شرط المفاضلة استواء الشيئين في أصل المعنى ، ثم يزيد أحدهما على الآخر ، وأجاب ابن بطال : بأن معناه أنها أحب إليه من كل شيء لأنه لا شيء إلا الدنيا والآخرة ، فأخرج الخير من ذكر الشيء بذكر الدنيا ، إذ لا شيء سواها إلا الآخرة . وأجاب ابن العربي بما حاصله : أن أفعل قد يراد به أصل الفعل لا المفاضلة ، كقوله تعالى : خير مستقرا وأحسن مقيلا ولا مفاضلة بين الجنة والنار ، أو الخطاب واقع على ما استقر في نفس أكثر الناس ، فإنهم يعتقدون أن الدنيا لا شيء مثلها ، وأنها المقصود ، فأخبر بأنها عنده خير مما تظنون أنه لا شيء أفضل منه ، وقيل : يحتمل أن يكون المراد أن هذه الكلمات أحب إلي من أن يكون لي الدنيا فأتصدق بها . والحاصل أن الثواب المترتب على قول هذا الكلام أكثر من ثواب من تصدق بجميع الدنيا ، ويؤيده حديث : " لو أن رجلا في حجره دراهم يقسمها وآخر يذكر الله كان الذاكر لله أفضل " ويحتمل أن يكون المراد أحب إلي من جمع الدنيا واقتنائها ، وكانت العرب يفتخرون بجمع الأموال ."رواه مسلم " : وكذا الترمذي ، والنسائي ، وابن أبي شيبة ، وأبو عوانة. انتهي، مرقاة المفاتيح شرح مشكاه المصابيح.
وصل الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا.
موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي محمود.