من هدى الإسلام آداب إجتماعية متنوعة ,

من هدى الإسلام آداب إجتماعية متنوعة :

الإنسان لا يستطيع أن يعيش وحده , من غير اختلاط بغيره من الناس , وكما فى الحديث عنه صل الله عليه وسلم :" المسلم الذى يُخالط الناس ويصبر على أذهم أفضل من الذى لايخالطهم ولا يصبر على أذاهم " رواه الترمذى من حديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما ـ فالإنسان اجتماعى بفطرته , ومدنى بطبيعته ,  ولا يستطيع أن يحيا دون مجتمع بدأ من وطنه الصغير " أسرته " , إلى الوطن الإسلامى الكبير , وسيظل كذلك ما بقيت الحياة , ومن أجل هذا نجد حرص الإسلام على أن تقوم الصلات بين أتباعه , على أسس من الآداب الإجتماعية , القويمة الكريمة , لكى يعيشوا فى مجتمع قوى مترابط تسوده المودة , والإحترام والتعاون .

وأهم الآداب الإجتماعية التى يجب رعايتها تتلخص فيما يلى :

1 ـ آدب الحديث :

والإسلام يطلب من المسلم عند حديثه مع الآخرين , أن يتحدث بصوت هادئ واضح
لايُسرع فى الكلام فيختلط على السامع , ولا يرفع منه إلى درجةٍ تُزعجه , فإن رفع الصوت من غير حاجة تستدعى رعونة وإيذاء وفى ذلك قوله تعالى :" واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " سورة لقمان الأية 19 ـ
وأن يختار المتحدث من الألفاظ أحسنها , ويتجنب بذئ الكلام , حتى لايؤذى مشاعر من يحدثه , ولا يسيئ إلى نفسه وأهله قال تعالى :" وقولوا للناس حسنا " سورة البقرة الأية 83 ـ وقال تعالى :" لايحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " سورة النساء الأية 148 ـ

وأن يتجنب فى حديثه المبالغة , والكذب , والغيبة , والنميمة , وكثرة الحلف , فإن ذلك يفقد المتحدث ثقته بنفسه وكذلك ثقة الناس وحبهم له قال تعالى :" ويل يومئذ للمكذبين " سورة المرسلات الأية 15 ـ
وقال تعالى :" ولا يغتب بعضكم بعضا , أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه " سورة الحجرات الأية 12 ـ وقال تعالى :" ولاتطع كل حلاف مهين , هماز مشاء بنميم " سورة القلم الأية 10 ـ 11 ـ وأن يتجه بوجهه لمن يحدثه فلا ينصرف عنه , وأن يشعره بالإقبال عليه , والإهتمام به ـ وأن يُحسن له بالإصغاء والإستماع لما يتحدث به , وأن يعيره الإهتمام ولا يقطع عليه حديثه .

2 ـ آداب الطريق :

أن يسير فى الطريق فى سكينة ووقار , وألا يمشى مختالا متبختراً , مصعراً خده للناس فالكبر يثير الكراهية فى النفوس , وقد لايتنبه إلى من يسير فى الطريق فيصيبه منه شئ قال تعالى :" ولا تصعر خدك للناس , ولا تمش فى الأرض مرحا , إن الله لا يحب كل مختال فخور " سورة لقمان آية 18 ـ وكذلك لايُزاحم غيره , وألا يُسرع فى مشيه أو يتبطئ فيه , قال تعالى :" واقصد فى مشيك " سورة لقمان آية 19 ـ
وعليه إذا ما وقف يتحدث مع أحد أن يأخذ جانبا من الطريق , حتى لايتعطل المارة , وأن يلتزم قواعد المرور , حتى لايُعرض نفسه أو غيره للإرتباك والخطر .

وكذلك مما يجب على الكبار منع أولادهم من لعب الكرة فى الطريق , وغير ذلك حتى  يرتبك المارة ولا يتعرضوا للأذى , وألا يتشاغل فى الطريق بقراءة فى كتاب أو صحيفة ونحوهما , حتى لايقع فى أخطار الطريق .
وكذلك من آداب المرافق والأماكن العامة : الحرص على النظام , فلا يأخذ مكان غيره ولا يُزاحمه ـ وأن يرعى النظافة والمحافظة على جمال المكان عند ارتياده الحدائق والمنتزهات , فلا يعبث بما فيه , ولايشوه ولايقطف أزهاره , ولا يُفسد زينتها وبهجتها , وأن يمتنع عن إحداث صخب يُزعج غيره , أو يقطع عليه انتباهه وعند ركوبه المواصلات العامة  يحترام كبار السن , والمرضى والنساء والصبيان , وإن استطاع أن يتخلى لهم عن المكان الذى يجلس فيه فعل ذلك مشكوراً من الله والناس ..

3 ـ آداب الزيارة :

ـ أن لا يفاجأ من يريد زيارته , بل عليه أن يطلب الإذن ويحدد موعدا لها , حتى يكون من يزوره مستعداً لاستقباله , ولا يُعطله عن أعماله , ولا يفسد عليه راحته .
قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم , حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون " سورة النور الأية 27 ـ
ـ ألا يتقدم عن الموعد الذى حدده ولا يتأخر عنه , حتى لا يُحدث ارتباك لمن يزوره , فيما ارتبط به مع الغير من موعد أو عمل .
ـ ألا يطيل زيارته أكثر مما ينبغى , خشية املاله أو تعطيله , لاسيما إذا كان من تزوره مريضا .

4 ـ آداب المجلس :

ـ على المسلم إذا دخل مجلسا أن يجلس حيث انتهى به المكان , الذى يجده خاليا , ولا يتفقد الرقاب من أجل تصدر المجلس , لما فى ذلك من الزهوه والكبر المكروه .
ـ أن يفسح فى المجلس لغيره , أو يتخلى عن مكانه له , قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا إذا قيل لهم تفسحوا فى المجالس فافسحوا يفسح الله لكم , وإذا قيل انشزوا فانشزوا , يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " سورة المجادلة الأية 11 ـ وأن يمتنع عن كل مايسئ إلى من فى المجلس , وأن يُعطى لكل مجلس مقامه فلا يحزن فى مجلس الفرح " كالعرس " , ولا يفرح فى مجلس الحزن " كالمأتم " وغير ذلك .

5 ـ وأيضا من الآداب الإجتماعية :

ـ أن تلقى الناس بوجه طلق , لتستميلهم إليك , فيحبونك ويألفونك ولا خير فيمن لايألف ولايُألف , قال صل الله عليه وسلم :" إن الله يحب السهل الطلق الوجه "
ـ أن تبدأ لقائهم بالتحية , ليكونوا لك مرحبين , وأن تختم لقائهم بالتحية كذلك , لتتركهم عنك راضين , وأن ترد عليهم التحية بأحسن منها قال تعالى :" وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها " سورة النساء 86 ـ
ـ وأيضا احترام الوالدين وطاعتهما والحرص على رضائهما , وكذلك احترام كل كبير كالمعلم وتحنو على كل صغير , قال تعالى :" واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا " سورة النساء الأية 36 ـ وقوله صل الله عليه وسلم :" ليس منا من لم يوقر كبيرنا , ويرحم صغيرنا , ويعرف لعالمنا حقه " وفى رواية يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر "

ـ وكذلك على المسلم أن يضبط نفسه ولسانه , ساعة غضبه , فالقوى حقا هو من يملك نفسه عند الغضب , ويكظم غيظه , ويعفوا عمن أساء إليه , وبخاصة من كانت الإساءة منه لك من غير قصد , وقد أثنى الله تعالى على الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس وعدهم من المحسنين قال تعالى :" والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس , والله يحب المحسنين " سورة آل عمران الأية 134ـ
ـ أن يمتنع عن إيذاء غيره بقول أو فعل , فلا يسخر منه ولا يذكره بعيب , ولو كان فيه , لأن ذلك يثير الكراهية والأحقاد , ويعمل على تمزيق الروابط بينه وبينهم , ولأن من تسخر منهم قد يكونون عند الله أفضل منك , قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم , ولا نساء من نساء عسى أن يكونوا خيرا منهن " سورة الحجرات الأية 11 ـ

ـ أن يمتنع عن سب الناس , أو منادتهم بالألقاب القبيحة , فإن ذلك يؤذى مشاعره قال تعالى :" ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس لاسم الفسوق بعد الإيمان " سورة الحجرات الأية 11 ـ
ـ وأن يمتنع عن اغتيابهم , عن التجسس عليهم , وتتبع عوراتهم , لأن ذلك يُشعل العدوات بين الناس , ولذلك جاء النهى بقوله :" ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا " سورة الحجرات الأية 12ـ

ومن الآداب رعاية الآخرين :

وإن أحق الناس برعايتك والداك , ثم إخوانك , وأهلك لأنهم أقرب الناس إليك , قال تعالى فى شأن الوالدين :" إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيراً " سورة الإسراء الأية 23 ـ 24 ـ
ـ وممن تجب رعايتهم أيضا : اليتيم , والمسكين , وابن السبيل , فهؤلاء جميعا فى حاجة إلى عون وإحسان , وكذلك قريبك وجارك الذى يجاورك , وقد بلغ من رعاية الرسول للجار أنه قال :" ما زال جبريل يُوصينى بالجار , حتى ظننت أنه سيورثه "
وهكذا نجد من حرص الإسلام على أن تكون , العلاقات بين الناس قوية حتى يتألفوا
, ويكونوا جميعا أسرة واحدة , تكون المجتمع الإسلامى الفاضل المتماسك
. موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم