من صفات المسلم الثبات على المبدء

الثبات على المبدء:

" إن من أهم السمات التى يجب أن يتصف به المسلم الثبات على المبدء ويقول بعض المربين العظماء :  وإن تكوين الأفراد وتربية الشعوب وتحقيق الآمال ومناصرة المبادئ لتحتاج من الأمة أو الفئة التى تدعوا إلي الإسلام إلى قوة نفسية عظيمة تتمثل فى عدة أمور 1_ إرادة قوية لايتطرق إليها ضعف _ 2_وفاء ثابت لايتسرب إليه تلون ولا غدر _3_ تضحية عزيرة لايحول دونها طمع ولا بخل _ 4_ ومعرفة بالمبدء والإيمان به وتقدير له يعصم من الخطأ فيه والإنحراف عنه والمساومة عليه والخديعة بغيره _ انتهى  وفى سيرة رسول الله صل الله عليه وسلم مايؤكد لنا هذه المعانى فلقد ضرب لنا رسول الله صل الله عليه وسلم المثل الأعلى فى الثبات على المبدء والإستمساك بالحق متى استبانت معالمه وفى ايثار ما يبقى على العرض الزائل يظهر ذلك فى موقفه صل الله عليه وسلم عندما جاءه عمه أبو طالب بما يعرض عليه قومه من قريش ولقيه النبى صل الله عليه بما يقطع كل شك فى أنه ماض فى أمر ربه مهما كلفه الأمر فقال قولته المشهورة صل الله عليه وسلم " والله ياعم لو وضعوا الشمس فى يمنى والقمر فى يسارى على أن أترك هذه الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه هذه صفات أربع إن فقدها شعب أو على الأقل قواده ودعاة الإصلاح فيه فهو شعب عابث مسكين لايصل الى خير ولا يحقق لنفسه أملا وحسبه أن يعيش فى جو من الأحلام والظنون والأوهام " وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا " وبذلك نتعلم أن الثبات على المبدء له مكان قويم ومنزله رفيعة فضلا عن أن صاحبه مأجور عليه ". وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الثبات على المبدأ :

ومن ثم كان أهم سمات التربية في المرحلة المكية الثبات على المبدأ ، والصلابة في الحق ، وعدم التنازل ، ورفض أي شكل من أشكال المفاوضات وأنصاف الحلول في قضايا الدعوة وكما بينا موقف الرسول الله صل الله عليه وسلم مع أهل مكة لقد ظل  صامداً أمام الإغراءات والعروض ولم ينثن أو يتراجع أمام التحديات وأساليب التهديد والترهيب التي مارسها إزاءه المشركون  فلم يساوم قط في دينه ، وهو في أحرج المواقف العصيبة في مكة ، وهو محاصر بدعوته ، وأصحابه القلائل يُتَخَطّفُون ويُؤْذَوْنَ في الله أشد الإيذاء ، وهم صابرون محتسبون. و  لقد ظل رسول الله صل الله عليه وسلم صامداً أمام الإغراءات والعروض ولم ينثن أو يتراجع أمام التحديات وأساليب التهديد والترهيب التي مارسها إزاءه المشركون؛ فلم يساوم قط في دينه، وهو في أحرج المواقف العصيبة في مكة ، وهو محاصر بدعوته ، وأصحابه القلائل يُتَخَطّفُون ويُؤْذَوْنَ في الله أشد الإيذاء ، وهم صابرون محتسبون.وقد اتخذت مساومة المشركين له في دعوته صوراً شتى ، من المساومة على الدعوة كلها بأساليب التهديد والترغيب كما جاء في كتب الحديث والسيرة إلى المساومة على جانب منها للالتقاء معه في منتصف الطريق، كما قال تعالى : " ودوا لو تدهن فيدهنون " سورة القلم  الآية 9 ـ موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الثبات على المبدأ فى حياة الأمم :

للنظم والمبادئ أهمية كبرى ، وأثر بالغ في حياة الامم والشعوب ، فهي مصدر الاشعاع والتوجيه في الأمة ، ومظهر رقيها أو تخلفها ، وكلما سمت مبادئ الامة ، ونظمها الاصلاحية ، كان ذلك برهاناً على تحضّرها وازدهارها.
وكلما هزلت وسخفت المبادئ ، كان دليلاً على جهل ذويها وتخلفهم
وخير المبادئ وأشرفها هو: ما ينظم حياة الانسان فرداً ومجتمعاً ، ويصون حريته وكرامته ، ويحقق أمنه ورخاءه ، ويوفر له وسائل السعادة والسلام في مجالي الدين والدنيا. وبديهي أن المبادئ مهما سمت ، وزخرت بجلائل المزايا والخلال ، فإنها لا تحقق أماني الأمة وآماله ، ولا تفيء عليها بالخير المأمور، إلا إذا اعتنقتها وحرصت على حمايتها وتنفيذها في مختلف مجالات الحياة ، وإلا كانت عديمة الجدوى والنفع.
لذلك كان الثبات على المبدأ الحق من أقدس واجبات الأمة وفروضها الحتمية، فهو الذي يرفع معنوياتها ، ويعزز قيمتها ، ويحقق أهدافها وأمانيها.
ولم تعرف البشرية في تاريخها المديد، أكمل وأفضل من المبادئ

الاسلامية الحائزة على جميع الخصائص والفضائل التي أهلتها للخلود ، وبوأتها قمة الشرائع والمبادئ.
فهي المبادئ الوحيدة التي تلائم الفِطَر السليمة ، وتؤلف بين القيم المادية والروحية ، وتكفل لمعتنقيها سعادة الدين والدنيا.
ناهيك في جلالتها إنها إستطاعت أن تحقق في أقل من ربع قرن من فتوحات الايمان ، ومعاجز الاصلاح ، ما عجزت عن تحقيقه سائر الشرائع والمبادئ.
وأنشأت من الأمة العربية المتخلفة في جاهليتها خير أمّة أخرجت للناس، حضارة ومجداً وعلماً وأخلاقاً.
وما ساد المسلمون الأولون وانفردوا بحضارتهم وزعامتهم العلمية ، الا بثباتهم على مبادئهم الخالدة ، وتفانيهم في حمايتها ونصرتها.
وما فجع المسلمون اليوم ، وانتابتهم النكسات المتتالية ، إلا باغفال مبادئهم ، وانحرافهم عنها.

أنظر كيف يمجّد القرآن الكريم المسلمين الثابتين على مبادئهم الرفيعة ، المستمسكين بقيم الايمان ومثله العليا: "  إن الذين قالوا: ربنا اللّه ، ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، نحن أوليائكم في الحياة الدنيا والآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ، نزلاً من غفور رحيم"  فضلت: 31 - 32
ولقد كان الرسول الأعظم صل الله عليه وسلم ـ وأهل بيته الطاهرون ، المثل الأعلى في الثبات على المبدأ وحمايته والتضحية في سبيله ، بأعزّ النفوس والأرواح.
كان صل اللّه عليه وآله كلّما اكفهرت في وجهه أعاصير المحن ، وتألبت عليه قوى الكفر والطغيان إزداد صموداً ومُضيّاً على نشر رسالته، ضارباً في سبيل ذلك أرفع الأمثال " لو وضعت الشمس في يميني، والقمر في يساري ما تركت هذا الأمر حتى يظهره اللّه ، أو أهلك في طلبه. وبهذا الصمود والشموخ انهارت قوى الشرك ، واستسلمت صاغرة للنبي صل اللّه عليه وآله وسلم . ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حب الوطن من الإيمان :

_ عندما هاجر رسول الله صل الله عليه وسلم ـ  من مكة إلى المدينة نظر إلى الأولى وقال :" والله إنى لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلى ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما  خرجت ولا تركتك أبدا " وكيف لا  وهو القائل صل الله عليه وسلم فى الحديث " خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم " ومن هنا يتضح لنا حب النبى صل الله عليه وسلم لوطنه " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بين الثبات الاستقامة على المبدأ :  

لقد أمر الله سبحانه وتعالى رسوله صل الله عليه وسلم وأمته بالاستقامة على الدين والثبات على المبدأ ، وعدم التقصير عن ذلك أو الغلو أو المجاوزة ، قال سبحانه وتعالى " فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير "  سورة هود الآية  112 ـ  وهذا أصلٌ من أصول هذا الدين ، بل أصل من أصول النجاح لكل أمة ولكل حضارة ,  تريد أن ترتقي وترفع من شأنها في العالمين , فإن الثبات على المبدأ ، والثبات على الصراط المستقيم  هما الكفيلان لبلوغ الأهداف وتحقيق المقاصد ؛ ولذلك فإن الله أوجب على كل مسلم أن يدعوه بالثبات والإستقامة على الصراط المستفيم في كل ركعة من ركعات صلاته في اليوم أكثر من خمس عشرة مرة ؛ حينما يقول: " اهددنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين "

، وليس هناك دعاء يجب على المسلم أن يقوله وأن يكرره في كل ركعة من ركعات الصلاة سواء فرضا أو نفلا إلا هذا الدعاء ، وذلك لأهميته وعظمة  حاجة المسلم  إليه , حتى لا تنحرف به الأهواء ولا تزل به الطرق ، وقد امتن الله سبحانه وتعالى على رسوله صل الله عليه وسلم بالثبات أمام الفتن والمحن العظيمة التي كان يتعرض لها من قومه قريش في مكة ، ومن المؤامرات والمكايد التي كانوا يحيكونها له قال الله سبحانه: " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتقتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا , ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا , إذا لأذقنك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لاتحد لك علينا نصيرا " سورة الإسراء الآية   73-75. يمتن الله على رسوله أن ثبته وحفظه وثبت أقدامه من الميل إلى قومه والإنحراف عن مبدأه ، وقد فقه الرسول صل الله عليه وسلم هذا المعنى وطبقه وضرب أروع الأمثلة في الثبات في حالة الشدة وفي حالة الرخاء أيضاً ، وفي حالة الترغيب والترهيب ، وأمام جميع المغريات والمكائد والمؤامرات.ثبت أمام إغراء قومه حينما عرضوا عليه الملك نملِّكك علينا ، نزوجك من تشاء من نسائنا ، نعطيك من المال ما تريد ،

، فثبت أمام إغرائهم له بالملك وبالمال وبالنساء ، فلم يجبهم ، كذلك هددوه وتوعدوه فلم يُمِل لهم ، ولم يرضخ ، ولم يتخلَّ عن مبدأه ، وجاء قوله الذي اشتهر في السير وعلى ألسنة الناس : " والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أدع هذا الأمر لن أدعه حتى أموت دونه "  هكذا كان مبدأوه ، وهكذا كان شعاره ، وهكذا كان تحديه صل الله عليه وسلم لمن يريد أن يفتنه أو يرده عن التمسك بمبدأه صل الله عليه وسلم ـ. ولقد ثبت صل الله عليه وسلم ـ في المعارك تحت بارقة السيوف كما في أُحد والأحزاب وحنين وجميع المعارك ، وثبت أيضًا بعد أن فتح الله عليه وأعطاه الملك ، وأعطاه الدنيا فظل كما كان لم تغيره الدنيا ، ولم يطغه الملك ، وكان مع ذلك ملازم للدعاء بالثبات ، فكان يقول في سجوده ويعلمنا جميعاً أن نقوله: " اللهم يامقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك أو على طاعتك "  وكان يغرس أصل الثبات في نفوس أصحابه ويلقنهم دروساً عظيمة فيه .

كما في الحديث عن أبي عبد الله خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صل الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا ؟ فقال : " قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون "  . رواه البخاري .هكذا كان يلقنهم و يعلمهم ويثبتهم على دينهم وعلى مبادئهم ، أن لا ينزاحوا عنها ، وأن لا يتخلوا عنها ، فقد أثبت الصحابة أيضًا أنهم تلقنوا تلك الدروس وفقهوها ، وأوضحوا ذلك في موقفهم يوم الخندق ، يوم تجمع عليهم الأحزاب وصار الحال كما وصفه الله في القرآن حينما رأوا ذلك كله ، ماذا قالوا ؟ :" قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسول وما زادهم إلا إيمانا وتسليما "   سورة الأحزاب الآية  22ـ

هكذا يوصف الله حالهم ثم يؤكد الشهادة لهم بالصدق والثبات: " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " سورة الأحزاب الآية 23ـ نعم هذا كان شأن الصحابه ، بعكس المنافقين الذين حينما رأوا هذا الحال ، رأو هذه الجموع ، رأوا هذا الحرب رأو هذا الإحتشاد قال قائلهم: " ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا " انظروا وقارنوا بين الموقفين ، وليكن الواحد منا مع من شهد الله لهم ، لنكن جميعاً من الذين صدقوا ما عاهد الله عليه ، حتى نلقى الله أو نقضي أهدافنا أو مآربنا. كذلك ثبت الصحابة رضوان الله عليهم أمام الفتن ، أمام فتن الشبهات وأمام فتن الشهوات ، جاءتهم الأموال ، وفتحت عليهم الدنيا فما تغيروا، وإن كان كما قال عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه: ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر"

، وليس ذلك أنهم وقعوا في الحرام ، أو أنهم تخاصموا على الدنيا ، أو أنهم فتنوا بها ، و لكن لا شك أن وضعهم تغير، وحالهم تحسن بعد وفاة رسول الله صل  الله عليه وسلم حين فتحت عليهم الدنيا ، وذلك الذي يقصده رضي الله عنه.لقد حذر الرسول صل  الله عليه وسلم ـ من الإنحراف وترك الثبات والتعرض لإضاعة المبادئ عند الفتن ، وعند الفتن أخطر ما يكون على الإنسان أن تضيع مبادؤه ، أن يضيع دينه ، أن ينحرف عن جادة الصراط المستقيم ، يقول صل  الله عليه وسلم: " بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافراً ، و يمسي مؤمنًا ويصبح كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا "  رواه مسلم في صحيحة.وعندما ذكر صل الله عليه وسلم الإختلاف الذي يقع في هذه الأمة : " فإنه من يعش منكم فسيرى إختلاف كثيرًا "  أوصانا بالثبات ، وأوصانا بلزوم السنة والتمسك بالهدي والحبل المتين ، قال صل  الله عليه وسلم : "  وإنه من يعش منكم فسيرى إختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة"

إن مما يجب علينا جميعا الحفاظ على عبادة الله تعالىوأن لا يأتينا فتنة سراء أو فتنة ضراء ، فتنة شهوة أوفتنة شبهة تجعلنا نتخلى عن عبادة ربنا وأهمها الصلاة ، قال الله سبحانه :" واعبد ربك حتي يأتيك اليقين " سورة الحجر , وأن نميز أمالنا بالصدق مع الله , والصدق مع النفس , والصدق مع الآخرين , وأن نتخلى عن ذلك مهما كانت الظروف , ومهما كانت الأحوال , قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " سورة التوبة وأن نتمسك بخلق الأمانة كما قال صل الله عليه وسلم :" أد الأمانة لمن أتمنك ولاتخن من خانك " وهذا أهم مبدأ في حياة المسلم قال تعالى :" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " سورة النساء ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم