وماذا بعد انقضاء شهر الصيام

ليس الإيمان بالتمنى ولا بالتحلى

قبسات روحية

وفى جو روحى تزود المسلمون بطاقات إيمانية , طوال شهر رمضان المبارك الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان , وبهذا الراد المبارك تتوثق
الثقة بالله والإنسان إذا قويت صلته بربه , تميزت أعماله بالصدق والإخلاص وشرف السلوك لأن إيمانه برقابة الله عليه يعينه, على ضبط حركة نفسه وجوارحه
فى ضوء مثل الإسلام وقيامه الفاضلة , ومن المعلوم أنه بدون هذه القيم لاتقوم شريعة ولا يستقيم قانون ولا تنتظم شئون الحياة , ومما لاشك فيه أن من صدق فى صومه وذاق حلاوة الطاعة والعبادة فى رمضان , يرفض فى إباء الفسوق بعد إيمان
ومن عاش أيام رمضان فى معية الله سيجد نفسه غنيا , عن رقابة البشر يُسقط من نفسه أسلوب التحايل والخيانة والخداع , ولا يجد عناء فى مقاومة المغريات مهما
كانت سهلة المنال بل يظل هذا العطاء الإيمانى الرمضانى , متجددا وموصولا مدى الحياة لا يرتبط بشهر معين ولا مناسبة معينة ,"
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (1)

نقض العهد بعد الإستقامة

وأما من صام ولم يدخل الإيمان قلبه وكان صيامه فى رمضان مجرد تعبير عن إمساك ظاهرى بصرف النظر عن الوقوع فى المحرمات القولية والعملية ومن كانت هذه حاله  فهو من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا , وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ذلك لأنه اختار حياة السفه والضياع ونقض عهد الله من بعد ميثاقه , وقد شبه القرآن الكريم ناقض العهد بإمرأة حمقاء خرقاء كانت تسكن فى مكة وكانت تعمل فى غزل لها فكلما أحكمت , غزلها أمرت جاريتها بنقضه فلا يتم لها غزل بل تظل فى سفهٍ وضياع وفى ذلك يقول الله تعالى " ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا " سورة النحل الآية 192_
فليس الإسلام مجرد انتساب للعقيدة أو التسمى بأسماء إسلامية , وليس الإسلام مجرد تسبيح أو عداً على مسبحة , وليس الإسلام مجرد رياء بصدقة أو صلاة , وليس الإيمان بالتمنى ولا بالتحلى ولكن هو ما وقر فى القلب , وصدقه العمل حيث ورد فى الأثر عن الحسن البصري رحمه الله تعالى :" ليس الإيمان بالتمنى ولا بالتحلى ولكن ما وقر فى القلب وصدقه, العمل وإن قوما غرتهم الأمانى وقالوا نحسن الظن بالله , وخرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم ولو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (2)

حقيقة التدين

إن الإيمان الحق ولاشك قوة فاعلة ذات تأثير , فى منهج المسلم وطريق حياته فلا وزن لإيمان من غير عمل لأن المعرفة ,المجردة عن معنى الإنقياد للإيمان وحقيقته
لا قيمة لها والعلم الذى لا يظهر أثره فى سلوك المسلم , وأخلاقه لا يعتد به فما نفع إبليس علمه بوحدانية الله ومعرفته بالبعث والجزاء , حين تمرد على أمر ربه وأعلن عصيانه عن السجود لآدم وقال فى كبرياء أنا خير منه , ولقد كانت معرفة إبليس المجردة عن معنى الخضوع المطلق لله ومع علمه الواسع وكثرة عبادته لربه, سبب للطرد من رحمة الله فقد ورد أنه ما ترك مكانا إلا وسجد فيه لربه حتى لقب بطاووس الملائكة مع إنه " كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دونى وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا " سورة الكهف الآية 50_
إنه لاقيمة للعلم مهما كثرة أبوابه فى ولو كان محفوظا عن ظهر قلب ما لم تصحبه عبودية خالصة لله سبحانه وتعالى , وأما عبادة الإنسان لنفسه وأهوائه فقد تكون شر أنواع الشرك ولهذا أجمع علماؤنا على أن معاصى القلوب شر من معاصى الجوارح
( لأن معاصى الجوارح يُفطن إليها و يتاب منها وأما معاصى القلوب لايُفطن إليها ولايتاب منها) ولهذا قال: النبى صل الله عليه وسلم فى المرأة التى حبست هرة لاهى أطعمتها ولاتركتها تأكل من خشاش الأرض هى من أهل النار"
وفى ذلك أكثر درس وأبلغ عبرة لطائفة من الناس , يتمادون فى غيهم وضلالهم ومع ذلك يحسبون أنفسهم بمنجاة من عذاب الله إعتمادا على إنتسابهم للإسلام تحت دعوى التدين ولو كان صوريا "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (3)

درس فى معنى الإيمان

جمع مجلس جماعة من المسلمين واليهود والنصارى , وزعمت كل طائفة أنهم أولى الناس بدخول الجنة ونزلت آية عادلة مبينة تخاطب , المسلمين فى صراحة ووضوح
قوله تعالى " ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا " سورة النساء الآية 123_ 124_
وكذلك العمل بدون إيمان مصيره الضياع والبوار قال تعالى " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " سورة الفرقان الآية 23_
ومهما إختلف العلماء حول مفهوم الإيمان وصلة العمل به, فإنهم ولاشك متفقون على أن العمل جزء لا يتجزء عن الإيمان الكامل , ولقد ذكر لنا القرآن الكريم الإيمان مقرونا بالعمل فى أكثر من سبعين آية من آياته , ومنهج الله وسنته لاتسمح للقادر على العمل ثم هو يوثر الفراغ والكسل حتى يبلغ مراده , أو يحقق غاياته ورغباته "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 4)

الحياة الطيبة

وما كانت الحياة الطيبة فى الدنيا والآخرة , إلا للمؤمنين الذين شرفوا الحياة بالعمل الطيب النافع قال تعالى " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون " سورة النحل الآية 97_
إنه بالإيمان والعلم إمتدت حضارة الإسلام , إلى أقصى الشرق والغرب فى فترة وجيزة فى حساب الزمن وأطل التاريخ على الدولة الإسلامية , القوية الفتية وهى تإخذ بأسباب العزة والمنعة وهى بالسمع والطاعة , تلبى أمر ربها فى قوله تعالى "
فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون " سورة الجمعة الآية 10_
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 5)

أثر القدوة فى حياة الأمة

من خلال هذا المنهج الواضح والفهم الصحيح لتعاليم الإسلام , عاش المسلمون الأوائل فى رحابه وأحبوه وكانوا من فريقه وأهل العمل به , فقد رأوا قائدهم ومعلمهم
صل الله عليه وسلم يلتزم بالإسلام قولا وعملا , فى الحضر والسفر والسلم والحرب
من أجل بناء أمة إستطاعت أن تحمى نفسها , وتصون كرامتها وتدافع عن كيانها
دون أن تكون عالة على غيرها من الأمم , ويشهد التاريخ لخاتم النبين وسيد المرسلين أنه حمل السلاح ونظم الصفوف وتقدم الجيش , ويوم حفر الخندق فى غزوة الأحزاب نزل بنفسه يضرب الصخر بمعوله , وهو صل الله عليه وسلم يحمل التراب على كتفه ولم يهدأ له بال حتى رد الله تعالى الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا , وعلى خطاه ودربه سار الصحابة والخلفاءُ من بعده , ولم تحجزهم الخلافة عن أن يعملوا وأن يكون لكل واحد منهم مهنة وعمل , ومع ذلك كانوا يحرصون على مهام الأمور والسعى فى مصلحة الأمة "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (6)

الإسلام يدعوا للحرص على العمل

ولقد كان سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه, فى خلافته يطارد الكسالى والمتعطلين
وهو يقول " إن الله تعالى يبغض الرجل الفارغ من العمل لا هو فى عمل الدنيا ولا فى عمل الآخرة " وكان رضى الله عنه يرى الشاب فيعجبه جلاده وفوته فيسأل هل له عمل فيقولون لا فيسقط من عينه " والإسلام من خلال منهجه يدعوا أتباعه إلى عمارة الحياة بالقيام على شئونها وإصلاحها قال تعالى " هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها " سورة هود الآية 61_
فمن رسالة الإسلام فى الحياة التى كلفه الله تعالى بها المسلم , هى عمارة الأرض واكتشاف الطبيعة والتعرف على سنن الوجود وقوانينه والمسلمون هم أولى الناس بذلك قال تعالى " هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا " سورة البقرة الآية 29_
وتأتى فضيلة العمل الذى يقوده العلم وينمو من خلاله العلم والعلماء ففى مجال ذكر أعباء الحياة والنهوض بتكالفها يقول الله تعالى " وآخرون يضربون فى الأرض يبتغون من فضل الله " سورة المزمل جزء من آية 20_
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (7)

فضل العمل

ولذلك أمرنا الله سبحانه بالتعبد له بالعمل , بعد الإنتهاء من الصلاة فقال تعالى "
فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون " سورة الجمعة الآية 10_
وما شرعت العبادات إلا من أجل تقويم النفس وصلاح الجسم , وليستقيم للإنسان منهجه ويتفاعل مع الحياة فى أمانة وبر وتقوى , ويهب الخير والنماء ويحقق الإزدهار من أجل عمارة الأرض , وتيسير الحياة والعبادات التى شرعها الله تعالى جميعها تهدف فى حقيقتها لتقويم الإنسان , واعداده لحمل رسالة الحياة ولذلك يقول تعالى " وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة , ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد فى الأرض إن الله لا يحب المفسدين " سورة القصص
الآية 77_

وقد تصدى أمير المؤمنين عمر رضى الله تعالى عنه لقوم هاموا على وجوهم فى الأرض دون عمل , مدعين أنهم يتوكلون على الله فعلاهم بالدرة ( قطعة من خشب فى طرفها قطعة من جلد ) ضربا قائلا بل أنتم المتواكلون على الناس اعملوا فإن السماء لاتمطر ذهبا ولا فضة "
ويتسامى الرسول صل الله عليه وسلم بقيمة العمل فيقول " إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها إلا السعى على المعاش " ويقول الله تعالى " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " سورة التوبة 105_
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (

رثاء وأمل

وعندما تخلت الأمة عن ميراثها العزيز سواء بإرادتها أم أريد لها , طويت رايات مجدها ورضيت بالدون من الحياة , وهانت على أنفسها وعلى الناس وفى ذلك يقول القائل : ومن يهن يسهل الهوان عليه ___ ما لجرح بميت إيلام
ومما يعصر قلب كل مسلم حر بالأسى والحزن , أن عالمنا الإسلامى قد رضى بوصمة تسميته بالعالم الثالث فى الوقت الذى يملك فيه , كل أسباب القوة من إمكانات مادية , وأعداد بشرية وثروات هائلة من نعم الله تعالى , ظاهرة وباطنة عدا الموقع الجغرافى الذى يحسب له العالم ألف حساب , بالإضافة إلى ما لدينا من مواهب دونها مواهب أرقى الأمم ولكن وللأسف ثروتنا الضخمة , نشقى بالحرمان منها ويسعد غيرنا بإستغلالها وقوانا البشرية ركنت إلى الفراغ , والضياع ولم تجد مجالها فى العمل الجاد , أرضنا خصبة ولكنها معطلة , ومياهنا غديرة ولكنها مهدرة وأصبحنا نلبس ما ينتجه غيرنا ونأكل مما يأكل ونركب ما يصنعه , ونزهو ونفح بما يخترعه
مما جعلنا ندور فى فلكه , ونشقى بالتبعية له رضينا بذلك أم كرهنا , ولا منقذ لنا مما نحن فيه من تخبط وبعد عن منهج السماء , إلا الإيمان الغائب من حياتنا وحركة وجودنا " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (9)

أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى:

لا يجوز للعبد أن يقطع عملاً وصل به إلى الله سبحانه وتعالى، فإن أفضل الأعمال ما داوم عليه صاحبه وإن قل , كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللهِ ؟ قال : أدوَمُها وإن قلَّ .قال الراوي: وكانت عائشة رضي الله عنها إذا عملت العمل لزمته " متفق عليه . وفي لفظ :قال : اكلُفوا من الأعمالِ ما تُطيقون .البخاري. قال النووي رحمه الله تعالى: فيه الحث على المداومة على العمل وأن قليله الدائم خير من كثير ينقطع وإنما كان القليل الدائم خيرا من الكثير المنقطع لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافا كثيرة.اهـ صحيح مسلم شرح النووي ج 6 / 71/في هذا الحديث الشريف بيان للعبد علي أن المداومة على العمل الصالح تحتاج إلى عزيمة صادقة وترويض للنفس على لزوم العمل, ومن فوائد شهر رمضان أنه يدرب الإنسان على الأعمال الصالحة, وحقٌ على كلِ مؤمن تنعم بلذة الطاعة فيه، أن يستمر على شيءٍ من الطاعة, من أهمها الوتر فلا يتركه، كذلك قراءة شيء من كتاب الله يومياً, وصيامُ بعض الأيام خلال العام.فما لا يُدرك كله لا يُترك كله ,( 10)

والبركة في المداومة؛ فمن حافظ على قراءة جزء من كتاب الله تعالى في شهر رمضان ختمه في غيره وهكذا بقية الأعمال الصالحة.لقد كنا نصلي الترويح فلنقم في غيره ولو ركعات قليلة لا تأخذ من وقتكم دقائق, فإنه لا يحسن بنا وقد داومنا على ذلك في رمضان أن تهجره في غيره, فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ـ قال : قال لي رسول الله صل الله عليه وسلم :" يا عبد الله : لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيامه " متفق عليه.ولقد وعت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ـ أهمية المداومة على العمل الصالح وكانت تؤكد بوعيها ذلك في نصائحها كما في حديث رُمَيثة بنت حكيم أنها أصبحت عند عائشة رضي الله عنها فصَلّتْ رضي الله عنها ـ ثماني ركعات , ثم التفتت إليها فضربت فخذها وقالت : يا رُمَيثة رأيت رسول الله صل الله عليه وسلم ـ يصليها ولو نُشر لي أبويَ على تركها ما تركتها " رواه النسائي في السنن الكبرى . فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واحرصوا على الخير وأفضل العمل تجدوه عند الله قال تعالى :"فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون " سورة الأنبياء: الآية 94.ـ دعاء مؤلف:اللهم خذ بنواصينا إليك وتكرم علينا بحلاوة الإقبال عليك,وأحسن وقوفنا بين يديك .اللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين. .." موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. (11)

من علامات قبول العمل الصالح المداومة على الطاعة بعد رمضان :

لقد كان من فضل الله تعالى علينا أن أعاننا على إكمال عدة شهر رمضان، وهذا مما يستوجب علينا شكر الله عز وجل وهو علامة من علامات قبول العمل الصالح,قال تعالى:" ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون"سورة البقرة : الآية 185ـ إن من أحب الأعمال إلى الله تعالى المداومة والاستمرار على عمل الطاعات، والاستقامة على فعل الخيرات، التي تبلغ بالعبد إلى رضوان الله تعالى ودخول جناته، وتمنح السكينة في الحياة وبعد الممات، قال تعالى:" إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون". فالمداومة على فعل الطاعات فضيلة من أعظم الفضائل التي كان رسول الله صل الله عليه وسلم كثيرا ما يوصي بها الناس، فعن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك. قال: قل: آمنت بالله، ثم استقم. ( 12)

.والحرص على الطاعة والثبات عليها من أعظم الأمور التي يحبها الله تعالى ورسوله صل الله عليه وسلم فعن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سئل النبي صل الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أدومها وإن قل".متفق عليه.ولنعلم من علامات القبول بعد شهر رمضان وغير فعل الطاعة بعد الطاعة ، قال تعالى:"ويزيد الله الذين اهتدوا هدى" سورة مريم : الآية 76 ـ ومن ثم ينبغي على العبد الدوام على بعض الأعمال الصالحة بعد رمضان من الذكر أو قراءة القرآن الكريم أو قيام الليل.وذلك لأن الهدى يرشد إلى الهدى، والخير يدعو إلى الخير فاتقوا الله عز وجل واحرصوا على فعل الخيرات، وابتغوا الأجر والفضل من الله عز وجل، وأتبعوا الحسنة بالحسنة، فإن للحسنة ضياء في الوجه، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق،وبركة في الرزق واستقامة وصلاحاً في بيوتنا ومجتمعاتنا الإسلامية.دعاء مؤلف:اللهم وفقنا لاغتنام عمل الصالحات والمسارعة للخيرات،واجعلنا من المقبولين, وأعنا على طاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد الأمين صل الله عليه وسلم .". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(13)

خواطر ونصائح للوقايه من التفريط بعد شهر رمضان...

الحمد لله الدائم الباقي فلا يزول ولا يتغير كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون، جعل في انقضاء الشهور وتقلب الأزمنة عبرة لمن تفكر وأشهد أن لا إله إلا هو فتح أبواب رحمته لمن داوم علي طاعته وحجب أنوار هدايته عمن تردي في معاصيه وحماءة رذيلته، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمد رسول الله رمز الكمال وكمال الوجود القائل: لازلتم منصورين علي أعدائكم ما دمتم متمسكين بسنتي فإن خرجتم عن سنتي سلط الله عليكم من أعدائكم من يخيفكم حتى تعودوا إلي سنتي.اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا ومولانا محمد و علي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليماً كثيراً.

مواعظ ورقائق..

إلهي لا تعذبني فإني مقر بالذي قد كان مني

فكم من زلة لي في البرايا وأنت على ذو فضل ومني

يظن الناس بي خيرا وإني لشر الناس إذ لم تعفوا عني

أيها المسلمون:

ها هي الساعات تمر، والأيام تجرى وراءها، انتهى شهر رمضان ،وجاء العيد وانقضي وكل شيء سينتهي فعجالة الحياة تسير وتدور، وكل شيء إلي زوال وسيموت، وإلى التراب سيعود ،امتثالاً حقيقيا لقول المولي الكريم:"كل شئ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون" سورة القصص: الآية ٨٨ - اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا ومولانا محمد و علي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليماً كثيراً.

موعظة مؤثرة..

يقول الله عز وجل في الأثر الإلهي الإلهي:إذا عصانى من يعرفنى سلط عليه من لا يعرفني"

أيها الإخوة والأخوات الأفاضل...

إن كان شهر رمضان قد انتهي فإن رب رمضان حي أبدي سرمدي لا يدركه زوال ولا تفنيه الأوقات ولا الأهلة هلال بعد هلال، إن رب رمضان هو رب شوال ورب الشهور كلها والأزمنة في كل حال، فلا تقولوا الآن ذهب رمضان وتستهلوا شولا وغيره بالفسوق والعصيان، تذكروا فضل شهر رمضان، فكم من صحائف فيه بيضت ، وكم من رقاب فيه عتقت،وكم حسنات فيه تكاثرت وسطرت، فيا عبد الله يا من عدت إلى ارتكاب ذنوبك و معاصيك وركبت غفلتك في اللهو واللعب : تمهل قليلا ، ولا تطع شيطانك وهواك، تفكر قليلا: كيف تعود إلي السيئات،و ربما قد طهرك الله العظيم منها . كيف تعود إلى المعاصي؟اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا ومولانا محمد و علي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليماً كثيراً.

وربما محاها الله من صحيفتك، أيا عبد الله أيعتقك الله تعالى من النار ثم تعود إليها ؟ أيبيض الله الكريم صحيفتك من الأوزار والخطايا والآثام وأنت تسودها مرة أخرى ؟ يا عبد الله : آه لو تدري أي مصيبة وقعت فيها.آه لو تدري أي بلاء نزل بك،لقد استبدلت بالقرب بعدا، و بالحب بغضا، وبالطاعة ذلا ومهانة، أيا عبد الله إياك أن تكون كالتي نقضت غزالها من بعد قوة انكاثا.وهي امرأة حمقاء من أهل مكة كانت تسمي( ريطه ) يضرب لنا بها القرآن الكريم بها المثل كانت كلما أحكمت غزلها أمرت جاريتها بأن تنقضه من جديد فلايتم لها غزل بل تظل هكذا في سفهن وضياع، يقول الله تعالى في شأن هذا السفه وتلك الحماقة:" ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم" سورة النحل الآية ٩٢ -اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا ومولانا محمد و علي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليماً كثيراً.

قال المباركفوري رحمه الله تعالى في معني الحور والكور:" أي النقصان بعد الزيادة و فساد الأمور بعد صلاحها" تحفة الأحوذي، شرح جامع الترمذي،
‏وقال الإمام السندي رحمه الله تعالى في حاشيته: "والكور لف العمامة وجمعها والحور نقضها، والمعنى الاستعاذة بالله من فساد أمورنا بعد صلاحها كفساد العمامة بعد استقامتها على الرأس" حاشية السندي على النسائي.
‏وفسر الإمام الترمذي الحور بعد الكور بالرجوع من الإيمان إلى الكفر أومن الطاعة إلى المعصية.
‏وقال المازري: "معناها أعوذ بك من الرجوع عن الجماعة بعد أن كنا فيها"، يقال: "كار عمامته إذا لفها، وحارها إذا نقضها".اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا ومولانا محمد و علي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليماً كثيراً.

يقول الحكيم الترمذي: مثل الذي ينقض العهد كمثل الغزل الذي نقضت تلك المرأة الحمقاء، حيث كان لعمرو بن كعب بن سعد بنت تسمى ريطة، وكانت إذا غزلت الصوف أو شيئاً آخر نقضته.
وروى ابن ماجة في سننه عن عبد الله بن سرجس رضي الله تعالى عنه قال:"كان رسول الله صل الله عليه وسلم يقول:"اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور"اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا ومولانا محمد و علي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليماً كثيراً.

‏فالحور هو الإنتكاس والرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من السنة الى البدعة ، ومن الطاعة إلى المعصية أو الرجوع من الاستقامة أومن الزيادة إلى النقص.ومما لاشك فيه أن هذه المعاني جميعها تبين لنا حقيقة واحدة، وهي تبدل حال المؤمن من الحسن إلي السيئ، ومن قوة الإيمان إلي ضعفه، ونقصان ما كان يقوم به من أعمال الذي اعتادها وتعود عليها في شهر رمضان الكريم.اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا ومولانا محمد و علي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليماً كثيراً.

‏وكان رسول صل الله عليه وسلم يقول: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك" من حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها رواه الترمذي وأحمد والحاكم وصححه الألباني.فلا تهدم ما بنيت،لا تسود ما بيضت،لا ترجع إلي الغفلة و المعصية فو الله إنك لا تضر إلا نفسك. دعاء مؤلف:اللهم إنا نعوذ بك من النقص بعد الزيادة، ونعوذ بك من الخسارة بعد الربح؛ ونعوذ بك من الفشل بعد النجاح؛ سبحانك أنت المستعان وعليك التكلان ومنك وحدك الإجابة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي محمود اللهم أمين يارب العالمين وصل الله و سلم و بارك علي سيدنا ومولانا محمد و علي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليماً كثيراً.