برا لوالدين عبادة دينية وضرورة اجتماعية

الأسرة وبر الوالدين فى الإسلام :

جاء التشريع الاسلامى بما يصون حياتنا الاجتماعية , من الهدم وتدمير العلاقات العائلية وتقطيع ما أمر الله به أن يوصل , جاء بالهدى والنور والحكمة وعلمنا ما لم نكن نعلم ففي باب الحقوق والواجبات الاجتماعية قرر أن للولد حق وعليه واجب وأن للآباء واجبات وعليهم حقوق , هذه الحقوق هي الأساس المتين في بناء الأسرة وأحكام أو أصر العلاقات بين أفرادها , وقد بين لنا الإسلام من الآداب الاجتماعية ما يسمو بها إلى أعلي المراتب الروحية , ويشد من أزرها برباط من الخلق القويم ويعينها على مواجهة الشدائد , ويكفل لها ما يستطاع من السعادة في هذا العالم الذي طغت فيه الأثرة والأنانية  والنفعية وسار إنكار  الحقوق والتنكر لذوى المنة والمعروف هو السائد فى العلاقات العامة وخاصة عند معاملة الوالدين . ( 1)

فالله جل شأنه يقول في كتابه العزيز :" وقضى ربك إلا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك   الكبر احدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولانتهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغير ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فانه كان للأوابين غفورا"سورة الإسراء" ففي حياتنا الاجتماعية نجد شباب من الجنسين ينسون آبائهم وأمهاتهم فلا يلتقون بيهم إلا في أعياد الميلاد المزعومة أو بين آماد متطاولة فإذا كبر الآباء والأمهات لم يجدوا صدورا مفتوحة ولا دورا تآوى؟ وإذا وجدوا مأوي فمع تبرم وعلي ضيق والى حين حيث أن ملاجئ العجزة أو بيوت المسنين بالتعبير الحديث أولي بهم حيث ينتقلون إليها ريثما ينتقلون إلى القبور.ما الذي حدث لنا ؟ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم  ( 2)

فضل الوالدين :

لقد كان الوالدان في مجتمعاتنا بركة يخرج المرء إلى عمله وهو مطمئن إلى أن والديه قد دعوا الله له فإذا عاد إلى بيته كان السؤال عنهما أول ما يعنيه ثم يلتفت بعد ذلك إلي زوجته وأولاده .
إن حياتنا تغيرت كثيرا ولكن إلى "أسوأ"ووصايا القرآن والسنة تقرن بين عبادة الله وبر الوالدين في أكثر من موضع كما سنبين والسبب في ذلك :أن نعماء الوالدين تنهمر علي ولديهما وهو في مراحل ضعف الإدراك وقلة الوعي سواء كان طفلا أو صبيا أو مراهقا حتى إن الطفل أو الصبي يحس أن ذلك الإنعام والاهتمام يجئ إليه تلقائيا من جهة ملزمة به ليست لها بعد ذلك حقوق عنده حتى أن البعض يقول لأبيه عندما يكبر أنت لست صاحب فضل وأن ما قدمته لي واجب عليك , والأخر يقول لأبيه الذي لم يستطع تلبية مطالبه الكبيرة إذا كنتم لم تستطيعون توفير مطالبنا فلماذا أنجبتمونا.... ؛؛ ( 3)

كذلك كما يصنع الناس مع ربهم , فإنهم يحسبون طعامهم وكسائهم ونمائهم وعافيتهم وكل ما يقيم حياتهم شيئا جاء من الهواء أو من مجهول لا يريد أن يعرف"ومن ثم فقلما يحسون الشكر العميق على ما يصبحون من أعطية الله وأفضاله وقد شاء الله أن يلفت نظر الأبناء إلى فضل برالوالدين فقد تحمل كثيرا في تربيتهم وتنشئتهم وتعب كثيرا في سبيل راحتهم واسعادهم وهو سبحانه في الوقت نفسه يلفت الأنظار إلى حقه الأكبر وامتنانه الأعظم فهو خالق الوالد وما ولد, والكون وما حوي.قال تعالي:"وقضى ربك إلا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا.....الأية سورة الإسراء.
فهل يكون الجزاء بعد قوة الولد وضعف الوالد أن يستقل الشاب ببيت يروى فيه من اللذة ويذهب الوالدان إلى ملجأ للعجزة تخيم عليه العزلة ونذر الفناء. ( 4)

وفى أدبنا القديم الوالد يشكو * * عقوق ولده الذي تنكر له يقول:
"غزوتك مولودا وعلتك يافعا * تعل بما أسدى إليك وتنهل
إذا ليله نباتك بالشجو لم أبت * لبلواك إلا ساهرا أتململ
فلما بلغت السن والغاية التي * إليها مداي ماكنت فيك أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة * كأنك أنت المنعم التفضل
فليتك إذا لم ترع حق أبوتي * فعلت كما الجار المجاور يفعل"
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (5)

فى حقوق الآباء :

ولاشك إن بيوت المسنين أو ملاجئ العجزة أفضل من هذا المصير المؤلم أو من هذا العقوق القبيح.ولماذا لا تكون مظلة الوفاء والتراحم مخيمة على بيوتنا مؤدين تحتها حق الله وحق الوالدين. روي البخاري عنه "صل الله عليه وسلم":ما من مسلم له والدان يصبح إليهما محتسبا إلا فتح الله له بابين وان كان واحد فواحد,وان غضب احدهما لم يرضى الله عنه حتى يرضي قيل وان ظلماه؟قال:وان ظلماه"
وروى الحاكم أن النبي  صل الله عليه وسلم" كل الذنوب يؤخر الله ما شاء إلى  يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فان الله يعجله لصاحبه  في الحياة قبل الممات " ( 6)

وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال جاء رجل إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك ؟قال نعم :قال ففيهما فجاهد وفى رواية أخرى أقبل رجل إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغى الآجر من الله ؟قال فهل من والداك أحد حي ؟ قال نعم بل كلاهما حي قال أتبتغى الآجر من الله ؟ قال نعم ؟ قال فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما
وفى رواية أخرى عن معاوية بن جاهمه أن حاهمه جاء إلى النبي صل الله عليه وسلم فقال يا رسول الله صل الله علبه وسلم أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك ؟ فقال هل لك أم ؟ قال نعم ؟ قال فألزمها فان الجنة عند رجلها وقد جاء في بعض الآثار أن الجنة تحت أقدام الأمهات "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (7)

فضل الوالدين وبر الأم :

إن للام منزلة كبيرة في الإسلام فقد أعلى من شأنها ورفع من منزلتها وحافظ على طهرها وشرفها فاللام باع طويلة في بناء المجتمع وقيامه على أسس قوية متينة فعندما ترعى الأم أولادها وتتولاهم بالتربية الصحيحة وتنشئهم على الأخلاق والصفات الحميدة فان ذلك سيكون له أثره الكبير في تواجد مجتمع فاضل متماسك والأم تتعب من أجل راحة أبنائها وتشقى من أجل سعادتهم ويكفيها ما تعانيه في مدة الحمل والولادة والرضاع فلا أقل من طاعة الابناءوالبنات للوالدين وبخاصة الأم ولعذا كله فقد كرم القران الكريم الأم وخصها بالذكرفى أكثر من آية وأمر بالإحسان إليها والطاعة لها والحرص على رضاها فإذا كان الإحسان والتكريم والطاعة للوالدين معا أمر واجب فان طاعة الأم أمر أمر أوجب حتى يحظى الإنسان برضا ربه وفى الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صل الله عليه وسلم رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد " (

يقول الله تعالى ـ :" ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أشكر لي ولوالديك إلى المصير وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا سوة لقمان وفى القرأن الكريم آيات كثيرة أمر الله تعالى فيها ببر الوالدين وخاصة الأم فقد تعبت كثيرا فى حمل الانسان ووضعه ورضاعه وفطامه والسهر عليه فى مرضه وقد جاء رجل الى رسول الله صل الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هل بقى على من بر والدى شي بعد موتهما أبرهما به ؟ قال : نعم , خصال أربع  :  الصلاة عليهما , و الاستغفار لهما و ا نفاذ عهد هما بعد وفاتهما , وإكرام صد يقهما , وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما .     وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال :
إذا مات الانسان انقطع عمله إلا من ثلاثة  : "صدقة جارية , أو علم ينتفع به , أو ولد صالح يدعو له ." فالوالدين ينبغي أن نبرهما حتى بعد الموت . (  9 )

بر الوالدين ولو كانا مشركين :
                                             
وفى الصحيحين أن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما قالت : " قدمت على أمي وهى مشركة فاستفتيت رسول الله صل الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله قدمت على أمي وهى راغبة . أفاصل أمي ؟ قال : نعم . صلى أمك ,
فأنزل الله : "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم أن الله يحب المقسطين "  
 وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (10)

أمور ليست من البر :

كما جاء في الحديث أن امرأة كانت تحت رجل فمرض أبوها فطلبت من زوجها أن تقوم بتمريضه فمنعها فشكت ذلك للنبي صل الله عليه وسلم فقال لها : اتقى الله واطيعى زوجك , فمات أبوها فطلبت من زوجها أن تقوم على جنازته فرفض فشكت ذلك للنبي فقال لها اتقى الله واطيعى زوجك .
والحديث ليس من رواة الصحاح وهو يمنع حق المرأة التي قال لها النبي صل الله عليه وسلم : إن الله تعالى قد إذن لكن أن تخرجن لقضاء حوائجكن : وهذا الحديث يرخص الوفاء بحق الوالدين ويقطع ما أمر الله به أن يوصل
فهو حديث موضوع لم يصح سند ولا معنى ويخالف الاحديث التي تحض على صلة الأرحام وخاصة الأبوين . ( 11 )

أن بيوتنا لا تقوم ولا تصلح إلا بتقوى الله وحسن الخلق ولا بد من هنات تقع وأخطاء ترتكب , والتغلب على الأزمات العارضة يحتاج الى لباقة وذكاء .......
وذاك سر ما روى عن مالك ابن أنس أن رجلا جاء شاكيا يقول أمرني أبى , ونهتني أمي , فما أفعل ؟ قال له :
أطع أباك ولا تعص أمك ......!
** وذهب أب غاضب الى أحد الأئمة يقول له : مر ابني فليطلق امرأته ! قال له الإمام : لماذا ؟ قال : أكرهما .
قال الإمام : كراهيتك لها لا تبيح طلاقها ! فقال الرجل : ألم يأمر الرسول عبد الله بن عمر أن يطلق امرأته لان أباه يكرهها ؟ فقال الإمام : عندما تكون في دين عمر الإمام وتقواه وعدالته أكلف ابنك بما تريد !
وهناك أمور ليست من البر في شي عندما تريد الحماة أن تبسط سلطانها على الزواج وزوجته والزوجة التي
تريد أن تستأثر بزوجها على أمه وأبيه
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (12)

الخاتمة :
ومما يجب أن نفهمه أن الإحسان بالوالدين الذي أمرنا به في دين الفطرة هو أن نكون في غاية الأدب مع  الوالدين
في القول والعمل بحسب العرف حتى يكونا مغبوطين بنا وأن نكفيهما أمر ما يحتاجان إليه من الأمور المشروعة المعروفة بحسب استطاعتنا ولا يدخل في البر والإحسان شي من سلب حريتنا واستقلالنا في شئوننا الشخصية والمنزلية ولا في أعمالنا التي هي خاصة بنا .

                  <  وأخيرا إذا أردت أن تكون بارا فعليك ....... >
(1) أن تطيع والديك في كل الأمور إلا معصية الله          
(2) أن تقبل يد يهما صباحا ومساء وفى المناسبات  
(3) أن تخاطبهما بلطف وأدب                          
(4) أن تعطيهم ما يطلبان                                
(5) أن تشاورهم في الأمور كلها    . ( 13)

(6 ) أن تكثر من الدعاء والاستغفار لهما
(7) عدم الخروج من المنزل إلا بإذنهما
( عدم إزعاجهما أثناء نومهما
(9) عدم الضحك أمامهما بدون سبب
(10) عدم تناول الطعام قبلهما
(11) عدم مصاحبة إنسان لا يرضيان عنه
(12) التواضع لهما
(13) الأنفاق عليهما خاصة عند الكبر
(14) عدم رفع الصوت أمامهما . (14)

(15) عدم مقاطعتهما في الكلام                
(16) أن تنهض لهما إذا دخلا عليك          
(17) تقديمهما في الدخول والمشي والجلوس  
(18) عدم تفضيل الزوجة والولد عليهما      
**** فعلينا أن نعلم لنحذر رذائل الحضارة الحديثة وما تحمله إلينا من غزو فكري ومادي  قد استهدفت حياتنا الاجتماعية وقد وصلت الى حد بعيد الى تدمير العلاقات الأسرية, وتقطيع ما أمر الله به أن يوصل , علينا أن نحرص كل الحرص على الإحسان الى الوالدين وأن نرحم شيخوختهما  . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي  وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (15 )
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (15 )

الترغيب فى بر الوالدين :

حض الإسلام على بر الوالدين ورغب فيه وأثنى على من قام به لما فيه من خير وتأكيد صلة فقال عن نبى الله يحيى عليه السلام " وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا " سورة مريم وقال عن نبى الله عيسى عليه السلام " وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا " سورة مريم وعن نبى الله يوسف عليه السلام قال " ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا " وهو سجود تكريم كان ذلك فى شريعته لاسجود عبادة وتعظيم وهو كقوله صل الله عليه وسلم فى الحديث لو كنت أمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها " وقال عن نبى اله اسماعيل " يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين " سورة الصافات وجاء رجل إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فقال " إنى أشتهى الجهاد ولا أقدر عليه ؟ فقال صل الله عليه وسلم " هل بقى من والديك أحد ؟ قال : أمى . قال قابل الله فى برها فإذا فعلت فأنت حاج ومعتمر ومجاهد رواه أبو يعلى والطبرانى بإسناد جيد وعن طلحة السلمى رضى الله تعالى عنه قال أتيت النبى صل الله عليه وسلم " فقلت يا رسول الله انى أريد الجهاد فى سبيل الله ؟ قال أمك حية ؟ قلت نعم قال ألزم رجلها فثم الجنة " رواه الطبرانى وهى كناية عن الطاعة والإمتثال لتلبية طلباتها فإن فعلت دخلت الجنة وقال رجل لنبى صل الله عليه وسلم " من أحق الناس بحسن صحابتى ؟ قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك , قال ثم من ؟ قال أبوك " رواه البخارى ومسلم وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 16)

النظر إلى الوالدين عبادة :

عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما _ قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم " ما من رجل ينظر إلى والديه نظر رحمة إلا كتب الله بها حجة مقبولة مبرورة " رواه الرافعى فى تاريخ قزوين بسند ضعيف ورواه البيهقى فى شعب الإيمان بلفظ " ما من ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بكل نظرة حجة مبرورة . قال : وإن نظر كل يوم مائة مرة ؟ قال نعم الله أكبر وأطيب " أى أعظم مما يتصور وخيره أكثره مما يحصى ويحصر ولا حرج على فضله سبحانه وأطهر من أن ينسب إلى قصور فى قدرته ونقصان فى مشيئته وارادته " وفى رواية أخرى للبيهقى " وإذا نظر الولد إلى والده نظرة سرور كان للولد عتق نسمة . قيل : يارسول الله وإن نظر ثلثمائة وستين نظرة ؟ قال الله أكبر من ذلك " وعن عائشة رضى اله تعالى عنها أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال " النظر فى ثلاثة أشياء عبادة _ فى وجه الأبوين وفى المصحف وفى البحر" رواه أبو نعيم ورواه أبو داود بلفظ النظر إلى الكعبة عبادة والنظر فى وجه الوالدين عبادة والنظر فى كتاب الله عبادة " وعن بعض الصحابة رضوان الله عليهم أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال " خمس من العبادة _ النظر فى المصحف والنظر إلى الكعبة والنظر إلى الوالدين والنظر فى زمزم وهى تحط الخطايا والنظر فى وجه العالم رواه الدراقطنى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 17 )

سعادتك فى برك لوالديك :

_ مما يجب على الولد ذكرا كان أو أنثى , أن يكون مع أبيه وأمه فى غاية الإحسان والطاعة , فهما من أسباب وجوده , وخصائص مقومات حياته , الوالد ينفق , والأم تتعب فى الولادة والسهر على الرعاية والتمريض , فاحمد الله تعالى على نعمة الخلق والإيجاد , واشكر لوالديك على نعمة التربية والرعاية والميلاد يقول سيدنا عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما :" ثلاث آيات مقرونات بثلاث , ولا تقبل واحدة بغير قرينتها . 1_ وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول " سورة التغابن الآية 12_ فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه _ 2_ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " سورة البقرة الآية 43_ فمن صل ومعه مال بلغ النصاب ووقعت عليه شروط الزكاة , ولم يزك لم يقبل منه _ 3_ وأن أشكر لى ولوالديك إلى المصير " سورة لقمان الآية 14_ فمن شكر الله تعالى ولم يبر والديه ويشكر لهما لم يقبل منه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 18 )

بر الوالدين لاينقطع بعد موتهما :

لقد اهتم الإسلام بحقوق الوالدين سواء كانوا أحياء أو أمواتا ، وحث الأبناء على حسن معاملتهما وألزمهم بالبر بهما وطاعتهما، وفعل كل ما يرضيهما إذ أن برهما حق واجب وفرض لازم إلا في ما حرم الله سبحانه وتعالى - أو نهى عنه فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ," إنما الطاعة في المعروف " قال الله عز وجل :"واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا " سورة النساء: الآية 36 ـ فقد قرن الله تعالى - بر الوالدين والإحسان إليهما بتوحيده وعبادته جل وعلا , ويقول سبحانه وتعالى أيضا :"وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " سورة الإسراء: الآية 23 ـ وهذا تأكيد من الله تبارك وتعالى على ما بين العبادة لله تعالى وبر الوالدين من تلازم وارتباط ،

ويؤكد هذا المعني حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أيضا حيث - قال: سألت رسول الله صل الله عليه وسلم -؛ قلت: أي العمل أفضل؟ قال: " الصلاة على ميقاتها " قلت: ثم أي؟ قال: " ثم بر الوالدين " قلت: ثم أي؟ قال: " الجهاد في سبيل الله " فسكتّ عن رسول الله صل الله عليه وسلم -، ولو استزدته لزادني. رواه البخاري ,ولهذا يجب على من فرط في حق والديه أو أحدهما بعد موتهما أن يتدارك ذلك العقوق ويستوفيه بكثرة الطاعات من الدعاء والصدقة والإستغفار وغير ذلك لأن البعض يظن أن بر الوالدين ينقطع بعد موتهما، ولكن الحقيقة غير ذلك، فبر الوالدين دائم لا ينقطع والولد الصالح عليه أن يتحرى ذلك ويداوم عليه ويلزمه، والله تعالى فرض على الابن أن يذكر معروف والديه، بل إن القرآن الكريم يوجهنا إلى طلب الرحمة لهما.. وعدم نسيانهما من الدعاء، قال الله - تعالى -: وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا " سورة الإسراء: الآية 24ـ

وكما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه - أن رسول الله صل الله عليه وسلم - قال: " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم : " إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: يا رب أنى لي هذا؟ فيقال باستغفار ولدك لك" . ومن أبر البر بعد موت الوالدين أن يبر الابن صديق الأب ويحسن ضيافته ويكرمه، وأن يوفي بعهد والديه، ويصل الرحم التي لا توصل إلا بهما في حياتهما الدنيا، كما في حديث أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه - قال: بينا نحن عند رسول الله صل الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: "نعم.. الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما"رواه أبو داود في سننه،

,ومن أولى الحقوق للوالدين قضاءُ ما عليهما من صومٍ، فإذا مات أحدهما وعليه شيءٌ من الصوم فهناك قولان لأهل العلم من جواز الصيام عنهما أو الإطعام وإخراج الفدية وهو الأولى ويجوز تقدير الفدية نقوداُ عن كل يوم أفطراه ,وهذا حق واجب على الأبناء تأدية من غير تكاسل مع حسن النية لهما بالخير" وأن يقول في أي عمل خير يُهديه لهما " اللهم هذا عن أبي فلان , أو أمي فلانة ،" ويقول كذلك عند أداءَ فريضةَ الحج والعمرة عنهما. لكن لا يُصلى عنهما لأنه لا يجوز لأحد أن يُصلى عن أحد , والنيابة لا تجوز إلا فيما صح عن رسول الله صل الله عليه وسلم فيه من جواز النيابة فيه.وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما -، أن النبي صل الله عليه وسلم - قال: "أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه"رواه مسلم . اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات. اللهم ارزقنا بر الوالدين في حياتهما وبعد موتهما , ربنا وتقبل دعاء. ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

معنى العقوق وعلة تحريمه‏

العقّ لغة ، كما ورد في لسان العرب هو "شقّ عصا الطاعة ، وعقَّ والديه ، قطعهما ولم يصل رحمهما".ومعنى عقوق الوالدين أن يأمران فلا يطيعهما ، ويسألانه فيحرمهما، وإذا رآهما لم يعظمهما بحقّ ما يلزمه لهما " ولهذا كان من آثار العقوق عدم قبول الأعمال‏ مهما كان فضلها: فقد روي أن نبي الله موسى عليه السلام قال: "يا رب أين صديقي فلان الشهيد؟ قال: في النار، قال: أليس وعدت الشهداء الجنّة. قال: بلى ، ولكن كان مصرّاً على عقوق الوالدين وأنا لا أقبل مع العقوق عملاً" .وعن أبي عبد الله الحسين رضي الله عنه قال: "من نظر إلى والديه نظر ماقتٍ ، وهما ظالمان له لم تُقبل له صلاة". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أفضل الخير بر الوالدين :

عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال:" رغم أنفه ، ثم رغم أنفه ، ثم رغم أنفه , من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة " . رواه مسلم ـ جاء الإسلام ليهدي البشرية إلى الصراط المستقيم الذي يوصل العباد إلى رضوان الله ، ويعيدهم إلى جنته ، ويوفر لهم الحياة الطيبة ، ولذلك عَرفّهم بالحقوق ، وأمرهم بأدائها ، ومن أعظم الحقوق حق الوالدين ولذلك كثيراً ما يأمر سبحانه بعبادته وحده لا شريك له ، وطاعته فيما أمر وذلك حقه وحده ، ثم يثني بالأمر بالإحسان للوالدين . أبواك لهما الفضل السابق عليك ، فهما سبب وجودك بعد الله ولهما عليك غاية الإحسان، فحقٌ عليك أن تعترف بإحسـانهما عليك ، وواجب عليك برهما والإحسان لهما ،وخاصة عندما يبلغـان من العمر عتيـًّـا فيجب التواضع لهما ، ومخاطبتهما بالقول اللين، وتكريمهما والدعاء لهم فقد أمرنا ربنا سبحانه وتعالى ببرهما والإحسان إليهما قال اللَّه تعالى: " واعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجُنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يُحب من كان مختالا فخورا " سورة النساء: الآية 36 ـ وقال تعالى:" ووصينا الإنسان بوالديه حُسنا وإن جاهداك لتُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تُطعهما إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون " سورة العنكبوت: الآية 8 ـ وقال تعالى: " وقضي ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا ."الإسراء:24- 23ـ " ـ موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الجنة تحت أقدام الأمهات:

سأل أحد الحكماء ابنه أن يأتيه بحفنة من تراب الجنة مقابل أن يعطيه مكافأة كبيرة, فأتاه الابن بحفنة من تراب فسأله الأب من أين أتيت بهذه الحفنة؟ قال الابن أتيت بها من تحت أقدام أمي. وقد ورد في بعض الآثار :" الجنة تحت أقدام الأمهات " أورده السخاوي في المقاصد الحسنة" وليس معني الأثر هو الإخبار عن مكان الجنة ولكن معناه أن من أراد الجنة فليزم قدم أمه فثم الجنة كما في حديث طلحة بن معاوية السلمي رضي الله عنه قال : أتيت النبي صل الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إني أريد الجهاد في سبيل الله قال ":أمك حية ، قلت : نعم قال النبي صل الله عليه وسلم :" الزم رجلها فثم الجنة "رواه الطبراني وصححه الألباني.فمن أراد الجنة فليزم الخضوع والطاعة والذلة لأبويه وخاصة أمه وذلك قوله تعالى :" واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا " سورة الإسراء الآية : 24ـ