سلوك المسلم بين الصبر والإيمان

سلوك المسلم بين الصبر والإيمان :

عندما تنزل بالإنسان كارثة أو تحل به مصيبة نجده يتولاه الفزع فقد وقع به ما ينتظره ويضج بالشكوى
فإن ما ألم به لايمكن أن يكون الجزاء فإنه يقيم الصلاة ويؤدى فرائض دينه وعندما يسكن ويعود إليه ضميره
ويجد من يؤكدون له أن ما أصاب إنما هو ابتلاء من الله ليختبره به وأن المؤمن مصاب ثم ينصرف هذا الإنسان
الى ممارسة حياته وهمه بين جنبيه دون أن يحول البحث عن سبب ما وقع به
والحقيقة أن الإنسان لو تفكر فى الأمر وتدبر آيات القرآن الكريم لوجد أن الله سبحانه وتعالى يعلم عمل الإنسان
قبل أن يهم به فهو عزوجل ليس فى حاجة الى اختبار من أى نوع ليعلم ما عليه عباده تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فتقول آيات القرآن الكريم " والله خلقكم وما تعملون " سورة الصافات
وقال تعالى " وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون " سورة النمل
وقال أيضا " وعنده مفاتح الغيب لايعلمها الا هو ويعلم ما فى البر والبحر وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولايابس الا فى كتاب مبين " سورة الأنعام
وقال سبحانه" ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس له نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " سورة ق
أما أن المؤمن مصاب فهذا أمر يخالف العقل والمنطق وكذلك يخالف ما جاءت به آيات القرآن الكريم اذ تقرر آياته الشريفة أن كل ما يقع للإنسان من كوارث فإنما هى بعض جزاء عمله وليست الجزاء الأكمل لما فعل إذ أن الله يعفوا عن كثير مما يرتكبه الإنسان وفى ذلك يقول الله تعالى " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير " سورة الشورى
وما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك " سورة النساء
وبذلك فإن كل إنسان قد حلت به كارثة أو أصابته مصيبة لا أن يحاول دراسة سلوكه دراسة شاملة ويعيد تقيم نفسه تقيما حقيقا وأن يكتشف الخطأ الذى وقع به فيحاول إصلاحه والتحلل منه والاستغفار بسبه وأن يندم على ما فعل ويتوب الى منه ويعزم على أن يعود الى مثله أبدا "
وليس كل ما يقع بالإنسان أن يكون مصيبة أو كارثة ...,
إن الإنسان العاقل يمكن بقليل من الفكر أن يفرق بين الكارثة وغيرها والمصيبة فمثلا الخسارة فى العمل الذى يتبعها الربح ليست كارثة ولكن الخسارة المتتالية والتى تودي بأسباب وتقعد صاحبها عن متابعة السعي كارثة
إن كل ما يصيب الإنسان من حوادث ومصائب مما لابد منه    كسنة من سنن الحياة لفترة وينتهي لا يمكن أن يسمى كارثة كمن يمرض يوما أو بعض يوم فليس من فقد أصبعه كمن فقد ذراعه
ولعل السبب لما يتردد من قول القائلين بأن المؤمن مصاب إنما يرجع الى أن الإنسان قد يعتقد بأن مجرد قيامه بالصلاة وصومه رمضان وأدائه للزكاة قد أصبح مؤمنا الإيمان الذى يجعله فى حصانة من أحداث الحياة الدنيا
والذى به يصبح لا خوف عليهم فى الدنيا ولا يحزن فى الآخرة
                                                 صفحة (1 )

سلوك المسلم مع ربه ومع الناس :

فهل تدبر الإنسان حاله فى عبادته هل يا ترى الواحد منا يصلى الصلاة التى تجب ؟

لقد كان السلف الصالح اذا قاموا للوضوء امتقع لونهم وتغيرت أحوالهم فإذا سئلوا عن ذلك أجابوا أتدرون لمن نستعد لمقابلته فإذا وقفوا فى الصلاة فهم بين يدي الله فسل نفسك على أي حالة تكون أنت بين يدي الله وهل تستعجل هذا اللقاء وإنهاء المقابلة مع الله أم تود لو طالت أمد الدهر واستقرت الى الأبد إن كل إنسان منا لو تدبر صلاته وما يجب أن تكون عليه لعرف بنفسه قدر صلاته تماما ومكانتها من الصلاة التى   أمر بها الله جل شأنه
وهل تكرار الإنسان الوقوف  لخمس مرات بين يدي الله أثمر ثمرته وحقق هدفه فأمن الإنسان بأن ربا يراه أينما كان وفى كل وقت وكل حين فتصرف فى حياته تصرف من يطلع ربه على سره وعلانيته ومن يرقبه ربه وهو وحده أو بين غيره ؟
وهكذا يسأل الإنسان نفسه فى باقى عبادته هل حقق صومه الهدف من  فرضيته فظل طوال الشهر بل وبعده يشكر ربه على نعمه ويحمده على فضله بعد أن استشعر ألم الجوع وعانى مرارة الحرمان فجعله يبذل من عطاء الله للآخرين وينفق من مال الله على المحتاجين أم ترى أنها ساعات صام فيها ثم يعوض كل ما فاته فيضاعف طعامه ويفرط فى شرابه ولا يزيد فيه الصوم الا تمسكا بما عنده وحرصا على ماله ولا ينفق الا كارها ولا يعطى الا قليلا وبذلك يتهاون الإنسان فى علاقته مع نفسه ويخطئ فى معاملته مع غيره ولا يجد من نفسه رادعا ولا يقيم فى ضميره وازعا بل نجده يحاول دائما أن يبرر أخطاء الآخرين ويستصغر هو ما ارتكب حتى الظن دائما يجعله سيئا بالناس وحتى اللفظ دائما أبدا ما ينطق به جارحا لغيره اذا قال كذب أو بالغ وهو يرى أن ذلك كيسة وفطنة واذا وعد أخلف واذا وأتمن خان ولا يجد أن ذلك الا قدرة وإمكانية واذا باع رفع السعر أو خسف الوزن واذا اشترى خفض السعر وطفف الكيل واذا عامل القوى نافقه و سايره واذا عامل الضعيف تجبر عليه وأذله
يسوءه خير الناس ويسعده شرهم                           صفحة (2 )

سلوك المسلم مع ربه ومع الناس :

لايحب جاره ولا يعطف علي الصغير ولا يحترم الكبير ولايتبع العليم ولا يستحى من الحليم ولا يعاون المحتاج ولا يعيش مع غيره الا من أجل نفسه ولا يبذل للناس من نفسه شيئا يأكل السحت ويأخذ ما ليس حقا له ويتفنن فى تبرير ذنبه فهذه هدية وهذه علامة المحبة وهذه إكرامية وهذه أتعاب عمل لا يلتزم به ويحسب أن ذلك هينا ولكن ما أقسى الجزاء وما أشد العقاب فإذا وقعت به كارثة ولابد وأن تقع قال إنه يصلى ويصوم وأن المؤمن مصاب
وقد يصاب المؤمن فعلا اذا كان بين قوم يظلمون إذ أن المصيبة اذا وقعت بالقوم جزاء ما يفعله البعض منهم فإنها تعم عليهم أجمعين بما فيهم من الصالحين وذلك قوله تعالى " واتقوا فتنة  لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " سورة الأنفال ومن هنا كان ولابد للمؤمن حقا أن يبصر قومه مما يحول بينهم وبين العذاب وأن يهدى على قدر استطاعته من هم فى كنفه ومن هم تحت رعايته فلو أن كل فرد حارب الانحراف فى بيته وبين أهله لاندحر
الانحراف تماما من المجتمع ولو نشر كل فرد الإيمان فى بيته وبين أهله لانتشر الإيمان فى المجتمع وأصبح المجتمع فى حماية تامة واستعصى على كل معتد إذ أن الله هو الذى يدافع عن مجتمع المؤمنين وذلك قوله تعالى " إن الله يدافع عن الذين آمنوا " سورة الحج
وقد وعد الله تعالى أن ينصر المؤمنين وذلك قوله تعالى " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد " سورة غافر
إنه مما يجب علينا جميعا معاشر الإخوة أن نعيد النظر فى علاقتنا بربنا ولنحاول أن نطهر قلوبنا ونزكى أنفسنا ونعمق إيماننا بصالحات الأعمال ولنحاول محاربة الانحراف كل فى بيته وبين أهله ولنكن فى محاولتنا جادين حتى يتحقق لنا من ربنا النصر المبين  صفحة (3 ) وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

انتظار الفرج مع الصبر :

_ وفى ذلك دعوة للمسلم إلى التماسك بالصبر وهدوءالنفس عندما تنزل بالمسلم نازلة أو تحدث له مصيبة فيجتمع فكره فلا يقول ما يغضب الله ويحتسب الأجر من الله عند الصدمة الإولى وهذا هو ضياء الإيمان ونور الإستسلام لقضاء الله تعالى وبلقى الله تعالى عليه من نوره ويوفقه إلى طريق الخلاص مما نزل به قال تعالى " لتبلون فى أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور " سورة آل عمران
والصبر عن المعاصى وما حرم الله , والصبر على أداء العبادات وفى أعمال الدنيا , والصبريعصم من الغضب وآثاره السيئة , واصبر للنوائب صبر من لايحتال , ولا يقلق لنزولها فإ ن فى حوادث الدهر ووقائعه ما يغنيك عن الحيل , ويأتيك ما لا تقدر عليه بحولك ولا بحيلتك ,  ولأهمية الصبر فى سلوك المسلم أثنى الله تعالى فى القرآن فى كثير من المواضع على من اتصف به ومن الوعد له بالجزاء الأوفى وكذلك ماقاله النبى صل الله عليه وسلم " انتظار الفرج بالصبرعبادة " وعن عبد الله ابن مسعود أنه قال عن النبى صل الله عليه وسلم أنه قال " الصبر نصف الإيمان , واليقين الإيمان كله " وقالت عائشة رضى الله تعالى عنها " لو كان الصبر رجلا لكان كريما " وقال على بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه " القناعة سيف لاينبوا والصبر مطية لاتكبوا وأفضل العدة الصبر على الشدة , وسئل الإمام على رضى الله تعالى عنه " أى شئ أقرب إلى الكفر ؟ قال ذو فاقة لاصبر له وقال الحارث بن أسد المحاسبى " لكل شئ جوهر وجوهر الإنسان العقل وجوهر العقل الصبر قال الشاعر  :     ما أحسن الصبر في الدنيا وأجمله .. عند الإله, واتجاه من الجزع !
من شدَ بالصبر كفاً عند مؤلمه.. ألوت يداه بحبل غير منقطع
ضجرُ الفتى في الحادثات مذمة.. والصبر أحسن بالرجال وأليق
واصبر , ففي الصبر خير لو علمت به .. لكنت باركت شكراً صاحب النعم ..
واعلم بأنك لم تصطبر كرماً .. صبرت قهراً على ما خُط بالقلم
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آه وصحبه وسلم صفحة(4)

الفرج من الله :

_ ياصاحب الهم إن الهم منفرج _ أبشر بخير فإن الفارج الله _ اليأس يقطع أحيانا بصاحبه , لاتيأس فإن الكافى الله , الله يحدث بعد العسر ميسرة , لاتجزعن فإن الصانع الله , إذا إبتليت فثق بالله وارض به , إن الذى يكشف البلوى هو الله , والله مالك من غير الله من أحد , فحسبك الله فى كل لك الله " قال تعالى " فإن تولوا فقل حسبى الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المتأنى المستعجل :

_ قد يدرك المتأنى بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الذلل " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لابد من الصبر :

_ قال الحسن البصرى رحمه الله تعالى " إنكم لاتنالون ما تحبون إلا بترك ما تشتهون _ ولا تدركون ما تؤملون إلا بالصبرعلى ما تكرهون " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الصبر وتحمل المسؤلية :

_ الصبر نصف الإيمان, ولأن الإيمان تصديق وعمل , تصديق بوحدنية الله تعالى , وبكل ما أنزله على عبده محمد صل الله عليه وسلم , وكذلك الإيمان عمل يترجم فى سلوك فلا قيمة لإيمان من غير عمل ولا وزن لعمل من غير نية صالحة , وسند ذلك كله صبر جميل , يحفز الهمة ويقوى الإرادة إلى تحمل المسؤلية والإخلاص فيها ويجنبه الضعف والتخاذل فإذا حرم العبد نعمة الصبر أصبح إيمانه ناقصا معطلا , مثله مثل شجرة لاتثمر , وها هو رسول الله صل الله عليه وسلم يدخل على الأنصار ذات يوم فقال لهم , :" أمؤمنون أنتم فسكتوا , فقال عمر رضى الله تعالى عنه : نعم يا رسول الله , فقال وما علامة إيمانكم ؟ قال نشكر على الرخاء , ونصبر على البلاء ونرضى بالقضاء وذلك تصديقا لحديث رسول الله صل الله عليه وسلم الذى قال فيه : عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير , وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن , إن أصابته سراء شكر فكان خير له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له , إن حقيقة الصبر فى مجمله , صبر على تحمل المسؤلية بصدق وأداء للأعمال بإخلاص وأمانة وأداء للتكاليف بجد وكفاءة " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

طريق النجاح :

1_ الثقة بالله عزوجل 2_ العلم بأن كل مقدور كائن 3_ الصبر خير ما يستعمل الممتحن 4_ اصبر تنجوا ويكون ذلك بالعمل والجد والمثابرة 5_ واعلم أنه يمكن أن تكون فى شر مما أنت فيه 6_ واعلم أنه من ساعة إلى ساعة فرج قريب " وتوكل على الحى الذى لايموت وسبح بحمده " صدق الله العظيم وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أدب الصبر على البلاء :

قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير ، وليس ذلك لاحد الا للمؤمن ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له " رواه مسلم هذا الحديث يدل على فضل الصبر و خيرية الضراء والبلاء اذا صبر المؤمن عليهما ، فسبحان من جعل من البلايا عطايا !! قال الحسن رحمه الله - الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله عزوجل الا لعبد كريم عنده"

من مظاهر الصبر على البلاء

ـ ان يكون عند الصدمة الاولى: " كنحو مرض او موت او فقد مال او حرق ونحوى ذلك ؛لان الرسول صل الله عليه وسلم قال:" انما الصبرعند الصدمة الاولى" رواه البخارى ومسلم
-سكون الجوارح بابعادها عن اللطم والشق ويستثنى من ذلك البكاء فانه جائز
ـ قال بعض الحكماء :الجزع لا يرد الفائت ولكن يسر الشامت0
-عدم ظهور اثار المصيبة على المصاب : " كان يقال من الاستكانه الجلوس في البيت بعد المصيبة .
- ومما ينافي الصبر اظهار الصيبة بالشكوى , و هذا للاسف يحدث كثيراً ، حيث يكثر المصاب من التشكي الذي ليس من وراءه نفع؛ قال الاحنف" ذهبت عينى منذ اربعين سنة ما ذكرتها لأحد .وقال الفضيل لرجل يشكو الى رجل:يا هذا تشكو من يرحمك الى من لايرحمك ."

في آداب الصبر :

-استعماله في أول الصدمة وحين وقوع الفاجعة.
قال رسول الله صل الله عليه وسلم: " إنما الصبر عند الصدمة الأولى"
صححه الشيخ الألبانى
-سكون الجوارح واللسان.
- حسن الصبر ألا يظهر أثر المصيبة على المصاب.
-ضبط النفس لتحمل المتاعب والمشقات والآلام الجسدية والنفسية
من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

في الصبر الخلاص:

إن من صبر ظفر والله سبحانه وتعالى يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب , قال تعالى :" إنما يوفي الصابرون بغير حساب " سورة الزمرالآية 10 ـ ويقول تعالى :" واصبر على ما أصابك إن ذلك لمن عزم الأمور " سورة لقمان الآية 17 ـ ويقول الحسن البصري رحمه الله :" لن تنالوا ما تحبون إلا بترك ما تشتهون ، ولن تدركوا ما تأملون إلا بالصبر على تكرهون " وإذا كان كل شئ بقضاء الله تعالى فالجزع لماذا ؟ قال تعالى :" لكيلا لاتأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور " سورة الحديد الآية 23 ـ وقد ذكر ابن أبي الدنيا بإسناده ، قال : قال إبراهيم بن داود : قال بعض الحكماء : إن لله عباداً يستقبلون المصائب بالبشر، قال : فقال : أولئك الذين صفت من الدنيا قلوبهم ، ثم قال : قال وهب بن منبه : وجدت في زبور داود : يقول الله تعالى : " يا داود ، هل تدري من أسرع الناس ممراً على الصراط ؟ الذين يرضون بحكمي وألسنتهم رطبة من ذكري .". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من علامات الصادقين :

كان عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه ـ يقول :" ما أصابتني مصيبة إلاَّ حمدت الله فيها على ثلاثة أمور : أنها لم تكن في ديني ، وأنها كانت هكذا ولم تكن أكبر من ذلك ، وحمدته على الثواب الذي أرجوه منها." أخي الحبيب إن أهل الحق لا تتشابه عليهم الأمور، ولا تزيغ قلوبهم عن الإيمان والحق، فهم لاينافقون ولا يكذبون. أهل الحق يتخذون من شريعة الله منهجاً ، يطبقونه في جميع مجالات حياتهم، ومن القرآن دستوراً يُحكمونه في جميع أقوالهم وأفعالهم . وأهل الحق يتفكرون دائماً بعظيم خلق الله وصنعه ومعجزاته الكونية. ويؤمن أهل الحق بأن النفع والضرر من عند الله تعالى ، ولهذا فهم يحمدون الله على ذلك ، بقلوبٍ نقية ، وأنفس مؤمنة , وموقنة بالفرج من عند الله عزوجل .

لأنهم يؤمنون بالقضاء والقدر، ولا يسألون تفسيراً لذلك. وأهل الحق هم من يحرصون على عباداتهم استعداداً ليوم الحساب. ويُحسنون الظن بالله ، وهم يعلمون أن في كل أمر الله خير، ويرون الخير في الشر، إيماناً منهم أن ما أصابهم من الضر كان منعاً لمضرةٍ أكبر، حماهم الله منها. ولو فقد الله الإنسان يقينه بالله ، واستسلم لوساوس الشيطان ، لفقد لذة العيش مع الله ، والشعور بالرضا و الراحة ، ومن ثم يبقى على قلقٍ دائمٍ من المستقبل ، ويخاف من الغيب ، لا يثق بتدابير الله لأموره و حياته ، يبقى على شك في قدرة الله له بإخراجه من ضيقه ، متردد بالثقة بالله ، يقينه ضعيف بجبروت الله ، ظاناً بأن العبد سيفيده و سيرزقه و سيساعده في ضيقه ، ناسياً بأن العباد هؤلاء خلقهم الله عز و جل ، ومصيره و مصيرهم معلقٌ بيدي الله تعالى ، فلا يملك لنفسه النفع و الضر إلا إن أراد الله و شاء بذلك , قال تعالى :" ما يفتح الله من رحمة فلا ممسك لها وما يُمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم ." سورة فاطر الآية 2 ـ ." . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الفرار من العجز :

كثيرا ما نفر من الشئ لعجزنا عن مواجهته , والإنسان العاقل هوالذي يتبع الحق و يزداد ثباتا في طريقه ولو ازدادت فيه المتاعب والشدائد , وكثير من الناس يُهزمون عندما يواجهون بعض المشاكل لأنهم لا يتكلمون أى كلمات توافق وتلائم ما يرغبونه ويريدونه. وبدلا من هذا يتكلمون بما يوافق مشاكلهم الشخصية , وأهوائهم المريضة وما يمرون به من صحة ومرض , أو قوة وضعف , أونجاح وفشل , ولهذا يجب على الإنسان أن يُحدد أهدافه في الحياة. وأن يجعل لنفسه غاية يصل إليها وانطلاقا من هذه الأهداف يضع خططه للوصول إليها ، وحتى تسير باتجاه تحقيق أهدافك. يجب ألا تترك نفسك تسير بدون مُثل عليا وقدوة صالحة ، وتقودك الحياة بدون هدف فتكون مثل القارب الشراعي الذي تتلاعب به الرياح في عرض البحر .

والمثل الصيني يقول "إذا كنت لا تعرف إلى أين تذهب فكل الطرق تؤدي إلى هناك". يجب أن تكون لك أهدافاً وأحلاماً تعمل على تحويلها إلى غايات نبيلة وأعمال صالحة . وألا تترك أيام عمرك تضيع منك نهباً للصدفة والأقدار , "بل ادفع قدر الله بقدر الله" كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه " نفر من قضاء الله إلى قدر الله " أي ننازع القدر بالقدر " مع إعمال الأسباب التي يجب أن نستفيد منها للعمل على تحسين أوضاعنا وأحوالنا في الحياة وتوجيه سيرنا في الطريق الصحيح الذي ينفعنا في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يُحب المفسدين " سورة القصص ، الآية 77 ـ ." . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بين الصبر والعافية :

من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صل عليه وسلم مرّ برجل وهو يقول: "اللهم إني أسألك الصبر." فقال: "سألت الله البلاء فسله العافية." رواه الترمذي والطبراني في الكبير وغيرهما.قال أبو العلى المباركفوري رحمه الله في التحفة: " قال النبي صل الله عليه وسلم :" سألت البلاء " أي لأنه يترتب عليه. فأسأله العافية فإنها أوسع ، وليس كل واحد يقدر أن يصبر على البلاء،ومحل هذا إنما هو قبل وقوع البلاء وأما بعده فلا مانع من سؤال الصبر بل مستحب لقول الله تعالى: "ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين " سورة الأعراف فعلى العبد أن يسأل ربه العافية في الدنيا والآخرة ، وذلك قبل وقوع البلاء فإذا نزل البلاء سأل مولاه الصبر. ـ موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سل الله العافية :

كان رسول الله صل الله عليه وسلم ـ يسأل الله العافية في بدنه كله لأنه بالعافية يقوم الإنسان ويتحرك لطاعة الله تعالى وبسلامة أعضائه من الآفات والأمراض يتمكن من مزاولة الطاعات وأداء الواجبات.والعافية من أعظم نعم الله تعالى على العبد في الدنيا والآخرة الدنيا والآخرة ولباس العافية من أجمل الألبسة وأعلاها وأغلاها و لذلك كان النبي صل الله عليه وسلم يسأل من ربه العافية في بدنه وسمعه وبصره كما في قوله صل الله عليه وسلم :" اللهم عافني في بدني , اللهم عافني في سمعي , اللهم عافني في بصري لا إله إلا أنت ." رواه أبو داود والحاكم من حديث أبي بكر رضي الله عنه . ـ موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

احمد الله تعالى على العافية :

إن من حمد الله تعالى على نعمة عافية بدنه وأمنُ قلبه وكفاف عيشه وقوت يومه وسلامة أهله فقد جمع الله له جميع النعم وما عليه إلا أن يكثر من شكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعم كلها ولهذا يقول النبي صل الله عليه وسلم:" من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه وليلته فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها."
فاحمدوا الله واشكروه فإن الله تبارك وتعالى يقول :" وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " سورة إبراهيم: الآية 7. " . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

سلوا الله العافية :

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : لم يكن رسول الله صل الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسى وحين يصبح " :اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة . اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي . اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي. اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي ." حديث صحيح رواه أبو داود ح وابن ماجه والنسائي ، وصححه الحاكم وابن حبان ، ورواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني . " . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم