من هدى الإسلام الإعتدال فى تناول الطعام والشراب :

من هدى الإسلام الإعتدال فى تناول الطعام والشراب :

" نحن نأكل لنعيش , ولا نعيش لنأكل "

هذه قاعدة إسلامية , تجعل تناول الطعام والشراب وسيلة للبقاء والحياة , ولا تجعل الحياة كلها من أجل تناول الطعام وحده , وبهذا يختلف الإنسان عن الحيوان .
وهذا الكلام يرشدنا أن الإنسان خلق لغاية , وتحقيق أهداف أخرى فى الحياة , من عمارة الأرض وزرعتها , وإقامة المنشأت العامة والخاصة , وكل ما تصلح به حياة البشرية , وتقدمها وسعادتها , ولهذا لايليق بالإنسان الذى كرمه الله وفضله على كل المخلوقات , أن تكون حياته كلها موجهة نحو شهوة البطن , وملء المعدة بالطعام , فهذا لايتفق مع نظرة الإسلام إلى الحياة .

وليس معنى هذا أن الإسلام يُحرم على الإنسان التمتع بالحياة وما فيها من طيب الطعام والشراب , ولكن الله تعالى يأمرنا بالأكل والشرب , بإعتدال ومن غير إسراف , كما أباح لنا أن نستمتع بزينة الحياة وطيبات رزقها قال تعالى :" وكلوا وإشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين , قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين أمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة " سورة الأعراف الأية 31 ـ 32 ـ

وقد روت لنا السيدة عائشة رضى الله عنها ـ أن النبى صل الله عليه وسلم " لم تمتلئ بطنه شبعا قط , وكان لايسال أهله طعاما ولا يتشهاه "
وكان صل الله عليه وسلم ـ يسأل أهل بيته فى بعض الأحيان : هل عندكم شئ ؟ فإن قالوا : لا , قال : اللهم إن صائم " .
إن دعوة الإسلام إلى عدم الإسراف فى تناول الطعام والشراب , يؤيده الطب الحديث فكثير من الأطباء جميعا يؤكدون على أن " المعدة بيت الداء " وأن معظم الأمراض الأمراض المنتشرة فى هذه الأيام ـ إنما هى نتيجة كثرة الطعام , وشدة الشبع وإمتلاء االبطن , ومن تلك الأمراض على سبيل المثال : مرض السكر , وضيق الشرايين , وقرحة المعدة إلى غير ذلك .

إن الإعتدال فى تناول الطعام والشراب , أمر دعا إليه الإسلام , لأهميته فى حفظ صحة الإنسان , وضبط النفس , والتغلب على شهواتها , وكذلك التقلل من تناول الطعام والشراب يساعد على حسن تأدية الإنسان لعمله , لأن إمتلاء البطن يُثقل الجسم ويبلد الذهن والتفكير , ومن ثم يثقل على الفرد أداء الواجبات اليومية , سواء العقلية منها أو البدنية , وقد نهى الإسلام عن تناول وجبات الطعام فى أوقات متقاربة
وكثيرا من الأطباء ينصح مرضى المعدة , بأن يُنظموا وقت طعامهم , وألا يتناولوا بينها , لأن ذلك يرهق المعدة , ويسبب عسر الهضم الذى يشكو منه كثيرا من الناس
وفى هذا الجانب من آداب تناول الطعام , يقول الرسول صل الله عليه وسلم ـ :" نحن قوم لانأكل حتى نجوع , وإذا أكلنا لانشبع " .

إنه من الواجب على المسلم أن يرفق بنفسه , وأن يتناول من الطعام ما لايُرهق معدته وقد قال الرسول صل الله عليه وسلم : موجها لنا بقوله :" ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه , حسب ابن آدم لقيمات يُقمن صلبه فإن كان لابد فاعلا , فثلث لطعامه , وثلث لشرابه , وثلث لنفسه " ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم ينظرون إلى الطعام بنفس نظرة الرسول صل الله عليه وسلم ـ إليه فما كان الطعام عندهم هدفا لذاته , وإنما هو وسيلة من وسائل الحياة .
وقد كان قدوتهم فى ذلك هو حديث الرسول صل الله عليه وسلم ـ :" المؤمن يأكل فى مِعَّى واحدٍ , والكافر يأكل فى سبعة أمعاء " والمعنى أن المؤمن لايعطى الطعام والشراب إهتماما شديدا , لأنه يؤمن أن للإنسان رسالة أخرى غير الطعام والشراب
وأما الكافر فليس له رسالة واضحة فى الحياة , فهو يأكل ويشرب بكثرة وبشراهة كما ـتأكل الحيوانات .

الحرص على أن يكون الطعام حلالا طيبا :

وإلى جانب دعوة الإسلام إلى الإعتدال فى تناول الطعام والشراب , حرصه على أن يكون مصدره حلالا طيبا , سواء أكان ذلك عن طريق كسب اليد بنفسك بالعمل , فى أى مجال من مجالات الكسب الحلال , أو عن طريق كسب ولى الأمر , كالأب والأم الذين يلزمهم نفقة الأولاد الصغار .
وأما تناول الطعام والشراب الحرام فليس له جزاء إلا النار , لأن فيه إعتداء على حق الغير , وتطفل على أرزاقهم .
ومن الأطعمة والأشربة التى حرمه الله تعالى : الميتة , والدم , ولحم الخنزير , وما أهل لغير الله , أى ذكر عليه اسم غير الله تعالى , " كما حرم الله تعالى شرب الخمر

وأما تحريم الميتة والدم لحم الخنزير , فهذا يرجع إلى ما تسببه هذه الأشياء للإنسان من أمراض وعلل خبيثة , وقد اجتمع الطب الحديث وأثبت لنا الإعجاز العلمى لتحريم هذه الأشياء وصدق أحكامها التى نزلت على الرسول صل الله عليه وسلم ـ منذ أربعة عشر قرنا " 1400 " سنة , وعلاوة على ذلك فإن النفس بطبيعتها تنفر من أكل هذه الأشياء . قال تعالى :" حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به " سورة المائدة الأية 3 ـ
وأما عن تحريم شرب الخمر , فيرجع إلى أنها تتلف خلايا الكبد , وتضعف القلب , كما أنها تضعف القوى العقلية وتُضعف الإنسان عامة , ومن ثم لايستطيع القيام بوظائفه التى خُلق من أجلها . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم