من هدى القرآن مختارات عامة من تفسير آيات من القرآن الكريم .

من هدى القرآن :

الدعوة للعمل للآخرة :

يقول تعالى :" يا أيها الذين أمنوا اتقوا لتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون*
لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون * لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون * سورة الحشر الأية 18 ـ 21 ـ
تفسير الكلمات : ما قدمت لغد : ما قامت به من أعمال ستحاسب عليها فى الآخرة
سواء خيراً أو شراً ـ نسوا الله : أى أهملوا العمل بطاعته , وامتثال شرعه
أنساهم أنفسهم : أى صرفهم عن العمل لخير أنفسهم وسعادتها فى الدنيا والآخرة
الفاسقون : أى الخارجون عن أحكام الدين , الناكبون عن صراطه والمنغمسون فى معصيته ـ لرأيته خاشعا : أى ذليلا خاضعا : متصدعا : أى متشققا هابطا من خشية الله .

المعنى العام للآيات :

1ـ فى هذه الآيات الكريمة دعوة إلى التمسك بالتقوى وهى الخشية من الله تعالى , والتقوى تحى القلب وتنور البصيرة , وتوقظ الضمير , وتدعوا إلى فعل الخير ,
وتمنع الإنسان من فعل الشر .
2ـ ثم تنصح الآيات الإنسان أن يحرص على مرضات ربه , يتمثل التقوى فى كل أعماله , فيجتهد فى المحافظة على الفرائض , وما يستطيع من النوافل , ويبذل المعروف للناس عن طيب نفس , ويفعل الخير رغبة فى الفلاح والفوز فى الآخرة بمقدار ما يحب أن يكون له من نعيم الله ورضوانه .
3ـ كما ينهى الله تعالى العبد عن اهمال طاعته , والتفريط فى حقه فمن أهمل حق الله فلم يعبده , أو لم يؤد ما عليه من تكاليف , ولم ينتهى عما نهاه سبحانه عنه من الخطايا والذنوب , ولم يشغل قلبه بذكر ربه وخالقه , أهمله الله وكان مهانا وألهاه
عن الإنشغال لخير نفسه وسعادتها فى الدنيا والآخرة .

4ـ تبين الآيات أن الناس يوم القيامة قسمان لا ثالث لهما : أصحاب الجنة , وأصحاب النار , وأصحاب الجنة هم المؤمنون الصادقون أحباء الله المقربون , الذين أمنوا بالحق فهؤلاء لهم النعيم المقيم فى الجنة مخلدون , أما أصحاب النار فهم الكفار أعداء الله وأنصار الباطل , الذين ينتظرهم عذاب الله فى جهنم خالدون .
5ـ القرآن الكريم كلام الله المتلوا فى المصاحف , له هالة وجلالة , ولآياته سلطان عظيم على النفوس , وتأثير بالغ على القلوب الحية , والأرواح التقية النقية .
فكيف للقلوب القاسية لا تتأثر به ، مع أنه لو نزل هذا القرآن على جبل لخشع ولهبط تصدعا مع قوته من خشية الله . موقع من فقه الاسلام ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بين الحسنة والسيئة :

قال تعالى :" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لايظلمون * قل إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين * قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين * قل أغير الله أبغى ربا وهو رب كل شئ ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون * وهو الذى جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فى ما آتاكم * إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم . الآيت من سورة الأنعام 160 ـ 165 ـ

المعنى العام :

فى هذه الآيات بيان لما أعده الله تعالى لأهل الإيمان من الفضل والثواب , وأن حسابه وعقابه للعاصين يتضمن عدله وحكمته فى خلقه ولذلك توضح لنا هذه الآيات
1ـ أن الحسنة هى كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال الصالحة ,
كإسداء نصيحة ، أو هداية ضال , أو تقويم معوج , أو دعوة لأصلاح دينى أو اجتماعى , أو معاونة محتاج , أو اسهام فى كل ما هو نافع ومفيد للفرد والمجتمع
فمن فعل ذلك كان له من الثواب عشرة أمثال ما قدم , فضلا من الله ورحمة ولا حرج على عطائه وفضله سبحانه وتعالى واسع , ولقد وعد الله تعالى المحسنين المخلصين بأكثر من ذلك بسبعمائة ضعف كما فى قوله تعالى :" مثل الذين ينفقون فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم " سورة البقرة الآية 261 ـ

وأن السيئة هى كل من اقترف إثما أو رمى بريئا , أو وقع فى غيبة , أو نميمة , أو إشاعة نبأ كاذب , أو إثارة فتنة , أو اعتداء غلى حقوق الآخرين , كان عليه من العقاب والوزر , مثل ما فعل دون زيادة فى العقاب أو نقصان من ثواب من أحسن وعمل صالحا .
2ـ والدين الإسلامى هو الدين الذى هدى الله تعالى إليه نبيه صل الله عليه وسلم ـ
وهو الطريق المستقيم إلى السعادة والعزة فى الدنيا , وإلى النعيم المقيم فى الآخرة
3ـ وهذا الدين الذى لاعوج فيه يلتقى فى أصوله , مع ما بعث الله تعالى به نبيه إبراهيم عليه السلام ـ وقد كان إبراهيم عليه السلام ـ حنيفا مستقيما على طريق بعيد كل البعد عن سبيل الضالين والمشركين قال تعالى :" ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين " سورة آل عمران الأية 67ـ

4ـ دعوة للمسلم لإقامة الصلاة والعبادة وسائر الطاعات , بإخلاص ومن غير رياء ولا شرك , 5 ـ وأن ما يموت عليه العبد من عقيدة وما يحى عليه فى حياته ينبغى أن يكون لوجه الله , وذلك مما أمر الله تعالى به نبيه محمد صل الله عليه وسلم ـ فكان من أول المخلصين والمتمسكين به .
6 ـ ينبغى على الإنسان أن لايشرك مع الله إلها غيره , لأنه رب كل شئ , وكل ماسواه خاضع له , كما لاينبغى أن يعتمد على عمل غيره , لأن كل نفس مسئولة عما تقوم به من أعمال , فكل نفس وما حملت فلا تحمل وزر غيرها , والمرجع بعد ذلك إليه تعالى فى يوم يبينُ فيه الرشد من الغى , والحق من الضلال , وتحاسب يوم القيامة كل نفس بما قدمت أو أخرت .

وقد كان كفار قريش يدعون النبى صل الله عليه وسلم ـ إلى عبادة ألهتهم , ويقولون له " اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطايكم " فنزلت الآيات
وهذه الآيات تعلمنا أن نحرص على فعل الخير وعمل المعروف , وعمل الحسنات والتمسك بالدين الحق , والصلابة أمام التيارات والمذاهب الإلحادية والإباحية , وموجهة الحملات المسمومة , وأن يعلم العبد دائما أنه ليس له إلا ما قدمت يداه , وأن إحسان غيره لاينفعه , كما أن خطيئته لا تضره , وأن العقيدة الصحيحة المخلصة
الراسخة , هى التى تعصم العبد من كل زيغ , وترده دائما إلى الحق وإلى الصراط المستقيم . موقع من فقه الاسلام ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم