قيمة الإنسان فى عمله :

قيمة الإنسان في عمله ;

__من حديث أبى هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صل الله عليه وسلم انه قال :" يؤتى بالرجل العظيم السمين يوم القيامة لايزن عند الله جناح بعوضة وقال:" اقرءوا إن شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " سورة الكهف , من أهم المبادئ التي غرسها الإسلام في نفوس أتباعه أن المقاييس التي يقاس بها الناس ليس مقياس حسن المظهر كالغنى أو الحسب والنسب أو الجسامة والفخامة , ذلك لأن الإسلام يهتم بجوهره والسمو بروحه , فالله سبحانه لا ينظر إلى صور الناس ولكن ينظر إلى قلوبهم وأعمالهم , فالمرء بأصغريه قلبه ولسانه ويقوم الإنسان ويقاس على أساس نفعه لمجتمعه وتمسكه بدينه , والرسول صل الله عليه وسلم يبين لنا أن القيمة ليست في ضخامة الجسم وكثرة الشحم واللحم ومثل هذا يوم القيامة لايزن عند الله جناح بعوضة إنما يوزن الإنسان بتقواه قال تعالى:" إن أكرمكم عند الله أتقاكم" جزء أيه سورة الحجرات وقال تعالى في وصف المنافقين وقد كانوا يمتازون بحسن المظهر مع ظلام نفوسهم وفساد عقولهم ومنبها المؤمنين إلى عدم الاعتزاز بالمظهر وحسن الهيئة إذا كان صاحبها يحمل قلبا خربا بين ضلوعه قال تعالى:" وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم " سورة المنافقين ولا يفهم من هذا أن الإسلام يكره أن يكون المسلمون أقوياء الأجسام ذوى مظهر مهيب وهيئة حسنة وإنما يشير الرسول صل الله عليه وسلم فقط إلى أن الضخامة ليست معيار للتفاضل بين الناس يوم القيامة والإسلام يحب لأتباعه أن يكونوا أقوياء أصحاء كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجِز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَر الله وما شاء فعل فإن "لو" تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم ." .وصل الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

قيمة الإنسان فى عمله

عمر الإنسان محدود فى هذه الحياة , ولن يستفيد العبد من عمره إلا العمل الصالح
الذى فيه سعادته وكماله فى الدنيا والآخرة , والإنسان فى هذه الحياة يكدح ويعمل
وعمله إما أن يكون خيرا له أو شرا عليه , والعاقل من يشغل نفسه بالخير ويبتعد عن الشر قال تعالى " يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك قدحا فملاقيه " سورة الإنشقاق
ولهذا يقول بعض الصالحين " الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك " والنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل , وعمر الإنسان أيام معدودة يقول الحسن البصرى رحمه الله يقول " يا ابن آدم إنما أنت أيام مجموعة فإذا ذهب بعضك ذهب الكل "
فعلى المسلم أن يجتهد فيما ينفعه , وأن يترك ما يضره , وأن يملأ وقته بطاعة الله تعالى وما يقربه إليه , حتى لايخسر دنياه وأخرته , ومن كانت هذه حاله فهو من المتسابقين إلى الخيرات ولقد حث القرآن الكريم والسنة المطهرة المسلم على إغتنام فرصة الحياة , للعمل الصالح قال تعالى " والعصر إن الإنسان لفى خسر , إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " سورة العصر

ولهذا يقول الإمام الشافعى رضى الله عنه لو لم ينزل من القرآن إلا هذه الآية لكانت كافية فى صلاح الإنسان فى الدنيا والآخرة والمسلم يتعلم من هذه السورة أربع مسائل
الإولى " العلم وهو معرفة الله تعالى ومعرفة نبيه صل الله عليه وسلم , ومعرفة دين الإسلام بالأدلة , الثانية " العمل به " الثالثة " الدعوة إليه " الرابعة " الصبر على الأذى فيه " وفى هذه السورة يقسم الله تعالى بالعصر الذى هو الوقت الذى يعيشه الإنسان فى حياته , بأن الإنسان فى خسار وبوار إلا من أمن وعمل صالحا , وتواصى بالحق وتواصى بالصبر , لأن لزوم الحق يستلزم الصبر على المكاره
وما ينال المسلم فيه من أذى , فإن ذلك يحتاج إلى مجاهدة النفس والشيطان والهوى
ولهذا يقول النبى صل الله عليه وسلم " اغتنم خمسا قبل خمس , شبابك قبل هرمك
وصحتك قبل سقمك , وغناك قبل فقرك , وفراغك قبل شغلك , وحياتك قبل موتك "
رواه الترمذى من حديث ابن عباس رضى الله تعالى عنهما

وهذه هى حالة أهل التقوى والإيمان ممن نور الله تعالى بالإيمان قلوبهم وعقولهم وبصائرهم , وهكذا يسعى الإنسان فى حياته مجدا ومجتهدا ساعيا ,إلى الخير بعيدا عن الشر, وقاعدة ذلك وأساسه هو الإيان بالله تعالى واتباع رسوله صل الله عليه وسلم قال تعالى " سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض , أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " سورة الحديد وهدية الله تعالى للعبد يكون فى الإنتفاع بوقته واستثمار عمره ويتجلى ذلك فى عمل الطاعات وترك المنكرات حيث ما أمر به الشرع أو رغب فيه واجتناب مانهى عنه الشرع وحرمه , والقرآن الكريم يحث على التشمير والمبادرة إلى فعل الخيرات , وترك المنكرات ليكون الإنسان فى ذلك قدوة للراغبين والسالكين , إلى طريق النجاة
قال تعالى " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين , الذين ينفقون فى السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " سورة آل عمران

فقد تحدث الله تعالى فى هاتين الأيتين , عن عمل أولئك المسارعين فى الخيرات وهم الموصوفون بالتقوى , بأنهم ينفقون أموالهم ابتغاء وجه ربهم , ومحبة فيه ورغبة فى رضاه , وهم ينفقون فى حالتى سرائهم وضرائهم , وحالة سرورهم وحزنهم ومن صفاتهم أيضا ما إذا أعطوا شكروا وإذا إبتلوا صبروا , وإذا أذنبوا إستغفروا ولم يصروا على ما فعلوا , وهذا هو عنوان السعادة فى الدنيا والآخرة وفى ذلك تأكيد محبتهم لربهم وخالقهم , وهم من لايقابلون السيئة بالسئة , بل يعفون ويصفحون عمن ظلمهم طلبا لما عند الله من فضل وبر وتقوى وخير واحسان عملا بقول الله تعالى " وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم " سورة البقرة
ولهذا أعطاهم الثواب العظيم , على حسن صنيعهم وقوة ايمانهم , ونالوا بصفاتهم الحميدة وأخلاقهم الفاضلة وكلماتهم الطيبة النافعة فقد قاموا على قضاء حاجات المحتاجين و سد عوز الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل وهؤلاء جزاؤهم من الله تعالى جنة عرضها السموات والأرض , لينالوا فيها النعيم المقيم والفضل العميم مما لم يخطر على قلب بشر من حديث أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صل الله عليه وسلم عن ربه سبحانه وتعالى " أعددت لعبادى الصالحين ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر "

وفى الجنة الحور الحسان , والأنهار والأشجار والثمار , وكل ما لم يعلم وما يعلم من مآكل ومشارب من لبن لم يتغير طعمه , وعسل مصفى قال تعالى " وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيه خالدون " سورة البقرة
وقال تعالى " مثل الجنة التى وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه , وأنهار من خمر لذة للشاربين , وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم " سورة محمد
وإلى جانب الخلود فى الجنة ومغفرته سبحانه ورضاه هو أن يكشف الله سبحانه الحجاب عن وجهه الكريم حتى يروه كما يرون القمر ليلة البدر لايضامون فى رؤيته كما جاء بذلك الحديث وذلك ماهم فيه من نعيم وفضل وثواب نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الإسلام يدعوا إلى إحترام العمل واتقانه :

إن الإسلام يقدر العمل غاية التقدير , لأن الحياة مرتبطة به , ولأن التنمية فى مختلف نواحيها تقوم على أساسه وللعمل فى الإسلام مبادئ متعددة منها :
1ـ المحافظة على الوقت من تضيعه فى غير طائل , فالوفت من ذهب , لذا يجب الحرص عليه والإفادة منه , فيما ينفع ويعود بالخير على الفرد والمجتمع
والمسلم مطالب بتنظيم وقته على أساس مدروس , وتخطيط سليم , بحيث يجعل لكل وقت عمل محدد يؤديه فيه ,
2ـ وأن يوزعه بين الراحة والعمل , بما لايرهق الجسم , ولا يعطل الإنتاج كما يقول صل الله عليه وسلم :" إن لربك عليك حقا , ولبدنك عليك حقا , ولزوجك عليك حقا , فأعطى كل ذى حق حقه "

3ـ أن ينجز كل عمل فى وقته , حتى لاتتراكم عليه الأعمال وتتزاحم الواجبات , مما يؤدى ذلك إلى ثقلها والهروب من أدائها وفى ذلك يقول سيدنا عمر رضى الله عنه :" لا تؤخر عمل اليوم إلى الغد " وأما البطالة والكسل , والإستهانة بالوقت , وقطعه فيما لايفيد , فإنها تجعل الإنسان كالأعشاب الطفيلية الضارة , التى تمتص غذائها على حساب غيرها , من النبات الطيب النافع الثمرات . ولذلك يأمرنا الله تعالى بالعمل من أجل صلاح الدنيا والآخرة قال تعالى :" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " سورة التوبة الأية 105 ـ ويقول صل الله عليه وسلم :" إن اطيب ما أكل الرجل من كسب وكان عمر رضى الله عنه ـ يشتد على المتعطلين الذين يضيعون أوقاتهم فى غير عمل ينفعهم وينفع الناس , زاعمين أنهم يتوكلون على الله , فكان يُؤخذُهم , ويقول لهم ساخراً :" هل علمتم أن السماء تُمطر ذهباً أو فضة " ؟ .

الحرص على اتقان العمل والإخلاص فيه :

إن الإسلام يحرص على اتقان العمل والإخلاص فيه , فهو لايرضى أن يؤدى مجرد أداء , وإنما يدعوا أن يؤدى على خير وجه , حتى يُحقق الغاية منه قال صل الله عليه وسلم :" إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يُتقنه "
ولقد بلغ من حرص الإسلام على أداء العمل واتقانه والإخلاص فيه , أن جعله قرين الإيمان قال تعالى :" فالذين أمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير " سورة الحج الأية 50 ـ وقال تعالى :" الذين أمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مأب " سورة الرعد الأية 29 ـ بل إن الإسلام جعل العمل الصالح هو الغاية من خلق الإنسان قال تعالى :" الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أحسن عملا " سورة الملك الأية 2 ـ .

الإسلام دين الكرامة والعفاف :

الإسلام دين العزة والكرامة , ويوضح أن الإستجداء وسؤال الناس لغير حاجة ضرورية من الأمور التى نهى عنها الإسلام , ومن الأدلة على ذلك مارواه أبو داود والبيهقى أن النبى صل الله عليه وسلم قال :" إن المسألة لا تحل إلا لثلاث : لذى فقر مدقع ـ أى شديد ـ ولذى غُرم مفظع ـ أى دَيْنٌ كبير ـ ولذى دم موجع ـ أى لدفع الدية "
وروى البخارى مسلم فى صحيحيهما عنه صل الله عليه وسلم :" اليد العلى خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول "ويبين لنا الرسول صل الله عليه وسلم فى الحديث أن أطيب الكسب الحلال وأن يكون من عمل يده وكده , والعمل شرف لذلك كان الأنبياء يحرصون عليه , كما فى حديث البخارى وغيره عن المقداد رضى الله عنه ـ أن النبى صل الله عليه وسلم قال : " ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده , وإن نبى الله داود كان يأكل من عمل يده " والحديث يشير لنا أن داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده , حيث كان يشتغل فى صناعة الدروع .

شرف العمل فى الإسلام :

لقد حث الإسلام على العمل , مهما كان نوع هذا العمل , ولأن العمل أساس الفرد يوفر له حاجته , ويحمى كرامته , ويهيئ له مستوى كريما من العيش إذا التزم المبادئ الإسلامية فيه كما فى الحديث عنه صل الله عليه وسلم :" لأن يأخذ أحدكم حَبلهُ ثم يأتى الجبل فيأتى بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه " رواه البخارى ومسلم والحديث يشجع فيه رسول الله صل الله عليه وسلم على العمل من أى طريق , متى كان حلالا , وهو يدعوا ذا الحاجة أن يقوم بأى عمل وإن كان صغيرا ينفق به على نفسه ومن يعول , وبهذا يصون ماء وجهه عن الإستجداء , وأن لا يُعرض نفسه لمذلة سؤال الناس أعطوه أو منعوه .

نهى الإسلام عن التسول :

إن الإسلام يحارب الإستجداء وينهى عن التسول , ولا يرضى لأبنائه المذلة , أو أن يكونوا عبئا على غيرهم ولذلك نجد الرسول صل الله عليه وسلم ـ يدعوا المسلم أن يصون ماء وجهه عن ذلك السؤال وإلا كان عرضة لغضب الله وسخطه فى الدنيا والآخرة يقول صل الله عليه وسلم :" من فتح على نفسه بابا من المسألة فتح الله عليه سبعين بابا من الفقر " رواه الترمذى ويقول صل الله عليه وسلم :" لا تزال المسألة بالعبد حتى يلقى الله وليس فى وجهه مزعة لحم " رواه البخارى , إن قيمة المرء بقدر عمله , يقول الإمام على رضى الله عنه :" قيمة المرء ما يحسنه " . من فقه الاسلام للشيخ سامى . وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ماعليك إلا أن تأخذ بالأسباب :

يمكن للمسلم وهو يسعي في طلب الرزق أن يشغل وقته في دوام العمل أو الدراسة ، وهو يبذل جهد بدنه لكن لا يمكن أن يشغل قلبه ، لأن الدنيا لا يمكن أن تكون في قلب العبد الذي صدق مع الله أبداً.كثير من الناس يرتكب المعاصي الموبقات ويأكل الحرام ويتعامل به , بحجة ان الناس يتعاملون به وهم يريدون ذلك , وعندما يستقر في قلب المسلم الذي يريد لنفسه السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة ، فإنه ولابد وأن يتحقق بمعنى الصدق في قلبه ، ويتمثل اليقين والإخلاص في أعماله بأن الرزق من الله عز وجل وحده , ولهذا ينبغي على المسلم أن لا يطلب الرزق بما يغضب لأنه يؤمن بأن الرزاق هو الله سبحانه وتعالى ، وكيف يطلب رزقه بما يغضبه؟ كيف؟ فإذا رأيت أهل الغفلة قد استسهلوا واستمرؤوا تحصيل الأموال بما يعلمون أنه حرام ، لا ينبغي أن تغتر بما يجري في أيديهم من كثرة المال وغير ذلك من متاع لأنك تتعامل مع الله ، فطلبنا للرزق ينبغي أن يكون جزأ من عبادتنا لله سبحانه وتعالى ,

لكن هناك من يضعف إيمانه عند صفقة من الصفقات ، ويبيع دينه بعرض زائل من أعراض الدنيا ، ولو أنه صبر وما استعجل رزقه من الحرام كان سيأتيه بالحلال فقط هذه هي القضية ، لقد كتب الله تعالى لك رزقك وسيأتيك لا محالة مهما كانت الأسباب ومهما كانت الأحوال إما أن يأتيك رزقك بطريق الحلال إذا وثقت بالله وثبت وصبرت وإما أن تستعجل ويأتيك بطريق الحرام ، وإذا جاءك بطريق الحرام ؛ غضب الله عليك ومُحيت منه البركة في نفسك وأولادك وأهلك وذريتك وأحوالك والسؤال كيف ستقدم على الله تعالى وأنت على هذه الحالة ؟؟ كل الناس يغدوا في طلبه للرزق برا كان أو فاجرا مؤمنا كان أو كافرا ، والكل لاينتظر من عمله إلا المال ، ولكن الذي يفرق بين المسلم وغيره شيء آخر ، وهو أن المسلم ينتظر المغفرة كما جاء في الحديث الذي رواه الطبراني عن رسول الله صل الله عليه وسلم :" من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له"

والمعني من أمسى كالاً أي قام واجتهد من الصباح واشتغل طلباً للرزق الحلال وواظب على صلواته ولم يرتكب حراماً في رزقه لم يغش لم يسرق لم يرتشي لم يرشي أحداً لم يأخذ ربا مشى على الصراط المستقيم وعاد إلى البيت متعب من العمل مجهد إن كان نوى عند الصباح قبل الخروج إلى العمل أن ينال رضوان الله بأن يقوم بواجبه بالأخذ بالأسباب وأن يكفي نفسه ومن يعول حتى لا يكونوا عالة على غيره في الرزق. ." . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

حياتك من صنع أفكارك :


ومن وصايا النبي صل الله عليه وسلَّم في هذا الشأن لأبي ذر رضي الله عنه قائلاً له : " يا أبا ذرٍّ، لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكفِّ ، ولا حسب كحسْنِ الخلُق" رواه البَيهقيُّ في شُعَب الإيمان، ضعيف الترغيب. الحديث ضعيف الإسناد لكنه صحيح المعني . البيان والتوضيح : الحياة من أقوى المدارس التي يتعلم منها الإنسان ما لا يمكن أن يتعلّمه على مقعد الدراسة عند تلقى الدروس وطلب العلم ومن تجارب الحياة ودروسها يكون الإنسان أكثر تطورا ووعيا وفضيلة لأنه ينظر إلى الأمور وعواقبها فإن كان خيرا أمضاه وإن كان شرا تركه. فهو ينظر بعقله ليستنير بنور الله ويمضى على هداه ,وعندما يحلّل الإنسان ماضيه ويعرف الدوافع التي دفعته لاتخاذ قراراته عند فعل هذا وترك ذاك , يقوّي وعيه بنفسه فتكون قراراته أكثر حكمة وصوابا في الحاضر والمستقبل.

و حتى يستفيد الإنسان من تجارب الحياة ودروسها، لا بد له من وقفة مع النفس ، يراجع فيها شريط يومه ونجاحه وفشله وصوابه وخطئه ,ويسترجع سلوكياته ، مشاعره ،انفعالاته، ما هو المناسب من تصرفاته وما هو الشاذ منها ، لكي يكون أكثر إيجابية مع نفسه وفي علاقته غيره ومن ثم يتعلّم درساً من الحياة فلا يلدغ من جحر مرتين، وكفى بذلك يقظة وحكمة.ولنعلم كذلك أن الاستفادة من تجارب الآخرين والتعلم من خبراتهم أمر ضروري يضيف خبرتهم إلى خبراتك ، ويجنبك الوقوع في مزالقهم وأخطائهم ، وقد قيل: "تجريب المجرِّب تضييع " تضييع للجهد والأثر والعبرة، وقد قيل أيضا : في التجارب علم مستحدث"، سواء كانت تجاربنا أو تجارب من سبقنا شريطة أن نعيها لنستفيد منها ,

ولهذا يقول إبراهيم المازني الأديب المعروف : في وصفه لما استفاده من الكتب:"وأردت أن أعرض على ذهني ما أمدتني به الكتب من الهداية، فإذا الذي في نفسي ضباب، وإذا المُصوَر تتداخل دروبه ومسالكه، وإذا ظاهر التجريب لا يغني عن التجريب، وتوهم الفهم ليس معناه الفهم الصحيح، وإذا بي قد شارفت الأربعين، وما زلتُ في مبلغ علمي بالدنيا، وفهمي للحياة، وإدراكي لحقائقها طفلا يمد أصابعه إلى الجمرات يحسبها لعبة أو طعاما. اهـ .ولا ننسي ما سطره لنا القرآن الكريم في هذا الشأن من تجارب تتعلم منها النفس تجربة العطاء وعاقبة الشح والمنع لدى أصحاب الجنة كما ذكرت لنا سورة القلم ـ أصحاب الجنة الذين خرجوا منها بدرس أكثر وعيا، واعترفوا بأنهم كانوا ضالين بمجرد أن رأوا جنّتهم "حديقتهم" محترقة، ثم استغفروا الله على خبث نيتهم وعقدهم العزم على منع المساكين صدقاتهم، عندما قال أوسطهم " ألم أقل لكم لولا تُسبحون " ووجهوا اللوم إلى بعضهم البعض، ثم قالوا " إنا إلى ربنا راغبون".

إن الاستفادة من تجاربنا يقينا يكون من تعلمنا من أخطائنا، وتجنب السقوط في منحدرات الحياة الشائكة، وهذا ما عبر عنه الشاعر في قوله:
واصنع كمـــاشٍ فوق أر ض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقـــرن صغيــرة إن الجبـال من الحصى
ولا ننسى في هذا المجال أن ديننا يحثنا على التمسك بمكارم الأخلاق إلى جانب العلوم والمعارف الأخرى ، التي بها يتطور الإنسان وتسمو أخلاقه ، وتصفو ذاته التي هي القيمة الحقيقية للإنسان. ومن وصايا نبي الله تعالى داود عليه السلام يقول :" على العاقل أن يكون عارفا بزمانه , مقبلا على شأنه , حافظا للسانه.دعاء مؤلف:اللهم ارزقنا فهما وعلما و اكتب لنا البركة في آثارنا وجميع أعمالنا بحسن العمل لك والتقرب إليك وسخر لنا الخير حيث كنا ياعظيم الإحسان ياحنان يامنان.". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه