دروس وعبر من خطبة الوداع

ولقد بين الرسول صل الله عليه وسلم فى هذه الخطبة أمور الحلال والحرام وحق المسلم على المسلم , وحق الزوج على زوجته , وحق الزوجة على زوجها "
فأعز الله سبحانه وتعالى نبيه وأهله بهذا الدين , وأذل به الكفر وأهله
وجعل كلمة الله هى العليا , وكلمة الذين كفروا هى السفلى
لقد حذرالنبى صل الله عليه وسلم _ أمته كذلك فى هذه الخطبة من شرك الجاهلية
فلقد جاء بلا إله إلا الله , كلمة التوحيد كلمة التقوى , شعار الإسلام وتاج العقيدة ونبض الإيمان , ومعناها خلع جميع الألهة الباطلة من دون الله تعالى , واثبات استحقاق الله تعالى وحده للعبادة دون ما سواه , فهو سبحانه الخالق ودونه مخلوق
وهو القاهر فوق عباده , ودونه مقهور قال تعالى :" الله الذى خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركاؤكم من يفعل من ذلكم من شئ سبحانه وتعالى عما يشركون "

واعلموا عباد الله أن الأموات قد أفضوا إلى ما قدموا , ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا " إن تدعوهم لايسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير " إن الإسلام يعلمنا أن لا ندعوا غير الله
ولا نذبح إلا له وحده قال تعالى :" فصل لربك وانحر " سورة الكوثر
ولا ننذر ولا نستغيث بغير الله , ولا نحلف بغير الله , ولا نحلف بالله إلا صادقين
وكان مما وضعه وهدمه فى هذا اليوم , أحكام الجاهلية وهو كل ما يخالف تعاليم الإسلام من قول أو فعل قال تعالى " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " سورة المائدة  إن التحاكم إلى شرع الله عزوجل , من واجبات الإيمان وأركان العقيدة الإسلامية قال تعالى :" إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه " سورة يوسف

وبين صل الله عليه وسلم : أن دماء الجاهلية موضوع , وأن الربا موضوع
قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين
فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله " سورة البقرة
وقال تعالى :" يمحق الله الربا ويربى الصدقات " سورة البقرة
فلنحذر الربا والتعامل به سواء مع الهيئات أو الأفراد التى تتعامل بالربا .
ومختصر القول فى هذا الموضوع وقد فصلنا فيه القول عند حديثنا عن الدروس

المستفادة من خطبة الوداع على هذا المنتدى .
الربا ينقسم إلى أربعة أقسام كلها متفق على حرمتها :
1 _ ربا النسيئ : ومعناه الزيادة فى فوائد القرض مقابل التأخير
2_ ربا الفضل : .... وهو بيع الشئ بأكثر من جنسه أو أقل
3_ ربا الصرف .... ... بيع الربوى بمثله من غير حلول ولا تقابض
4_ ربا القرض ..... ... وهو كل معاملة تجر نفعا للمقرض ولهذا نهى رسول الله صل الله عليه وسلم عن بيع وشرط .

ثم وصى رسول الله صل الله عليه وسلم بالنساء خيرا فقال : فاتقوا الله فى النساء فإنكم أخذتمونهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله , "
ومن تقوى الله فى النساء أن نعلمهم الدين وامتثال أوامره , والإبتعاد عما نهى الله عنه وأن نلزمهن الحجاب الشرعى ما أمر الله تعالى وفرض قال تعالى :" يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما " سورة الأحزاب
وقال صل الله عليه وسلم :" صنفان من أهل النار لم أراهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس , ونساء كاسيات عاريات مميلات , مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها من مسيرة كذا وكذا " رواه مسلم والبيهقى والإمام أحمد من حديث أبى هريرة مرفوعا
ويوالى الرسول صل الله عليه وسلم هذه القضية عناية بالغة حيث يبين أن تبذل المرأة
وابدائها مفاتنها يجعلها من أهل النار .

وخلاصة القول فى لباس المرأة الشرعى :
1_ أن يكون ساترا لجميع البدن ساترا قدميها عدا الوجه والكفين .
2_ أن لا يكون زينة فى نفسه
3_ أن لا يكون شفافا ولا ضيقا يصف بدنها
4_ وأن لا يكون مطيبا أى ( معطرا )
5 _ وأن يشبه لباس الرجال
6_ ولا لباس الكفار
7_ ولا لباس شهرة

وكذلك حذر صل الله عليه وسلم أمته من كيد الشيطان ومكره ووساوسه , حتى لانقع فى الشرور والمعاصى , قال تعالى :" إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير " سورة فاطر
ويبين صل الله عليه وسلم _ أن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه "
فلا ترجعن بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض "
ولهذا كان عبد الله بن عباس رضى الله عنهما : يقف بجوار الكعبة وينظر إليها ويقول : إن الله تعالى حرمك وعظمك , وشرفك والمؤمن أعظم حرمة عند الله تعالى منك . "

ويبين الرسول صل الله عليه وسلم مبدأ الإخاء والمساواة بين المسلمين فهم أخوة
لأن ربهم واحد وآباهم واحد وأصلهم واحد قال تعالى " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تسألون به والأرحام إن الله كان عليهم رقيبا " سورة النساء
إن الله سبحانه وتعالى ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب إلا طاعته .
فالناس شريفهم ووضيعهم فى ذات الله سواء الله ربهم وهم عباده يتفاضلون بالعافية ويدركون ما عند الله بالطاعة , والإيمان والعمل الصالح . , قال تعالى " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " سورة الحجرات

الله أكبر , الله أكبر , الله أكبر , لا إله إلا الله , الله أكبر , الله أكبر ولله الحمد "
أيها المسلمون : هذا يوم عيد , يوم فرح وتهان لمن كان بالأمس واقفا على جبل عرفات فمحيت سيئاته وغفرت ذنوبه , هذا يوم الوفاء وصدق الإخاء بين جماعة المسلمين , هذا يوم تلاقى الإخوان بنفوس صافية , وقلوب سليمة , هذا يوم صلة الأرحام والسعى فى اصلاح ذات البين , لكنا جعلناه يوم لهو ولعب واسراف فى اللذات والشهوات واضاعة الأوقات , فى كل عمل غير صالح ومفيد ولا حميد
والإسلام لم يحرم علينا اللهو البرئ , الذى لم يخالطه اثم أو انحراف فى السلوك
فيجب علينا أن نفرح بهذا اليوم , السعيد ونتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة
والآداب الفاضلة والسلوك السوى , ليكون الود بيننا وبين ربنا موصولا قال تعالى " إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " سورة مريم

ولابأس بترديد الأناشيد التى ترسخ القيم , والمبادئ والأخلاق والشجاعة والرجولة
فى نفوس الشباب , وأما الأغانى الهابطة التى تثير الغرائز وتدفع إلى التحلل من القيم والفضائل فإن هذا ما يرضاه الدين ولا يقره الشرع الحكيم , ولا العقل السليم ولا الذوق والحس الصادق النبيل , وهذا اللون من الغناء ينبت النفاق فى القلب كما قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه " الغناء ينبت النفاق فى القلب كما ينبت الماء البقل " فاتق الله أيها المفتون وأسرع إلى حسن المأب اتقى الله أيها المغرور , ولا تفرح بزين الظاهر والباطن من الحياء خراب , قال تعالى " ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون "

ومن هدى رسول الله صل الله عليه وسلم فى هذا اليوم وبعد صلاة العيد , ذبح الأضحية بعد الصلاة , ومن ذبح قبل الصلاة فلا نسك له , وإنما هو لحم قدمه لأهله , ومن ذبح بعد الصلاة فقد أصاب النسك " قال تعالى :" فصل لربك وانحر "
ويستحب للمضحى أن يشهد ذبح أضحيته , وان يذبح بنفسه إن كان يحسن الذبح
وأن يأكل من أضحيته ويتصدق منها , على الفقراء والمساكين وأن يهدى أقاربه وجيرانه وأصدقائه .

فاتقوا الله وتقربوا إليه بالضحايا , وتوددوا إلى بعضكم بالهديا , واسعوا فى اصلاح ذات البين وليصفح كل منكم عمن أساء إليه , وصلوا الأرحام وأكرموا الأيتام
ومن جاء من طريق فليرجع من آخر , لتكثر لكم الشهادات ولا تنسوا التكبير فى أيام التشريق عقب الصلوات , واذكروا الله كما هداكم وإن كنتم من قلبه لمن الضالين "
ولم يثبت عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه زار قبرا فى أيام الأعياد , فيحرم زيارة القبور على الرجال والنساء فى أيام الأعياد , نسأل الله تعالى أن يعيد هذا العيد علينا وعلى الأمة الإسلامية باليُمن والنصر والبركات إنه نعم المولى ونعم المجيب
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حقيقة الأعياد :

_ عباد الله لقد أظلنا أفضل أيام العام عند الله سبحانه وتعالى , ألا وهو يوم الأضحية , يوم النحر , يوم العيدالأكبر , حيث يصبح الحجيج مغفورا لهم , فقد تعرضوا لنفحات الله فى يوم عرفة كما فى حديث جابر رضى الله عنه عن النبى صل الله عليه وسلم " ما من يوم أفضل عند الله تعالى من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهى بأهل الأرض أهل السماء فيقول : " انظروا إلى عبادى جاءونى شعثا غبراً ضاحين جائونى من كل فج عميق يرجون رحمتى ولم يروا عذابى فلم يُر أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من وحى الأعياد:

_ بالأمس وقف مئات الألوف من شتى بقاع الأرض والعالم الإسلامى على اختلاف لغتهم وألوانهم , وقفوا داعين مكبرين وها نحن نشاركهم الدعاء والتكبير من ليلة العيد إلى آخر أيام التشريق عصر رابع أيام العيد , ولو كبرت قلوب المسلمين كما تكبر ألسنتهم وشفاههم بالعيد لغيروا وجهه التاريخ , ولو اجتمعوا دائما كما يجتمعون فى الأعياد ومواسم العبادة والطاعة لهزموا جحافل الأعداء , ولو تصافحت نفوسهم وأرواحهم قبل أن تتصافح أيديهم لقضوا على عوامل الفرقة والتحزب , ولو تبسمت أرواحهم كما تتبسم شفاههم لكانوا مع أهل السماء

, ولو ضحوا بأنانيتهم كما يضحون بأنعامهم , لكانت كل أيامهم أعياد , ولو تحلوا بالفضائل والمكارم كما يتحلون بأفخر الثياب لكانوا أجمل أمة على ظهر الأرض , والله لو استقمنا كما أمرنا ما نزلت بنا المصائب , ولا تحكمت فينا يد الأجانب , ولو تمسكنا بديننا لنصرنا على أعدائنا , وعاد لنا عزنا ولو تحلينا بالصدق والوفاء والإخلاص والأمانة لتقدمنا على جميع الأمم قال تعالى " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من معانى الحج :

_ الحج مؤتمر اسلامى عالمى , يلتقى فيه المسلمون من كل فج عميق على اختلاف ألسنتهم وألوانهم , وأوطانهم وهذا يدل على أن هذه الأمة أمة واحدة , فى دينها وعقيدتها , وأهدافها قال تعالى : وإن هذه أمتكم أمة واحدة " الآية فالحج يوثق الروابط بين المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها مما يجعلهم يقفون صفا واحدا وجسداً واحداً وقلباً واحداً أمام مخططات الأعداء والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من وحى يوم عرفة آخر ما نزل من القرآن :

_ قال تعالى :" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا " سورة المائدة _ لما نزلت هذه الآية الكريمة فرح المسلمون بها وبكى أبو بكر رضى الله عنه وقال : " ما بعد الكمال إلا النقصان " وعد ذلك نعياً لإقتراب أجل النبى صل الله عليه وسلم : وإذا كان الله تعالى قد اختار لهذه الأمة الإسلام دينا فهذا يقتضى منها ابتداء , أن تدرك قيمة هذا الإختيار , ففيه من السمو والعناية ما يرفع من قدرها , ويعلوا من مكانتها , والجدير بالذكر هنا موقف النبى صل الله عليه وسلم على جبل عرفة وفى حجة الوداع والبلاغ التى لم يحج فى الإسلام غيرها , أنه خطب على جبل عرفة خطبة جامعة ضمنها كل ما من شأنه أن يصلح أمته ويعز جانبها , ويرفع لوائها ويجعلها أمة متراحمة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى

, فقد دعا فيها إلى الأمن والأمان , المتمثل فى المحافظة على أموال الناس ودمائهم وأعراضهم , وحرم رسول الله صل الله عليه وسلم الربا بصورة قاطعة , حيث أنه سوس ينخر فى كيان هذه الأمة وداء وبلاء يهدد كيانها ويمزق العلاقات بين أفرادها ويهدم مؤسساتها , وقد حرم الإسلام أن يستغل الإنسان أخيه الإنسان عندما يلجأ إليه وقت الشدة والحاجة , ووصى بالنساء خيرا حيث أكد على توثيق العلاقات الأسرية بين الزوج وزوجته وذلك بالمحافظة على الحقوق والواجبات المتبادلة فيما بينهم حتى تسود المبادئ الكريمة بين أفراد البيت كله

, كما حث على التمسك بالدين _ تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدى كتاب الله وسنتى " وحث على التمسك بالأخلاق الفاضلة وأكد على خلق الأمانة " أن تؤدى الأمانة لم ائتمنك ولا تخن من خانك " ودعا إلى المساواة وتقوية الروابط بين المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها , فقد قضى الإسلام على ( البرجوازية )المتمثلة فى نظام الطبقية الإجتماعية  ,  كما حرم القتال فى مكة والأشهر الحرم حرصا على وحدة المسلمين ونزعا للأحقاد من النفوس قال تعالى : إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم