من الفقه الإسلامي تحريم الإعتداء على النفس بالقتل ( جريمة الانتحار )

من أحكام الشريعة الإسلامية:

قتل الإنسان نفسه في أي صورة من صور " الانتحار " وبأي كيفية كمن يخنق نفسه, أو يشرب سماً, أو يُلقي بنفسه من مكان مرتفع,وغير ذلك كبيرة من كبائر الذنوب، ولهذا جاء التحذير من جريمة الانتحار بقول الله تعالى:" ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما, ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه ناراً وكانذلك على الله يسيراً"سورة النساء : الآية 29 ـ 30 ـ وقال عز وجل:" ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة"سورة البقرة ك الآية 195 ـ وقال تعالى :" والذين لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما, يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا " سورة الفرقان : الآية 68 ـ 69 ـ وقد بين لنا النبي صل الله عليه وسلم ـ أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به .فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال:" من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً " رواه البخاري ومسلم.

وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : " من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة " رواه البخاري ومسلم.وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : "كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات . قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة " رواه البخاري ومسلم. وقد ترك النبي صل الله عليه وسلم الصلاة على المنتحر ، عقوبةً له ، وزجراً لغيره أن يفعل فعله ، وأذن للناس أن يصلوا عليه ، ولهذا يستحب لأهل العلم والفضل ترك الصلاة على المنتحر تأسياً بالنبي صل الله عليه وسلم .فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : " أُتي النبي صل الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمَشاقص فلم يصل عليه " رواه مسلم.قال النووي رحمه الله تعالى" : المَشاقص : سهام عراض .

وفي هذا الحديث دليل لمن يقول : لا يصلى على قاتل نفسه لعصيانه , وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي , وقال الحسن والنخعي وقتادة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء : يصلى عليه , وأجابوا عن هذا الحديث بأن النبي صل الله عليه وسلم لم يصل عليه بنفسه زجرا للناس عن مثل فعله , وصلت عليه الصحابة " اهـ . شرح مسلم . وخلاصة البحث أن الانتحار ليس كفراً مخرجاً من الملة كما يظن بعض الناس ، بل هو من كبائر الذنوب التي تكون في مشيئة الله يوم القيامة إن شاء غفرها وإن شاء عذَّب بها ، فلا تتهاونوا بالدعاء لمن له، وأخلصوا فيه ، فلعله يكون سببا لمغفرة الله تعالى لمن وقع في هذه الجريمة الشنعاء .والله أعلم.". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فصل في حكم قتل النفس:

كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صل الله عليه وسلم: "الذي يخنق نفسه، يخنقها في النار، والذي يطعنها، يطعنها في النار"؛ رواه البخاري. إن قتل الإنسان لنفسه ليس حلاًّ للخروج من المشاكل التي يبثها الشيطان، والوساوس التي يُلقيها في النفوس، ولو لم يكن بعد الموت بعث ولا حساب، لهانت كثير من النفوس على أصحابها، ولكن بعد الموت حساب وعقاب، وقبر وظلمة، وصراط وزلة، ثم إما نار وإما جنة؛ ولهذا جاء تحريم الانتحار بكل وسائله؛ من قتْل الإنسان نفسَه، أو إتلاف عضو من أعضائه، أو إفساده أو إضعافه بأي شكل من الأشكال، أو قتل الإنسان نفسه بمأكول أو مشروب؛ ولهذا جاء التحذير عن الانتحار بقول الله تعالى:" ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما, ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً"سورة النساء : الآية 29 ـ 30 ـ وقال عز وجل:" ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة"سورة البقرة ك الآية 195 ـ وقال تعالى :" والذين لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما, يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا " سورة الفرقان : الآية 68 ـ 69 ـ

إن حسن الخاتمة من النعم العظيمة التي ينبغي على كل مسلم أن يحرص عليها، وهذه النعمة لا تأتي عشوائيا وإنما لها أسباب تُعد للثبات عليها كما قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" سورة آل عمران: الآية 102 ـ ، فهذا أمر من الله تعالى, للمؤمنين بتقوى الله عز وجل وهو من أعظم أسباب الثبات على الحق حتى يأتي الموت والعبد على دين الله سبحانه ,و كما في الحديث عن أنس أن النبي صل الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت، فقال كيف تجدك؟ قال: والله يا رسول الله إني أرجو الله، وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وأمنه مما يخاف" حسنه الألباني. وأيضا من الأسباب الأخرى, الاستعانة بالدعاء ,كما في حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت أن أكثر دعاء النبي صل الله عليه وسلم : "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقيل له في ذلك؟ قال: إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله، فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ"حديث صحيح .

وهنا تحكي قصة هذا الرجل كما يروي لنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: شهِدنا مع رسول الله صل الله عليه وسلم خيبر، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم لرجل ممن معه يدَّعي الإسلام: "هذا من أهل النار"، فلما حضر القتال، قاتَل الرجل من أشد القتال، وكثُرت به الجراح، فأثبتته، فجاء رجل من أصحاب النبي صل الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أرأيت الذي تحدَّثت أنه من أهل النار، قد قاتل في سبيل الله من أشد القتال، فكثُرت به الجراح، فقال النبي صل الله عليه وسلم: "أما إنه من أهل النار، فكاد بعض المسلمين يرتاب، فبينما هو على ذلك، إذ وجد الرجل ألَمَ الجراح، فأهوى بيده إلى كِنانته، فانتزع منها سهمًا، فانتحر بها، فاشتد رجال من المسلمين إلى رسول الله صل الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، صدق الله حديثك، قد انتحر فلان، فقتل نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال، قُمْ فأذِّن، لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر"؛ رواه البخاري. وعن أبي هريرة عن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: "من خنَق نفسه في الدنيا فقتلها، خنق نفسه في النار، ومن طعن نفسه طعنها في النار، ومن اقتحم فقتل نفسه، اقتحم في النار"؛ رواه ابن حِبان.

هذه عاقبة الانتحار والعياذ بالله، ويجب على المسلم أن يعلم أن الانتحار فيه تسخُّط على قضاء الله وقدره، وعدم الرضا بذلك، وعدم الصبر على تحمُّل الأذى، وأشد من ذلك وأخطر، وهو التعدي على حق الله تعالى، فالنفس ليست ملكاً لصاحبها، وإنما ملك لله الذي خلقها وهيَّأها لعبادته سبحانه، وحرَّم إزهاقها بغير حقٍّ، فليس لك أدنى تصرُّف فيها، وكذلك في الانتحار دليل علي ضعف إيمان المنتحر؛ لعدم تسليم المنتحر أمره لله تعالى وشكواه إلى الله عز وجل .وما كان الانتحار علاجا ولن يكون، فالانتحار حرام بكل صوره وأشكاله، وليس دواءً يوصف للمُعضلات والمُشكلات، بل داءً يسبِّب الانتكاسة والحرمان من الجنة، ويجلب سخط الرب تبارك وتعالى؛ ومن حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال عن النبي صل الله عليه وسلم:" إن الله جعل لكل داء دواء فتداووا، ولا تداووا بحرام " رواه أبو داود في سننه.وعن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صل الله عليه وسلم :" إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم أخرجه البيهقي وصححه ابن حبان. وأخرجه أحمد وذكره البخاري تعليقا عن ابن مسعود. والله أعلم .". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم