كن ربانيا ولا تكن رمضانيا :

كن ربانيا ولاتكن رمضانيا :

إن شهر رمضان قد أيقظ فينا , معانى الخير والبر وأحاسيس العطاء والبذل والجود, فهل نستمر
بعد رمضان على ما كنا فى رمضان ؟.

لقد عشنا مع الشهر الكريم الذى تصفو فيه الأرواح , وتسمو فيه النفوس وتطهر القلوب وينظف فيه الوجدان , ومما لاشك فيه أنه قد هُيأ لكل إنسان فى هذا الشهر  فرصة محاسبة النفس , ليعلم ماذا قدمت من خير وما بذلت من معروف , وما إتصفت به من أخلاق والنفس الإنسانية لن تبلغ كمالها إلا إذا تحققت لها ثلاث خصال بينها لنا رسول الله صل الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه البزار من حديث أنس رضى الله عنه أنه صل الله عليه وسلم قال :" ثلاث من كن فيه استوجب الثواب واستكمل الإيمان , خلق يعيش به فى الناس , وورع يحجزه عن محارم الله , وحلم يرد به جهل الجاهل "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (1)

هذه ثلاث صفات يثاب عليها المؤمن , ويكمل بها إيمانه ويرتفع بها مقامه وتطيب بها حياته .
الصفة الإولى :
خلق حسن يجتذب به رضا الناس فيألفهم ويألفونه , ويحبهم ويحبونه ويحيا بهم ويحيا لهم وكأنهم أغصان إنبثقت من شجرة واحدة , أو روح واحد حل فى أجسام متعددة
وإن صاحب هذا الخلق الرفيع مما وصفه رسول الله صل الله عليه وسلم حين قال :" إن أحبكم إلى وأقربكم منى مجالس يوم القيامة , أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يَألفُون ويُألفون " إن صاحب الخلق الحسن خف على الناس فعاش بينهم وأحبوه
وصاحب الخلق السئ ثقل على الناس وملوه ,"
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (2)

الصفة الثانية :

ورع يحجزه عن ما حرم الله

ويتمثل ذلك فى حفظ الحدود وملازمة التقوى , واجتناب ما لايرضى الله تبارك وتعالى من حديث ثوبان رضى الله عنه أن النبى صل الله عليه وسلم قال :" لأعلمن أقواما من أمتى يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة ( يعنى تعدلها فى الثقل )
بيضاء فيجعلها الله تعالى هباء منثورا قال ثوبان يا رسول الله صفهم لنا جلهم لنا لانكون منهم ونحن نعلم قال أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل ما تأخذون ولكنهم كانوا إذا خلوا بمحارم الله إنتهكوها "
يقول ابن شبرمة رحمه الله : العجب ممن يحتمى من الحلال مخافة المرض , ولا يحتمى من الحرام مخافة النار "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 3)

الصفة الثالثة

حلم يرد به جهل الجاهل :

حلم راسخ رزين يحكم به نفسه ويضبط به أعصابه , لاتثيره حماقة أحمق ولا تستفزه سفاهة سفيه ولا يهزه طيش جاهل , وصاحب هذه الصفة هو الإنسان الذى يستعلى على غريزة الغضب ويحقق فى نفسه قول الرسول صل الله عليه وسلم :" ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب " ليحقق فى نفسه كذلك قول الله تبارك وتعالى " ولا تستوى الحسنة ولاالسيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " سورة فصلت الآية 35_
وقول النبى صل الله عليه وسلم قال :" من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله تعالى يوم القيامة على رؤس الأشهاد حتى يخيره من الحور العين شاء "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (4)

وفى الحياء خير

وحتى يتحقق الهدف الأسمى من وراء الأخلاق باخلاص لابد وأن يكون هناك حياء , من الله سبحانه وتعالى بصورة تجعل الإنسان المسلم ملتزما بالأخلاق , الكريمة التى بعث بها الرسول صل الله عليه وسلم كما أشار بذلك فى قوله :" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " رواه مالك رحمه الله فى الموطأ
وحتى ندرك قيمة الحياء فلنقرأ قول الرسول صل الله عليه وسلم " الحياء خير كله "
رواه مسلم  وقوله صل الله عليه وسلم " إن لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء "
رواه مالك رحمه الله فى الموطأ
وقوله صل الله عليه وسلم " الحياء والإيمان قرناء جميعا إذا رفع أحدهما رفع الآخر " رواه الحاكم  
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (5)

موعظة

أيها المسلم لقد كنت فى رمضان بارا تقيا , فهل تصير فى الافطار جبارا شقيا
كنت فى رمضان ملكا كريما , فهل تكون بعده شيطانا رجيما , كلا ما هكذا يكون المؤمنون ولا العقلاء المتبصرون ولا السعداء الموفقون
وعن عبد الله ابن مسعود رضى الله تعالى عنه قال فى الحديث الموقوف وقيل برفعه " من لم تأمره الصلاة بالمعروف وتنهه عن المنكر لم يزدد بها من الله إلا بعدا "
الصلاة نور للقلب , وشكر للنعمة , وصلة بين العبد وربه , فما الذى يستفيده ذلك الشقى من ترك الصلاة , سوى ظلمة القلب , وكفران النعمة , وقطع وسائل الصلة بينه وبين مولاه , بل ما الذى يجنيه العاصى من وراء معصيته , غير اتلاف ماله والإضرار بعقله وصحته , وضياع شرفه وسقوط كرامته , واغضاب ربه واستحقاق مقته وعقوبته ؟ تا الله إن المعاصى لشهوة قصيرة عاجلة , تعقبها حسرة طويلة دائمة
وشقوة ملازمة ونار حامية وذل شديد , وعذاب أليم فى الدنيا والآخرة . "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (6)

اعمل صالحا

فيأيها المسلم اعلم هدانا الله واياك , أن الدنيا مزرعة للآخرة وأن الدنيا عمل ولا حساب , والآخرة حساب ولا عمل فاتق الله وخذ من دنياك لآخرتك , ومن حياتك لموتك , ومن صحتك لمرضك , ومن شبابك لهرمك , ومن غناك لفقرك " وتزود لسفر طويل واستعد لحساب عسير, وهول عظيم يوم ينظر المرء ما قدمت يداه
يوم يعض الطالم على يداه نادما على ما جناه " يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات ....الخ سورة إبراهيم وفى الصحيحين عنه صل الله عليه وسلم :" أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل " وهل من صيام بعد رمضان أم أن صلتنا بالصيام قد انقطعت ؟
يقول النبى صل الله عليه وسلم :" من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال عقب شهر رمضان كان كصيام الدهر "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (7)

أعياد المسلمين تراحم وبر وتكافل

لكل أمة أعياد ومواسم من أقدم الأزمنة , يجتمع الناس فيها لإقامة شعائر العبادة
والمشاركة فى مظاهر الفرح والسرور .
والأمم عامة لا تستغنى عن الأعياد الكريمة والشريفة , يجتمع فيها شملها وتؤكد
على وحدتها وتؤلف بين قلوب أبنائها , ةيشيع التراحم بين أفرادها .
وإذا شاع التراحم بين الناس , تلاشت عوامل الفرقة بين صفوفهم , وشعر كل إنسان
بأن عليه نحو أخيه الإنسان التزمات وواجبات , تحمله على مشاركة ألامه ومتاعبه
وأن يخفف عنه ما استطاع , وإذا كانت الأعياد تحمل لنا معانى الفرحة , والبهجة
فليس كل عيد يُقابل بالسرور والفرح على كل الناس , فبعض الناس تزيد الأعياد
فى مواجعهم وألامهم وأحزانهم , حين يرون من صفا لهم الدهر , وسالمتهم الأيام
وتتابعت عليهم النعم , فتزداد حسرتهم وتتعاظم مصائبهم , والصور أمامنا واضحة
فكيف يفرح بالعيد , أخوة لنا أضيروا فى أنفسهم وأموالهم وديارهم ؟
كيف يسعد بالعيد نساء أرامل وأطفال يتامى , ومشردون مضطهدون معذبون ؟
كيف يفرح بالعيد من هتك عرضه وسفك دمه وتهدمت داره ؟
كيف ينشرح صدره لبهجة العيد , هؤلاء الأخوة الذين يقومون أعداءهم ... أعداء الدين ويواجهون حملات الإبادة والتشريد والضنك ؟ ويتعرضون للموت , لأنهم يدفعون عن دينهم وعقيدتهم , ويعيشون تحت عواصف القنابل وشظف العيش؟

ومن ثم كانت الأعياد فى الإسلام وسيلة للتضامن , والإخاء والتكافل وحتى يشعر كل مسلم بحق أخيه عليه مهما تباعدت المسافات أو تقاربت , وإذا كانت تمربالمسلمين اليوم فترات عصيبة , فنحن فى أمس الحاجة إلى القوة مصحوبة بروابط التعاون والوحدة , فلا تنسينا بهجة وفرحة العيد , الأخطار التى تحيط بنا من كل جانب
وأن هناك أعداء لنا يستخدمون أسلحتهم , ليحطموا فينا عزة الإسلام ومجده فلنكن حذرين ونحن نحتفل بالعيد , وليكن الإحتفال بالعيد وفاء لماضيا وذكرى لمجدنا
وإخاء صادقا وتحابيا رائعا , وتعاونا مخلصا نغيث به كل ملهوف , ونعين على الخير والمعروف ولا ننسى حق الأهل والأقارب وحق الأخوة فى الدين وبذلك نحقق
أهداف العيد ومعانيه , وبذلك نكون خير أمة أخرجت للناس كما أمرنا الله
وفق الله تعالى الجميع لكل خير
وكل عام وأنتم بخير
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أعيادنا عبادة وطاعة لله

جاء الإسلام بمبادئ كريمة ومفاهيم صحيحة , التى من خلالها يستطيع كل مسلم
أن يزن ما يفعله ويقدم عليه فى حياته هل هو يرضى الله أم يغضبه ؟
ومن ذلك أن رسول الله صل الله عليه وسلم قد أبدل المسلمين بعيدين كريمين هما عيد الأضحى وعيد الفطر , وقضى على ما كان يحدث فى الجاهلية من لهو وعبث وانحراف , وعيد الفطر يأتى عقب عبادة الصيام شكرا لله تعالى على توفيقه لأداء الفريضة واحتفالا بذكرى نزول القرآن الكريم , فقد زكى الصيام نفوسنا وطهر قلوبنا
وأشاع بيننا جو المحبة , والطمأنينة والرحمة والعطف .
كما يندب على المسلم والمسلم قيام ليلة العيد بالذكر والطاعة والعبادة والتكبير والإستغفار والصلاة فقد ورد فى الحديث عنه صل الله عليه وسلم " من قام ليلتى العيدين الأضحى والفطر , لم يمت قلبه يوم تموت القلوب " ( 1)
وصل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

آداب وصفة التكبير:

عيد الفطر المبارك مكافأة من الله لعباده على طاعتهم له، واجتهادهم في العبادة طوال شهر رمضان المبارك.
وشرع الله لعباده الفرح وإظهار السرور في هذا اليوم مع الاستمرار في طاعته وتعظيمه، ومن ذلك تكبيرات العيد التي يُسَنُّ للمسلمِ ترديدُها والجَهْرُ بها، وهذه التكبيرات غير مقيَّدة بالصلوات، بل إنها مستحبة في المنازل، والطرقات، والمساجد، والأسواق.


وصيغة التكبير وصفته:

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله , الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله , الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله , الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
ويجوز الزيادة الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلأً...الخ

بداية التكبيرات في عيد الفطر
يبدأ وقت التكبير لعيد الفطر برؤية هلال شهر شوال، أي من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وقولك :
كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:كـان النبي صل الله عليه وسلم إذا رأى الهـلال قـال" : اللهـم أهله علينا باليمن والإيمان ، والسـلامة والإسـلام ،ربـي وربك الله " . رواه الترمذي وقال حديث حسن.

وقت انتهاء التكبيرات في عيد الفطر
إلى أن يغدوا الناس إلى المصلى وحتى يصعد الإمام المنبر
قال تعالى " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " سورة البقرة: الآية 185ـ

الحكمة من مشروعية تكبيرات العيد:
- تعظيم وإجلال الله عز وجل، وتمثِّل تقديسا له "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" .
- ألا تلهينا السعادة والبهجة والفرحة بالعيد عن ذكر الله تعالى؛ فالمؤمن ينبغي أن يكون على صلة دائماً بالله عز وجل في كل وقت وعلى أي حال.
- يرتفع المسلم درجاتٍ في تكبيره، ويسمو الإيمان في قلبه ويعظِّم ربَّه في كل مرة.
- دليلُ أثرٍ طيب على صِلَةِ المسلم بالله سبحانه وتعالى، وخضوعه لعظمته وجلاله.
- التذكير بأن العيد هدية من الله تبارك وتعالى، ولا بدَّ من أن نشكره عليها بفعل الطاعات.قال تعالى " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " سورة البقرة: الآية 185ـ

وليس للعيد سنة قبلية ولا بعدية , وصفتها ركعتان , والخطبة بعدها

وحكمها:

سنة مؤكدة وكيفيتها : يُكبر المصلي سبع تكبيرات في الركعة الأولى غير تكبيرة الإحرام، ويقرأ سورة "الأعلى" أو سورة "ق" بعد الفاتحة.
يُكبر المصلّي خمس تكبيرات في الركعة الثانية، ويقرأ سورة "الغاشية" أو سورة "القمر" بعد الفاتحة.

ومن أدب صلاة العيد:

إخراج زكاة الفطر سدا لحاجة الفقراء والمساكين وطهرة للصائم من اللغو والرفث , فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة , ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات كما في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صل الله عليه وسلم ـ , ويأثم من أخرها ولا تسقط عنه بل هي دين في ذمته يجب عليه أن يؤديه " وصل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم( 2)

اللهو يوم العيد

حق على كل مسلم أن يفرح , ويبتهج دون أن يقدم على معصية من المعاصى
أو ذنب من الذنوب , وأما انتظار يوم العيد لانطلاق النفوس إلى معصية الله
فذلك محرم شرعا فى كل وقت , فما بالنا بالأيام المباركة التى ينبغ على المسلم أن يقضيها فى طاعة ربه وفى سبيل رضاه سبحانه , لا فى طاعة الشيطان أو استجابة
لنداء الهوى وأصحاب السوء
وأيضا هناك مظهر أخر ينبغى أن نبتعد عنه ما استطعنا , ألا وهو زيارة المقابر فى يوم العيد أو ليلته , وأن نشارك الأحياء الفرح والسرور عملا بسنة النبى صل الله عليه وسلم ( 3) وصل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

صلة الأرحام

فاتقوا الله أيها المسلمون وتباعدوا عن الشقاق والنفاق , فإنه يوقع فى البلاء والوبال
وطهروا قلوبكم من الحقد والحسد , وكونوا عباد الله إخوانا فى صفاء , وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام , واعطفوا على الأرامل واليتامى تنالوا غاية القبول والإنعام
يقول النبى صل الله عليه وسلم " إن الله تعالى لاينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " ويقول أيضا صل الله عليه وسلم " من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر "
ومن جاء من طريق فليرجع من أخر لتكثر لكم الحسنات
والتهنئة " تقبل الله منا ومنكم "
والسنة الفطر قبل الخروج للمصلى على تمر أو جرعة ماء "
وصل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (4)

من الهدى النبوى فى يوم العيد

فى يوم العيد المبارك يتجلى المولى سبحانه وتعالى , على المخلصين بمزيد من الفضل والإنعام فينظر فيه إلى أهل الصدق والطاعة والمروءة , ويوم عيد الفطر المبارك أحل الله لكم
فيه الإفطار وحرم عليكم فيه الصيام , فمن السنة الفطر قبل الخروج للمصلى ولو على تمر أو جرعة ماء , والمسلم الصادق يشكر ربه على عونه وتوفيقه على الصيام
والقيام والعيد هو يوم الجوائز , والمصلى يرجع بفضل الله ورحمته خارج من ذنبه
كيوم ولادته أمه كما فى حديث ابن عباس رضى الله تعالى عنهما المرفوع : إذا كان يوم الفطر هبطت الملائكة إلى الأرض , فى بلد يقومون على أفواه السكك ينادون بصوت يسمعه جميع من خَلقْ الله أو الجن والإنس يقولون يا أمة محمد صل الله عليه وسلم أخرجوا إلى رب كريم يعطى الجزيل , ويغفر الذنب العظيم فإذا برزوا إلى مصلاهم يقول الله تعالى لملائكته , يا ملائكتى ما جزاء الأجير إذا عمل عمله فيقولون إلهنا وسيدنا أن توفيه أجره , فيقول أشهدكم أنى قد جعلت ثوابهم من صيامهم
وقيامهم رضائى ومغفرتى انصرفوا مغفورا لكم "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عن فضل صيام الست من شوال

من حديث ثوبان رضى الله تعالى عنه مولى رسول الله صل الله عليه وسلم
عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال : " من صام ستة أيام بعد الفطر
كان تمام السنة , من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " رواه ابن ماجة وصححه
الشيخ الألبانى
ويجوز للمسلم الذى عليه صيام من رمضان , لعذر سفر أو مرض وكذلك المرأة
الحائض أن يحصل على ثواب الست من شوال مع نية القضاء لما عليه من رمضان
بشرط أن يصوم على نية القضاء للفرض وقد ذهب إلى ذلك الإمام الخطابى وكذلك
الشافعية إلى أن من يقضى ما عليه من رمضان فى الست من شوال وبذلك تبرأ ذمته
بصيام هذه الأيام من رمضان ويحصل له ثواب الصيام فى شوال يقول النبى صل الله عليه وسلم :" من صام رمضان وأتبعه ست من شوال كان كصيام الدهر رواه مسلم
فالحديث تحدث عن مطلق الإتباع بالصيام بست من شوال فمن نوى صيامهم نافلة
حصل له الثواب ومن نوى قضاء ما عليه من رمضان فإنه يحصل له ثواب الست من شوال " ويجوز له أن يصوم الست من شوال متفرقة بشرط ألا يخرج صيامه عن شهر شوال وإن كان التتابع أفضل " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كلمات مضيئة في رحيل رمضان:

يقول ابن رجب رحمه الله تعالى في لطائفه عند وداع رمضان، واسمعوا لقلوب السلف رضوان الله تعالى عليهم كيف كانت تتخرق لفراق هذا الشهر: يا شهر رمضان ترفق، دموع المحبين تدفق، قلوبهم من ألم الفراق تشقق، عسى وقفة الوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ما تخرق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يطلق، عسى من استوجب النار يعتق،عسى وعسى من قبل يوم التفرق إلى كل ما نرجو من الخير نرتقي فيجبر مكسور ويقبل تائب ويعتق خطاء ويسعد من شقي.رحلت يا رمضان! والرحيل مر على الصالحين، فابكوا عليه بالأحزان وودعوه، وأجروا لأجل فراقه الدموع وشيعوه.دع البكاء على الأطلال والدار واذكر لمن بان من خل ومن جار
وذر الدموع نحيباً وابك من أسف على فراق ليال ذات أنوار
على ليال لشهر الصوم ما جُعلت إلا لتمحيص آثام وأوزار
يا لائمي في البكاء زدني به كلفاً واسمع غريب أحاديث وأخبار
ما كان أحسننا والشمل مجتمع منا المصلي ومنا القانت القاري

دعوة لعدم الاغترار بما حصل المسلم من طاعات في شهر رمضان :

فعلا هناك بعض الناس اجتهدوا في شهر رمضان صاموا وحفظوا جوارحهم، وختموا القرآن ومنهم من ختمه أكثر من مرة، وصلوا قيام رمضان كله من أوله إلى آخره، ولم يتركوا منه يوماً أو ليلة، وفعلوا ما فعلوا من الصدقات وقدموا ما قدموا من أعمل البر والخير، وجلسوا بعد الصلاة يقرءون القرآن، وقبل الصلاة ينتظرون الصلاة، حصلت منهم عبادات كثيرة، لكن إذا كانت النفس سيئة، وإذا كان الطبع لايزال يألف المعاصي والسيئات ويحن إليها فإن كثرة العبادة لا تنفع، بل إن الشيطان يوسوس ويقول: لقد فعلت أشياء كثيرة وطاعاتٍ عظيمة، خرجت من رمضان بحسنات أمثال الجبال، رصيدك في غاية الارتفاع، صحائف حسناتك مملوءة وكثيرة فلا عليك بعد ذلك ما عملت، ويصاب بالغرور وبالعجب، وتمتلئ نفسه تيهاً وفخراً، ولكن آية من كتاب الله تمحو ذلك كله، وتوقفه عند حده، وتبين له حقيقة الأمر وهي قول الله تعالى:" ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر. المدثر:6 ـ أتمن على الله؟ أتظن أنك عندما قمت بهذه العبادات تكون قد قدمت لله تعالى أشياء عظيمة؟ لا تمن على الله عز وجل بعملك، لا تفخر، لا تغتر، لا تصاب بالعجب وتتخيل أن أعمالك كثيرة، بل لله الكريم الوهاب الحمد والمنة عليكم أن وفقكم لما قمتم به من أعمال قال تعالى :" بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين " سورة الحجرات: الآية 17 ـ وكما في أن النبي صل الله عليه وسلم قال:"لو أن رجلاً يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرماً في مرضات الله تعالى لحقره يوم القيامة" ( 1) لجاء يوم القيامة فرآه قليلاً ضعيفاً، لرأى عمله لا يساوي شيئاً، فإنه لو قارنه بنعمة واحدةٍ من النعم كنعمة البصر أو غيره، لصار هذا قليلاً لا يساوي شيئاً.

ولذلك فإن الناس لا يدخلون الجنة بأعمالهم، وإنما يدخلونها برحمة الله تعالى، ليست الأعمال ثمناً للجنة، لكنها سببٌ لدخول الجنة، لا ندخل الجنة إلا بالأعمال الصالحة، الذي لا يعمل صالحاً لا يدخل الجنة، فهي سبب لكنها ليست الثمن، فبدون رحمة الله الأعمال لا تؤهل لدخول الجنة، بل ولا تُسدد حتى حق نعمة واحدة من النعم.( 1) تخريج الحديث رواه أحمد في مسنده، والبخاري في التاريخ، والطبراني في الكبير عن عتبة بن عبد السلمي، وحسنه السيوطي والألباني. قال المناوي في شرحه للحديث في فيض القدير بعد أن ساق الحديث: لما يرى وينكشف له عياناً من عظم نواله وباهر عطائه. ويبين لنا رسول الله صل الله عليه وسلم أن هناك من يتظاهر بالصلاح والبعد عن المعاصي أمام الناس فإذا خلا وحده مع نفسه بعيدا عن الناس بارز الله بالمعاصي فكأنه يجعل الله تعالى أهون الناظرين إليه، من حديث ثوبان رضي الله تعالى عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال :"لأعلمن أقواما يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله هباء منثورا. قال ثوبان يا رسول الله صفهم لنا جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم. قال: أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها. حديث صحيح رواه ابن ماجه وصححه الألباني.دعاء مؤلف :اللهم اشرح صدورنا بحكمتك,وخفف عنا أوزارنا بنور طاعتك ,ولا تحملنا ما لانطيق, وافتح لنا أبواب فيضك بالمداومة على عبادتك, يا ولي المؤمنين. ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي محمود ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

من علامات قبول العمل الصالح في الاستقامة والمداومة على الطاعة بعد رمضان :

لقد كان من فضل الله تعالى علينا أن أعاننا على إكمال عدة شهر رمضان، وهذا مما يستوجب علينا شكر الله عز وجل وهو علامة من علامات قبول العمل الصالح,قال تعالى:" ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون"سورة البقرة : الآية 185ـ إن من أحب الأعمال إلى الله تعالى المداومة والاستمرار على عمل الطاعات، والاستقامة على فعل الخيرات، التي تبلغ بالعبد إلى رضوان الله تعالى ودخول جناته، وتمنح السكينة في الحياة وبعد الممات، قال تعالى:" إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون". سورة فصلت : الآية 30ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

تفسير الميسر :إن الذين قالوا ربنا الله تعالى وحده لا شريك له، ثم استقاموا على شريعته، تتنزل عليهم الملائكة عند الموت قائلين لهم: لا تخافوا من الموت وما بعده، ولا تحزنوا على ما تخلفونه وراءكم من أمور الدنيا، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون بها.اهـ "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" على التوحيد وغيره بما وجب عليهم "تتنزل عليهم الملائكة" عند الموت "أن" بأن "لا تخافوا" من الموت وما بعده "ولا تحزنوا" على ما خلفتم من أهل وولد فنحن نخلفكم فيه "وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ."الجلالين.
فالمداومة على فعل الطاعات فضيلة من أعظم الفضائل التي كان رسول الله صل الله عليه وسلم كثيرا ما يوصي بها الناس، فعن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك. قال: قل: آمنت بالله، ثم استقم . رواه مسلم. وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

والحرص على الطاعة والثبات عليها من أعظم الأمور التي يحبها الله تعالى ورسوله صل الله عليه وسلم فعن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سئل النبي صل الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أدومها وإن قل".متفق عليه.ولنعلم أن من علامات القبول بعد شهر رمضان وغير فعل الطاعة بعد الطاعة ، قال تعالى:"ويزيد الله الذين اهتدوا هدى" سورة مريم : الآية 76 ـ ومن ثم ينبغي على العبد الدوام على بعض الأعمال الصالحة بعد رمضان من الذكر أو قراءة القرآن الكريم أو قيام الليل.وذلك لأن الهدى يرشد إلى الهدى، والخير يدعو إلى الخير فاتقوا الله عز وجل واحرصوا على فعل الخيرات، وابتغوا الأجر والفضل من الله عز وجل، وأتبعوا الحسنة بالحسنة، فإن للحسنة ضياء في الوجه، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق،وبركة في الرزق واستقامة وصلاحاً في بيوتنا ومجتمعاتنا الإسلامية.دعاء مؤلف:اللهم وفقنا لاغتنام عمل الصالحات والمسارعة للخيرات،واجعلنا من المقبولين, وأعنا على طاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد الأمين صل الله عليه وسلم .". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي محمود. وصل الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.