من فقه العبادات ( عبادة الصيام )

2_ تناول الإفطار وتعجيله

ومن آداب الصيام وسننه تعجيل الفطر وذلك بعد تحقق الغروب أو بسماع آذان المغرب قال صل الله عليه وسلم " إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من ها هنا فقد أفطر الصائم "
هذا وقد أخرج الشيخان عن سهل بن سعد رضى الله تعالى عنهما أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال " لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وفى رواية لأبى داود قال عليه الصلاة والسلام " لايزال الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر "
وعن أبى هريرة رضى الله عنه عنه صل الله عليه وسلم قال الله عز وجل " أحب عبادى إلى أعجلهم فطرا " فالذى لايفطر حتى ينتهى آذان المغرب مخالف للسنة النبوية فالسنة فى السحور الإنتهاء عن الطعام قبيل الفجر وفى الإفطار الفطر بمجرد سماع الله أكبر لأنه من المستحب للمؤذن أكل تمرات أو شرب ماء قبل أن يؤذن ليقوى على الطاعة والعبادة , والفطر قبل الصلاة أرفق بالصائم وأقوى له على العبادة وبذلك يقطع على نفسه الشواغل والتطلع للمفطر وليطمئن قلبه وأنظر معنى الفطر قبل صلاة المغرب وعند سماع الآذان كما يقول أنس رضى الله عنه قال كان رسول الله صل عليه وسلم " يفطر قبل أن يصلى على رطبات فإن لم يكن رطبات فتميرات فإن لم يكن تميرات حسا حسوات من ماء "

والحكمة فى طلب الفطر على تمر ونحوه من مادة سكرية أنه حلو والحلو يقوى البصر الذى يضعف بسبب الصوم .
وقال صل الله عليه وسلم " إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة فإن لم يجد تمرا فالماء فإنه طهور "
إن وراء السنة النبوية الشريفة المطهرة يكمن إرشادا طبيا وفوائد صحية هامة وحكما عظيمة ولذلك أمرنا المولى جل شأنه أن نقتدى به حيث يقول جل شأنه " لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا " سورة الأحزاب ذلك أن رسول الله صل الله عليه وسلم يفعل وينطق بأمر ربه كما قال تعالى " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى " سورة النجم
وليس أمامنا إلا أن نتدبر قول الله تعالى ونتدبره " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا " سورة الأحزاب وقال تعالى " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " سورة الحشر
وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(9)

3_ من آداب الصيام الدعاء

ينبغى على الصائم أن يدعوا الله تعالى بما فيه خير عند فطره وأثناء صيامه
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال : كان رسول الله صل الله عليه وسلم " إذا أفطر قال : " اللهم إنى أسألك برحمتك التى وسعت كل شئ أن تغفر لى ذنوبى " وروى أبو داود والنسائى عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كان رسول الله صل الله عليه وسلم " إذا أفطر قال ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله " وفى رواية أنه كان يقول " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت "
وروى ابن ماجة عن عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما قال : أفطر رسول الله صل الله عليه وسلم عند سعد بن معاذ رضى الله تعالى عنه فقال " أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة "
ولقد أخبر النبى صل الله عليه وسلم أن دعوة الصائم لاترد فقد روى ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو أن النبى صل الله عليه وسلم قال " إن للصائم عند فطره دعوة لاترد " وروى الترمذى أنه صل الله عليه وسلم قال ثلاثة لاترد دعوتهم : الصائم عند فطره , والإمام العادل , ودعوة المظلوم "

4_ ومن آداب الصيام ألا يكثر من تناول الطعام والشراب عند الإفطار والسحور

لأن ذلك يسبب تكاسله عن الطاعة فقد ورد أن من أكل كثيرا نام كثيرا وحرم خيرا كثيرا , وقال عيسى عليه السلام " لاتأكلوا كثيرا فتقسوا قلوبكم " وقال لقمان رضى الله عنه " إذا إمتلأت المعدة نامت الفكرة , وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة "
ويستحب للصائم الإكثار من العبادة والطاعة وقراءة القرآن والصدقة والإحسان إلى الأقارب واليتامى والمساكين
كما تسن له صلاة الترويح , وقيام ليلة القدر
يقول صل الله عليه وسلم " من قام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه , ومن قام ليلة القدر إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(10)

صلاة الترويح أو ( قيام رمضان )

صلاة الترويح فى كل ليلة , من شهر رمضان سنة مؤكدة, فى حق الرجال والنساء , وتسن فيها الجماعة
ووقتها يبدأ من بعد صلاة العشاء .

والدليل على سنيتها

فعل الرسول صل الله عليه وسلم فقد روى الشيخان أنه صل الله عليه وسلم " خرج من جوف الليل من ليالى رمضان , وهو ثلاث متفرقة , ليلة الثالث والعشرين , والخامس والعشرين , والسابع والعشرين , وصل فى المسجد وصل الناس بصلاته
فيها , وكان يصلى بهم ركعات , ويكملون فى بيوتهم باقيها فكان يسمع لهم أزيز كأزيز النحل .
وقد ظل الصحابة رضون الله عليهم يصلونها متفرقين , حتى رأى عمر رضى الله عنه , فى خلافته أن يجمعهم على صلاتها فى المسجد , وراء إمام , فكانت الترويح جماعة بهذا العدد , مما استحسنه عمر رضى الله تعالى عنه , ووافقه عليه الصحابة , وسار عليه المسلمون من بعده وقد روى الإمام مالك فى الموطأ عن يزيد بن رومان قال : " كان الناس فى زمن عمر رضى الله تعالى عنه يقومون , فى رمضان بثلاث وعشرين ركعة " أى بزيادة الوتر ثلاث ركعات , على الترويح وقد جمع عمر رضى الله عنه , الناس على هذا العدد فى المسجد , ووافقه الصحابة على ذلك
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(1)

, ولم يوجد لهم مخالف ممن بعدهم , وقد ذكر أصحاب هذا الرأى أن النبى صل الله عليه وسلم وإن كان قد صلى بالناس فى المسجد فى الليالى التى خرج إليهم فيها , ثمان ركعات إلا أنهم كانوا يكملون العشرين فى بيوتهم , وصلاة التراويح سنة بلا خلاف , والجماعة فيها فضلها ثابت لاينكر , ورسول الله صل الله عليه وسلم قد رغب فى مطلق قيام الليل , فى رمضان وغيره فقد روى الجماعة من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : " كان رسول الله صل الله عليه وسلم " يرغب فى قيام الليل خاصة فى شهر رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة فيقول : " من قام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "
ويسن القنوت فى الوتر وعند الإمام الشافعى أنه كان يقنت فى النصف الآخير من شهر رمضان .
ومن الأفضل أن ينتهى المسلم من قرأة القرآن , فى الترويح بانتهاء شهر رمضان
متى تيسر له ذلك , وإلا فليصل بما تيسر له .
وليعلم المسلم أن روح الصلاة الخشوع , فليحرص عليه قبل أن يحرص على زيادة عدد الركعات , وعلى قراءة القرآن كله أو بعضه فيها , أو يحرص على العشرين ركعة أو الثمانى , فرب ركعات قليلة تؤدى فى صلاة بخشوع , وقراءة فيها تدبر
خير من ركعات كثيرة قصيرة لاخشوع فيها ..,, صفحة (2)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

العمرة فى رمضان

العمرة فى رمضان ثواب كبير يساوى ثواب حجة , روى البخارى " قال رسول الله صل الله عليه وسلم " لأمرأة من الأنصار سماها .. ما منعك أن تحجى معنا ؟ قالت كان لنا ناضج فركبه أبو فلان وابنه _ لزوجها وابنها , وترك ناضجا ننضج عليه قال فإذا كان رمضان اعتمرى , فإن عمرة رمضان حجة أو نحوا مما قال " وفى رواية مسلم قال : فعمرة فى رمضان تقضى حجة أو حجة معى " ولكن يجب أن نعلم مهما كان للعمرة من ثواب وفضل مثل الحج , الا أنها لاتسقط فريض الحج عمن عليه هذه الفريضة , أو أدلكم أيها الناس على ما أفضل من ذلك لمن اعتمر وحج مرار أن السعى على قضاء حاجة المسلم بالمال والجهد وخاصة فى الحال الذى نحن عليه اليوم وقد قال صل الله عليه وسلم " أحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم أو تقضى عنه دينا أو تكشف عنه كربه أو تطرد عنه جوعا " وقال صل الله عليه وسلم " من أدخل سرورا على أهل بيت من المسلمين لم يرض الله تعالى له ثوابا دون الجنة " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(3)

عمرات النبى صل الله عليه وسلم ووقتها

روى أنس رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم "
اعتمر , أربع عمرات , كلهن فى ذى القعدة الا التى مع عمرة الحديبية
فى ذى القعدة , أو زمن الحديبية فى ذى القعدة , وعمرة مع العام المقبل
فى ذى القعده , إلا مع التى حجته , عمرة من الحديبية أو زمن الحديبية
وعمرة مع العام المقبل فى ذى القعدة , وعمرة من جعرانة حيث قسم غنائم
غزوة حنين فى ذى القعدة , وعمرته مع حجته .
وإنما اعتمر النبى صل الله عليه وسلم فى ذى القعدة , لفضيلة هذا الشهر , ولمخالفة الجاهلية , فى ذلك فإنهم كانوا يرونه من أفجر الفجور , ففعله رسول الله صل الله عليه وسلم , مرات فى هذا الشهر ليكون أبلغ فى بيان , جوازه فيه وأبلغ فى ابطال ما كان عليه أهل الجاهلية .
وقد وقع خلاف حول ما إذا كان الأفضل العمرة , فى رمضان لغير النبى صل الله عليه وسلم , وأما ما صنعه فى حقه فى ذى القعدة كان أفضل , ذلك لأنه فعله للرد
على أهل الجاهلية الذين كانوا يمنعون الإعتمار فى أشهر الحج , وهذا هو رأى جمهور العلماء " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(4)

من أحكام الاعتكاف

الاعتكاف رياضة روحية وتزكية نفسية , وتطهير للقلب والعقل من غلبة أغراض الدنيا على نفس المؤمن , والاعتكاف يكون فى المسجد تفرغا لله تعالى ولعبادته .
يلجأ إلى هذه الطاعة المستحبة الذين يزددون شوقا وحبا إلى ربهم وخالقهم سبحانه وتعالى , وهم متلهفون إلى عفوه وكرمه ومغفرته ورحمته .
وهذه الرياضة الروحية كانت معروفة قبل الإسلام , كان يقبل عليها أصحاب
النفوس الشفافة
روى البخارى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال يارسول الله صل الله عليه وسلم " إنى نذرت فى الجاهلية أن أعتكف ليلة فى المسجد الحرام , فقال له صل الله عليه وسلم " أوف بنذرك ؟ وعن عائشة أم المؤمنين رضى الله تعالى عنها أن النبى صل الله عليه وسلم " كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان , حتى توفاه الله , ثم اعتكف أزواجه من بعده رواه البخارى ومسلم
وروى البخارى أنه صل الله عليه وسلم" كان يعتكف فى كل عشرة أيام فلما كان العام الذى قبض فيه اعتكف عشرين يوما .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

والاعتكاف معناه : الاقامة الكاملة فى المسجد , وعدم الخروج منه مدة معينة , على نية التقرب لله عزوجل , وهو سنة حين يتطوع بها المسلم , من تلقاء نفسه وتتأكد سنيته فى العشر الآواخر من رمضان , فإذا نذره المسلم على نفسه , كأن يقول لله على أن أعتكف كذا وكذا من الأيام , فإن نذره فى هذه الحالة يكون واجبا عليه أن يؤديه , وليس للاعتكاف وقت محدد , فمتى نوى المسلم المكث فى المسجد مدة بنية الاعتكاف كان معتكفا , فإذا خرج فله أن يجدد النية , ويجوز ذلك وأما الاعتكاف المنذور فيجب عليه أن يؤديه , على الوجه الذى نذره به .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أركان الاعتكاف

1_ المكث فى المسجد والإقامة فيه بنية التقرب إلى الله
2_ النية " لقوله صل الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ مانوى "

وشروط الاعتكاف

الإسلام والتميز والعقل والطهارة , من كل ما يوجب الغسل وكونه فى المسجد
ولايشترط أن يكون المعتكف صائما , وإن كان الصيام أفضل وهذا الكلام لمن اعتكف فى غير رمضان , وللمرأة أن تعتكف بإذن زوجها , فإن منعها امتنعت وأطاعة .
ومن نوى الاعتكاف فى العشر الآواخر من رمضان , فعليه أن يدخل معتكفه
قبل غروب الشمس , ويخرج بعد غروب الشمس آخر يوم من الشهر الكريم
وقد استحسن البعض المبيت ليلة الفطر بالمسجد , والغدو إلى صلاة العيد لمن تيسر له ذلك .
ومن نذر اعتكاف يوم أو أيام , دخل معتكفه قبل أن يتبين له طلوع الفجر , ويخرج بعد غروب جميع قرص الشمس , وأما من نذر اعتكاف ليلة أو ليال , فإنه يدخل معتكفه قبل مغيب جميع قرص الشمس , ويخرج بعد ما يتبين له طلوع الفجر ,
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ويستحب للمعتكف

الاكثار من ذكر الله تعالى , وتسبيحه وتكبيره والاستغفار , والصلاة على النبى صل الله عليه وسلم , وتلاوة القرآن , ومذاكرة العلم ومدارسته , كما يجوز له أن يتخذ خباء فى صحن المسجد , اقتداء برسول الله صل الله عليه وسلم وليس ذلك شرطا فيجوز فى أى مكان من المسجد .

مايكره للمعتكف

أن يشتغل نفسه بما لايعنيه , من قول أو فعل ويكره الصمت عن الكلام , مطلقا ظنا منه أن فى الصمت تقرب إلى الله .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وما يباح للمعتكف

الخروج لقضاء الحاجة , وللاتيان بالمأكول والمشروب , إذا لم يكن له من يأتيه به , وللمعتكف أن يمشط شعره , ويحلق رأسه ويقلم أظافره , وينظف بدنه ويلبس أحسن الثياب ويتطيب بالطيب .

ما يبطل الاعتكاف

الخروج عمدا لغير حاجة , والرده عن الإسلام , ( كسب الدين الذى أصبح مضغة الكثير ) وذهاب العقل بجنون أو سكر , والحيض أو النفاس أو الجماع أو الإنزال ,
وإذا بطل الاعتكاف استحب للمعتكف قضاؤه , وقيل يجب عليه ذلك .
ومن نذر الإعتكاف فى مسجد معين لايلزمه المسجد الذى حدده الا إذا نذره فى المسجد الحرام أو مسجد النبى صل الله عليه وسلم , أو المسجد الأقصى , وإن نذر الاعتكاف فى المسجد النبوى جاز , أن يعتكف فى المسجد الحرام , لأنه أفضل منه
وإن نذره فى المسجد الأقصى فله الاعتكاف فى أى المساجد الثلاثة أحب .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ليلة القدر وما جاء فيها

القدر هو الشرف العظيم , ولقد عظم الله من شأن هذه الليلة , لنزول القرآن فيها
وقال تعالى " انا أنزلناه فى ليلة القدر , وما أدراك ما ليلة القدر , ليلة القدر خير من ألف شهر , تنزل الملائكة والروح فيه بإذن ربهم من كل أمر , سلام هى حتى مطلع الفجر "
وقال صل الله عليه وسلم ( التمسوها فى العشر الآواخر من رمضان ) رواه أحمد والبخارى وأبو داود
والمشهور عن جمع كبير من الصحابة , أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان , واحياؤها سنة لقول : عائشة رضى الله تعالى عنها كان رسول الله صل الله عليه وسلم " يجاور فى العشر الآواخر من رمضان ويقول : " تحروا ليلة القدر فى العشر الآواخر من رمضان " رواه البخارى والمراد بالمجاورة , الاعتكاف والدعاء فيها .من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه قال : اعتكفنا مع النبى صل الله عليه وسلم :" العشر الأوسط من رمضان , فخرج صبيحة عشرين فخطبنا وقال :
إنة أُريت ليلة القدر ثم أُنسيتها , أو نسيتها , فالتمسوها فى العشر الأواخر فى الوتر
وإنى رأيت أن أسجد فى ماء وطين , فمن كان اعتكف مع رسول الله صل الله عليه وسلم فاليرجع , فرجعنا وما نرى فى السماء قزعة , فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد , وكان من جريد النخل , وأقيمت الصلاة , فرأيت رسول الله صل الله عليه وسلم يسجد فى الماء والطين , حتى رأيت أثر الطين فى جبهته صل الله عليه وسلم " رواه البخارى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



                                             

من هدى النبى صل الله عليه وسلم , روى الإمام أحمد وابن ماجة عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت : يا رسول الله أرأيت أن علمت أى ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال قولى :" اللهم أنك عفو تحب العفو فاعف عنا "
وحكمة احيائها بالعبادة , تذكر نعمة الله علينا بانزال القرآن فيها هدى للناس , إلى ما فيه خيرهم فى دنياهم وآخرتهم وقد احتفل الله بها وكرمها , فمن واجبنا أن نعرف قدرها , ونحرص على احيائها , والتقرب إلى الله تعالى فيها .



وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

صلاة العيد ( عيد الفطر )

للأعياد فى الإسلام دوافع انسانية , فهى أيام ذكر وشكر , وهى ظاهرة اجتماعية ضرورية لكل أمة أن يكون لها من أيامها , أعياد تفرح فيه وتستجم من عناء العمل
وأعياد كل أمة ترتبط إما بدينها أو بحدوادث هامة لها أثرها الطيب فى تغير مجرى حياتها , ولذلك كانت الأعياد فى كل أمة مظهرا من مظاهر شخصيتها , ولأجل هذا لم يرض رسول الله صل الله عليه وسلم " أن يترك المسلمين يحتفلون بأيام كانوا يحتفلون بها قبل الإسلام بل جعل لهما عيدين , مرتبطين بعبادتين من أهم العبادات فى الإسلام , وهما عيد الفطر , وذلك بعد أن ينتهى المسلمون من عبادة الصوم , ويفرحوا بفطرهم , وعبادتهم لله , وعيد الأضحى , بعد أن يؤدى الحجاج أهم ركن فى عبادة الحج _ وهو الوقوف بعرفة _ ويفرحوا ويفرح أهلوهم بما أدوا من عبادة فى أطهر بقعة وأقدسها .

وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وإلى هذا يشير حديث أنس رضى الله عنه الذى رواه النسائى وأبو داود عنه صل الله عليه وسلم " أنه قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما , فقال ما هذان اليومان ؟ قالوا كنا نلعب فيهما فى الجاهلية فقال رسول الله صل الله عليه وسلم " إن الله تعالى أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى , ويوم الفطر" فهما يوما ذكر وشكر وفرح بنعمة التوفيق للطاعة , بدلا من يومى اللعب واللهو والصخب.

وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

التكبير فى العيد

ويندب إحياء ليلة العيد بالذكر , والتكبير , والدعاء والإستغفار والصلاة والعطاء للبائسين فقد ورد فى الحديث عنه صل الله عليه وسلم " من قام ليلتى الأضحى والفطر , لم يمت قلبه يوم تموت القلوب "
ووقت الكبير اختلفت فيه المذاهب الفقهية على تحديده وهو ميسور وسهل والذى عليه الأكثر أن نبدأ التكبير فى عيد الفطر , من رؤية الهلال حتى يغدو الناس إلى المصلى , وحتى يصعد الإمام على المنبر لقوله تعالى " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " سورة البقرة

وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وأما فى عيد الأضحى فمن صبح يوم عرفة , إلى عصر آخر أيام منى لقوله تعالى " واذكروا الله فى أيام معدودات " قال ابن عباس رضى عنه :" هى أيام التشريق وهى اليوم الحادى عشر , والثانى عاشر , والثالث عشر من ذى الحجة "
ويستحب التكبير فى كل وقت من هذه الأيام سواء قبل الصلاة أو بعدها أوفى الطريق أو فى المجلس , وصيغ التكبير كما وردت عن عمروابن مسعود رضى الله عنهما
( الله أكبر الله أكبر , لا إله إلا الله , والله أكبر الله أكبر , ولله الحمد )
وزاد بعض المذاهب ( الله أكبر كبيرا , والحمد لله كثيرا إلى آخر الصيغة المشهورة ) على أن يكون معلوما , أن ذلك كله أمر مندوب , فلا يجوز أن يحتد الخلاف حوله بين المسلمين . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حكمها

صلاة العيد عند أكثر المذاهب سنة عين مؤكدة على كل من تجب عليه صلاة الجمعة
وأداؤها مع الجماعة سنة عند الشافعى , فله أن يصلها منفردا وقال آخرون : الجماعة
شرط بلا آذان وإقامة .

وقتها

ووقتها من ارتفاع الشمس ولو قدر ثلاثة أمتار , إلى الزوال والأفضل التعجيل بها
والمسارعة , إلى أدائها وتحديد وقتها رغبة فى اجتماع المسلمين حتى يؤديها فى جماعة ثم ينصرفوا إلى ما يريدون فى هذا اليوم العظيم , من زيارات تؤكد محبتهم وتقوى روابطهم .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وأما عن كيفيتها

صلاة العيد ركعتان كغيرهما من النوافل غير أنه فى الإولى وبعد تكبيرة الإحرام , ودعاء الاستفتاح , وقبل التعوذ والقراءة يكبر سبع تكبيرات ( الله أكبر ) يفصل بين كل تكبيرتين , بقدر آية صغيرة وبعد أن ينتهى من التكبير , يتعوذ ويقرأ الفاتحة والسورة , أما فى الركعة الثانية فإنه بعد تكبيرة القيام , يكبر خمس تكبيرات ثم يأخذ فى القراءة , ويندب أن يقرأ فى الركعة الإولى بعد الفاتحة ( سورة الأعلى ) وفى الركعة الثانية بعد الفاتحة سورة الغاشية , وإن كان له أن يقرأ بما شاء , وإذا أدرك الإمام فى بعض التكبيرات تابعه فى التكبير ولا يعيد ما فاته منه , ولو نسى المصلى التكبير , ودخل فى القراءة مباشرة , بعد تكبيرة الإحرام أو القيام فلا يعود للتكبير وصلاته صحيحة .


وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

استحباب أن تؤدى فى غير المسجد فى الصحراء , فى غير مكة وخاصة إذا كانت قريبة من العمران , بخلاف الشافعية قالوا إن أداءها فى المسجد أفضل لشرفه , إلا لعذر كضيقه , فيكره الزحام فيه وتسن حينئذ الصحراء
ويندب أن يخرج المصلى إلى مصلى العيد ماشيا , إن أمكن وأن يجهر بالتكبير حتى يدخل الإمام فى الصلاة .
والأجدر أن يذهب إلى المصلى من طريق , ويعود من طريق آخر , ومن السنة أن يأكل قبل خروجه إلى مصلاه فى عيد الفطر , تحقيقا لمعنى الفطر , وابتهاجا وشكرا لنعمة الله سبحانه , وأما فى عيد الفطر فيندب تأخير الفطر .


وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لاصلاة قبلها وبعدها

ليس للعيد سنة قبلية ولا بعدية , لعدم ثبوت ذلك من حديث ابن عباس رضى الله تعالى عنهما :" خرج رسول الله صل الله عليه وسلم يوم عيد فصلى ركعتين ولم يصلى قبلهما ولا بعدهما , " رواه الجماعة

ومن آداب العيد الخطبة

وذلك بعدما ينتهى الإمام من صلاة العيد , يصعد المنبر ويخطب خطبتين خفيفتين
, يرشد الناس فيهما إلى ما ينبغى عليهم فعله يوم العيد , من البشاشة والصفاء والحب والود والولاء , والتغاضى عن الزلات والعفو عن الهفوات السابقة بين المسلم وأخيه
وهما كخطبتى الجمعة , تفتحان بالحمد لله , وأما خطبتا العيد فإنهما يفتحان بالتكبير
وتفتح الإولى منهما بالتكبير تسعا , وأما الثانية فتنفتح بالتكبير بالتكبير سبعا وتختم بقوله تعالى " سبحان ربك رب العزة عما يصفون , وسلام على المرسلين , والحمد لله رب العالمين " سورة الصافات آية 180_ 182_
                 
                                      وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

إذا اجتمع العيد والجمعة معا

وإذا اجتمع العيد والجمعة فى يوم واحد , وجب عند الأئمة الثلاثة أداء كل صلاة منها فى وقتها المشروع , فنصلى صلاة العيد فى وقتها , ونصلى الجمعة فى وقتها , ويرى الإمام أحمد رضى الله عنه أنه إذا اجتمع العيد والجمعة فى يوم واحد سقطت الجمعة عمن صلى العيد , ويصلى الظهر بدلها , وإن كان الأفضل أن يصليهما معا كل فى وقتها
ومن السنة اظهار السرور وتبادل الدعاء بالخير , فى أيام العيد , فالإسلام يدعونا إلى التواصل والتراحم , والتوسعة على الفقراء والمساكين فى هذه الأيام الطيبة , فعن جبير بن نقير قال : " كان أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم " إذا التقوا يوم العيد " يقول بعضهم لبعض" تقبل الله منا ومنكم " قال الحافظ اسناده حسن
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم