من فقه العبادات ( مختصر أحكام الصيام وزكاة الفطر وغيرذلك من آداب

مختصر من ( أحكام الصيام )

فضل الصوم ومكانته عند الله

1_ روى : البخارى ومسلم من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " ما من عبد يصوم يوما فى سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا "
2_ وروى: النسائى عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " من صام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه , ومن قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " (1)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

فضل الصوم

3_ وروى الإمام أحمد والطبرانى عن أبى سعيد رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم " الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام :أى رب منعته الطعام الشهوة , فشفعنى فيه ويقول القرآن , منعته النوم بالليل فشفعنى فيه قال فيشفعان "
4_ وروى البخارى بسنده عن النبى صل الله عليه وسلم " كل عمل بن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به , والصيام جنة ( بضم الجيم أى وقاية من النار ) فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب , ( أى لايصرخ بفاحش القول وتافه الكلام ) فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنى صائم , والذى نفس بيده لخلوف فم الصائم ( أى تغير ريح فمه )أطيب عند الله تعالى من ريح المسك , وللصائم فرحتان يفرحهما , إذا أفطر فرح بفطره , وإذا لقى ربه فرح بصومه " ( 2)
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وعيد من أفطر يوما من رمضان

1_ روى النسائى وأبو داود والترمذى وغيرهم أنه صل الله عليه وسلم قال " من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه الدهر كله وإن صامه " فمن أفطر يوما متعمداً كما بين الحديث فعليه أن يقضى يوما مكانه ويستغفر الله ويتوب ويتصدق وهذا حكم من أكل أو شرب متعمدا وبه قال كثير من العلماء
وبعض العلماء قال عليه كفارة عظمى وهى كفارة من أفطر بسبب جماع زوجته فى نهار رمضان "  فمن أفطر يوماً من رمضان بلا عذر كما سبق فقد تعرض للوعيد الشديد، والعذاب الأكيد، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول:بينما أنا نائم أتاني رجلان، فأخذا بضبعي، فأتيا بي جبلاً وعراً، فقالا : اصعد، فقلت : إني لا أطيقه، فقال : إنا سنسهله لك، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة، قلت : ما هذه الأصوات ؟ قالوا : هذا عواء أهل النار، ثم أُنطلق بي، فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً، قلت : من هؤلاء ؟ قال : الذين يفطرون قبل تحلة صومهم ـ أي الذين يفطرون قبل غروب الشمس " أخرجه النسائي وابن حبان وابن خزيمة وصححه الألباني .
2_ وفى ذلك روى البزار أن رجلا قال يا رسول الله صل الله عليه وسلم " إنى هلكت  قال وقعت على زوجتى فى نهار رمضان متعمد , قال له أعتق رقبة , قال لا أجد , قال صم شهرين متتابعين , قال لا أقدر , قال أطعم ستين مسكينا " وهذه هى كفارة من وقع على زوجته فى نهار رمضان " والكفارة تكون على الزوج لا على المرأة
وتتمثل الكفارة فى اطعام ستين مسكينا عن وجبتين مشبعتين افطار وسحور من أوسط ما تطعمون أو تقدير قيمة الوجبتين عند كثير من أهل العلم لأنه الأيسر والأنفع ".وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (3)

ما يجوز فعله للصائم ولاحرج عليه

والقاعدة فى ذلك عند كثير من أهل العلم أن كل ما يدخل فى الجسم من غير المنفذ الطبيعى الجوف وهو( الأكل والشرب والجماع ) ففى ذلك يكون الفطر ويبطل الصوم ولو كان هناك غير ذلك لذكر لنا ونهانا عنه فلم يدل دليل على المنع ومن ذلك
المباح فعله إلا ما دل الدليل على النهى

1_ الاغتسال أثناء الصيام ولو من أجل التبرد وكسر حدة الحر فقد كان لأنس رضى الله عنه حوض يغتسل فيه وهو صائم
2_ استعمال السواك ومافى معناه اليوم ( فرشة المعجون ) فقد ثبت أن النبى صل الله عليه وسلم " أنه استاك وهو صائم , وكان ابن عمر رضى الله عنهما يستاك , فى أول النهار وآخره , ولا يبلع ريقه " يعنى وهو يستاك " وقال ابن سيرين رحمه الله " لابأس بالسواك الرطب , قيل له طعم , فقال والماء له طعم وأنت تتمضمض
3_ بلع الريق وغبار الطريق وتذوق الطعام لمن يقوم بطهيه ليتعرف على درجة النضج والملوحة .

4_ الإكتحال والقطرة فى العين والأنف واستعمال بخاخة الأنف وعلاج الأمراض الصدرية ,وبناء عليه فإن البخاخ الذى يستخدمه البعض من أجل توسيع الشعب الهوائية لا يفطر لأنه هواء لاجرم له , وإن كان يحوى بعض المركبات إذا أنه يدخل الجوف على هيئة هواء , إضافة إلى كونه يصل للرئة ولا يصل للمعدة ومثل ذلك فى الحكم الأكسوجين الذى يعطى لبعض المرضى , فإنه لا يكون مفطرا بناء على هذه القاعدة بخلاف بعض أنواع البخاخات التى يكون لها جرم بطحن بعض الحبوب ثم إيصالها للجوف فإنها تكون مفطرة وأما ماذكرناه خلاف هذا النوع  فكثير من العلماء المعاصرين   يرون أنه لابأس بذلك لأنها ليست بغذاء ومن القدامى  الإمام ابن حزم والإمام ابن تيمية رحمهما الله تعالى
5_ وكذلك حقن العضل والوريد من أجل العلاج وحقن التخدير و حقنة الفتامين لضعف وغيره , والحقنة الشريجية لعمل أشعة , وغيره فالأظهر أنه ليس فى ذلك شئ وقالوا فى الحقنة الشريجية أنها تستخرج الأذى ولا تولج شئ للبطن  , وهى بخلاف حقنة الجلوكوز فإنها بمثابة الغذاء تذهب حد الجوع والعطش فإنها تفطر.
6_ من ذرعه القئ فلا قضاء عليه ( أى غلبه القئ ) ومن استقاء فعليه القضاء ( أى تعمد القئ )

7_ من أكل أو شرب ناسيا فلا شئ عليه قال صل الله عليه وسلم" من أفطر فى رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة " وقال صل الله عليه وسلم " إذا نسى أحدكم فأكل أو شرب فليتم صومه , فإنما أطعمه الله وسقاه "
8_ ومن احتلم نهار رمضان فلا شئ عليه إلا الغسل حتى يكون طاهرا لأداء الصلاة
ومن طلع عليه الفجر وهو جنب بسب جماع فلا شئ عليه إلا المسارعة للغسل ليدرك صلاة الفجر
9_ تكرار المضمضة والإستنشاق من غير مبالغة لحديث لقيط بن صبرة رضى الله عنه " وبالغ فى الاستنشاق إلا أن تكون صائما .
10_ شم الروائح الطبيعية كا لعطور والأزهار والبخور والتطيب والتعطر ما دامت الحاجة تدعوا لذلك . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(4)

من مبطلات الصوم

وهما قسمان مبطلات توجب القضاء فقط , ومبطلات توجب القضاء والكفارة

وأما مايوجب القضاء فقط

1_ 2_ الأكل والشرب عمد عند بعض الفقهاء فإن أكل أو شرب ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة
3_ القئ عمدا فإن غلبه القئ فلا يبطل صومه
4_ 5_ الحيض والنفاس ولو فى اللحظة الأخيرة قبل غروب الشمس , ويجب على الحائض والنفساء قضاء الصوم ولاتقضى الصلاة التى فاتتها بسبب الحيض
وأما الإستحاضة وهى نزول الدم فى غير أوقات العادة الشهرية فكما قال ابن عباس رضى الله عنهما تصوم وتصلى ويأتيها زوجها ولو سال الدم على الحصير وعليها أن تحتشف وتتوضأ لكل صلاة وحكمها حكم المريض بسلس البول والريح .

6_ نزول المنى بأى سبب من الأسباب التى تؤدى إليه( كالإستنماء باليد ) وهو حرام فى رمضان وغيره وكذلك تقبيل الزوجة لو أدى إلى نزول المنى وهو الماء الثقيل الذى منه الولد بخلاف المذى والودى فلا يبطل الصوم وإن كان الأفضل البعد عن ذلك وكذلك النظر المتكررإلى ما حرم الله  الذى يؤدى إلى نزول المنى وأما نزول المنى بسبب الإحتلام أثناء النوم فلا شئ فى ذلك وعليه أن يسارع إلى الإغتسال
7_ الردة عن الإسلام ومنها سب الدين واحتقار مقدساته وجحد ما علم من الدين بالضرورة كفرضية الصلاة ووجوب الحجاب على المرأة قال تعالى " ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو فى الآخرة من الخاسرين " سورة المائدة الآية 5_
8_ الجنون والسكر المتسبب فيه  بالإغماء
9_ من نقض نية صومه قاصدا الفطر بطل صومه وإن لم يتناول مفطرا
10_ إذا تناول الصائم مفطرا ظانا منه غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر فظهر خلاف ذلك فعليه القضاء عند الأئمة الأربعة
وعند بعض الفقهاء صومه صحيح ولا قضاء عليه لقوله تعالى " وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم "
11_   شرب الدخان بجميع أنواعه مبطل للصوم فضلا عن أنه حرام
    وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(5)

الثانى

مايبطل الصوم عليه القضاء والكفارة

أجمع العلماء على أن الجماع يوجب القضاء والكفارة بشرط أن يكون الصائم عامدا مختارا عالما بالتحريم , وبشرط أن يكون الجماع هو السبب الوحيد فى بطلان الصوم , وألا يكون الصائم مخطئا , فلو جامع ظانا منه بقاء الليل أو دخول المغرب ثم تبين له أنه جامع نهارا فلا كفارة عليه وعليه القضاء فقط ويرى بعض الأئمة القضاء والكفارة مطلقا سواء كان عالما أو جاهلا , عامدا أو ناسيا , مختارا أم مكرها أو مخطئا "

والكفارة وحكمها وهى

1_ عتق رقبة وهذه ليست موجودة فى زماننا فقد انتهى زمن الرق وهو محرم من خلال القوانين الدولية قال تعالى " فمن لم يجد" سورة المجادله
2_ فصيام شهرين متتابعين " فمن لم يستطع "
3_ فاطعام ستين مسكينا "
والكفارة هذه تخرج للأقارب الذين لاتلزمه نفقتهم فلا مانع من اعطائهم , بل هم مقدمون على غيرهم فى البر من صدقة وزكاة وغيرها ويجوز اخراج الكفارة قيمة تقدر وجبتين مشبعتين عن كل يوم وهما ستين يوما لستين مسكينا والمسكين هو الفقير الذى لايجد ما يغنيه وقد مر بيان ذلك
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(6)

المرخص لهم فى الفطرنوعان منهم من عليه القضاء وفقط ومنهم من عليه الكفارة فقط

1_ المسافر والمريض الذى يرجى برؤه ولكنه يتضرر بالصوم أو يزيد مرضه أو العلاج يقتضيه إن شاء صاما وإن شاء أفطرا وعليهما القضاء فقط    
2_  الحامل والمرضع وحكمها حكم المريض سواء خافت على نفسه أو ولدها لها الفطر وعليها القضاء .

من عليه الكفارة فقط

4_ الشيخ الكبير والمرأة العجوز , والمريض المزمن الذى لايرجى برؤه يرخص لهم فى الفطر وعليهما الكفارة وهى اطعام مسكين عن كل يوم أفطراه ويجوز تقدير قيمة ذلك وقد مر البيان عنه فى الكلام عن الكفارة العظمى .

من محبطات ثواب الصيام

1_ الغيبة والنميمة تحبطان عمل الصائم روى البخارى رحمه الله قال صل الله عليه وسلم " الصيام جنة ما لم يخرقها , قيل وما يخرقها ؟ قال بكذب أو نميمة "
2_ الكذب والغش وقو الزور والباطل والنظرة إلى ما حرم الله من محبطات ثواب الصيام والعمل مطلقا قال صل الله عليه وسلم " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه " وقال صل الله عليه وسلم " رب قائم حظه من قيامه السهر , ورب صائم حظه من الصيام الجوع والعطش "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة (7)

تعجيل الفطر وتأخير السحور

1_ وروى البخارى أن النبى صل الله عليه وسلم قال :" لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر "
2_ ابن خزيمة وابن حبان عن أنس رضى الله عنه قال : ما رأيت النبى صل الله عليه وسلم قط صلى المغرب حتى يفطر ولو على شربة ماء "
3_ وروى الطبرانى مرفوعا وغيره " ثلاثة يحبها الله : تعجيل الإفطار , وتأخير السحور , وضرب اليدين على الأخرى فى الصلاة "
4_ وروى أبو داود وغيره مرفوعا " إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر , فإنه بركة
فإن لم يجد تمرا فالماء فإنه طهور "
5_ وعن أنس رضى الله عنه قال كان رسول الله صل الله عليه وسلم يفطر فبل أن يصلى على رطبات, فإن لم تكنرطبات فتمرات , فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(

فضل اطعام الصائمين والجود فى شهر رمضان

1_ روى البخارى عن ابن عباس قال : كان رسول الله صل الله عليه وسلم
أجود الناس , وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل , وكان يدرسه القرآن فلرسول الله صل الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة "
2_ وروى الترمذى وغيره أن النبى صل الله عليه وسلم قال " من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لاينقص من أجر الصائم شئ "
3_ وفى صحيح ابن خزيمة رحمه الله تعالى عن سلمان الفارسى رضى الله عنه عنه صلى الله عليه وسلم " من فطر صائما كان مغفرة لذنوبه , وعتق رقبته من النار ,
وكان له مثل أجر من فطرهم من غير أن ينتقص من أجورهم شئ , قالوا يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم , فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : يعطى الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة , أو شربة ماء أو مذقة لبن "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(9)

صلاة التراويح

1_ كان النبى صل الله عليه وسلم يأمر بقيام رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة متفق عليه , وكان يقول من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "
2_ وروى البخارى أن عائشة رضى الله تعالى عنها : سئلت عن صلاة رسول الله صل الله عليه وسلم فى رمضان فقالت : ما كان رسول الله صل الله عليه وسلم يزيد فى رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة , يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن , ثم يصلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى ثلاثا "
وظل الناس يصلونها فرادى فى حياة النبى صل الله عليه وسلم , وفى خلافة أبى بكر رضى الله عنه فى البيوت وكانوا يزيدون فى الركعات من غير انكار من الصحابة فدل على الجواز إلى أن جاءت خلافة سيدنا عمر رضى الله عنه فجمعهم على قارئ واحد وكان أبى بن كعب يتناوب صلاة الترويح هو وتميم الدارى رضى الله عنهما وكانوا يطيلون القراءة بالمئات فى الركعة الواحدة ومنهم من كان يعتمد على العصا من طول القيام وما كانوا ينصرفون إلا قبيل الفجر
وليس المهم كثرة الركعات وطول القراءة لكن المهم الإطمئنان والتؤدة فى الصلاة حتى تكون مقبولة عند الله , وأما من يصلون ركعات كثيرة من غير اطمئنان فصلاتهم غير صحيحة ولايصح الإقتداء بهم لأن الصلاة السيئة تدعوا على من صلاها وتقول له ضيعك الله كما ضيعتنى "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة(10)

ليلة القدر وفضلها

1_ وروى الإمام أحمد فى مسنده عن عائشة رضى الله عنها قالت : " كان رسول الله صل الله عليه وسلم " يجتهد فى العشر الأواخر ما لايجتهد فى غيرها "
2_ وروى الإمام أحمد أيضا أن النبى صل الله عليه وسلم " كان إذا دخل العشر الآواخر , أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر "
3 "من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه قال : اعتكفنا مع النبى صل الله عليه وسلم :" العشر الأوسط من رمضان , فخرج صبيحة عشرين فخطبنا وقال :
إنة أُريت ليلة القدر ثم أُنسيتها , أو نسيتها , فالتمسوها فى العشر الأواخر فى الوتر
وإنى رأيت أن أسجد فى ماء وطين , فمن كان اعتكف مع رسول الله صل الله عليه وسلم فاليرجع , فرجعنا وما نرى فى السماء قزعة , فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد , وكان من جريد النخل , وأقيمت الصلاة , فرأيت رسول الله صل الله عليه وسلم يسجد فى الماء والطين , حتى رأيت أثر الطين فى جبهته صل الله عليه وسلم " رواه البخارى
4_ _ وروى الإمام أحمد عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت : يا نبى الله , إن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : تقولين " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى "

ما جاء فى الإعتكاف وبيان فضله :

1_ والاعتكاف معناه : حبس النفس في المسجد بنية العبادة على سبيل التقرب إلى الله
ويما رواه البخاري رحمه الله أن النبي صل الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه وأنه أمر بخباء فضرب له "
2_ وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها " السنة على المعتكف ألا يعود مريضا ولا يشهد جنازة , ولايمس امرأة ولا يباشرها , ولا يخرج من المسجد إلا لما لابد منه "
3_ وروى البخاري رضي الله عنه أن صفية رضي الله عنها قالت كان رسول الله صل الله عليه وسلم في معتكفا , فأتيته أزوره ليلا فحدثته , ثم قمت لأنقلب ( أعود إلى البيت ) فقام معي ليقلبني "
4_ وأخرج الإمام أحمد أن رسول الله صل الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان , فسافر سنة , فلم يعتكف فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين يوما "
5_ وروى الإمام أحمد أيضا أن رسول الله صل الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى قبضه الله "

مبطلات الاعتكاف :

1_الجماع : ينهى عنه للمعتكف مطلقا سواء, كان بلليل أو النهار ولو لم يحدث إنزال
قال تعالى " ولا تباشرون وأنتم عاكفون فى المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون " سورة البقرة الآية 187_
2_ الحيض والنفاس للمرأة, ولها أن تبنى على ماتقدم, من اعتكافها بعد زوال العذر
إذا كانت المدة التى إذا كانت المدة التى نذرت اعتكفها لاتخلوا عن هذا العذر
3_ الخروج من المسجد لغير حاجة عمدا , وإن قل فإنه يفوت المكث فيه وهو ركن من أركانه .
4_ الردة , لمنافتها للعبادة , ولقول الله تعالى " لئن أشركت ليحبطن عملك " سورة الزمر الآية 65_
5_ ذهاب العقل بسكر أو جنون أو اغماء إذا استمر أياما
6_ إذا أفطر عمد وكان اعتكافه مقرونا بالصوم
7_ نية الخروج من الإعتكاف ولو لم يخرج بالفعل
8_ الإنزال بسبب غير الجماع كتقبيل ومباشرة وفكر ونظر ونحوه ليلا كان أو نهارا
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم صفحة( 11)

من أحكام الصيام ( صدقة الفطر )

وفيها سبعة مباحث :

1_ وتسمى زكاة البدن , وتسمى صدقة الفطر , حيث يخرجها المسلم عقب صوم رمضان شكرا لله على توفيقه لعبادة الصيام .
2_ وقد بين لنا رسول الله صل الله عليه وسلم الحكمة من مشروعيتها كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه صل الله عليه وسلم " فرض زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمه للمساكين "
3_ وحكمتها مركبة من أمرين الأول : , وهو يتعلق بالصائمين وما عسى أن يكون قد خالط صيامهم من لغو ورفث , القول والكلام , والصوم الكامل الذي صامت فيه الجوارح عما نهى الله عنه , فجاءت هذه الصدقة بمثابة تطهر , لما شاب نفس الصائم من أوضار , وتجبر ما فيه من قصور ,
الأمر الثاني : وهو يتعلق بالمجتمع _ حيث إشاعة المحبة والمسرة في جميع أنحائه وذلك بتحقيق العدالة الاجتماعية , الذي يحصل بسبب التكافل الإجتماعى بين أفراد الأمة , مما يؤدى إلى التعاون بين الأفراد , والقضاء على الأثرة والأنانية في النفوس " يقول النبي صل الله عليه وسلم " أغنوهم في هذا اليوم عن الطواف
4_ وحكمها : أنها واجبة على كل مسلم عنده من المال ما يفيض عن حاجته وحاجة من تلزمه نفقته ليلة العيد ويومه

5 ـ ويجوز إخراج القيمة من النقود وهو الأفضل والأنفع للفقير ليستطيع توفير ما يحتاجه هو وأهله على أن يقدر ثمن الصاع , الذي يخرجه المسلم عن نفسه ومن تلزمه نفقتهم
فإن أخرج أرزا أو قمحا وهو متوسط ما يخرجه الفقير فيقدر ثمن 3_ كيلو عن كل فرد من أسرته وكذلك الغنى يقدر ثمن 3_ كيلوا تمرا أو زبيبا _ أو جبنا وغيرها من أعلى الأصناف حتى يحدث مقصود أغناء الفقير وتتحقق المصلحة والحكمة كما قال صل الله عليه وسلم " أغنوهم عن السؤال "
6_ ووقتها : من طلوع فجر عيد الفطر , يجوز إخراجها من أول رمضان
ويصح إخراجها طوال شهر رمضان , وقالوا تخرج قبل العيد بيوم أو يومين
فالمطلوب الإسراع في إخراجها لسد حاجة الفقير , وتعجيل المسرة له هو وأهله
ومن أعسر ولم يجد ما يخرجه أخرج بعد العيد , ويحرم تأخرها لغير عذر
7_ وتخرج زكاة الفطر : يخرجها المسلم عن نفسه ومن تلزمه نفقتهم كالزوجة والأولاد الذين ليس لهم دخل , فان كان لهم دخل أخرجوا هم عن أنفسهم , وكذلك يخرج عن الأبوين اللذين لا مال لهما فإن كان لهم مال أخرجوا عن أنفسهم وكذلك البنت التي عقد عليها ولكنها لم تزف بعد إلى زوجها فإن أخرج عنها زوجها جاز ذلك وكما يجوز نقل الزكاة من بلد لآخر لضرورة كقريب فقير محتاج وكذلك المرأة الغنية يجوز لها أن تعطى زكاتها لزوجها الفقير حيث لا تجب النفقة منها عليه والعكس لا يجوز وتعطى زكاة الفطر لكل من لا تجب النفقة منك عليهم كالأخ والأخت والعمة والخال من فقراء المسلمين بل الأقارب هم الأولى إن كانوا فقراء "قال تعالى " وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا " سورة الإسراء الآية 26_

وتصرف الزكاة

وتصرف الزكاة لمن يوجد من الفقراء والمحتاجين وهو من يملك شيئا من المال ولكنه لايكفيه أو يعمل فى عمل ولكن الدخل لاتقوم به ضرورات حياتهم , وإلى كل عمل فيه خير ومنفعة تعود على المجتمع بالخير بشرط أن يفيض ذلك عن حاجة الفقراء والمساكين وكل من له حاجة يجب أن تسد له حتى تتيسر لهم سبل العيش , ولا يجوز أخذ حق الفقير , ونبنى به مساجد أو مستشفيات فهذا مما يجب على الدولة وأغنيائها
ولو فعلنا ما أمرنا الله به فى حصة الزكاة لتحقق لمجتمعاتنا الأمن والمحبة والوئام "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (12)

من أحكام صلاة العيدين :

صلاة العيد : هى ركعتان لكل عيد , وهى سنة مؤكدة على كل مسلم
وقد صلاها الرسول صل الله عليه وسلم أكثر من مرة , وليس لها أذان ولا إقامة
وليس لها سنة قبلية ولا بعدية , وتتحقق صلاة العيد بالنداء : الصلاة جامعة , الصلاة جامعة , الصلاة جامعة .
ويصلى المسلمون رجالا , ونساء وصبينا , والنساء تصلى فى أماكن خاصة بهن
وكيفية صلاة العيد تكون , يبدأ الإمام بتكبيرة الإحرام رافعا يديه , إلى جوار أذنيه
قائلا : الله أكبر , ثم يتبعها بست تكبيرات أخرى فيكون جميعها سبع تكبيرات , ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر من القرآن ويستحب سورة الأعلى فى الركعة الإولى وفى الثانية سورة الغاشية , وفى الركعة الثانية يفعل كالركعة الإولى إلا أن التكبيرات تكون خمسا , بدلا من سبع ومن حديث عائشة رضي الله عنها قالت أن رسول الله صل الله عليه وسلم " كان يكبر في الفطر والأضحى , في الأولى سبع تكبيرات , وفى الثانية خمسا " رواه أبو داود .

ويبدأ وقت صلاة العيد من ارتفاع الشمس مكان ظهورها بالمشرق بمقدار طول رمح
ومدته نصف ساعة بعد شروق الشمس بالتوقيت الحسابي , ويستحب تعجيل صلاة عيد الأضحى , ليتسع الوقت للأضحية وتوزيعها مع الصدقات على المحتاجين
وتأخير صلاة عيد الفطر ليتسع لوقت المتصدقين بزكاة الفطر , وهكذا
وأيام الأعياد : أوقات بهجة وفرح وسرور , وأيام صدقات وتواد وتراحم وتسامح بين المسلمين . ويستحب الصلاة في العراء كما فعل الرسول صل الله عليه وسلم , فإن هذا أبلغ للعظة وأقوى للعبرة , والتفكير في عظيم صنع الله , ومن جاء من طريق فليرجع من طريق آخر وبذل السلام لمن عرفت ومن لم تعرف لتكثر الحسنات وترفع الدرجات , والتهنئة تكون بين المسلمين بقول " تقبل الله منا ومنكم " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (13)

فتاوى ومسائل

المسئلة الإولى :
هل عروض التجارة تجزئ فى الزكاة , إذا أخرجت بقيمتها ؟
ففيها روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله إحدهما المنع بقوله " فى كل أربعين شاة شاة
وفى مئتى درهم خمسة دراهم .
الثانية : يجوز قال أبو داود سئا أحمد عن رجل باع ثمره نخله , فقال عُشره على الذى باعه , قيل يخرج تمرا أو ثمنه فال إن شاء أخرج من التمر وإن شاء أخرج من الثمن .
قال البخارى فى صحيح فى أبواب الزكاة ( باب العرض فى الزكاة ) وقال طاووس قال معاذ بن جبل لأهل اليمن أتونى بعرض ثياب خميص أو لبيس فى الصدقة مكان الشعير والذره أهون عليكم وخير لأصحاب النبى صل الله عليه وسلم " فالمراد المقصود من الزكاة وقد حصل ووافق على ذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى كتابه فتاوى ومسائل . وكذلك الإمام ابن تيمية . ووافقوا على ذلك مذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله واستدل له مثلهم , بعمل معاذ رضى الله عنه وبالقياس للتيسير
وهذه من المسائل التى اختلف فيها العلماء والتى اجتهد , فيها سيدنا معاذ رضى الله تعالى عنه وقد وافق فى هذه المسئلة معاذ وغيره عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان
وعلى بن أبى طالب وعمر بن عبد العزيز وغيرهم من الأئمة رضى الله تعالى عن الجميع .
والمقصود من الزكاة وخاصة زكاة الفطر إغناء الفقير عن مذلة السؤال , وقد يحصل ذلك بالقيمة , بل يكون ذلك هو الأنفع والأفضل , كما وافق ذلك جمهور
الفقهاء والعلماء المحدثين "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم