذى يحمل كل الحب الصادق للرسول صل الله عليه وسلم الذى تحمل مشاق الدعوة وجاهد جهادا كبيرا حتى نشر دعوة الإسلام فى ربوع العالم , ونقل الإنسانية من ظلمات الجهالة والضلالة إلى نور الهداية وبعد : فإن المؤمن الصادق الإيمان يتخذ من الرسول صل الله عليه وسلم : المثل الأعلى والقدوة الحسنة التى يحذو حذوها فى سلوكه وأخلاقه ويهتدى بسيرته العطرة فى جميع أعماله وسائر أحواله " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإسلام دين المحبة :

تُعد قيمة الحب فى الله من أعظم القيم الإسلامية التى رغب فيها ديننا الحنيف , فمنهج الدين هو الحب والحب فى الإسلام ليس مجرد أهواء أو نوازع وإنما هو حب لمنهج الله وطريق الله تعالى وإتباع سنة نبيه صل الله عليه وسلم ـ ذلك أن الحب فى الإسلام قرين الطاعة لمنهج الله قال تعالى " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " سورة آل عمران كما أن الإيمان يخالط حب الله وحب الخلق جميعا كما رغبت السنة الشريفة فى الحب فى الله ومن السبعة الذين يظلهم الله تعالى فى ظله يوم لا ظل الا ظله " رجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه فأى وسيلة من وسائل النجاة يوم القيامة أعظم من قيمة الحب فى الله تعالى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سر المحبة بين المؤمنين :

قال تعالى " محمد رسول الله والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود " سورة الفتح قال بن عباس في معنى قوله تعالى " رحماء بينهم " يدعو صالحهم لطالحهم وطالحهم لصالحهم فإذا نظر الطالح إلى الصالح من أمة محمد صل الله عليه وسلم قال : ( اللهم بارك له فيما قسمت له من الخير وثبته عليه وأنفعنا به وإذا نظر الصالح إلى الطالح قال اللهم أهده وتب عليه وأغفر له عثرته " وهذا هو السر الذى قال فيه النبى صل الله عليه وسلم عندما سئل عن الإيمان " قال الإخلاص " رواه البيهقى إن سر المحبة فى قلوب المؤمنين إنما هى دليل واضح منهم على إتباعهم طريق النبى صل الله عليه وسلم الذى هو مصدر الحب الصادق وبشائرها متمثلة فى الدعاء المستجاب عندما يدعوا المسلم لأخيه بظهر الغيب ويتبادلا فيما بينهما الدعاء والملك الموكل يقول له ولك بمثل ما دعوت " اللهم أصلح فساد قلوبنا , وأصلح ذات بيننا , ووحد كلمتنا وإهدنا سبل السلام " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من نعم الله تعالى على نبيه صل الله عليه وسلم :

عن أبى هريرة رضي الله عنه قال , قال : رسول الله صل الله عليه وسلم " أنا أول من تنشق عنه الأرض فأكسى حلة من حلل الجنة ثم أقوم عن يمين العرش ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيري " عن أبي  هريرة رضي الله عنه  قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر ، وأول شافع ، وأول مشفع . عن أبي سعيد رضي الله عنه  ، قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر .  عن عبد الله بن سلام ، قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ، وأنا أول شافع ومشفع ، بيدي لواء الحمد تحتي آدم فمن دونه  . لم يخرجوه ، وإسناده لا بأس به." البداية والنهاية . ". وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

إتباع النبى صل الله عليه وسلم

عن عائشة رضى الله عنها قالت : كان لرسول الله صل الله عليه حصير , وكان يحجزه بالليل فيصلى عليه , ويبسطه بالنهار فيجلس عليه , فجعل الناس يثوبون أى يرجعون , إلى النبى صل الله عليه وسلم فيصلون بصلاته حتى كثروا فأقبل عليهم فقال : يا أيها الناس , خذوا من الأعمال ما تطبقون فإن الله لايمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل , وفى رواية وكان آل محمد إذا عملوا عملا أثبتوه " الترغيب والترهيب وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المحبة بين الاتباع والمخالفة

وإن من أهم ثمرات المحبة لله تعالى الإقتداء والإتباع للرسول صل الله عليه وسلم وبذلك يكمل الإيمان الواجب الذى به تكون الرحمة والمغفرة لما اقترف العبد من الذنوب والمعاصى وهذا الفضل لمن راقب ربه وعلم أنه مطلع عليه فى دقائق الأعمال فهو سبحانه يعلم السر وأخفى , فإذا تحقق العبد بمراد الله تعالى منه فإن يصل بذلك إلى منازل النبين والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا ويصبح من حزب الرحمن ويتولى عنه الشيطان قال تعالى " إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " سورة مريم (أى يحبهم ويحبونه ) وإذا أحب الله تعالى العبد وضع له القبول فى الأرض , كما جاء فى الحديث عن النبى صل الله عليه وسلم " أن الله تعالى إذا أحب عبده نادى جبريل فى أهل السماء أن الله تعالى يحب فلانا فأحبوه , ثم يوضع له القبول فى الأرض " والتقوى والإستقامة هى أساس العمل الصالح الموصل لمرضاة الله تعالى ورسوله فكيف لا يكون الإنسان سعيدا فى اتباعه أشرف الخلق وأكملهم " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لانبى بعدى

روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما _ قال : خرج علينا رسول الله صل الله عليه وسلم يوما كالمودع فقال :" أنا محمد النبى الأمى , قال ذلك ثلاث مرات , ولا نبى بعد , أوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه , وعلمتكم خزنة النار وحملة العرش , وتجوز لى ربى , وعوفيت فى أمتى , فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم , فإذا ذهب بى فعليكم بكتاب الله , أحلو حلاله وحرموا حرامه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

إنى فرطكم

روى الإمام أحمد رضى الله عنه واللفظ له : صل رسول الله صل الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات , ثم طلع المنبر فقال : " أيها الناس , إنى فرطكم وأنا شهيد عليكم , وإن موعدكم الحوض , وإنى لأنظر إليه  , ولست أخشى عليكم الفقر , ولكن الدنيا أن تنافسوها " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

دعوى الحب:

الحب من غير إتباع دعوى , ومن غير إخلاص بلوى , ومن غير نجوى حسرة وعبرة " قال تعالى " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " والمعني : قل أيها الرسول-: إن كنتم تحبون الله حقا فاتبعوني وآمنوا بي ظاهراً وباطناً، يحببكم الله، ويمحُ ذنوبكم، فإنه غفور لذنوب عباده المؤمنين، رحيم بهم. وهذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله تعالى- وليس متبعاً لنبيه محمد صل الله عيه وسلم حق الإتباع، مطيعاً له في أمره ونهيه، فإنه كاذب في دعواه حتى يتابع الرسول صل الله عليه وسلم حق الإتباع.التفسير الميسر.
ويقول أيضا ـ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي"وأصحاب الأمر أي الولاة منكم إذا أمروكم بطاعة الله ورسوله "فإن تنازعتم" اختلفتم "في شيء فردوه إلى الله" أي إلى كتابه والرسول مدة حياته وبعده إلى سنته أي اكشفوا عليه منهما "إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك" أي الرد إليهما خير لكم من التنازع والقول بالرأي "وأحسن تأويلاً" مآلاً. الجلالين . اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا عدد ما أحاط علمك وخط به قلمك وأحصاه كتابك.

قالوا ـ:

كلنا أبناء محمد صل الله عليه وسلم _ لأن الرسول صل الله عليه وسلم لم يُخْلف من بعده ابنا يرث رداءه , ولكنه خَلف من بعده ما بقيت الأرض , أجيالا تحمل لواءه , كلنا أبناء محمد وبناته , كلنا آله وورثته فأين نحن من هذا اليوم ؟ ...لقد كان جهاد الصحابة رضوان الله عليهم ونصرتهم لله لرسوله صل الله عليه وسلم على المحبة والتعظيم وبذلك اعتزوا بالمنهج السديد ، ونشروه في شرق الأرض وغربها، وكان ذلك هو الواضح البين في مسعاهم وممشاهم وسيرهم نساء ورجالا .. وهذه امرأة من بني دينار قد أصيب زوجها، وأخوها، وأبوها مع رسول الله صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في غزوة أحد، فلما نُعوا لها قالت: ما فعل رسول الله صل الله عليه و آله وصحبه وسلم. ؟ قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين. قالت: أرونيه حتى أنظر إليه. قال: فأشير لها إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل. تلك حقائق المحبة التي لا تتأتى إلا أن تكون واقعا عمليا لا دعوى باللسان ولا قولا مجردا ولا فعلا جامدا، ولكن عواطف جياشة وأحاسيس متدفقة بمعاني الوداد والإجلال والإعظام لرسول الله صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.اللهم استعملنا فيما تحب، وجنَّبَنا موجبات الندامة في يوم القيامة، واحشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الخير كله فى إتباعه :

_ عن أبى محمد عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت " حديث صحيح ويقول الله تبارك وتعالى " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " سورة النساء ويقول يحى بن معاذ ليس بصادق من إدعى محبة الله ولم يحفظ حدوده " وفى هذه الآية الكريمة يقررالقرآن , نفى الإيمان عمن لم يرض بأحكام الله رضا يزيل الحرج عن صدره ويملأ قلبه استسلاما وطمأنية " وقال تعالى " وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا " سورة النساء " فالآية تصف بالنفاق كل من يصد عن الداعى إلى الله ورسول الله " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عن المحبة:

_ من حديث النبى صل الله عليه وسلم قال :" أنا حبيب الله والمصلى على حبيبى , فمن أراد أن يكون محبا للحبيب فليكثر من الصلاة على الحبيب " وفى الحديث القدسى عنه صل الله عليه وسلم :" وجبت محبتى للمتحابين فى والمتجالسين فى والمتزاورين فى " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وجوب اتباع الرسول صل الله عليه وسلم:

_ قال تعالى :" لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا " سورة الأحزاب الآية 21_ تدعوا هذه الأية الكريم إلى وجوب اتباع الرسول صل الله عليه وسلم فيما أمر به ونهى عنه ولو لم يكن ذلك مذكورا فى القرآن فليست الطاعة للرسول فقط فيما جاء به القرآن , بل ما جاء به الرسول يتبع سواء ذكر فى القرآن أو لم يذكر , ليس الأمر كما يقول بعض الملحدين الذين يشككون فى كتب السنة الصحيحة كا لبخارى وغيره ويطعنون فيما لم يوافق عقولهم الفاسدة وضمائرهم الملوثة , ويقولون نحن لا نأخذ إلا بما جاء به القرآن أما ما لم يأت به القرآن فنحن لا نأخذ به , ولو أتى به الرسول وهم بقولهم هذا كفروا , وهؤلاء ملحدون ويوجد منهم فى كل البلاد العربية كمصر وغيرها وهؤلاء لا يلتفت إلى قولهم , وعلينا أن نتأسى به صل الله عليه وسلم قولا وعملا , فيما بلاغه عن ربه سبحانه من أمور الحلال والحرام وغير ذلك , وإن القرآن لم يأت لنا بتفاصيل العبادات وإنما يؤخذ هذا من السنة والتلقى عن رسول الله صل الله عليه وسلم والفهم عن الفقيه العالم الواعى , فلا يجوز الخوض فى معانى القرآن والحديث بلا علم , ومن شدة الفساد اتخذ الناس رؤوسا جهالا يفتونهم بما تهواه أنفسهم مما يخالف شريعة الله وهؤلاء بذلك يَهلكون , ويُهلكون غيرهم وضلوا وأضلوا عن سواء السبيل " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

على قبر الرسول صل الله عليه وسلم :

_ وقف أعرابى على قبر رسول الله صل الله عليه وسلم _ فقال قلت فقبلنا وأمرت فحفظنا , وبلغت عن ربك فسمعنا , " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " سورة النساء وقد ظلمنا أنفسنا وجئناك فاستغفر لنا فما بقيت عين إلا سالت " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من علامات الحب :

روى البيهقى عن عروة أن أهل مكة لما أخرجوا زيد ابن الدثنة من الحرم ليقتلوه قال له أبو سفيان بن حرب أنشدك الله يازيد أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك يضرب عنقه وأنك فى أهلك ؟ فقال زيد والله ما أحب أن محمدا الآن فى مكانه الذى هو فيه تصيبه شوكة وإني جالس من أهلي فقال أبو سفيان ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا صل الله عليه وسلم حقا سيدي يارسول الله انك لجدير بهذا الحب وحبك جدير بأن يقدم على النفس والمال والولد فقد استجمعت أركان المحبة وتوجه رب العزة والجلال بحبه لك ووضع محبتك فى قلب كل مؤمن بك وبه سبحانه فلك منا كل الحب ولك منا كل الشوق ولك منا أزكى الصلاة وأتم التسليم يا حبيبي يارسول الله ( صل الله عليه وسلم )

إن حب رسول الله صل الله عليه وسلم له علامات يعرف بها وله شواهد يستدل منها على صدق المحبة لرسول الله صل الله عليه وسلم فليس الحب كلاما أو دعوى باللسان وانما هو عمل وإتباع ومن علامات الحب -_ الإقتداء بالنبي صل الله عليه وسلم فى الأقوال والأفعال وامتثال أوامره واجتناب نواهيه والتأدب بأخلاقه الكريمة فى العادات والمباحات فإن من أحب شيئا اقتفى أثره وأثر موافقته وإلا لم يكن صادقا فى محبته يقول تعالى " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " آل عمران

وعلى المسلم المحب لرسول الله صل الله عليه وسلم أن يؤثر شرع النبى صل الله عليه وسلم على هواه وأن يقدم حكم الله وحكم رسوله عل حكم نفسه قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لاتقدموا بى يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم " سورة الحجرات وأخرج الترمذي عن أنس بن مالك عن رسول الله صل الله عليه وسلم قال قال لى رسول الله صل الله عليه وسلم يا بني إن قدرت أن تمسى وتصبح ليس فى قلبك غش لأحد فافعل ثم قال لى يا بني وذلك من سنتي ومن أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معى فى الجنة رواه الترمذي فى الجامع الصحيح فمن أحيا سنة رسول الله صل الله عليه وسلم ـ والتزم بهدية فهو كامل المحبة لرسول الله صل الله عليه وسلم ومن خالف هديه وعصى أمره فهو ناقص المحبة وعل قدر التزام المسلم بسنة النبى صل الله عليه وسلم والإقتداء به فى كل شئ تكون درجة محبته للنبي صل الله عليه وسلم وفى ذلك فليتنافس المتنافسون " . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من حقائق الإيمان :

الإيمان برسالة محمد صل الله عليه وسلم

عن أبى عبد الرحمن الجهنى _ رضى الله عنه _ قال بينما نحن عند رسول الله صل الله عليه وسلم طلع علينا رَكبان فلما رآهما قال : كِنديان مذِحجيان , حتى آتياه , فإذا رجال من مذحج , قال فدنا إليه أحدهما ليبيعه , قال : فلما أخذ بيده قال : يارسول الله , أرأيت من رأك فآمن بك وصدقك واتبعك ماذا له ؟ , قال : طوبى له , قال فمسح على يده فانصرف , ثم أقبل الآخر حتى أخذ بيده ليبايعه , قال : يارسول الله , أرأيت من آمن بك وصدقك واتبعك ولم يراك ؟ قال : طوبى له , ثم طوبى له , قال فمسح على يديه ثم انصرف " رواه الإمام أحمد فى المسند وقيل روى الحديث عن الرسول صل الله عليه وسلم :" هو عقبة بن عامر رضى الله عنه ذكره بن كثير رحمه الله
( 1)

معنى المفردات :

1_ بينا وبينما _ كلاهما واحد وهما ظرفا زمان : ومعناهما المفاجاة.
2- ركبان _ مثنى : وهو اسم لجنس أكثر من واحد .
3_ كنديان : مثنى كنده .
4_ ومذحج وكنده هما حيان باليمن .
5_ ليبايعه _ البيعة تعنى التعاقد والمعاهدة , وكأن كل واحد باع ماعنده من صاحبه
وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره .
6_ اتبعك _ أى جعلك إماما له فى كل ما يقوم به وسائر أعماله .
7_ ( طوبى ) تعنى الحسنى والحياة الطيبة , وكما جاء فى القرآن الكريم ( طوبى لهم ) وهو كل مالذا وطاب فى الجنة , فى بقاء من غير فناء , وعز بلا زوال . وغنى بلا فقر , وصحة بلا سقم ولا آفة , والتكرار من التأكيد للحصول على الثواب .
( 2)

البيان الإرشاد :

فى هذا القبس النورنى من الهدى النبوى , يطلعنا هذا الصحابى الجليل أبو عبد الرحمن الجهنى رضى الله عنه _ أنه كان جالسا مع رسول الله صل الله عليه وسلم
إذ تفاجأ بظهور , راكبان , أحدهما من كندة , والآخر من مَذْحِج , فقال النبى صل الله عليه وسلم كِنْدَيان , مَذْحَجِيان , وكان حقا ما قال الرسول عليه الصلاة والسلام
إذ تقدم رجلان من رسول الله صل الله عليه وسلم _ واحدا بعد الآخر , يسألانه عن جزاء من آمن به وصدقه واتبعه , وجاء سؤال الرجل الثانى وهو يحمل نفس المعنى ويضاف إليه فقط , من لم يرا رسول الله صل الله عليه وسلم _ فكان الجزاء لكلا المُؤْمنين جزاء الحسنى , الحياة الطيبة فى الجنة , التى تجمع النعيم الأبدى الذى لايفنى ولا يحول ولا يزول , ولقد زاد رسول الله صل الله عليه وسلم نعيم من أمن به ولم يراه أضعافا كثيرة , والله يضاعف لمن يشاء بغير حساب . ( 3)

والرسول صل الله عليه وسلم _ عندما يؤكد الجزاء لمن أمن وهو لم يره , ثلاث مرات لأن إيمانه جاء على عُهدةُ التصديق , والإتباع من غير أن يره , فإن ذلك فيه دليل على الإخلاص , وصدق الإيمان واليقين , وشدة الإمتثال لما جاء به الرسول صل الله عليه وسلم _ وهذا الحديث يفسره ويؤكد معناه ما رواه أنس ابن مالك رضى الله عنه : من أنه صل الله عليه وسلم قال : " وددت أنى لقيت إخوانى . قال : فقال أصحاب النبى صل الله عليه وسلم _ نحن إخوانك , قال : أنتم أصحابى , ولكن إخوانى الذين أمنوا بى ولم يرونى " رواه الإمام أحمد وقال حديث حسن وأخرجه الإمام السيوطى فى الجامع الصغير . ( 4)

والحديث يبين لنا أن من أمن بالرسول صل الله عليه وسلم _ وصدقه واتبعه حال حياته , أو موته فإنه يستحق دخول الجنة بفضل من الله ورحمة , والإيمان بالله ورسوله تعنى المبايعة والمعاهدة على كل ما جاء به الرسول صل الله عليه وسلم وإن لم نره ولقد بين لنا الرسول صل الله عليه وسلم _ معنى الإيمان وحقيقته فى قولهعندما سئل عن الإيمان :" أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره حلوه ومره . رواه مسلم من حديث جبريل المروى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه . (5)

والرسول صل الله عليه وسلم _ قدوة لكل مؤمن ويتمثل ذلك فى اتباعه الإمتثال لأوامره حيث قال صل الله عليه وسلم _ لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه , من والده وولده وفى رواية زاد فيها أنس قوله والناس أجمعين . " رواه البخارى
وقوله صل الله عليه وسلم :" لايؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " أخرجه النووى فى شرح الأربعين وقال عنه حديث حسن صحيح
ومعنى الحديث : أنه يجب على المسلم أن يعرض كل ما يقوم به على كتاب الله وسنة رسوله صل الله عليه وسلم _ ولا يخضع ما يقول ويفعل لعاطفته وهواه المجرد فإن ذلك يخالف قول الله تعالى " فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " سورة النساء الآية 65 _
( 6)
اللهم اجعلنا ممن كتبت لهم الحسنى وزيادة , وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإيمان بنبوته والتصديق برسالته :

ـ إن الإيمان الحق برسول الله صل الله عليه وسلم :ـ والذى ينجوا به صاحبه يوم القيامة , هو الإيمان النابع من القلب وليس مجرد الإيمان السطحى القائم على الحوقلة وشقشقة اللسان , والإيمان الصادق الصحيح هو الذى يتبعه الإلتزام بمنهج رسول الله صل الله عليه وسلم قولا وعملا , والإيمان الذى ينجى صاحبه حقا هو كما قال عنه رسول الله صل الله عليه وسلم :" الإيمان معرفة بالقلب , وقول باللسان , وعمل بالأركان " رواه ابن ماجة فى سننه من حديث الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين , أما أولئك الذين يقولون بأفواهم ماليس فى قلوبهم , وهم يدعون محبة رسول الله صل الله عليه وسلم _ وهم عن هديه معرضون وللسنة كارهون , أولئك هم أهل النفاق الذين هم فى الدرك الأسفل خالدون وفى ذلك يقول الله تعالى :" إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقون لكاذبون " سورة المنافقون وما أكثر هؤلاء من أهل النفاق فى مجتمع المسلمين اليوم , وإن حملت بطقاتهم هويات إسلامية إلا أن قلوبهم أشربت حب النفاق وهم فى سلوكياتهم متنكبون عن هديه وسنته صل الله عليه وسلم ـ وكأنهم لم يصدقوا رسالته ولم يؤمنوا بنبوته وبما جاء به من عند الله , فهم يسيرون خلف أهل البدع والضلالة , ويعادون أهل السنة والإستقامة , وهم يروجون بأقلامهم لكل منكر وفاحش وهم بذلك يدعون التحرر فى أفكارهم المسمومة وهم رقيق " للعلمانية " تارة و" للشيوعية " أخرى ومرة لعبيد " المال " وهم فى كل موقف بغيتهم هدم أواصر الدين , من أجل زحزحة الإيمان فى القلوب وتلاشيه من النفوس ,

, يحاربون القيم والآداب الفاضلة التى تدعوا لإستقامة الشباب , والتى تدعوا إلى العفة والوقار والإحتشام فى سلوك السيدات والفتيات , وأبغض شئ عندهم إذا ذكرت السنة والدعوة إلى التمسك بها , سواء فى العادات أو المباحات أو السلوكيات. وفي التفسير الكبير عند الفخر الرازي رحمه الله تعالى وغيره من أهل التفسير قوله تعالى :" من يُطع الرسول فقد أطاع الله " يدل على أنه لا طاعة إلا لله البتة ، وذلك لأن طاعة الرسول لكونه رسولا فيما هو فيه رسول لا تكون إلا طاعة لله ، فكانت الآية دالة على أنه لا طاعة لأحد إلا لله . قال مقاتل في هذه الآية : إن النبي صل الله عليه وسلم كان يقول : " من أحبنى فقد أحب الله تعالى ومن أطاعنى فقد أطاع الله تعالى. " فقال المنافقون : لقد قارب هذا الرجل الشرك وهو أن ينهى أن نعبد غير الله ، ويريد أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى ، فأنزل الله هذه الآية قال الشافعي رضي الله عنه في كتاب الرسالة في باب فرض الطاعة للرسول : إن قوله:" تعالى من يُطع الرسول فقد أطاع الله " يدل على أن كل تكليف كلف الله به عباده في باب الوضوء والصلاة والزكاة والصوم والحج وسائر الأبواب في القرآن ، ولم يكن ذلك التكليف مبينا في القرآن ، فحينئذ لا سبيل لنا إلى القيام بتلك التكاليف إلا ببيان الرسول ، وإذا كان الأمر كذلك لزم القول بأن طاعة الرسول عين طاعة الله ، هذا معنى كلام الشافعي . مصدر سابق . دعاء مؤلف:اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهم اجعل التوفيق حليفنا، وارفع لنا درجاتنا، وزد في حسناتنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار. ". ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم