الإسلام يحرص على تربية المسلم على الأخلاق الكريمة والصفات النبيلة :

الإسلام يحرص على تربية المسلم على الأخلاق الكريمة والصفات النبيلة :

إن ديننا الإسلامى الحنيف يدعونا إلى التمسك , بمكارم الأخلاق وقدوتنا فى ذلك هو رسولنا الكريم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم ـ فعلينا أن نتمسك بآدابه فى أقواله وأفعاله حتى نسعد فى الدنيا والآخرة , ومن هذه الأخلاق التى يدعونا إليها الرسول صل الله عليه وسلم ـ التسامح مع الآخرين .
والتسامح من الأخلاق الإسلامية النبيلة , ومن القيم الإسلامية الرفيعة , وهو يتمثل فى معاملة الآخرين برفق , ولين , ومحبة , والتجاوز عن هفواتهم وزلاتهم , والعفو عن أخطائهم وتقصيرهم , فإذا أخطأ أحد فى حقك من قريب أو من بعيد , فالخلق الإسلامى يتطلب من أن تسامحه , وأن تصفح عنه , وأن يكون هذا التسامح بقلبك , حتى لايكون بينك وبينه بعد ذلك , أى نوع من العداوة أو الحقد والكراهية .

ومع أن الإسلام يجعل لك الحق عندما يعتدى عليك أحد , أن تقابل السيئة بمثلها , والإعتداء بمثله , ولكن من الأفضل أن تجعل العفو دليلا على سماحة النفس , وأن تعفو عن المعتدى , وأن تنسى إساءئه , وبهذا يكون أجرك على الله , وهو الذى يثيبك ويعطيك الأجر والجزاء الطيب , والأحسن فى الدنيا والآخرة وفى هذا قوله تعالى :" وجزاء سيئة سيئة مثلها , فمن عفا وأصلح فأجره على الله , إنه لايحب الظالمين " سورة الشورى الآية 40 ـ وقال تعالى :" وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن اله غفور رحيم " سورة التغابن الأية 14 ـ

نماذج فى حياة الرسول صل الله عليه وسلم فى التسامح والعفو .

لقد كان الرسول صل الله عليه وسلم ـ مثالا ونموذجا للإنسان المتسامح ومن الأمثلة على ذلك . ـ حين ذهب الرسول صل الله عليه وسلم ـ إلى اهل الطائف , يدعوهم إلى الإسلام وإلى عبادة الله الواحد الأحد , أهانه أهل " الطائف " وأذوه أشد الإيذاء وبعثوا وراءه صبيانهم يرمونه بالحجارة , حتى نزل الدم من رجله , وفى ذلك الوقت ينزل جبريل عليه السلام على الرسول صل الله عليه وسلم ـ ويطلب منه أن يهدم عليهم الجبلين ؟ فلم يرض الرسول صل الله عليه وسلم ـ ودعا ربه أن يهدى قومه , فقال :" اللهم اهدى قومى فإنهم لايعلمون "

تسامحه مع الجميع :

لقد بلغ من تسامحه صل الله عليه وسلم ـ الغاية القصوى والمنزلة العظمى ليس فقط مع أتباعه من المسلمين من أهله وأصحابه , بل ومع أهل الديانات الأخرى , مثل اليهود والمسيحين , فكان يوصى بحسن معاملتهم , استجابة لدعوة القرآن الكريم , غلى التسامح مع غير المسلمين , ما داموا مسالمين مع المسلمين , قال تعالى :" لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " سورة الممتحنة الأية 8 ـ

الإسلام يدعوا إلى حرية الإعتقاد والسماحة مع المخالفين :

الإسلام دين يقوم على الحرية ويدعوا إلى السماحة مع المخالفين , ولهذا فإنه لايرضى لأتباعه أن يتعصبوا لدينهم , أو أن يعتدوا على أحد من غير ذنب أو خطأ ارتكبه , وهو يدعوا إلى مخاطبة أهل الكتاب باللين , والقول الحسن قال تعالى :" ولا تُجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم , وقولوا أمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون " سورة سورة العنكبوت الأية 6 ـ وأهل الكتاب ـ هم اليهود والنصارى " وقد أمر الله تعالى رسوله الكريم صل الله عليه وسلم ـ إلى الدعوة إلى دين الله بالرفق , وألا يحمل الناس على على الدخول فى الإسلام بالقوة قال تعالى :" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " سورة النحل الأية 125 ـ وقال تعالى :" لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى " سورة البقرة الأية 256 ـ

مواقف فى حياة الرسول صل الله عليه وسلم ـ

لقد بلغ من سماحة الإسلام مع المخالفين له أن رسول الله صل الله عليه وسلم ـ كان يوصى عماله ووفودة فى فى كثير من البلاد التى دخلها الإسلام , ومن ذلك عامله فى " اليمن " بأن يترك اليهودى ـ إن أراد البقاء على يهوديته , وكذلك يترك النصرانى على نصرانيته , وألا يحمل أحد منهم على ترك دينه , وإنما يكتفى بدعوته إلى الإسلام , فإن شاء أسلم , وإن شاء بقى على دينه .
وقد عقد رسول الله صل الله عليه وسلم ـ فى السنة التاسعة من الهجرة معاهدة مع قبلة " تغلب " أباح لهم فيها البقاء على نصرانيتهم , وكذلك فعل مع النصارى جميعا فى بلاد العرب .

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن النبى صل الله عليه وسلم ـ سالم يهود المدينة , وأبقاهم على دينهم , وجعل لهم من الحقوق مثل ما للمسلمين .
ولقد اقتدى المسلمون بالنبى صل الله عليه وسلم ـ فهذا خالد بن الوليد رضى الله عنه , يعاهد أهل " الحيرة " مكان بالعراق ـ فى زمن أبى بكر رضى الله عنه ـ على ألا يهدم لهم بيعة ـ وهى مكان العبادة عند اليهود ـ كالكنيسة عند المسيحين " ولا كنيسة ولا قصرا يتحصنون فيه , وعلى أن لايمنعوا من نواقيسهم أو إخراج الصلبان فى يوم عيدهم , ونص فى المعاهدة على أن يعيش العاجز هو وأولاده من بيت مال المسلمين , ما داموا يعيشون فى ديار الإسلام .

وكذلك دعا الإسلام إلى العطف على الجيران من أهل الكتاب ومجاملتهم , والبر بهم ومعاملتهم معاملة المسلمين , وقد حدث مرة أن كان على بن أبى طالب رضى الله عنه ـ خارج بيته , فلما حضر وجد أهل بيته قد ذبحوا شاة , ووزعوها على الجيران والفقراء , فكان أول ما سأل أن قال : هل أهديتم لجارنا اليهودى ؟ ولم يطمئن حتى عرف أنهم قد أهدوا إليه من لحمها . . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم