من وصايا القرآن والسنة :

الوصية الواحد وعشرون:

في تربية النفس على الرضا بقضاء وقدره:

لقد كان رسول محمد صل الله عليه وسلم :ـ مربيا حكيماً, ومعلماً كريماً, حيث كان يتحين الأوقات والظروف والمناسبات في تزكية نفوس أصحابه وتتجلى هذه التزكية من خلال نصائحه ووصاياه كما يظهر لنا في هذه الوصية الجامعة المانعة التي ترتكز على ثلاثة محاور وهي بحق تعد تدريبا عملياً للمسلم على التسليم لقضاء الله تعالى وقدره.كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم:" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف,وفي كل خير,أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شئ فلا تقل:لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا,ولكن قل: قدر الله وماشاء فعل,فإن لو تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم.

وفي هذا الوصية الجامعة يبين لنا الرسول صل الله عليه وسلم ـ لمن أراد أن ينال محبة الله تعالى ورضوانه فعليه أن يبادر إلى تقوية إيمانه ومجاهدة نفسه وطلب القوة في العلم والجسم وأن يحرص على ما ينفعه بالاستعانة وطلب العون من الله سبحانه وحده ولا يعجز وأن يُسلم أمره لله عز وحل فيما قدر له فلا يسخط ولا يشتكي مما ينزل به من مصائب وشدائد بحيث لا يدع للشيطان مدخلا إلى نفسه, فكلمة" لو" تجلب الحسرة والأسى ولن يستطيع إعادة ما فات ولا إحياء من مات مهما تحسر وإنما سيجلب لنفسه الكآبة ولجسمه الأمراض ويتعرض لغضب الله باعتراضه على قدره فالعلاج العملي أن يقول : "قدر الله وما شاء فعل" من فوائد الحديث: اللجوء إلي الله عز وجل عند الشدائد والنكبات .

ما يستفيده المسلم من هذه الوصية:

- على الإنسان أن يأخذ بالأسباب المادية والروحية في اصلاح نفسه وتزكيتها .
- تذكير النفس بقدر الله عز وجل فما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطأك.
- النهي عن التحسر على ما فات قال تعالى:" لكيلا لا تحزنوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم" سورة الحديد: الآية23 ـ
- النهي عن التواني والقعود فذلك مدعاة للتراخي والكسل وترك العمل.". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الوصية الثانية والعشرون :

من الهدي النبوي ..دعاء الاستخارة..

كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صل الله عليه وسلم:" يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن,يقول:إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة,ثم ليقل:اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقذرك بقدرتك ,وأسألك من فضلك العظيم, فإنك تقدر ولا أقدر,و تعلم ولا أعلم, وأنت علام الغيوب.اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري,أو قال:عاجل أمري وآجله, فاقدره لي, وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ,أو قال:عاجل أمري وآجله, فاصرفه عني واصرفني عنه,واقدر الخير حيث كان,ثم رضني به ,ويسمي حاجته " رواه البخاري باب دعاء الاستخارة " رواه أحمد والبخاري ومسلم وأصحاب السنن من طريق عبد الرحمن بن أبي الموالي عن محمد بن المنكدر وقال الترمذي هذا حسن صحيح غريب .

في هذه الوصية الجامعة لخير الدنيا والآخرة تدريبا عملياً للمسلم إذا هم بأمر من الأمور المباحة من سفر أو زواج , أو تجارة أو غير ذلك فعليه أن يدعو بدعاء الاستخارة مُلحاً متذللا أمام ربه الكريم راضيا بحكمه داعيا أن يختار الله عز وجل له ما فيه خير في دينه ودنياه ومعاشه وعاقبة أمره وأن يصرف عنه هذا الأمر إن كان فيه شر فإن انشرح صدره له فهو الخير الذي اختاره الله وإن جاء الأمر على عكس ذلك, فعليه أن يفرح لأن الله صرف عنه الشر, وبهذه الوصية النبوية الشريفة , يدرب المسلم نفسه عمليا على الرضا بقضاء الله تعالى وقدره.

وأما ما يسبق صلاة الاستخارة من هوى يجده المستخير في نفسه تجاه الأمر الذي يستخير الله تعالى فيه ‏فيقول الإمام النووي رحمه الله تعالى في ذلك: "وينبغي أن يفعل ما ينشرح له صدره، فلا ينبغي أن يعتمد ‏على انشراح كان له فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأساً، ‏وإلا فلا يكون مستخيراً لله، بل مستخيراً لهواه، وقد يكون غير صادق في طلب الخيرة، ‏وفى التبرى من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول ‏والقوة، ومن اختياره لنفسه".‏ ولقد ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية إلى استحباب تكرار صلاة الاستخارة لكون ذلك ‏نوعاً من الإلحاح الذي يحبه الله سبحانه وتعالى، وكان النبي صل الله عليه وسلم "إذا دعا ‏دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً" رواه مسلم، ولأن صلاة الاستخارة وما يتبعها من دعاء، ‏إنما شرعت طلباً للخيرة منه سبحانه وتعالى ، فإذا لم يحصل للمستخير انشراح وطمأنينة فيما ‏استخار الله عز وجل فيه، كرر ذلك حتى يحصل له الانشراح والطمأنينة، وقد صرح الشافعية بذلك ‏لكن لم يحصروها بعدد. والله أعلم. " . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم