فضل الذاكرين وثوابهم :

من أخص صفات المؤمن :

أنة ذاكر لله تعالى  واقف بأبواب رحمته يقول الله تعالى:" يأيها الذين أمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا سورة الأحزاب الآية ـ ( 41 )    إن إيمان المسلم بربه وصدق يقينه في الله يجعله يذكر الله في كل أوقاته ويراه في كل شئ في مشاهد الطبيعة وفى  أحداث الحياة فيأنس به ويثق في قدرته ويأوي إلى ظلال فضله ورحمته ومثله الأعلى في ذلك النبي الكريم صل الله عليه وسلم :" الذي كان يذكر الله على كل أحيانه"  رواه مسلم وليست حقيقة الذكر باللسان بل لابد أن ينشأ أولا فى الشعور والوجدان ئم يفيض على اللسان مناجاة وحمدا وتسبيحا وتنزيها فحينئذ يكون المسلم من الذاكرين الله حقا الذين أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما و والمسلم الذي يذكر ربه يذكره ربه ويدل على ثواب الذكر فرادى أومجتمعين كما يقول الله تعالى في حديث قدسي :" أنا عند ظن عبدي ربى وأنا معه حين يذكرني فان ذكرني فى نفسه ذكرته في نفسي وان ذكرني فى ملآ ذكرته فى ملآ خير منه "  رواه الشيخان فما أعظم هذا الذي يذكر ربه ويرعاه والمسلم الذي يذكر ربه يناجيه بقلبه ويملآ فؤاده بحبه ويستضئ بنوره ولهذا فان الذكر حياة القلب ونور والغفلة عنه موت وظلام لآن الذي يغفل عن ذكر ربه وينسى حقيقة الوجود يجهل سر الحياة وفى ذلك يقول الرسول صل الله عليه وسلم :" مثل الذي يذكر ربه والذي لايذكر ربه مثل الحي والميت " رواه البخاري وهو تصوير صادق لما ينشئه ذكر الله فى نفس المسلم من قوة وحياة وما يمده به من زاد وما يفتحه أمامه من آفاق الإيمان والعمل ولهذا لانبغى للمسلم أن ينسى ربه وبماذا يشتغل إن غفل عنه وينبغي عليه أن  يعلم أنه لاشئ يُشغل الإنسان عن ربه إلا الباطل واللهو والضلال والانحراف قال تعالى :" ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا"  سورة الكهف والآية ـ (  28 ) ص (1)   وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أهميه الذكر :

وذكر الله سمة المسلم فردا أو فى جماعة فإذ اجتمع قوم فغفلوا عن ذكر ربهم وشغلوا بالباطل واللغو فإنهم يكتسبون إثما ويستوجبون عقابا كما قال صلوات الله عليه واله :"ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله ولم يصلوا على نبيهم الا كان عليهم تره " أي ذنب فان شاء عذبهم وان شاء غفر لهم " رواه الترمذي وهذا دليل على تأكيد الذكر وضرورته لصدق الإيمان وتهذيب السلوك وفى فضل ذكر الله قال أبو عبيدة بن مسعود رضي الله عنه :" ما داما قلب الرجل يذكر الله فهو فى صلاة وإن كان في السوق وان حرك به شفتاه فهو أفضل وقال بن مسعود رضي الله عنه قال موسى عليه السلام :" رب أي الأعمال أحب إليك قال أكثرهم له لى ذكرا " جامع العلوم والحكم وقال الحسن رحمه الله :" أحب عباد الله الى الله الثر هم ته ذكرا وأنقاهم قلبا ؟ وقال بعض السلف :" ما أقبح الغفلة عن ذكر من لايغفل عن ذكرك " وروى ابن حبان فى صحيحة وغيره من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال أخر ما فارقت عليه رسول الله صل الله عليه وسلم إلا بعد ما قلت له أي الأعمال خير وأقرب إلى الله فقال أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله " وعن معاذ ابن جبل رضي الله عنه قال كان رسول الله صل الله عليه وسلم :" ما عمل ابن آدم عملا أنجي له من عذاب الله من ذكر الله " أخرجه بن أبى شيبة والطبراني بإسناد حسن سبل السلام ج 4 ص 291 ولقد تعددت الآيات القرآنية الكريمة التي تحض على ذكر الله وقد وصلت الآيات القرآنية التي تتضمن ذلك إلى أكثر من ستين أية وذلك بطرق متعددة والأحاديث فى هذا الباب أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر فكيف يكون ذكرا لله وما حكم الدين فيما نراه من حلقات الذكر فى الموالد والمساجد مع حركات معينة والجواب : أن ذكر الله تعالى معناه :" هو عقد القلب واللسان باسم الله أوصفة من صفاته ومنه قراءة القران الكريم فهو من أعظم الذكر ومنه الصلاة لاشتمالها على كل ذلك والمطلوب منا أن نكثر من ذكر الله كما قال تعالى :" يأيها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا" سورة الأحزاب وقال تعالى عن أولى الألباب:" الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض " سورة آل عمران ومن فوائد الذكر ما جاء فى قوله تعالى " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " سورة الرعد وقوله تعالى :" فاذكروني أذكركم" سورة البقرة ولو لم يكن فى الذكر الا هذه الفضيلة لكفى بها شرفا ويقول ابن تيمية رحمه الله :" الذكر للقلب كالماء للسمك"والنصوص في الحث على الذكر وفضله وثوابه كثيرة يقول ثابت اللبناني رحمه الله ك" إني لا أعلم متى يذكرني ربي عز وجل ففزعوا منه وقالوا كيف تعلم ذلك ؟ فقال إذا ذكرته ذكرني قال الله تعالى" فاذكروني أذكركم" ص ( 2) وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


           

--كيفيه الذكر :

والذكر لا يُعطى ثمرته إلا إذا كان عن يقظة وحضور وإخلاص لله سبحانه فالعقل حاضر والقلب منتبه والقصد هو التقرب الى الله وحده وبدون ذلك يكون الذكر عقيما لا يُنتج وقد يَضر من حيث يظن نفعه والذكر كما يكون فرديا يكون جماعيا ففي الحديث الذي رواه مسلم قال رسول الله صل الله عليه وسلم لايقعد قوم يذكرون الله عزوجل الا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده " وعن أبى الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم:" إلا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى يارسول الله قال ذكر الله رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم وقال صحيح الإسناد وروى عن رسول الله صل الله عليه وسلم :"إن للمجالس أوتادا جلساؤهم الملائكة من لدن أقدامهم الى عنان السماء بأيديهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب يكتبون الصلاة على النبي صل الله عليه وسلم يقولون أكثروا رحمكم الله فإذا استفتحوا فى الذكر فتحت لهم أبواب الجنة واستجيب لهم الدعاء وتطلع عليهم الحور العين وأقبل الله تعالى عليهم بوجهه ما لم يخوضوا فى حديث غيره ويتفرقوا " ص ( 3)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

--فضل الذكر في جماعه :

و قد ذكر ابن أبى الدنيا وغيره من حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنه قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ؟ قالوا وما رياض الجنة يارسول الله قال حلق الذكر "رواه الترمذي إن من شاء أن يسكن رياض الجنة فى الدنيا فليستوطن مجالس الذكر فإنها رياض الجنة ومجالس الذكر مجالس الملائكة وليس لهم فى الدنيا من مجالس الا مجلس يذكر فيه اسم الله" وروى البخاري ومسلم وعن الملائكة السياحيين الذين يجلسون مع أهل الذكر وقد غفر الله لهم ولجلسائهم وكثيرا ما ترى فى الأحاديث أنه صل الله عليه وسلم خرج على جماعة وهم يذكرون الله فى المسجد فبشرهم ولم ينكر عليهم منها حديث أبى سعيد الخد ري رضي الله عنه قال خرج معاوية على حلقة فى المسجد فقال:" ما أجلسكم؟ فالوا:جلسنا نذكر الله قال:آلله ما أجلسكم الا ذاك قالوا:والله ما أجلسنا الا ذاك قال:أما أنى لم استحلفكم تهمة لكم وما كان احد بمنزلتي من رسول الله صل الله عليه وسلم :" أقل عنه حديثا منى وإن رسول الله صل الله عليه وسلم ـ خرج على حلقة من أصحابه فقال"ما أجلسكم؟قالوا:جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا:قال:اماانى لم استحلفكم تهمة لكم ولكنه اتانى جبريل فاخبرني ان الله عز وجل يباهى بكم الملائكة.رواه مسلم والترمذي والنسائي.فهذه المباهاة من الرب تبارك وتعالى دليل على شرف الذكر عنده ومحبته له وانه له مزيه على غيره من الاعمال ومعنى:" حلق الذكر:أي الجماعة من المسلمين يجعلون حديثهم في اجتماعاتهم ذكر آلاء الله عليهم وتحرى ما يقربهم منه ليحققوه فى أنفسهم وبيوتهم وأمتهم ومعرفة ما يسخطه ويبعدهم عنه ليجتنبوه أفرادا وجماعات.والذكر بعد صلاة الصبح له فضل عن غيره من حديث انس رضى الله عنه فى كتاب الترمذي وغيره قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" ومن صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة " قال الترمذي حديث حسن  ص ( 4) وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ــ حكم الذكر في جماعة :

الجماعة في الطاعات مطلقا  مستحبة في ذاتها إذا ترتب عليها كثير من الفوائد مثل تأليف القلوب وتقوية الروابط بين المسلمين وقضاء الأوقات فيما يفيد كتعليم الأمي الذي لا يُحسن التعلم وإظهار شعيرة من شعائر الدين نعم ان الجماعة فى الذكر تكره اذا ترتب عليها محظور شرعي كالتشويش على مصل أو لغو وضحك أو تحريف للصيغ أو بناء على قراءة غيره أو نحو ذلك من المحظورات الشرعية فحينئذ تُمنع الجماعة في الذكر لهذه المفاسد لا للجماعة فى ذاتها وخصوصا اذا كان الذكر في جماعه بالصيغ المأثورة الصحيحة كما في كتاب المأثورات وغيرها من المؤلفات  يقول الشيخ عطية صقر رحمه الله  في " حلقات الذكر "  إن التزم الأدب والخشوع والإخلاص ولم يصاحبها محرم فلا باس بها وإلا كانت مذمومة "  يقول الشيخ محمد بيخت المطبعي مفتى الديار المصرية السابق المتوقي سنة (1935 م) وختم الصلوات بالذكر والأدعية المأثورة عن رسول الله صل الله عليه ـ وسلم مندوب مُرغب فيه شرعا مادام الذكر والدعاء وسطا لا الى إفراط ولا الى تفريط بحيث يُحهد نفسه ويُزعج غيره بل كما قال الله تعالى "ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها واتبع بين ذلك سبيلا "روى أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه  قال : اعتكف رسول الله صل الله عليه وسلم فسمعهم يجهرون بالمقرأة وهم في قبة لهم فكشف السنور وقال :" إلا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفعن بعضكم على بعض بالقراءة أو قال فى الصلاة "ص (5) وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فى فضل الذكر بعد صلاة الصبح :

أمرنا الله تعالى بالذكر صباحا ومساء ، فقال تعالى " فسبح بالعشي والإبكار " وقال تعالى " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه "
وبالنسبة لهذا الوقت بالذات وهو ما بين صلاة الصبح حتى تطلع الشمس فهو سنة ، فمن حافظ عليها كان له الأجر.
وقد وردت كثير من الروايات تبين في مجموعها فضل من يجلس بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ذاكرا لله تعالى ، ثم يختم مجلسه بصلاة الضحى ، وهذا الفضل يتمثل في:
1ـ أجر مثل أجر الحج والعمرة ، إلا أنه لا يغنى عن الحج والعمرة.
2- مغفرة الذنوب وإن كانت أكثر من زبد البحر.
3 - دخول الجنة ولا يمس جسده النار.

وفى ذلك مجموعة من الأحاديث :

روى الترمذي وقال حديث حسن مرفوعا: " من صل الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة، قال رسول الله صل الله عليه وسلم: تامة، تامة، تامة ".
وفي رواية للطبراني: " انقلب بأجر حجة وعمرة ". وروى الطبراني مرفوعا ورواته ثقات: " من صلى الصبح ثم جلس في مجلسه حتى تمكنت الصلاة يعني ترتفع الشمس كرمح كان بمنزلة حجة وعمرة متقبلتين" . قال ابن عمر: وكان رسول الله صل الله عليه وسلم إذا صلى الفجر لم يقم من مجلسه حتى يمكنه الصلاة.

وفي رواية للطبراني مرفوعا: " من صلى الصبح في جماعة ثم يثبت حتى يسبح الله سبحة الضحى كان له كأجر حاج ومعتمر تاما له حجه وعمرته ". ولا يستبعد مؤمن حصول الأجر العظيم على العمل اليسير، فإن مقادير الثواب لا تدرك بالقياس ، فللحق أن يجعل الثواب الجزيل على العمل القليل ولاحرج على فضل الله .
وفي رواية للإمام أحمد وأبي داود وأبي يعلي مرفوعا: " من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يسبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرا غفرت خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر " .

وفي راوية لأبي يعلى " وجبت له الجنة ". وفي رواية لابن أبي الدنيا مرفوعا: " من صلى الفجر ثم ذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس لم يمس جلده النار أبدا ".
وفي رواية للبيهقي زيادة قوله: " ثم صلى ركعتين أو أربع ركعات بعد طلوع الشمس " والباقي بلفظه. وفي رواية لأبي يعلي والطبراني مرفوعا: " من صلى الفجر أو قال الغداة فقعد في مقعده فلم يلغ بشيء من أمور الدنيا ويذكر الله تعالى حتى يصلي الضحى أربع ركعات خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه لا ذنب له ". وروى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والطبراني عن جابر بن سمرة قال: كان النبي صل الله عليه وسلم إذا صلى الفجر جلس في مجلسه حتى تطلع الشمس.

وفي رواية للطبراني كان رسول الله صل الله عليه وسلم إذا صلى الصبح جلس يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس. " ومن أعظم الذكر قراءة القرآن الكريم وقد ورد الحكم الشرعى بقراءته مطلقا , والأمر المطلق يقتضى عموم الزمان والمكان والأشخاص والأحوال , فامتثاله يحصل بالقراءة فرادى أو جماعة سراً أو جهراً ولايجوز تقيده بهيئة دون هيئة إلا بدليل , وكذلك الحال بالنسبة للذكر عموما , ويشترط فى الذكر الجماعى عدم التشويش على بقية الذاكرين , ومن يجلس لقراءة القرآن عملا بالهدى النبوى الكريم فى قوله صل الله عليه وسلم :" ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن " اقرأ عن هذا الموضوع فى باب فضل الذكر فرادى أو مجتمعين من هذا الباب ـ موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم