هل جزاء الوالدين إيداعهما دار المسنين :

من الأسباب التى تعين الولد على بر أبويه :

_ عندما يستشعر الولد فرح أبويه ببرهما , فإن ذلك يساعده إلى حد كبير إلى إدخال السرور والسعادة عليهما , ولا يجعله يقدم على عقوقهما لأنه يدرى أن ذلك مما يحزنهما ويبعث على الآسى والألم فى نفسيهما , ولو أنه تذكر حياة أهل البر لكان ذلك حافذا له , على العمل والطاعة لهما من أجل رضائهما , ولو نظر إلى أهل العقوق ومصيرهما السوء ولنفر من إيذائهما وانزجر من العقوق لهما , ولو تذكر الولد أنه يوما ما سيكون فى نفس الموضع عند الكبر وسن العجز والحاجة , فهل يفرح عندما يلقى من أبناءه كذلك نفس المعاملة السيئة , والقسوة المجحفة , من الإهمال والتهاون التنكر البغيض ؟ فمن الأفضل لك أن تكون من أهل هذه الآية " وقل رب إرحمهما كما ربيانى صغيرا " سورة الإسراء الآية 24 _ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ترك الدعاء للوالدين يورث الفقر :

إن بر الوالدين طريق للرزق الواسع
كما في حديث أنس رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " إذا ترك العبد الدعاء للوالدين انقطع عنه الرزق " رواه الحاكم فى التاريخ والديلمى فى مسند الفردوس بسند ضعيف
وليس معنى أنه ضعيف أنه لايجوز العمل به بل يجوز العمل به..
‏وفي الحديث بيان لنا علي أهمية تذكر الوالدين والدعاء لهما لما في ذلك من فضل عظيم باعتباره برا بهم وثواب عظيما يفتح أبواب الرزق والبركة بشكل يجعلنا دائما نتذكر الوالدين والدعاء لهم بشكل مستمر .والأمر بالدعاء للوالدين للوجوب فيجب على الولد أن يدعوا لوالديه بالرحمة فى كل فرض من صلاته وعندما سئل سفيان الثورى رضى الله تعالى عنه : كم يدعوا الإنسان لوالديه فى اليوم مرة أو فى الشهر أو فى السنة ؟ فقال : نرجوا أن يجزيه إذا دعا لهما فى آخر التشهدات وقال بعض التابعين , من دعا لوالديه خمس مرات فقد أدى حقهما فى الدعاء لأن الله تعالى يقول " أن أشكر لى ولوالديك إلى المصير " سورة لقمان الآية ١٤ -
‏أي وأَمَرْنا الإنسان ببرِّ والديه والإحسان إليهما، حَمَلَتْه أمه ضعفا على ضعف، وحمله وفِطامه عن الرضاعة في مدة عامين، وقلنا له: اشكر لله، ثم اشكر لوالديك، إليَّ المرجع فأُجازي كُلا بما يستحق.انتهي.. ‏فشكر الله تعالى أن يصلى كل يوم خمس مرات , وشكر الوالدين أن يدعوا لهما فى كل يوم خمس مرات وكما هو مطلوب منك الدعاء للأبوين المسلمين بالرحمة , كذلك الأبوين غير المسلمين تدعوا لهما بالهداية للإيمان.اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان وجميع المسلمين.اللهم أمين يارب العالمين وصل الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليما كثيرا.
موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي محمود
‏

الأمومة كنز وعطاء :

إن الإحتفال بعيد الأم كما سميناه والحفاوة به من كل عام يوجب علينا أن نراجع أنفسنا كى ندرك كيف رعى الإسلام الأمومة وحرص عليها فى جميع أحوالها وأيامها فالأم هى قرة العين و صدر الحنان بما تقوم به من رعاية للإنسان فى مراحل حياته وأطوار تكوينه  وإذا كان الإسلام حض على بر الوالدين بصفة عامة , وطلب من الأبناء المعاملة الكريمة والطاعة الدائمة فقد ركز على الأم بصفة خاصة أن يقوم الأبناء فى زيادة هذا البر ومن التكريم والوفاء على مدار العام كله وفى جميع أيام السنة لافى يوم واحد فقط بل طوال العمر حيث لايجوز من الأولاد العقوق والتمرد والتقاعس عن القيام بواجبها وحقها ثم نأتى فى يوم عيد الأم ونقدم لها من الهديا والكلم الطيب ثم بعد ذلك تُهمل الأم بقية العام تلك إذا قسمة جائرة وظالمة من الأبناء إنه من الواجب علينا أن نحترم نظام الإسلام وقواعده وأحكامه فى أمر بر الوالدين كما يجب على الآباء والأمهات أن يعلموا أولادهم منذ نعومة أظفاره معنى بر الوالدين حتى إذا ما كبروا وأدركوا قاموا بها خير قيام إن من أدب ولده صغير قرت عينه به كبيرا ورزق بره لقد حث الإسلام الأولاد على بر الوالدين أمرا ونهيا وتوعد من يهمل هذا الحق بالعذاب الأليم ولم يترك الإسلام  منفذ يمكن أن يتجرأالأولاد من خلاله على تضيع حق أبائهم فى البر واهماله بحجة قسوة الوالدين مثلا أو المخالفة فى الدين أو أن الأب والأم ليسا على مستوى الإلتزام الذى يريده الولد منهما وهذه حجج ما أنزل الله به من سلطان و القرآن يأمرك ببر الوالدين والمعاملة بالمعروف والفضل والإحسان قال تعالى " وإن جاهداك على أن تشرك بى ماليس لك به علم فلا تطعهما وصحبهما فى الدنيا معروفا " سورة لقمان إنه ليس هناك مبرر أبدا فى قطع صلة الوالدين وعقوقها وعدم برهما وإن ظلماك " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حد النظر للوالدين عقوق :

عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت : قال : رسول الله صل الله عليه وسلم " ما بر أباه من حد اليه الطرف ( يعنى نظر إليهما بغلظة وغضب) رواه البيهقى وابن مردويه , وروى الطبرانى بلفظ " ما بر أباه من شد إليه الطرف بالغضب " ومعناه من نظر اليهما نظر غضب وإن لم يتكلم لم يبرهما وما بعد البر إلا العقوق , فالعقوق كما يكون بالقول والفعل يكون كذلك بمجرد النظر بالغضب وعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم لم يتلى القرآن من لم يعمل به , ولم يبر والديه من أحد النظر اليهما فى حال العقوق , أولئك براء منى وأنا منهم برئ " رواه الدرقطنى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من بر الوالدين بر صديقهما :

عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " احفظ ود أبيك لاتقطعه فيطفئ الله نورك " رواه البخارى فى الأدب المفرد والطبرانى والبيهقى وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن كعب الأحبار قال : فى كتاب الله الذى أنزل على موسى عليه السلام " احفظ ود أبيك لا تقطعه فيطفئ الله نورك " رواه بن عساكر وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

دروس بين العاق والبار :

إن أولى الناس بك و بالمعاملة الكريمة والأخلاق الحسنة هما والديك وخاصة أمك , فقد يحسن الولد معاملة غيره من الناس على اختلاف طباعهم , ومناصبهم  وذلك من أجل مصلحة وحصول على منفعة , فإذا إلتقى بوالديه وأهله وإخوته أسا ء معاملتهم , وكأنه يجهل ما عليه من حقوق تجاه والديه وغيرهم , وقد يضيع الإنسان عمره فى رضاء زوجته وأولاده وهو يعق أباه فيشقى فى الدنيا ويستحق غذب الله تعالى وعقوبته فى الأخرة , والله عز وجل يقدم لنا قصص الفرآن الكريم وفيه دروس وعبر لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد , تكشف لنا عن عقوبة مخالفة الأباء والخروج عليهم , وجزاء طاعتهم والتسليم لأمرهم ومن هؤلاء الأنبياء سيدنا نوح عليه السلام فقد أعلمه الله تعالى بأمر الطوفان وأمره بأن يصنع سفينة , قال تعالى"ونادى نوح ابنه وكان فى معزل يابنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين " سورة هود الأب يحرص على نجاة ولده وهو لايبالى وهو يقول لأبيه عاقا ومخالفا " سأوى إلى جبل يعصمنى من الماء قال لاعاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين " سورة هود وفى جانب البر يضرب لنا المثل بسيدنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام وهو الذبيح على الصحيح قال تعالى " يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى " سورة الصافات ويسلم الولد البار لأبيه " يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين " سورة الصافات فكان جزاء التسليم أن قال تعالى " وفديناه بذبح عظيم " سورة الصافات وليكون من المحسنين " . وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

دعاء الوالدين مستجاب :

من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " ثلاث دعوات مستجاب لهن لاشك فيهن _ دعوة المظلوم _ ودعوة المسافر _ ودعوة الوالدين على الولد " رواه أحمد والبخارى فى الأدب المفرد , وأبو داود والترمذى وحسنه ورواه بن ماجة بلفظ " ودعوة الوالد لولده " وعن ثوبان رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " أربعة دعوات مستجابة _ الإمام العادل , والرجل يدعوا لأخيه بظهر الغيب , ودعوة المظلوم ورجل يدعوا لولده " رواه أبو نعيم فى الحلية وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

دعاء الوالدين مستجاب :

من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قا عنه صل الله عليه وسلم " ما تكلم مولود من الناس فى مهد إلا عيسى ابن مريم عليهما السلام , وصاحب جريج , قيل يارسول الله ما صاحب جريج ؟  قال أن جريجا كان راهبا فى صومعة له وكان راعى بقر يأوى أسفل صومعته , وكانت إمرأة من أهل  القرية تختلف إلى الراعى فأتت أمه يوما فقالت , يا جريج وهو يصلى فقال فى نفسه وهو يصلى , أمى وصلاتى , فرأى أن يؤثر صلاته ثم صرخت به الثانية , فقال فى نفسه أمى وصلاتى , فرأى أن يؤثر صلاته , ثم صرخت به الثالثة , فقال أمى وصلاتى فرأى أن يؤثر صلاته , فلما لم يجبها قالت لا أماتك الله يا جريج حتى تنظر فى وجه المومسات ثم انصرفت فأتى الملك بتلك المراة ولدت . فقال ممن ؟ قال من جريج قال صاحب الصومعة ؟ قالت نعم قال : اهدموا صومعته وأتونى به , فضربوا صومعته بالفئوس حتى وقعت فجعلوا يده إلى عنقه بحبل ثم انطلق به فمر به على المومسات فرآهن فتبسم وهن ينظرن إليه فى الناس فقال الملك ما تزعم هذه ؟ قال ما تزعم ؟ قالتزعم أن ولدها منك , قال أنت تزعمين ؟ قالت نعم , قال اين الصغير ؟ قالوا : هو ذا فى حجرها فأ قبل عليه فقال : من أبوك ؟ قال : راعى البقر : قال الملك : أنجعل صومعتك من ذهب ؟ قال لا , قال : من فضة ؟ قال لا . قال فما تجعلها , قال : ردوها كما كانت . قال : فما الذى تبسمت ؟ قال : أمر عرفته . أدركتنى دعوة أمى ثم أخبرهم " رواه البخارى فى الأدب المفرد وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

تحريم عقوق الوالدين :

من حديث عبد الله بن عمر بن العاص رضى الله تعالى عهما _ قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم " من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا : يارسول الله , وهل يشتم الرجل والديه , قال : نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه " رواه البخارى ومسلم _ ما يرشدنا إليه الحديث أولا : أن المعاصى والذنوب درجاتها متفاوتة , فمنها الذنوب الكبيرة العظيمة , ومنها الذنوب الصغيرة وقد قالوا , لاصغيرة مع اصرار , ولا كبيرة مع استغفار , والإستغفار لابد وأن يكون مقرونا بالتوبة النصوح مع عدم الرجوع إلى الذنب , وبالإصرار على الذنب الصغير يتحول إلى كبير يقول الشاعر : لاتحقرن صغيرة فإن_ الجبال من الحصى ثانيا : تحريم السب والشتم واللعن مطلقا وكل ما يوقع فى الإثم وخاصة ما يتعلق ببر الوالدين ثالثا _ رد السب بسب مثله يفوت الأجر , ويجر ذلك إلى الإثم رابعا _ من الذنوب الكبيرة التى لاتغفر إلا بالتوبة سب الوالدين وشتمهما مباشرة أو بالتسبب فى ذلك فكل ما يؤدى إلى حرام فهو حرام , وما لايتم الواجب إلا به فهو واجب " خامسا _ تحريم عقوق الوالدين سواء كان ذلك بالقول كالسب والشتم ورفع الصوت عليهما , أو بالفعل كحدة النظر إليهما , وضربهما , وعدم تنفيذ أوامرهما سادسا _ يجب على كل مسلم تنزيه لسانه وحفظه من كل لفظ سئ وبذئ " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

هل جزاء الوالدين إيداعهما دار المسنين

جاء الإسلام بشريعة عامة خالدة , من أجل عمارة الحياة , والترغيب فى المقاصد الصالحة , ونعاطى الأسباب التى يقتضيها العدل والحكمة الإلهية , وليعلم كل مسلم ماله من حقوق وما عليه من واجبات , فى إطار إفعل ولا تفعل من الأوامر والنواهى لأداء ما كلف به وتحقيق رسالة الله على المبادئ الفاضلة والقيم النبيلة ,ومن فضل الله تعالى ورحمته على الإنسان أن جعل شكره تعالى الذى هو المنزله الإولى فى الفضائل والعبادات من شكر الوالدين قال تعالى " أن أشكر لى ولوالديك إلى المصير " سورة لقمان

قال سفيان بن عيينه رحمه الله تعالى " من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى ومن دعا لوالديه عقب كل صلاة فقد شكر لهما " فالدعاء للوالدين فى كل صلاة واجب على كل مسلم ومن لم يدعوا لهما فقد عقهما وحرم نفسه خيرا كثيرا , إن هناك من الأبناء من نسى والديه وتركهما تخيم عليهما العزلة ونذر الفناء حيث أودعهما ملاجئ العجزة أو بالتعبير الحديث ( دار المسنين ) وهو بذلك يظن أنه أدى ما عليه نحوهما بهذا النفى من حياته وينسى هذا الظلوم أن الدئرة ستدور عليه وأنه سيناله الجزاء العاجل ولايظلم ربك أحدا

, إن ما يتعامل به كثير من الأولاد مع آبائهم وخاصة الأم يتنافى مع مبادئ ديننا الحنيف دين الرحمة والعطف دين الكرامة والعزة ونبينا نبى الرحمة صل الله عليه وسلم  يتوعد كل كل من كان هذا مسلكه من العقوق والتمرد ويقول " من لايرحم لايرحم " رواه البخارى الأدب المفرد
وقال صل الله عليه وسلم "لايدخل الجنة قاطع "رواه مسلم فى صحيحه
وقال تعالى " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا قى الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم " سورة محمد

وهل هناك إفساد فى الأرض أعظم من أن يفع الإنسان فيما يكون سببا فى الطرد من رحمة الله ومن عقوق الوالدين الذى هو من أكبر الكبائر وعن عمران بن حصين رضى الله تعالى عنه قال قال رسول اله صلى الله عليه وسلم ما تقولون فى الزنا وشرب الخمر والسرقة " ؟ قلنا الله ورسوله أعلم " قال هن الفواحش وفيهن العقوبة , ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ الشرك بالله عز وجل , وعقوق الوالدين , وكان متكئا فاحتفز قال والزور " رواه البخارى فى الأدب المفرد

فهل بعد هذا العوج والإنحراف عن هدى السماء نستمطر رحمة الله علينا ؟ هل نستحق نصر الله تعالى وفى الضعفاء يصرخون ومن بينهم الوالدين ونحن لانجيب , إن رذائل الحضارة الحديثة قد استهدفت حياتنا الإجتماعية وقد وصلت إلى حد بعيد لتغريب شرعنا وقيمنا من فكرنا وحياتنا  وتدمير العلاقات الأسرية وتقطيع ما أمر الله به أن يوصل والرسول صل الله عليه وسلم يجعل منزلة بر الوالدين فوق درجة الجهاد الذى هو من أعظم الطاعات وعندما سئل : عن أى الأعمال أحب إلى  الله تعالى " قال الصلاة على وقتها , قال ثم أى ؟ قال : بر الوالدين قال ثم أى ؟ قال الجهاد فى سبيل الله " رواه البخارى الأدب المفرد

ويقول النبى صل الله عليه وسلم لمن جاء يسأله الجهاد فقال له : أحى والداك ؟ قال : نعم قال ففيهما فجاهد " رواه البخارى ألا فليعلم العاقون لآبائهم وأمهاتهم أن الله تعالى لن يبسط لنا الخيرفى أرزقنا ويستجيب دعاءنا
إلا بمراجعة شاملة لكل أوضاعنا وسائر أحولنا وأن الدين لابد وأن يحكم ويسود فى عادتنا وتقاليدنا قال تعالى:" صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون " سورة البقرة فيا كل إنسان أودع أبويه أو أحدهما دار المسنين أن يراجع نفسه قبل فوات الأوان يوم لاينفع الندم ولا تقبل المعذرة ثوبوا إلى رشدكم , أكرموا أبويكم
ويقول النبى صل الله عليه وسلم " بروا آبائكم تبروكم أبناؤكم ,وعفو تعف نساؤكم " روا ه الطبرانى من حديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما " وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ وهل عاقبة الإساءة إلا الخسران ؟
                       وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الأمومة فى الإسلام :

الإسلام حين يدعوا إلى تكريم الأم فإنما يكرم فيها القلب النابض بالحب والعقل المستنير بالمعرفة فهى بالنسبة للمجتمع المدرسة والكيان الذى يقام عليه البنيان كى يتماسك ويرتفع وقد جاء رجل إلى النبى صل الله عليه وسلم " فقال إن لى أما عجوزا أحملها على عاتقى كل يوم وأطوف بها حول البيت أفأكون بذلك قد وفيتها حقها فيقول له رسول الله صل الله عليه وسلم , لا..ولا بزفرة واحدة ( يعنى بذلك ما تعنيه الأم وقت الولادة ) إنها حملتك وهى ترجوا حياتك وأنت حملتها , وتنتظر رحيلها.

" وهكذا نجد للأمومة فى حياة النبى صل الله عليه وسلم ما يحمله فى صدره من البر والحنان ومن توجيهاته ووصياه ما لايقف عند حد فى تكريم الأمومة والإشادة بها , إن للأم دورها الكبير فى البناء والتوجيه فى حياة المجتمع فعلى قدر ما تعطى وتبذل من جهد فى اعداد النشء وتربية الآجيال تجدفيها مصدر العطاء والخير والبر , وإذا تخلت الأم عن دورها ورسالتها البناءة الرشيدة انهزمت حياتنا وفشلت أوضاعنا وساءت الأحوال وكم أعطينا مثلا صدرنا عنوانه عن الأم المثالية وكانت صاحبة المقام والشرف السيدة الخنساء فى إيمانها العميق وجهادها الفذ وتسليمها لله تعالى جل شأنه فيما نزل بها .

, نعطى لكم أنموذجا آخر وصاحبة الشرف والمقام هى السيدة الفاضلة أسماء بنت أبى بكر الصديق رضى الله تعالى عنهما " فقد أدركت رسالتها فى الحياة وعرفت حقيقة وجودها فدفت بإبنها المرابط فى الخير عبدالله بن الزبير بن العوام إلى الجهاد غير عابئة بما يحدث له وترى بوادر التردد فى وجه إبنها وهو يقول لها أمى إنى أخاف أن يمثلوا بى بعد القتل وتنتفض الأم فى فدائية وبطولة وتقول له امض على بركة الله تعالى فإن الشاة لايضرها بعد الذبح أن تسلخ , ويمضى إلى القتل وهو مبتسم غير مبال بما يحدث له وهذه هى الأمومة الصادقة التى تلقن الدرس لكل أم فى أسلوب عملى قضية طهارة الجسد فلا يدمر بشهوة رخيصة ولا تتخبط فى أفناء ومرتع الذنوب والآثام كما نرى مما كثر وطغى فى أيامنا هذه وهل تستطيع الأم أن تؤدى دورها فى الحياة إن لم يكن لها من دينها وبيئتها ومجتمعها ما يساعدها على النهوض بالأعباء والوفاء بالتكاليف

لقد وضع الإسلام المنهج الذى من خلاله تستطيع به كل أم كيف تربى أبنائها وكيف تتعامل معهم فى قصد واعتدال ومن غير قسوة مدمرة أو تدليل مفرط وأباح الإسلام للمرأة أن تضرب أبنائها ضربا غير مبرحا وأن تبتعد عن الوجه إذا مال وانحرف وأن لا تمل من النصح الهادئ واللوم الخفيف , وهذه هى الأم الميثالية التى يجب على أن نحتفى بها ونحقق لها رسالتها ونساعدها على ذلك بالدعم المادى والمعنوى فى كل وقت لأن ذلك عبادة وفريضة علينا وليس فى يوم واحد يكون التكريم وبقية العام نكون عنها معرضين ومتخاذلين " وانظر إلى قول الله تعالى " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا " دليل على دوام العبادة لله تعالى والبر والطاعة للوالدين ". وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الولد ينفع أبويه قبل الموت وبعده :

من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : أتت أمرأة بصبى لها فقالت : يا نبى الله ادع الله له فقد دفنت ثلاثة , فقال دفنت ثلاثة ؟ قالت : نعم قال لها لقد إحتظرت بحظار شديد ( أى لقد احتميت بِحىٍ عظيم يقيك حرها ويؤمنك دخولها ) من النار رواه مسلم وإعلم أن الولد الصالح إن عاش بعد موتهما نفعهما وإن مات قبلهما نفعهما " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

دعاء الوالدين مستجاب :

من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " ثلاث دعوات مستجاب لهن لاشك فيهن _ دعوة المظلوم _ ودعوة المسافر _ ودعوة الوالدين على الولد " رواه أحمد والبخارى فى الأدب المفرد , وأبو داود والترمذى وحسنه ورواه بن ماجة بلفظ " ودعوة الوالد لولده " وعن ثوبان رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " أربعة دعوات مستجابة _ الإمام العادل , والرجل يدعوا لأخيه بظهر الغيب , ودعوة المظلوم ورجل يدعوا لولده " رواه أبو نعيم فى الحلية. ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من بر الوالدين بر صديقهما :

_ عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " احفظ ود أبيك لاتقطعه فيطفئ الله نورك " رواه البخارى فى الأدب المفرد والطبرانى والبيهقى وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن كعب الأحبار قال : فى كتاب الله الذى أنزل على موسى عليه السلام " احفظ ود أبيك لا تقطعه فيطفئ الله نورك " رواه بن عساكر وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

_الى من مات والديه وهو عاق لهما كيف يعمل :

" لايندم الإنسان على شئ أشد مما يندم على موت والديه أو أحدهما وهو عاق لهما , فكلما تذكر موقفه معهما وخطأه فى حقهما , فإنه يكاد أن يموت هما وكمدا على ما فرط فى حقهما , ولقد جعل الإسلام لمثل هؤلاء المقصرين فى حقوق آبائهم وأمهاتهم , من الأعمال الصالحة الكثير ما يكون فيها العزاء والسلوى , يقدمونها لله خالصة لعل الله سبحانه أن يرحمهم بذلك ويكون لهم فيها العفو من والديهم يوم القيامة كما فى حديث أبى أسيد مالك بن ربيعة الساعدى رضى الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله صل الله عليه وسلم :" إذ جاءه رجل من بنى سلمة فقال : يارسول الله : هل بقى على من بر أبوى شئ أبرهما به بعد موتهما ؟ فقال نعم : الصلاة عليهما , بمعنى ( الدعاء ) والإستغفار لهما , وانفاذ عهدهما , وصلة الرحم التى لا توصل إلا بهما , واكرام صديقهما " رواه أبو داود وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بين الزوجة والأم ( الحماة ) :

_ من القصص الواقعى فى الحياة _ ما تروية فيما قرأت بعض الأخوات وهى تقول : كان بينى وبين أم زوجى فجوة وسوء تفاهم , وكان زوجى يرى ذلك منى ولم يحاول أن يعاتبنى ولكنه كان حريص دائما على بر أمه , وعدم عقوقها , ثم طلب منى يوما أن نخرج لنشترى هدية لأمرأة , انت تعريفها وأريد منك أن تختارى لها , وقد أعطاها مبلغ كبير من المال لتشترى به ما يلبس من الذهب , فلما اشترت وعادت إلى البيت قالت له من هذه المرأة التى تريد أن تهدى لها ما تريد , فقال لها إنها أمى فستأت الزوجة من ذلك ولم تتكلم , ثم قالت فى نفسها لما لم أكسب الجميل , فأنا لم أخسر شيئا فالمال ماله , ثم دخلت على الأم وقعد بين يديها , وقالت لها ياوالدتى , هذه هدية بسيطة نقدمها لك , لإحتمال أن نكون قد قصرنا فى حقك وأسأنا لك , فقالت الأم أنا لا أريد منكم شيئا , فما دمتم أنكم فى خير فأنا كذلك بخير , فلما فتحت الأم علبة الذهب سالت دموعها على خديها .. فتقول الزوجة فلما رأيت ذلك منها , إنهرت على قدميها أقبلها وأبكى , ومن ذلك اليوم أحسست أنها أمى , بدل من أمى التى ماتت وأنا صغيرة , ثم تبدل حالنا بعد ذلك فى البيت , ثم كانت السعادة بفضل الله ثم بفضل زوجى وإخلاصه ووفاءه لأمه وحسن تصرفه , فجزاه الله خيرا عنى خير الجزاء " وهكذا يجب أن تكون بيوت المسلمين , وأن تكون معاملة الزوجات للحموات , ولايكون ذلك إلا بحسن تصرف الرجال " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من العقوق للوالدين أن تحزنهما وأن تتسبب فى بكائهما وشتمهما :

_ كما فى حديث على كرم الله وجهه ورضى الله عنه _ قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" من أحزن والديه فقد عقهما " رواه ابن الخطيب وأخرج البخارى فى الأدب المفرد عن ابن عمر رضى الله عنهما :" بكاء الوالدين من العقوق " وروى البخارى كذلك فى الأدب المفرد عن زياد بن معراق عن طيسلة أنه سمع ابن عمر رضى الله عنهما يقول :" بكاء الوالدين من العقوق والكبائر " وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم _:" من الكبائر شتم الرجل والديه , قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال : نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه , ويسب أمه فيسب أمه " رواه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى , وعن عمرو بن ميمون قال : رأى موسى عليه السلام رجلا عند العرش فغبطه بمكانه فسأل عنه فقالوا : نخبرك بعمله , لايحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله , ولا يمشى بالنميمة , ولا يعق والديه , قال : أى ربى ومن يعق والديه ؟ قال : أن يستسب لهما حتى يسبا " رواه الإما أحمد فى الزهد " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم