المجتمع الاسلامى وأثر الرأي العام في تهذيب ( الفرد والجماعة )

المجتمع الإسلامي واثر الرأي العام في تهذيب الفرد والجماعة :

إن من خصائص الشريعة الإسلامية ومميزاتها أنها جعلت مسؤولية إشاعة الفضائل في المجتمع المسلم ومقاومة الرذائل مسؤولية جماعية واجبة على كل مسلم فهي فرض عين على كل مكلف , في حدود إمكاناته وبقدر استطاعته ولا يقبل من المسلم موقف ضعيف إذا كان في إمكانه موقف أقوى وأعظم تأثيرا وقدره , إن المسلم إذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قدرته عليه دل ذلك على نقص إيمانه وضعف يقينه حتى لو كان عمله عملا صالحا فان ذلك لا يغنى عنه يوم الحساب أمام رب العالمين ولهذا جاء الإسلام وهدفه الحقيقي هو إيجاد مجتمع فاضل تتعاون فيه كل قوى الخير بحيث لا يعتدي فرد على فرد ولا جماعه على جماعه ولا شعب على شعب وأول مظهر للمجتمع الفاضل في الإسلام هو وجود رأي عام فاضل يتعاون على الخير ودفع الشر ومقاومة الفساد والمجتمع في مظهره العام يمكن أن يكون بيئة صالحة لان تترعرع في ظلها الفضائل وتختفي من نورها الرذائل " . (1)

وإن الرأي العام الذي يستمد قيمة ونظمه وقوانينه من المنهج الإسلامي يكون له رقابه نفسيه تجعل كل شرير ينطوي على نفسه فلا يظهر وكل خير يجد الشجاعة في إعلان خيره فيظهره وانه لا يهذب الآحاد إلا الرأي العام الفاضل ولا يفسد الجماعة إلا الرأي العام الفاسد , الذي يتقاعد عن نصره الفضيلة , ويترك الرذائل رافعة رأسها , ولأجل تكوين رأي عام فاضل حث الإسلام على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فاوجب الإرشاد العام ليمتنع الضال عن شروره , ويسير الخَيَّر في طريقة وإن القرآن الكريم جعل الوصف الخاص الذي تعلو به أمه الشريعة الإسلامية هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فالجماعة الإسلامية في القران تُعد خير أمة أخرجت للناس إذا تمسكت بهذا المبدأ الذي يكون مجتمعا فاضلا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , ويذهب عنها الخَير بل ينحل مجتمعها إذا تخلت عن هذا الواجب المقدس , وإن الجماعة كلها آثمة إذا رأت الشر يسير رافعا رأسه وسكتت عنه , وان الجماعة تكون شريرة إذا كان الشر في طريقه ولا يوجد من ينكره , وأن الأمة كلها تعتبر مشتركه مع الآثمين إذا رأت الإثم ولم تعمل على منعه ولقد ذم القران الكريم بني إسرائيل لأنهم افسدوا مجتمعهم بترك الآثمين يرتعون في آثامهم من غير أن ينهوهم" وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " (2)

جزاء الآثمين والمخالفين :

وإن الآثمين إذا تركوا من غير رادع من رأي عام قوام مهذب هدموا بناء المجتمع وإذا لم يأخذ الفضلاء على أيديهم سقطوا جميعا في الرذيلة ووراءها الهاوية ولا تقوم من بعدها للامه قائمة إلا إذا غيرت حالها فيغير الله تعالى ما بها" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ولقد قال النبي صل الله عليه وسلم في هذا المعنى " مثل المدهن في حدود الله (أي الذي لا يقيم الحق ولا يخذل الباطل ملقا أو تهاونا أو مجامله) مثل قوم استهموا في سفينة فصار بعضهم في أسفلها وبعضهم أعلاها فكان الذي في أسفلها يمر بالماء على الذي في أعلاها فتأذوا به فاخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة فاتوه فقالوا مالك؟ قال تأذيتم ولابد لي من الماء فان اخذوا على يديه أنجوه ونجوا بأنفسهم وان تركوه اهلكوا واهلكوا أنفسهم" (3)

وإن هذا المثل النبوي الذي ضربه محمد صل الله عليه وسلم يصور التعاون في إيجاد مجتمع فاضل والتكافل الاجتماعي في محاربه الآفات الفكرية والخلقية والاجتماعية ويبين إن الرشيد عليه إن يهدي الضال وان العالم عليه أن يعلم الجاهل ولقد قال على ابن أبي طالب رضي الله عنه " لا يسال الجهلاء لم يتعلموا حتى يسال العلماء لم يعلموا".وإن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يؤدي إلى فساد الجماعة فقط بل يؤدي إلى تفرقها وتنابذها ولقد قال في ذلك النبي صل الله عليه وسلم " لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض " (أي تتفرق القلوب وبذلك ينحل البناء الاجتماعي"" وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " ( 4)

الحياء يدعو لكل خير :

وحتى يتحقق بناء هذا المجتمع على أساس سليم تختفي فيه الرذيلة ولا يظهر فيه إلا كل ماهو فاضل قد حث على أمرين : أولهما الحياء .. وهو أساس الائتلاف في المجتمعات إذ الحياء يحمل المرء على إلا يظهر منه ما ينفر منه الذوق السليم ولقد قال النبي صل الله عليه وسلم " لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء " والحياء : معناه التزام مناهج الفضيلة وآداب الإسلام العامة , فالحياء من أهم دواعي الألفة بين الناس فلولا الحياء لأكل الناس بعضهم بعضا ومن ثم كان الحياء من الإيمان ومن لا حياء فيه لا خير منه . " . ( 5)

وقال عليه الصلاة والسلام :" الحياء خير كله" وقال صل الله عليه وسلم : " إذا لم تستح فاصنع ما شئت "أي أن الحياء قيد اجتماعي إن لم يوجد انطلقت الغرائز الإنسانية ولا يَستتر منها ما ينبغي استتاره , وأنه إذا ساد الحياء وانضبطت النفوس بضوابط من اللياقة الاجتماعية كان التالف بين الآحاد وعدم التنافر . فيكون الشخص ممن يألف ويؤلف وان هذه صفه المؤمن . ولذلك قال عليه الصلاة والسلام :" المؤمن مألف فلا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف " ولا يقوم البناء الاجتماعي إلا إذا كانت كل لبناته متآلفة يتماسك بعضها مع بعض. " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " (6)

حث الإسلام على نظافة المجتمع في مظهره :

فلا تظهر فيه إلا الفضائل وتستر الجرائم فلا تكشف أستار الجرائم أمام الناس وقد تكون العقوبة علانية ولكن الجريمة يجب ألا يعلم أمرها إلا مع عقوبتها لان إعلانها يفسد الجو الخلقي للمجتمع ويجعل الشر ظاهرا وظهوره يُغرى بإتباعه ويشيع الفساد . إذ الرذيلة إذا أعلنت اتبعت و كل نفس تميل إليها حين تجد ما ينمي ذلك الميل ولذلك اعتبر الإسلام من يرتكب جريمة ويعلنها قد ارتكب جريمتين : جريمة الارتكاب وجريمة الإعلان ومن أعلن جريمة غيره فقد شاركه في إثم ما ارتكب بمقدار ما أعلن " ( 7)

ولقد صرح سيدنا محمد بهذه الحقيقة فقال صل الله عليه وسلم فيما رواه الشافعي في مسنده " أيها الناس من ارتكب شيئا من هذه القاذورات فاستتر فهو في ستر الله تعالى ومن ابدي صفحته أقمنا عليه الحد فالعقوبات الشديدة الغليظة في الإسلام تكاد تكون للإعلان لأصل الارتكاب فقط.ولقد قال النبي صل الله عليه وسلم " إن من ابعد الناس عن الله منازل يوم القيامة المجاهرين قيل ومن هم يا رسول الله؟ قال :ذلك الذي يعمل عملا بالليل قد ستره الله عليه . فيصبح يقول . فعلت كذا وكذا يكشف ستر الله"" وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " (

الايجابية في حياة المسلمين :

وهكذا نرى أن واجب المؤمنين أن يتضافروا في إيجاد مجتمع فاضل . ولا يسكت مؤمن منهم عن الدعوة إلى الحق بل إن التكافل الاجتماعي الخلقي يوجب عليه أن يسهم في بناء المجتمع الفاضل فيمنع الشر ويدفع إلى الخير . ولقد نهي النبي صل الله عليه وسلم المؤمن عن أن يقف على الحياد في معركة الخير والشر بل عليه أن يكون عنصرا ايجابيا عاملا فقد قال عليه الصلاة و السلام" لا يكن أحدكم إمعة يقول : إن أحسن الناس أحسنت وان أساءوا اسات بل وطنوا أنفسكم ..إن أحسن الناس تحسنوا وإن أساءوا فتجنبوا الإساءة" فالتكافل الاجتماعي في الإسلام أوله وأساسه التكافل على إيجاد مجتمع فاضل لا يظهر إلا الخير . ( 9)

خاتمه :

إن المسلمين اليوم في حاجة إلى صحوتين : صحوة فكرية إسلامية لا تقف عند التمسك بالمظاهر والشكليات وإنما تدرس دينها بعمق وبرفق وتدعو إلى سبيل ربها بالحكمة والموعظة الحسنة وتواجه معارضيها بالحجة والبرهان . وصحوة صناعية تأخذ بكل ما اكتشف من سنن الله في الكون وبما وصل إليه العلم من مخترعات لتستغل مواردها أفضل استغلال وتعد ما استطاعت من قوة تحفظ به كيانها وترهب بها عدو الله وعدوها. وطوبي لكل حاكم ومحكوم سار مع المجاهدين في سبيل الله ليعود للمسلمين مجدهم ولينشروا في العالم الطمأنينة والسلام والحق والعدل في ظلال راية التوحيد وويل لكل حاكم ومحكوم وقف في وجه أي الصحوتين أو انقلب على عقبيه فخسر الدنيا والآخرة . " من المومنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه" فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا . ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما"رضينا بالله تعالى ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا وبالقران دستورا وبالشريعة الإسلامية حكما ونظاما " وقل ربي زدني علما " " واتقوا الله ويعلمكم الله " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " (10 )

خير أمة أخرجت للناس :

قال تعالى : كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو أمن أهل الكتاب لكان خير لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون
سورة آل عمران الآية 110 _
هذه الآية نص كريم  من لدن حكيم عليم , يبرهن فيه المولى عز وجل  أن أمة محمد صل الله عليه وسلم ـ  خير أمم الأرض وأنفع الناس للناس , دون استثناء فى هذا الوصف لأنها هى الأمة الوحيدة التى آمنت بالله , إيمانا صادقا ويقينا ثابتا جمعت فيه بين القول والعمل قال تعالى :" إنما المؤمنون الذين أمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله  أولئك هم الصادقون " سورة الحجرات الآية 15 ـ
إن قمة العقيدة الصحيحة يتمثل وضوحها عند المسلمين , فتوحيد الله تعالى يعنى لامعبود بحق إلا الله , عبودية خالصة تتأكد معناها فى قولهم " لا إله إلا الله ـ ومن مقتضياتها الإيمان بأنه لامتبوع بحق إلا محمد صل الله عليه وسلم ـ ويترجم معنى ذلك فى اتباعه والإقتداء به وذلك مقتضى قولهم " محمد رسول الله " فوحد الله تعالى لهم الجهة عند التلقى والإتباع فى توحيده لاشريك له , وفى التلقى عند المتبوع المؤدى إلى الله وهو رسوله صل الله عليه وسلم ـ  قال تعالى :" يا أيها الذين أمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم " سورة الحجرات الآية 1 ـ
                            ( 11)

ثم لننظر نظرة فاحصة على عقائد أهل الملل الأخرى , الفاسدة ليتبين لنا بوضوح مدى الضلال الذين الذى يتخبطون فيه , فاليهود المغضوب عليهم يقولون بنبوة العزير عليه السلام  وهو من عباد الله ونبى من أنبيائه , وكذلك القول فى النصارى الضالين وقد اختلفوا طرائق قداد , فى المسيح ابن مريم عبد الله ورسوله عليهما السلام ـ فمنهم من يقول بنبوته , ومنهم من يقول بأنه الله ثالث ثلاثة وأن الله تعالى حل فيه فعندهم أن المسيح  صورة الله فى الأرض , كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا , وبذلك انحرفوا عن عبادة الله تعالى الواحد الأحد الفرد الصمد ,
فكفروا به ولم يؤمنوا برسوله محمد صل الله عليه وسلم ـ فاستحقوا أن يكونوا من الضالين والأخسرين أعمالا قال تعالى :" ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين " سورة آل عمران الآية 85 ـ
                     ( 12)

فإذا كان هو حال ومصير من أنزل عليهم كتاب مقدس , ومن هم أصحاب دين سماوى ولكنهم حرفوا نصوصه لتوافق أهوائهم وشهواتهم , فكيف بمن هم دونهم ممن لادين لهم من الذين كفروا والمشركين بالله , ومن أنكروا وجحدوا ألوهية الخالق البارئ المصور سبحانه وتعالى , كالدهرية قديما الذين يقولون نموت ونحى وما يهلكنا إلا الدهر , والشيوعية الملاحدة حديثا وغيرهم من فرق الضلال كالقادينية والبهائية والباطنية وغيرهم ممن عبدوا غير الله , كاعباد الشمس والقمر والبقر والنار وغيرهم من ملل الكفر والإلحاد , وكل هذه الملل عند تأمل ماهم عليه قد اجتمعوا على شئ واحد وكلمة سواء , هى الكفر بالله والإيمان بالجبت والطاغوت
ومن هذا المنطلق الراسب والفهم السلبى للحقائق الوضحة , كان لهذه الأمة الخيرية والشرف والمدح حيث أثنى علينا ربنا سبحانه وتعالى , بأننا أصحاب رسالة هادفة وغاية واضحة نحن فيها القادة والموجهون , نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر من غير تقصير فى الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة , واتباع النبى صل الله عليه وسلم ـ فى توظيف هذه الدعوة وتوصيلها لغيرنا , قولا وعملا واعتقاداً ولنعلم أنه لا صلاح لهذه الأمة إلا بما صلح به أولها .  
            وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم  ( 13)

واقعنا وسفينة النجاة :

إن أمتنا اليوم لن تقوم لها قائمة إلا إذا غيرت من حالها فيغير الله تعالى مابها قال تعالى :" إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم " سورة الرعد آية 11ـ  وحول هذا المعنى يقول النبى صل الله عليه وسلم ـ:" مثل المدهن فى حدود الله " أى الذى لا ينصر الحق ولا يخذل الباطل تهاونا منه ومجاملة " مثل قوم استهموا فى سفينة
ـ أى اقترعوا " فى سفينة فصار بعضهم فى أسفلها , وبعضهم أعلاها , فكان الذي
فى أسفلها يمر بالماءعلى الذى فى أعلاها فتأذوا به , فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة فأتوه , فقالوا مالك ؟ قال تأذيتم ولابد لى من الماء , فإن أخذوا على يديه
أنَجَوْه ونَجَوْا بأنفسهم , وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم " رواه البخارى والترمذى  ( 14)

يقف المسلمون اليوم فى مواجهة  آفات فكرية , وأمراض إجتماعية  وعقبات اقتصادية , وتحلل خلقى شمل كل أنواع المنكرات والمغريات , والرذائل مما يخالف منهج الفضيلة والآداب الإسلامية , مما أدى ذلك أن تداعت علينا الأمم من أهل الشرق والغرب كما تتدعى الأكلة إلى قصعتها , ولأننا رغم كثرتنا أصبحنا كما ذكر الحديث الصحيح ـ  عن النبى صل الله عليه وسلم :"  غثاء كثاء السيل " وقد نزع الله تعالى من قلوب أعدائنا المهابة وقذف فى قلوبنا الوهن قالوا وما الهون ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت والقرآن الكريم يدعونا إلى الإتحاد التمسك بحبل الله تعالى يقول ربنا عز وجل :" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءنا فأصبحتم بنعمته إخوانا " سورة آل عمران الآية 103 ـ
ويقول النبى صل الله عليه وسلم :" إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية " ( 15)

لقد اتبعنا سنن الذين من قبلنا شبراً بشبر وذراعاً بذراع , وأخذت عقدة التبعبه
تسيطر على سلوكياتنا وسائر أعمالنا , واصبح بأسنا بيننا شديد , أعزة فيما بيننا أذلة على أعدائنا والعكس هو المطلوب , ولقد أصبح كثير من حكام المسلمين يمثلون عقبة كؤوداً فى سبيل عزة وحرية شعوبهم , بل والشعوب المسلمة الأخرى وهكذا افقوا فيما بينهم , ولهذا ارتفع صوت العلمانيون وعظم شأنهم , وأصبحوا هم أصحاب الرأى والمشاورة , حتى تجرء الكثير منهم على دين الله , وطالبوا بمناقشة ثوابته ونصوصه المقدسة , والكثير من الناس لايهمهم غير السعى من أجل إنماء أموالهم وزيادة دخلهم , أكثر من البحث عن أمور دينهم ورضى ربهم , والغيرة على أعراضهم وحماية أوطانهم , وأصبحنا نطلب الرحمة من عدونا , ونستنصر به على بنى جلدتنا وأهلينا , وغدا أمرنا عجبا إذ ننتظر السماح والعفو ممن سلط علينا , ونرجوا منهم النصفة , ( 16)

, ومثلنا لأعدائنا كعربة فى قطار البشرية تركها القطار , وانطلق بعد ان كانت لنا السيادة والريادة على غيرنا من الأمم , فلماذا لا نطبق المنهج الإسلامى كنظام حياة  , وقد جربنا كل ما هو وافد , واعتززنا بكل المذاهب والنحل وسلكنا كل السبل , فلنجرب الإسلام ولو مرة إن صح لنا أن قول هذا
إننا لما هان علينا ديننا أصبحنا أكثر هوانا على أنفسنا وعلى عدونا وذلك يقول القائل
                                   ومن يَهن يسهل الهوان عليه
                                            ما لجرح بميت إيلام  ( 17)

قال تعالى" ومن يُهن اللهُ فما له من مُكرم إن الله يفعل ما يشاء" سورة الحج آية 18 ـ      
وليعلم المسلمون اليوم أن الإنقاذ فى سفينة الإسلام , والتمسك بمنهجه وآدابه وأصوله
إنه لامجال للتقصير والتسويف حتى لايتسع الخرق أكثر مما اتسع , ولا يجوز ان يكون حالنا هذا مدعاة للخنوع والخضوع , والذلة والإستكانة ولنتذكر قول الله عز وجل :" ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة واتقوا الله لعلكم تشكرون " سورة آل عمران 123ـ ومن هنا نعلم أن نصر الله تعالى لعباده الصالحين قريب , إذا حسنت نواياهم  وغيروا ما بأنفسهم بتوبة نصوح ومراجعة شاملة , لتصحيح المسار واجتياز المحنة
لكى تعود إلينا الريادة والقيادة , لنكون بحق خير أمة أخرجت للناس " يقول تعالى :" ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم , وعد الله لايخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون " سورة الروم الآية 4 ـ 5 ـ 6 ـ  
               " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم  ( 18)