تفسير سورة الزلزلة وبيان فضلها

سورة الزلزلة

مدنية وآياتها ثمان ونزلت بعد سورة النساء

عن مصير العباد يوم القيامة
بسم الله الرحمن الرحيم

إذا زلزلت الأرض زلزالها _ وأخرجت الأرض أثقالها _ وقال الإنسان مالها
يومئذ تحدث أخبارها _ بأن ربك أوحى لها _ يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا
أعمالهم _ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره _ ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره "

المعنى اللفظى

إذا زلزلت _ أى حركت بشدة وعنف لقيام الساعة
وأخرجت الأرض أثقالها _ أى جميع ما فى بطنها من الموتى والدفائن
تحدث أخبارها _ أى بأخبارها والمراد أنها تخبر بما عمل على ظهرها فى الدنيا
وما يحدث لها الآن .
بأن ربك أوحى لها – أى بسبب أن الله تعالى هو الذى أمرها بالتحدث
يصدر الناس أشتاتا _ أى يرجعون من يوم الحساب
أشتاتا _ أى متفرقين إما إلى جنة أو نار
ليروا أعمالهم _ أى جزاء أعمالهم من خير أو شر
مثقال ذرة _ وزن ذرة وهى أصغر شئ
شرا يره _ أى يرى جزاء ما قدم

المعنى العام

وفى السورة بيان وايضاح لم يكون فى يوم القيامة , حيث يوحى الله تعالى إلى الأرض أن تتزلزل وتخرج كل ما فى باطنها , ومن فى باطنها من موتى ودفائن فتستجب له طائعة , ويرى الإنسان ويسمع ما يذهله ويخيفه ويرعبه
ويجعله يتسأل فى ذعر , ما لها ؟ فتجيب الأرض متحدثة بأخبارها ... وتخبر بما عمل عليها من خير أو شر ,لأن ربك أوحى لها أمرها بأن تخبر بما عمل عليها
وما يكاد الإنسان يقلب نظره وسمعه المرعوب , حتى يرى ما يذهب بكل أمنه
الأرض تتشقق ويخرج منها الموتى, فى سرعة عجيبة ليروا أعمالهم , هكذا على رؤس , فما أمره من عقاب , وما أقساها من فضيحة "
هناك العدل المطلق كل بحسب عمله إن كان خيرا , مهما صغير وإن كان وزن نملة صغيرة كان الجزاء والثواب خيرا فى الآخرة , وإن كان شرا مثل وزن نملة صغيرة
فإنه يلقى الجزء شرا ويرى عقابه فى الآخرة

ايجاز البيان فى تفسير سورة الزلزلة

وسورة الزلزلة مدنية وآياتها ثمان _ وهى فى أسلوبها تشبه السور المكية , لما فيها من تذكير بأهوال وشدئد يوم القيامة , وهى هنا تتحدث عن الزلزال العنيف الذى يكون بين يدى الساعة , حيث يندك كل صرح شامخ , وينهار كل جبل راسخ , ويحصل من الأمور العجيبة الغريبة ما يندهش له الإنسان , كا اخراج الأرض ما فيها من موتى , وإلقائها ما فيها من كنوز ثمينة من ذهب وفضة , وشهادتها على كل إنسان بما عمل على ظهرها تقول : عملت يوم كذا وكذا وكذا , وكل هذا من عجائب ذلك اليوم الرهيب , كما تتحدث عن انصراف الخلائق من أرض المحشر إلى الجنة أو النار , وانقسامهم إلى أصناف فمنهم شقى وسعيد "

وعن فضل سورة الزلزلة

من حديث أنس رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم "
قل هو الله أحد , تعدل ثلث القرآن , وإذا زلزلت الأرض زلزالها تعدل ربع
القرآن " رواه البزار
وعن أنس أيضا رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم لرجل من أصحابه " هل تزوجت قال لا والله يارسول الله ولا عندى ما أتزوج ؟ قال أليس معك قل هو الله أحد ؟ _ قال بلى , قال _ ثلث القرآن _ قال أليس معك "إذا جاء نصر الله والفتح "؟ قال بلى قال ربع القرآن _ قال أليس معك قل يا أيها الكافرون ؟ قال بلى قال _ ربع القرآن – قال _ أليس معك إذا زلزلت الأرض زلزالها ؟ قال بلى _ قال ربع القرآن , تُزوج " رواه الترمذى وقال حديث حسن

لاتحقرالشئ الصغير( خيرا كان أو شرا )

قوله تعالى " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره "
تفسير هذه الآية من ابن كثير
وفى صحيح البخارى عن عدى مرفوعا " اتقوا النار ولو بشق تمرة , ولو بكلمة طيبة " وله أيضا فى الصحيح " يا معشر نساء المؤمنات لاتحقرن جارة لجارتها
ولو فرسن شاة يعنى ظلفها "
وفى الصحيح أيضا " لاتحقرن من المعروف شيئا ولوأن تفرغ من دلوك فى إناء
المستسقى , ولو أن تلق أخاك ووجهك إليه منبسط "
وعن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال
يا عائشة استترى من النار ولو بشق تمرة فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان
 تفرد به الامام أحمد

لما نزلت هذه الآية " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسير " سورة الانسان , كان المسلمون يرون أنهم ,لا يؤجرون على الشئ القليل إذا أعطوه
فيجئ المسكين إلى أبوابهم فيستقلون أن يعطوه , التمرة والكسرو والجوزة ونحو ذلك فيردونه ويقولون ما هذا بشئ إنما نؤجر, على ما نعطى ونحن نحبه " وكما رغب فى القليل من الخير نهى عن حقير الشر وإن كان وزن أقل نملة .
كما وضح ذلك حديث ابن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم
قال " إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل , حتى يهلكنه وأن رسول الله صل الله عليه وسلم ضرب لهن مثلا كمثل قوم نزاوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجئ بالعود , والرجل يجئ بالعود حتى جمعوا سوادا
وأججوا نارا وأنضجوا ما قذفوا فيها " رواه الامام أحمد
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

استدارك فى تفسير سورة الزلزلة :

فى فضلها : قال أهل العلم وهذه السورة فضلها كثير وتحتوي على معانى عظيمة ، روى الترمذي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله: من قرأ إذا زلزلت عدلت له بنصف القرآن ومن قرأ قل يا أيها الكافرون عدلت له بربع القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد عدلت له بثلث القرآن ، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله: من قرأ إذا زلزلت أربع مرات كان كمن قرأ القرآن كله ، وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لما نزلت إذا زلزلت بكى أبو بكر فقال النبي: لولا أنكم تخطئون وتذنبون ويغفر الله لكم لخلق أمة يخطئون ويذنبون ويغفر لهم إنه هو الغفور الرحيم

سبب النزول :

روى عبد الله بن عمر قال: نزلت إِذا زلزلت الأرض زلزالها وأبو بكر الصديق رضي الله عنه قاعد فبكى أبو بكر فقال له رسول الله: ما يبكيك يا أبا بكر قال: أبكاني هذه السورة فقال رسول الله: لو أنكم لا تخطئون ولا تذنبون لخلق الله أمة من بعدكم يخطئون ، أما قوله تعالى (فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيراً يَرَهُ وَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) قال مقاتل: نزلت في رجلين كان أحدهما يأتيه السائل فيستقل أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة ويقول: ما هذا شيء وإنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير الكذبة والغيبة والنظرة ويقول: ليس علي من هذا شيء إنما أوعد الله بالنار على الكبائر فأنزل الله عز وجل يرغبهم في القليل من الخير فإنه يوشك أن يكثر ويحذرهم اليسير من الذنب فإنه يوشك أن يكثر (فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيراً يَرَهُ) إلى آخرها . . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم