العمل الصالح شعار الاسلام :

العمل الصالح شعار الإسلام

من أنفع الوسائل في نشر الدعوة إلى خير الأعمال , تنبيه الأفراد والجماعات إلى ماضي أسلافها الصالحين , الذين رفعوا منار العلم والدين , ونشروا لواء العدل والمساواة , لنعلم من هم لعلنا نستحي من أن نكون شر خلف لخير سلف , بل لعلنا نندم على سوء حالنا , فنقلع عما نحن عليه من شرور الأعمال وفساد الأخلاق , حتى صارت الأمة في أخريات الأمم , بعد أن كانت في المقدمة , وإن أكبر زاجر للمرء عن مساويه إن كان حيي النفس يقظ الضمير , أن يفكر فيمن مضى من أمته وحماة دين الله , فيرى فيهم الحكماء والعلماء والأمراء العظماء , والولاة العادلين والشجعان المجاهدين , الذين بذلوا أرواحهم وأموالهم مخلصين في سبيل الله والحق ففازوا بالسعادتين , وخلدوا لأنفسهم أحسن الذكرى وجميل الأحدوثة , وأكبر ما يهون على الإنسان احتمال الضيم والذل جهله بنفسه , ونسيانه شرف أسلافه وأجداده , فتخفى عليه سيرتهم الحسنة وأعمالهم الجليلة الخالدة وأخلاقهم الكريمة فلا يخجل أبدا من القوط في حمأة الرذيلة ولا يستحى من إتيان النقائص ومن يهن يسهل الهوان عليه ___ مالجرح بميت إيلام ___ ولهذا نرى دعاة الاستعمار إذا غلبوا أمة إسلامية جعلوا أكبر همهم القضاء على دينها ولغتها وعاداتها وعملوا على إضعاف الروح العلمية فيها حتى تتلاشى قوميتها وتنسى مجدها التالد وشغلوها بزخرف الحياة وزينتها وأنواع الملاهي عن كل ما يرقى شأنها فتراها مفتونة بتقاليد الغالبين وعادتهم القبيحة والضارة وتراها تكثر من الإعجاب بما ظهر على أيديهم من المخترعات وإتقان الصناعات ذلك لجهلها بماضي أسلافها وإلا فقد ظهر على يد السلف الصالح من الحكم والآداب وإتقان الأعمال في سياستهم المدنية وفى حروبهم وقضائهم بين الناس ما هو أعلى بكثير مما يندهش له هؤلاء الذين خدعوا وراء زيف الحضارة الغربية( كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ) سورة النور فواجب المسلم أن يقف على محاسن دينه وآثار السلف الصالح ليعلم أن المحاسن التي في دينه ولسلفه كثيرة وهى جديرة بالحفظ والعناية " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بيان كثرة طرق الخير

عن أبى ذر جندب بن جنادة رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم
قال " يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة , فكل تسبيحة صدقة , وكل تحميدة صدقة , وكل تهليلة صدقة , وكل تكبيرة صدقة , وأمر بالمعرف صدقة , ونهى عن المنكر صدقة , ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى رواه مسلم
والسلامى بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإستقامة
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم "
قاربوا وسددوا واعلموا أنه لن ينجوا أحد منكم بعمله , قالوا : ولا أنت يارسول , قال : ولا أنا الا أن يتغمدنى الله برحمة منه وفضل " رواه مسلم

وداع رمضان

قال تعالى " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " سورة العنكبوت الآية 128_
وأهل التقوى هم الذين عظموا شعائر الله وذلك , بفعل الأوامر واجتناب النواهى على الوجه اللائق بجلال الله وعظمته , والذين هم محسنون بالرحمة والشفقة , على خلق الله وذلك باحترام الحقوق وحسن المعاملة , إن معية الله وفضله مع عباده الصالحين
يتولاهم بالحماية والرعاية والإحسان والهداية , ومن كان الله معه فقد ربح كل شئ
ومن طرده الله من معيته فقد خسر الدنيا والآخرة , وهذا هو الخسران المبين
أيها المسلمون : ها هو شهر رمضان قد مضى وكأنه طيف خيال , ولم يبق منه إلا القليل فهل اتقيت الله فيه وحفظت على الفرائض , وقمت بحقوقه وتمسكت بآدابه وسننه ؟ هل أحسنت فيه المعاملة لخلق الله وحرصت على أداء حقوقهم كما أمر الله بالعدل والإحسان ؟ فالصيام نور للقلب , وتهذيب للنفس , وتقوى به العزيمة , وفيه يدرك العبد مقدار نعم الله تعالى , ويمتلأ قلبه رحمة بالضعفاء , والأرامل واليتامى
والمساكين , فهل يتهذب إنسان كانت نفسه وقت الصيام فى ملل وسآمة
وذلك هو شأن من لم يذق حلاوة الطاعة , ولم يخلص لربه فى العبادة والطاعة "

لقد كان البعض منا ينتظر انقضاء الشهر باليوم والساعة , وذلك من علامات الغافلين
فكيف يرجوا فضل الله ورحمته , من يضجر منه لطول اليوم والساعة , وكيف يطمع فى الإعتاق من النار من يستكثر عليه صيام شهر فى السنة ؟ وكيف يفوز بالعفو والغفران من كان فظا بذئ اللسان غليظ القلب قاسيا , إنقضى شهر العبادة فهل أحييته بالطاعة والعمل الصالح ؟ انقضى شهر القرآن فهل حرصت فيه على قراءة القرآن ؟
انقضى شهر البر والإحسان فهل أكرمت فيه يتيما , أو أرملة وسائلا  محروما ؟
انقضى شهر العفو والصفح فهل عفوت , فيه عمن ظلمك وصفحت عمن من أساء إليك ؟ انقضى شهر التوبة والقبول فهل حققت فيه التوبة وصرت من التائبين المقبولين ؟ وهل يحسب فى المقبولين من أطلق لسانه , بالكذب والغيبة والنميمة
ولم يستح من خالق الأرض والسماء ؟ وكيف تكون من المرحومين وأنت تنتظر الإفطار حتى إذا ما جن الليل , إشتغلت باللعب عن الطاعة واستماع القرآن
وأمضيت وقتك فى بيوت اللهو وأماكن الفسوق ؟ وكيف يرجوا القبول من ساءت أخلاقه فى الصيام ولم يكن من الخاضعين والمتواضعين . "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 1)

يوم الوداع  

هذا يوم الوداع فبأى شئ تودعه , وأنت لم تحسن إليه مدة الإقامة , وبأى وجه تقول الوداع وأنت لم تحسن وفادته , وكنت فى لقائه تحس بالكرهة والسآمة , وكيف تفرح بالرحيل وهو عليك من الشاهدين بين يدى رب العالمين , أيها المسلمون اتقوا الله وتداركوا ما فرط منكم بالتوبة وصالح الأعمال , وصلوا الأرحام وواسوا الأرامل واليتامى " قال تعالى " إن الحسنات يذهبن السيئات " سورة 114_
واسعوا فى اصلاح ذات البين , وليتحلل كل منا ممن ظلمه , ويستعطف من أساء إليه
وطهروا قلوبكم من الغل والحسد ," وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين , الذين ينفقون فى السراء والضراء والكاظمين الغيظ  والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " سورة آل عمران الآية 134-
وفى الصحيحين من حديث ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه , من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته , ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها كربة من كرب يوم القيامة , ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة "
أيها المسلمون : إن عزنا وسعادتنا فى الدنيا والآخرة , مرهون بتمسكنا بالآداب الدينية والأخلاق الإسلامية , واعتناقنا للفضائل , وابتعادنا عن الرذائل
فلا صلاح لنا ولا فلاح إلا بالتربية الصحيحة , والتمسك بالقيم الفاضلة قال تعالى "
من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن من كانوا يعملون " سورة النحل الآية 97_
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ( 2)

أحب الأعمال إلى الله تعالى

كما فى الصحيحين عن عائشة رضى الله تعالى عنها أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال :" أحب الأغمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل "
وفى الصحيحين أيضا من حديث عائشة رضى الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " أحب الدين إلى الله تعالى ما داوم عليه صاحبه "
وقال تعالى " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " سورة النحل الآية 97_

وفى ذلك دعوة من الله ورسوله لعباده المؤمنين , بالحرص على المواظبة على فعل الطاعات والتمسك بالفضائل والعبادات , دون انقطاع أو تكاسل , لكى يفوزا بالحياة الطيبة وبما وعدهم الله من الخير والفضل فى الاخرة " (1)

وقال تعالى " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " سورة الحجر الآية 99_ والمعنى واحرص على الطاعة والعبادة والعمل الصالح حتى يأتيك الموت وأنت على هذه الحالة ولقد تمثل رسول الله صل الله عليه وسلم أمر ربه بلزوم طريق الإستقامة والحرص على عمل الخير وقال تعالى " فسبح بحمد ربك وكن من السجدين " سورة الحجر الآية 98_ وقد جاء فى فضل التسبيح الحديث الصحيح عن النبى صل الله عليه وسلم قال : " كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله بحمده , سبحان الله العظيم " (2)

والمقصود بالسجود فى هذه الآية الصلاة كما فى الحديث الصحيح أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء "
ولذلك كان رسول الله صل الله عليه وسلم إذا حزبه أمر لجأ إلى الصلاة وكان يقول صل الله عليه وسلم أرحنا بالصلاة يا بلال رضى الله تعالى عنه
وفى شأن المجرمين قال تعالى " ما سلككم فى سقر ؟ قالوا لم نك من المصلين , ولم نك نطعم المسكين , وكنا نخوض مع الخائضين , وكنا نكذب بيوم الدين , حتى أتنا اليقين " سورة المدثر 43_ 47_ فواصل بالطاعة عبادة ربك حتى يأتيك اليقين وهو الموت الذى لا مفر منه " (3)

فالعبادة واجبة على العبد من صلاة وغيرها , مادام عقله ثابتا والفكر واع فيصلى بحسب حاله ففى الحديث الصحيح أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : فى أمر الصلاة : " صل قائما , فإن لم تستطع فصل قاعدا , فإن لم تستطع فعلى جنبك "
واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " سورة الحجر يستدل بهذه الأية على تخطئة من ذهب
من الملاحدة إلى أن المراد باليقين عندهم هو المعرفة المجردة عن العمل فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم , وهذا كفر وضلال مبين وجهل وغرور .."
ويبين الله سبحانه وتعالى لنا فى القرآن ان المواظبة على العبادة , بدون انقطاع أو نقص أو ارتباط بوقت معين أو مناسبة أو شهر من الأمور الواجبة على العبد متى كان أهلا للتكليف قال تعالى حكاية عن سيدنا عبسى عليه السلام وأمه " قال إنى عبد الله أتنى الكتاب وجعلنى نبيا , وجعلنى مباركا أين ما كنت وأو صانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " سورة مريم 30_ 31_ ( 4)

وقال تعالى " إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا , وإذا مسه الخير منوعا , إلا المصلين , الذين هم على صلاتهم دائمون " سورة المعارج الآية 19_ 23_
فالمسلم الصادق هو الذى يقيم ويواظب عليها , دون أن يشغلهم عن أدائها , عسر أو يسر , أو غنى أو فقر , أو إقامة أو سفر أو فراغ أو عمل فهم ممن قال الله تعالى فيهم
رجال لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار " سورة النور الآية 37_
إن من سيرة رسول الله صل الله عليه وسلم أنه كان إذا قام بأداء عمل ثبته وداوم عليه
وكما فى صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها قالت : كان رسول الله صل الله عليه وسلم :" إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره , صلى من النهار اثنتى عشرة ركعة " ( 5)

وفى صحيح مسلم أيضا عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" من نام عن حزبه من الليل _ أى عما اعتاد قراءته من القرآن
أو عن أى شئ منه , فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر , كتب له كأنما قرأه من الليل "
وفى ذلك دليل واضح أنه على العبد أن يستدرك ما فاته من عبادات أو طاعات
وقال تعالى " لايكلف الله نفسا إلا وسعها " سورة البقرة الآية 286_
ويبين لنا الرسول صل الله عليه وسلم فيما سبق من أحاديث أن العمل القليل فى دوامة
عليه أفضل من كثرة الأعمال ثم يتركها وهو لايقدر على القيام بها ونحن نتحدث عن الأعمال التى هى غير الفرائض ولهذا جاءت أحاديث تنهى عن التشدد الذى يؤدى إلى عدم المواظبة على العمل الصالح من ذلك ما جاء فى الصحيحين عن عائشة رضى الله تعالى عنها : يارسول الله هذه فلانة _ وأخذت تذكر له كثرة صلاتها وصيامها ..,, فقال صل الله عليه وسلم " مه _ أى : قال لها كلمة زجر ونهى _
عليكم من الأعمال بما تطيقون فو الله لا يمل الله حتى تملوا "
أى الزموا العمل الذى تطيقون وداوموا عليه , فو الله لا يقطع الله ثواب أعمالكم , إلا حين تتركوا المداومة عليها بسبب مغالاتكم وتشددكم . " ( 6)

وفى صحيح مسلم عن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه _ عن النبى صل الله عليه وسلم قال : " هلك المتنطعون قالها ثلاثا " والمقصود بالمتنطعين _ أولئك المتعمقون
المتشددون فى غير موضع التشدد .
وفى الصحيحين عن أنس رضى الله تعالى عنه قال " دخل رسول الله صل الله عليه وسلم المسجد فإذا حبل ممدود بين الساريتين _ أى بين العمودين فقال :" ما هذا الحبل ؟ قالوا لزينب _ قيل لزينب بنت جحش _ رضى الله تعالى عنها : فإذا فترت _
أى تعبت تعلقت به فقال :" حُلوه ليسل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد "
وفى الصحيحين عن عائشة رضى الله تعالى عنها أن رسول الله صل الله عليه وسلم
قال :" إذا نعس أحدكم وهو يصلى فليرقد , حتى يذهب عنه النوم , فإنه إذا صلى وهو ناعس لا يدرى لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه " ( 7)

وفى الصحيحين عن عبد الله بن عمرو رضى الله تعالى عنهما قال : " قال لى رسول الله صل الله عليه وسلم بلغنى أنك تقوم الليل وتصوم النهار ؟ فقلت إنى أفعل ذلك قال صل الله عليه وسلم : " إنك إن فعلت ذلك هجمت عينيك _ أى غارت وضعفت _ ونقهت نفسك وإن لنفسك عليك حقا _ أى حق الراحة , ولأهلك حقا , أى حق الإنفاق والإمتاع والمؤانسة , فصم وأفطر _ أى فصم فى بعض الأيام وأفطر فى بعضها
_ وقم ونم _ أى وقم فى بعض الليل ونم فى بعض الليل "
وفى رواية أخرى فى الصحيحين قال عبد الله بن عمرو رضى الله تعالى عنهما " أخبر رسول الله صل الله عليه وسلم أنى أقول : والله لأصومن النهار , ولأقومن الليل
ما عشت فقال لى رسول الله صل الله عليه وسلم أنت الذى تقول ذلك فقلت له : قد قلته بأبى أنت وأمى يارسول الله " فقال صل الله عليه وسلم :" فإنك لن تستطيع ذلك
فصم وأفطر , ونم وقم ... فإن لجسدك عليك حقا , ولبيتك عليك حقا , ولزوجك عليك حقا , ولزورك عليك حقا _ أى ضيفك له حق عليك " (

قال عبد الله فقلت يا رسول الله إنى أجد قوة فقال له صل الله عليه وسلم : " صم صيام داود ولا تزد عليه " فقلت وما صيام داود ؟ قال نصف الدهر " أى صم يوما وأفطر يوما " قال عبد الله فلما كبرت وددت أنى كنت قبلت رخصة رسول الله صل الله عليه وسلم
فالتكاليف الشرعية من الله سبحانه وتعالى فى حدود القدرة والإستطاعة قال تعالى " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " سورة البقرة الآية 286_
ومن حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : قال صل الله عليه وسلم " ما نهيتكم عن شئ فاجتنبوه , وما أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم " رواه البخارى ومسلم وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 9)

من الأحاديث القدسية :

_ عن عدى بن حاتم _ رضى الله عنه _ قال :" كنت عند رسول الله صل الله عليه وسلم _ فجاءه رجلان : أحدهما يشكو العيلة ( يعنى الفقر والحاجة ) والآخر يشكو قطع السبيل ( يعنى التلصص فى الطريق وإرهاب المارين وترويع المسافرين ) فقال رسول الله صل الله عليه وسلم _ :" أما قطع السبيل فإنه لا يأتى عليك إلا قليل حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير وأما العيلة فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه , ثم ليقفن أحدكم بين يدى الله , ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم , ثم ليقولن له , ألم أوتك مالا ؟ فليقولن بلى , ثم ليقولن , ألم أرسل إليك رسولا ؟ فيقولن بلى , فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار , ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة , فإن لم يجد فبكلمة طيبة " رواه البخارى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من ثمرات الإيمان العمل الصالح :

_ يقول تعالى :" يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون " سورة البقرة آية 172_ لابد من العمل الصالح يقدمه المسلم بين يدى ربه يستعد به للقاء الله فى الآخرة لأنها هى الحياة الباقية قال تعالى " وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون " سورة العنكبوت آية 64 _ لأنها الحياة الباقية الخالدة التى ينال فيها العبد جزاءه ويوفى أجره ويمتع فيها بالحياة الطيبة والنعيم المقيم , وإن الخوف من الله سبحانه والعمل من أجل مرضاته والتزود إليه بالزاد الطيب يجعل أبواب الخير والرزق , لاتغلق أبدا أمام العبد التقى النقى صاحب القلب الصافى والعقل السليم , ويرزقه الله تعالى من حيث لايحتسب ويتولاه ويرعاه ويحفظه ,

وأما من انشغل بالدنيا عن طلب الآخرة فإن الله تعالى يتخلى عنه ويتركه لدنياه من حديث عمران بن حصين رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" من انقطع إلى الله عز وجل كفاه الله كل مؤنة ورزقه من حيث لايحتسب , ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها " فلابد من العمل فى الدنيا من أجل الآخرة والتزود فيها بالعمل الصالح ليوم لاينفع فيه مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم قال تعالى :" ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا " سورة الإسراء الآية 19 _ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإسلام دين اليسر والسماحة :

_ الدين الإسلامى دين السماحة واليسر لمن تمسك بأحكامه وسار على مبادئه وتعاليمه , ولقد كان من فضل أمتنا الإسلامية على غيرها من الأمم السابقة , أن رفع عنها الآصار والأغلال وكل مافيه صعوبات ومشقات , وقد شرعت الأحكام والعبادات ميسرة وفى حدود الطاقة والإستطاعة فقد روى البخارى من حديث أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صل الله عليه وسلم قال :" إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشئ من الدلجة " ومن باب التيسير فى الإسلام ودرء المشقة أن أبيح لمن لم يستطع الوضوء لعدم وجوده أو لمرض يتضرر بإستعماله الماء فله أن يتيمم بالتراب الطهور ,

, ومن لم يستطع الصلاة قائما فله أن يصلى قاعدا , وكذلك من لم يستطع الصيام لمرض أو سفر فعليه عدة من أيام أخر , وكتب الحج على المستطيع فى العمر مرة واحدة فمن لم يستطع فلا إثم عليه , وكان الرسول صل الله عليه وسلم _ ينصح أصحابه بقوله :" عليكم من العمل ما تطيقون فوالله لايمل الله حتى تملوا " ومعنى الحديث أن الله تعالى لايزال يكتب للعبد ثواب عمله ما لم ينقطع عنه ولهذا قال صل الله عليه وسلم :" أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل " وهذا حكم خاص عند فعل الخير وأداء النوفل من غير الفرائض " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عن العمل الصالح وأنواعه :

يُعتبر العمل الصالح من أهم الأسس والمقومات في بناء المجتمع المسلم , وهو من أحد الركائز التي تُساعد الأفراد على قيام حياتهم بنجاح , فالعمل الصالح هو جوهر الدين الإسلامي وأساسه ، وهو أحد الوسائل التي تصل بالعبد لنيل مرضاة الله عز وجل ومحبته ، والعمل الصالح من أسباب دخول الجنة , به يكون النعيم الدائم والثواب العميم في الجنة بفضل الله تعالى ورحمة منه , وقد جاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تؤكد على ضرورة القيام بالأعمال الصالحة ، بل والإكثار منها وفي كثير من الآيات القرآنية جاء ذكر العمل الصالح مقترناً بالإيمان في أكثر من سبعين آية وذلك تأكيداً على أهميته وفي هذا دليل على أن العمل الصالح جزء لا يتجزأ عن الإيمان الكامل .

وقد جعل الإسلام لقبول العمل الصالح شرطان أساسيان هما أولاً: أن تكون متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحة، وتعاليمها ابتدأً أو ابتناءً بمعني أن لا يخرج المسلم بأي عمل من الأعمال إلا موافقا لأحكام الدين العامة وقواعده الكلية وإلا كان ابتداعاً في الدين ومرفوضاً ،ثانياً: وأن تكون الأعمال الصالحة  أيضاً خالصة لوجه الله تعالى، وليس القصد منها الرياء، أو طلب السمعة والثناء بين الناس، ومن ثم  فإن أي عملٍ يقوم به المسلم  مهما كانت منزلته، ورتبته، إذا افتقد إلى أحد هذين الشرطين الرئيسيّين لا يعتبر عملاً صالحاً عند الله تعالى، ولا ينال المسلم عليه أجراً ولا ثواباً. والأعمال الصالحة  في الإسلام لا تقتصر على مجال واحد ، فإن من هذه الأعمال ما هو فرض أو واجب ، أو مستحب،

والواجب أو الفرض كالصلاة، والصوم، والزكاة والحج والعمرة والمستحب كالصدقة، والذكر، والتسبيح، والدعاء، وغيرها وإلى جانب ذلك ، من الأعمال الصالحة مساعدة الآخرين، وبذل السلام ونشره بين الناس لمن عرفت ومن لم تعرف ، وبرُ الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن معاملة الزوجة، ورعاية الأبناء، وغير ذلك الكثير. ويجب على المسلم أن يسارع للقيام بالعمل الصالح ، وأن يطلبه أينما كان، فهو سُلم النجاح وطريق الفلاح، والوصول إلى المراتب العليا، وقد حث القرآن الكريم في غير موضع على هذا الأمر. قال تعالى: " إنهم كانوا يُسرعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين " الأنبياء: الآية90 ـ،

فعلى المسلم أن يجتهد دوماً في المثابرة، والمداومة على الأعمال الصالحة، وأن لا يفتر عن القيام بها، فهذا دأب الأنبياء والصالحين، وأصحاب العزائم والهمم العالية، والطموحات النبيلة ، ويجب على المسلم أن يوازن بين رجائه في قبول الله تعالى لما يقوم به من أعمال، وبين خوفه من عدم قبوله تعالى لها، فهذا يجعله يحرص على القيام بها حقَّ قيام، وأن يخلص النية لله تعالى وحده. حتى يكون لهذه الأعمال أثر إيجابي على الإنسان في تربيته لنفسه , إن قام بها على أكمل وجه فحينئذ تساعده على التطهُّر مما علق بنفسه وقلبه من درن الذنوب والمعاصي، ليرتقي، ويتزكَى، كما أنها تجعله أكثر حرصاً على مرضاة الله تعالى، وتبعده عن المعاصي، والموبقات التي تجلب عليه ظلمة القلب , وسواد الوجه , ووهن البدن , وضيق الرزق , وبُغض الخلق والخالق سبحانه وتعالى ." قال تعالى :" وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " سورة التوبة الآية 105ـ . ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى:

لا يجوز للعبد أن يقطع عملاً وصل به إلى الله سبحانه وتعالى، فإن أفضل الأعمال ما داوم عليه صاحبه وإن قل , كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللهِ ؟ قال :" أدوَمُها وإن قلَّ " وكانت عائشة رضي الله عنها إذا عملت العمل لزمته " متفق عليه . وفي لفظ :قال : اكلُفوا من الأعمالِ ما تُطيقون.البخاري. قال النووي رحمه الله تعالى: فيه الحث على المداومة على العمل وأن قليله الدائم خير من كثير ينقطع وإنما كان القليل الدائم خيرا من الكثير المنقطع لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافا كثيرة.اهـ صحيح مسلم شرح النووي ج 6ـ 71 ـ وصل الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا