من فقه العبادات ( كتاب الوضوء )

من فقه العبادات كتاب الوضوء :

أحكام الوضوء :

إن الإسلام دين النظافة والطهارة , والنظافة من الإيمان ,والطهارة يحبها الله ويحب أهلها قال تعالى " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " سورة البقرة ويقول النبى صل الله عليه وسلم " والطهور شطر الإيمان " رواه مسلم والوضوء معناه طهارة بعض أعضاء الجسم بالماء الطهور غسلا أو مسحا أما الغسل فالوجه واليدين والرجلين وأما المسح فالرأس كله أوبعضه كما جاء فى تفسير آية الوضوء . ( 1)

فضل الوضوء :

ولهذا المعنى جاء فى فضل الوضوء ومكانته العظيمة , يقول النبى صل الله عليه وسلم " ألا أدلكم على ما يمحو الله بها الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا : بلى يارسول الله , قال : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد , وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط , فذلكم الرباط " رواه مسلم
وقوله صل الله عليه وسلم " إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه ,خرجت من وجهه كل خطيئة , نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء , وإذا غسل يديه خرجت كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب " رواه مالك وغيره  . ( 2)

فرائض الوضوء :

فرائض الوضوء وهى أركانه التى لاتتحقق إلا بها وهى أربعة :

والأصل فى فرائض الوضوء قول الله تبارك وتعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " سورة المائدة
وقال صلى الله عليه وسلم " لاتقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ " رواه البخارى
1_ النية _ وهى عزم القلب على عمل الوضوء امتثالا لأمر الله تعالى لقوله " صل الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات " روا البخارى ومسلم
2_ غسل الوجه : مرة واحدة من منبت شعر الرأس المعتاد إلى أسفل الذقن وعرض الوجه ما بين الأذنين .  

3_ غسل اليدين مع المرفقين وإن كان فى اليدين شعر كثيف أو خفيف وجب توصيل الماء إلى ظاهره وباطنه .

وتحريك الخاتم الضيق ليصل الماء إلى ما تحته من الجلد مع مراعاة عدم وجود أى مادة عازلة على اليدين كالمنكير التى تضعه بعض النساء فمن شروط صحة الوضوء إزالة كل ما يمنع وصول الماء إلى البشرة ليحصل الإسباغ المأمور به وإلا كان  الوضوء غير صحيحا . ( 3)

4_ مسح الرأس من الجبهة إلى القفا لأن الذين وصفوا وضوءه صلى الله عليه وسلم ذكروا أنه مسح برأسه كله , وكذلك المرأة تفعل ذلك وليس لها أن تمسح ما استرسل من شعرها ولأن عائشة رضى الله تعالى عنها كانت تمسح مقدم رأسها ويجوز مسح بعض شعر الرأس  كما جاء فى بعض التفاسير وكذلك مسح الأذنين , لقوله صل الله عليه وسلم " الأذنان من الرأس " رواه ابن ماجة وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه مسح على عمامته وحدها لحديث عمرو ابن أمية رضى الله تعالى عنه قال رأيت النبى صل الله عليه وسلم " يمسح على عمامته وخفيه " رواه أحمد والبخارى وابن ماجة شرط أن يلبسهما على طهارة وعن بلال رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " امسحوا على الخفين والخمار " رواه أحمد والخمار هو الثوب الذى يوضع على الرأس كالعمامة وغيرها ويمسح على ناصيته ثم يكمل على العمامة ففى حديث المغيرةابن شعبة رضى الله تعالى عنه أن النبى صل الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين " رواه مسلم  و المرأة كذلك تكمل على الخمار وقال عمر رضى الله تعالى عنه " من لم يطهره المسح على العمامة لاطهره الله " وفى ذلك جاءت أحاديث رواها البخارى ومسلم وغيرهم وعل ذلك العمل عند كثير من أهل العلم . ( 5)

5_ غسل الرجلين مع الكعبين (والكعبان هما العظمتان الناتئتان أى البارزتان فوق القدم على يمين الرجل ويسارها وأما ما يسميه البعض بالكعب فيسمى العقب ) ومن حديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أن النبى صل الله عليه وسلم تخلف عنهم فى بعض أسفاره , فأدركنا وقد أرهقنا العصر ( أخرنا ) فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته , " ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا متفق عليه
6_ الترتيب
الترتيب بين الأعضاء المغسولة لأن الله تعالى ذكره مرتبا وتوضأ رسول الله صل الله عليه وسلم مرتبا وقال هذا وضوء لايقبل الله تعالى الصلاة إلا به " أى بمثله  بأن يغسل الوجه أولا , ثم اليدين , ثم يمسح الرأس , ثم يغسل الرجلين لوردهما فى أمر الله هكذا : الوجه أولا , ثم اليدين الخ فلو قدم فرضا على آخر لم يصح غسل العضو المقدم ويجب عليه إعادته ولو ترك فرضا من هذه الفرائض الستة لم يصح له وضوء ويجب عليه أن يعيد الفرض المتروك وآية الوضوء ما سيقت إلا لبيان الواجب ولعموم قول النبى صل الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح ابدأو بما بدأ الله به " وهكذا مضت السنة العملية على الترتيب بين الأركان ولم ينقل عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه توضأ إلا مرتبا والأمر فى العبادات على التوقف والإتباع . (6)

7_ الموالاة _  تعنى عمل الوضوء فى وقت واحد بدون فصل من الزمن إذ أن قطع العبادة بعد الشروع فيها منهى عنه لقول الله تبارك وتعالى "يا أيها الذين آمنوا  أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولاتبطلوا أعمالكم "  سورة محمد  وهو داخل فى الذى قبله إذ أن الموالاة والترتيب فى غسل الأعضاء لأن الله تعالى ذكره مرتبا ولكن بعض العلماء خصه وحده لحديث خالد ابن معدان أن النبى صل الله عليه وسلم " رأى رجلا وفى ظهر قدميه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء " رواه أحمد وأبو داود وزاد " وأن يعيد الصلاة " ولو لم تجب الموالاة لأمره بغسل اللمعة فقط غير أن الفصل اليسير يعفى عنه . ( 7)

ويرى كذلك بعض العلماء الدلك وهو إسباغ الماء على العضو المغسول من فرائض الوضوء ومنهم من جعله من سنن الوضوء
ومن هنا يجدر بنا أن نبين أن الفرض هو الذى لابد من الإتيان به وإذا ترك كان الوضوء غير صحيحا
وأما سنن الوضوء من فعلها كان له الأجر والثواب ومن تركها يكون الوضوء فى ذاته صحيحا لكن يكره ترك السنن ولا ينبغى تفويتها لفوات الأجر وإتيان السنن عامة فى جميع العبادات يجبر النقص فيها ويكملها فعندما نقول هذا الفعل سنة عن النبى صلى الله عليه وسلم هو من باب بيان مراتب الأحكام وهو من باب بيان حق العلم والإمتثال  وأما فى باب الأدب فلا ينبغى أن نفرق فالواجب والسنة مطلوب الفعل وسنة رسول الله صل الله عليه وسلم هى تاج رؤوسينا وعين حياتنا ولا نجاة لنا إلا بإمتثال طاعته واجتناب نواهيه . (

سنن الوضوء :

1_ التعوذ والبسملة , وهو أن يقول عند وضوءه " بسم الله " لقول النبى صل الله عليه وسلم :" لاوضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد ضعيف لكن بكثرة طرقه وصحة معناه إذ أن المسلم مطلوب من أن يذكر اسم الله عند فعل كل ما يريد فعله الأمر الأول أنه عبادة فى ذاته والثانى لحصول البركة ولذلك رأى كثير من أهل العلم جواز العمل به وأقول ليس كل ما ضعف إسناده وجب رده وعدم العمل به كما يفعل البعض لأنه لاتلزم بين ضعف الإسناد وصحة المتن فقد يكون ضعيف الإسناد لكن معناه صحيحا فلا يجوز رده بحال وليس هذا موضع الكلام فى هذا الباب ولكن أردت أن أطمئن اخوانى بهذه السطور القليلة ولكنها نافعة لمن يريد أن يعلم "  ( 9)

2_ النية وهى شرط من شروط صحة العبادات وهو عمل قلبى لادخل للسان أن يتلفظ بها وهى قصد الوضوء قبل الشروع فيه  لقول النبى صل الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات ولكل إمرئ مانوى " رواه البخارى ومسلم " 3_ غسل الكفين ثلاثا قبل إدخالهما فى الإناء إذا استيقظ من النوم لقوله صل الله عليه وسلم " إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده فى الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لايدرى أين باتت يده " متفق عليه وإذا لم يكن قد استيقظوم فلا مانع من أن يدخل يده فى الإناء ويرفع بها الماء ليغسل كفيه ثلاثا سنة الوضوء . ( 10)

4_ السواك أو فرشة المعجون لقول النبى صل الله عليه وسلم :" لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء" وفى رواية عند كل صلاة " رواه الإمام مالك
5_ المضمضة وهى عبارة عن ادخال الماء فى الفم وتحريكه ثم طرحه لقول النبى صل الله عليه وسلم " وإذا توضأت تمضمض " رواه أبو داود بإسناد صحيح
6_ الإستنشاق والإستنثار , والفرق بين الإستنشاق والإستنثار هو أن الإستنشاق هو إدخال الماء فى الأنف والإستنثار إخراج الماء منه لقوله صل الله عليه وسلم " وبالغ فى الإستنشاق إلا أن تكون صائما " رواه أحمد وأبو داود والترمذى
7_ مسح جميع الرأس وأن يبدأ بمقدمه لحديث أن رسول الله  صل الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأفبل بهما وأدبر , بدأبمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما " متفق عليه ويدخل فى مسح الرأس الأذنان لأنهما من الرأس لقوله صل الله عليه وسلم الأذنان من الرأس " رواه ابن ماجة  ( 11)

8_ تخليل اللحية سواء كانت كثيفة أو خفيفة لقول عمار بن ياسر رضى الله تعالى عنه وقد استغرب منه تخليل اللحية _ " وما يمنعنى ولقد رأيت رسول الله صل الله عليه وسلم يخلل لحيته رواه أحمد والترمذى
9_ تثليث الغسل بمعنى أن يغسل العضو ثلاثا إذ الفرض مرة واحدة
10- تخليل أصابع اليدين والرجلين لقوله صل الله عليه وسلم " إّا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك " 11_ التيامن _ وهو بأن يقدم اليد اليمنى على اليد اليسرى حين يغسل يديه ويقدم رجله اليمنى على رجله اليسرى عند غسل الرجلين لقوله صل الله عليه وسلم " إذا توضأتم فابدأوا بميامنكم " متفق عليه
وقول أم المؤمنين عائشة رضى الله تعالى عنها كان النبى صل الله عليه وسلم " يعجبه التيمن فى تنعله وترجله وطهوره وفى شأنه كله" متفق عليه    فعندما يلبس النعل أو يمشط شعره ووضوءه وغسله وغيره يبدأ باليمين . (12)

12_ إطالة الغرة والتحجيل ومعناها غسل ما زاد على فرض الوجه إلى صفحة العنق  واليدين أن يغسل شيئا من العضدين  والرجلين أن يغسل شيئا من الساقين لقوله صل الله عليه وسلم " إن أمتى يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " متفق عليه وبذلك تعرف أمة محمد صل الله عليه وسلم يوم القيامة بالغر المحجلين من آثار الوضوء وهذه خصوصية لهذه الأمة لا لغيرها من الأمم ." ( 13)

13_أن يدعوا أثناء الوضوء لحديث أبى موسى الأشعرى رضى الله تعالى عنه _ أتيت رسول الله  صل الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ فسمعته يدعوا يقول : اللهم اغفر لى ذنبى ووسع لى فى دارى وبارك لى فى رزقى " فقلت يارسول الله  سمعتك تدعوا بكذا وكذا قال : " وهل تركن من شئ " ؟ رواه النسائى وابن السنى بإسناد صحيح ولم يصح حديث غير هذا فى باب ما يقوله المتوضئ أثناء وضوئه إلا هذا الحديث وما يقال سوى ذلك لم يصح ولا يجوز إعتقاد العمل به على أنه مما قاله رسول الله صل الله عليه وسلم مثل أن يقول عند غسل وجهه اللهم بيض وجهى يوم تسود الوجوه وعند غسل يده اللهم أعطنى كتابى بيمينى إلخ هكذا لم يصح ذلك ولا يجوز التعبد به   . ( 14)

14_ ويسن للمتوضئ بعد الفراغ من الوضوء أن يتجه نحو القبلة ويجمع كفيه ويرفع بصره نحو السماء  ثم يدعوا بهذا الدعاء لحديث النبى صل الله عليه وسلم" أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله , اللهم اجعلنى من التوابين واجلنى من المتطهرين لقوله صلى الله عليه وسلم " من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال : أشهد أن إله إلا الله الخ فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء " رواه مسلم ( 15 )

مكروهات الوضوء :

1_ التوضئ فى المكان النجس لما يخشى أن يتطير إليه من النجاسة
2_ الزيادة على الثلاث , لحديث النبى صل  الله عليه وسلم " توضأ ثلاثا , ثلاثا وقال من زاد فقد أساء وظلم " رواه أحمد والنسائى وأبو داود
3_ الإسراف فى الماء إذ توضأ رسول الله صل الله عليه وسلم " بمد _ يعنى حفنة _" والإسراف فى كل شئ منهى عنه
4_ يكره ترك سنة أو أكثر من سنن الوضوء إذ بتركها يفوت أجر وثواب لاينبغى  تفويته لأن فعل المكروه يوجب حرمان الثواب , وتتحقق الكراهية بترك السنة. ( 16)

كيفية الوضوء :

أن يبدأ ناويا الوضوء باسم الله , وأن يفرغ الماء على كفيه فيغسلهما ثلاثا , ثم يتمضمض ثلاثا ثم يستنشق ويستنثر ثلاثا , ثم يغسل وجهه من شحمة الأذن اليمنى إلى الأذن اليسرى ومن منبت شعر رأسه المعتاد إلى منتهى لحيته طولا , يغسله ثلاثا , ثم يغسل يده اليمنى إلى العضد ثلاثا , مخللا أصابعه ثم يغسل اليسرى كذلك , ثم يمسح رأسه مسحة واحدة يبدأبمقدم رأسه ويذهب بيديه ماسحا إلى منتهى قفاه ثم يرجع حيث بدأ ثم يمسح أذنيه ظاهرا وباطنا بما بقى من بلل فى يديه أو يجدد لهما ماء إن لم يبق بهما من بلة , ثم يغسل قدمه اليمنى إلى الكعبين وهما العظمتان البارزتان وكذلك يغسل رجله اليسرى " ثم يدعوا بهذا الدعاء " أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , اللهم اجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين " ( 17)

وذلك لما روى عن على رضى الله تعالى عنه أنه توضأ فغسل كفيه حتى أنقاهما ثم تمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح رأسه مرة ثم غسل قدميه إلى الكعبين ثم قال : " أحببت أن أريكم كيف كان طهور رسول الله صل الله عليه وسلم رواه الترمذى وصححه ( 18)

نواقض الوضوء :

إذا توضأت للصلاة فالوضوء صالح لأن أن تصلى به كثيرا من الفروض والسنن فلا تتوضأ لكل صلاة ولكن ينتقض الوضوء بسبب من الأسباب الأتية
1_ الخارج من السبيلين من بول أو غائط أو مذى أو ودى أو فساء أو ضراط  ويسمى بالحدث كما جاء عن النبى صل الله عليه وسلم :" لايقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ " رواه البخارى
2_ نوم غير المتمكن فى جلوسه إذا كان صاحبه مضطجعا لقوله صل الله عليه وسلم العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ " رواه أبو داود – والوكاء الرباط _ والسه هى الدبر وهى كناية عن اخراج الريح لمن استغرق فى النوم وهو مضطجع أو جالس من غير تمكن من المقعدة
3_ زوال العقل بسبب إغماء أوجنون أوسكر أو بتناول دواء سواء قل الإغماء أو كثر لأن الذهول أبلغ من النوم وعلى هذا اتفقت كلمة العلماء . ( 19)

4_ مس الذكر بباطن الكف والأصابع لقوله صل الله عليه وسلم " ومن مس ذكره فلا يصلى حتى يتوضأ " رواه الترمذى وصححه وحديث بسرة بنت صفوان رضى الله تعالى عنهما أن النبى صل الله عليه وسلم قال من مس ذكره فلا يصلى حتى يتوضأ " رواه الخمسة وصححه الترمذى وقال البخارى وقال هو أصح شئ فى الباب وفى لفظ للشافعى رحمه الله تعالى إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينها وبينه شئ فليتوضأ " وهذا الحكم يشمل الرجل والمرأة كما فى حديث عمروبن شعيب عن أبيه عن جده رضى الله تعالى عنهم :" أيما رجل مس فرجه فليتوضأ , وأيما إمرأة مست فرجها فلتتوضأء " رواه أحمد .( 20 )

وأما حديث طلق ابن حبيب لما سئل النبى صل الله عليه وسلم عن مس الذكر هل عليه الوضوء ؟ فقال : لا إنما هو بضعة منك " رواه الخمسه وصححه ابن حبان قال العلماء كان هذا الحكم فى بدء الإسلام ثم نسخ بحديث بسرة بنت صفوان كما ذكر ذلك عند صاحب كتاب الإعتبار فى الناسخ والمنسوخ للإمام الحازمى وأراد بعض العلماء الجمع بين الأدلة كما قال سفيان الثورى رحمه الله لأن أعمل بالدليلين أحب إلى من إلغاء أحدهما فقال بعضهم حديث بسرة لمن أفضى بيده من غير حائل , وأما المس العابر من غير إفضاء وكان هناك حائل فلمست رؤوس أصابعه فرجه فليس فى ذلك شئ ولا ينتقض وضوئه ويصدق فيه حديث طلق إن هو إلا بضعة منك " ومن أخذ بالأحوط كان أفضل والأحوط هو ما لايجب فعله ولا يحرم تركه بل يكون العبد مخير فيما يفعل أو يفعل ما يفتيه به العالم الذى يأخذ عنه . ( 21)

5_ مس المراة بشهوة إذا قصد الشهوة فوجودها ناقض للوضوء بدليل الأمر بالوضوء من مس الذكر لأن مس الذكر بدون حائل مما يثير الشهوة كما فى الموطأ من حديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما " وقبلة الرجل إمرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل إمرأته أو جسها فعليه الوضوء "
6_ الردة كأن يقول كلمة كفر فإن وضوئه ينتقض بذلك وتبطل سائر أعماله التعبدية لقول الله تبارك وتعالى " لئن أشركت ليحبطن عملك " سورة الزمر
7- أكل لحم الجزور لقول أحد الصحابة لرسول الله صل الله عليه وسلم " أنتوضأمن لحوم الغنم ؟ قال إن شئت قال أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال نعم  _ إلا أن الجمهور من الصحابة كانوا لايرون الوضوء من لحوم الإبل بحجة أن هذا الحديث منسوخ  وكون الجماهير ومن بينهم الخلفاء الأربعة كانوا لايرون الوضوء من أكل لحم الجزور وهى مسألة خلافية يجب مراعتها . ( 22)

ما يستحب منه الوضوء :

يستحب الوضوء لما يأتى :

1_ صاحب السلس , وهو من لاينقطع فى غالب وقته بوله أو ريحه بسب مرض وسئل بذلك طبيب ثقة وأخذ الدواء ولا تزال علته موجودة فيلحق حكمه قياسا على المستحاضة يجب عليه أن يتوضأ لكل صلاة وله أن يصل النافلة بوضوء الفريضة ولا يجوز له أكثر من ذلك إلا تجديد الوضوء لكل صلاة وله أن يضع شيئا على ذكره   حال صلاته حتى لايتنجس ثوبه
2_ المستحاضة وهى من يجرى عليها الدم فى غير أيام عادتها المعلومة عندها أو عند من يماثلها من النساء فهذه يستحب لها أن تتوضأ لكل صلاة كمريض السلس البول أو الريح , لقول النبى صل الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبى حبيش " ثم توضئ لكل صلاة " رواه أبو داود والترمذى والنسائى ( 23)

3_ من غسل ميتا أوباشر حمله عند الغسل وشارك فيه لقوله صل الله عليه وسلم " من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ " ولما كان الحديث ضعيف استحب أهل العلم العمل به
4_ القهقهة فى الصلاة وهى الضحك بصوت عال لاينتقض  بها الوضوء وإن كانت تبطل الصلاة
5_ شك المتوضئ فى الحدث :_ إذا شك المتوضئ هل أحدث أم لا ؟ لا يضره الشك ولا ينتقض وضوءه سواء كا ن فى الصلاة أو خارجها حتى يتيقن من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه عن النبى صل الله عليه وسلم  قال إذا وجد أحدكم فى بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شئ أم لا ؟ فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا " وصفة الخروج من الصلاة لمن أحدث وتيقن من ذلك كما جاء فى بعض الأحاديث أن يأخذ بأنفه يعنى يضع يده اليسرى على أنفه حياء من الله تعالى وحتى يوهم من بجوره أنه رعف دما من أنفه حرصا على مشاعره وهو فى الصلاة
"                           ( 24 )

ما يجب له الوضوء :

الأول : الصلاة مطلقا فرضا كان أو نفلا , ويخل فى ذلك صلاة الجنازة وغيره لما تقدم من الأدلة على ذلك
الثانى : الطواف بالبيت لما رواه ابن عباس رضى الله تعالى عنه أن الرسول صل الله عليه وسلم " الطواف صلاة إلا أن الله تعالى أحل فيه الكلام , فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير رواه الدراقطنى والترمذى وصححه الحاكم وابن السكن وابن خزيمة
والثالث : مس المصحف لحديث عبد الله ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم لايمس القرآن إلا طاهر " رواه الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رجاله موثوقون . ( 25 )

ولفظ الطاهر هنا مشترك بين الطاهر من الحدث الأكبر والطاهر من الحدث الأصغر ويطلق على المؤمن ومن ليس على بدنه نجاسة ولابد لحمله على معين من قرينة فلا يكون الحديث نصا فى منع المحدث حدثا أصغر من مس المصحف , وأما قوله لايمسه إلا المطهرون " سورة الواقعة فالظاهر رجوع الضمير هنا إلى الكتاب المكنون , وهو اللوح المحفوظ لأنه الأقرب , والمطهرون هم الملائكة , فهو كقوله " فى صحف مكرمة مرفوعة مطهرة , بأيدى سفرة , كرام بررة " سورة عبس وذهب ابن عباس والشعبى والضحاك وزيد بن على والمؤيد بالله وداود وابن حزم وحماد بن أبى سليمان , إلى أنه يجوز للمحدث حدثا أصغر مس المصحف وأما القرأة من غير مس فهى جائزة وعلى كل يجب على المسلم مراعاة أدب الخلاف وهى من الأمور التى إبتلنا الله بها " ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات " سورة المائدة . (26 )