من الهدى النبوى : " نعيم القبر وعذابه "

من الهدى النبوى :

نعيم القبر وعذابه :

روى الإمام أحمد فى مسند عن محمد بن المنكدر رضى الله عنه قال : كانت أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما تحدث عن رسول الله صل الله عليه وسلم قالت : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" إذا دخل الإنسان قبره , فإن كان مؤمنا أحفَّ به عمله : الصلاة والصيام , قال فيأتيه الملك من نحو الصلاة فترده , قال : فيناديه اجلس فيجلس , فيقول له : ماذا تقول فى هذا الرجل ؟ ـ يعنى النبى صل الله عليه وسلم ـ قال من ؟ قال : محمد , فيقول : أشهد أنه رسول الله , فيقول : وما يدريك , أدركته ؟ قال : أشهد أنه رسول الله , يقول : على ذلك عشت وعليه مت وعليه تبعث
قال وإن كان فاجراً كافراً جاءه الملك , وليس بينه وبينه شئ يرده فأجلسه ويقول : ما تقول فى هذا الرجل ؟ قال : وأى رجل ؟ قال : محمد , فيقول : والله ما أدرى ؟ سمعت الناس يقولون شيئا فقلته , فيقول له الملك : على ذلك عشت وعليه مت , وعليه تبعث قال : وتسلط عليه دآبة فى قبره معها سوط ثمرته مثل غرب البعير " والغرب هو الدلو العظيمة " تضربه ماشاء الله , صماء لا تسمع صوته فترحمه " رواه الطبرانى والإمام أحمد .

الشرح العام :

إن الموت نهاية كل حى , وكل نفس ذائقة الموت , ومن مات قامت قيامته , ولهذا كان القبر أول مراحل الآخرة وفى ذلك قوله صل الله عليه وسلم :" القبر إما حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة " رواه الترمذى
والإنسان عندما يرحل عن هذه الدنيا يصحبه عمله إلى قبره , فيسال عنه , ويحاسب عليه , ويعذب أو ينعم بصحبته , فإن كان عمله خير وطاعة وبر واخلاص لله تعالى صحبه على أحسن صورة , إذا كان عمله ظلم وفجر ومعصية لرب العالمين , صحبه على أسوأ هيئة , وهذه نهاية لابد منها , مهما طال عمر الإنسان أو قصر
ولهذ فإن العاقل من يعمل لهذا اليوم , أن يسارع إلى عمل الصالحات فى دار العمل ليكون عمله أنيسه فى قبره ويملأه عليه نوراً , وينجيه من فتنة القبر عذبه وعند البعث وشدة الموقف بين يدى الله , قال تعالى :" يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا , وما عملت من سوء تود لو ان بينها بينه أمداً بعيداً " سورة آل عمران

وروى ابن ماجة قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" إن الميت تحضره الملائكة , فإذا كان الرجل صالحا قالت : اخرجى أيتها النفس الطيبة فى الجسد الطيب , اخرجى حميدة , وأبشرى بروح وريحان , ورب غير غضبان , فى يزال يقال له ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها , فيقال : من هذا ؟ فيقول فلان فيقال : مرحبا بالنفس الطيبة كانت فى الجسد الطيب , ادخلى حميدة وأبشرى بروح وريحان ورب غير غضبان ... فيجلس الرجل الصالح فى قبره غير فزع ولا مشغوف ثم يقال له : فيم كنت , فيقول : كنت فى الإسلام فيقال له : ما هذا الرجل , فيقول محمد رسول الله صل الله عليه وسلم ـ جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه ... ثم يفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها , فيقال له : هذا مقعدك , ويقال له : على اليقين كنت , وعليه مت , وعليه تبعث إن شاء الله "

هذا هو حال من أمن إيمانا صادقا , جمع فيه بين اليقين والعمل الصالح , وامتثال تقوى الله وطاعته , التى تثمر علاقة طيبة مع الله , ومع الناس , والغاية من ذلك كله رضا الله تعالى , وأداء ما كلف به من فرائض الله تعالى , وكما يكن العمل الصالح فى المحافظة على إقامة العبادات , يكون كذلك فى كل عمل اجتماعى مفيد , مادام من يقوم به يبتغى وجه الله تعالى , كاتفريج كربة مكروب , وتضميد جرح مصاب , أو نصر مظلوم , أو اقالة عثرة مغلوب , أو ادخال سرور على فقير ذى عيال , أو تعليم جاهل , أو إزالة أذى عن الطريق , كل ذلك عمل صالح وقربة وعبادة لله تعالى

إن من أخلاق المؤمن : قوة فى دين , وحزما فى لين , وايمانا فى يقين , وحرصا فى علم , وشفقة فى محبة , وحلما فى علم , وقصدا فى غنى , وتجملا فى فاقة , وتحرجا فى طمع , وكسبا فى حلال , وبراً فى استقامة , ونشاطا فى هدى , ونهيا عن شهوة , ورحمة للمجهود , وإن المؤمن من عباد الله لايحيف على من يبغض , ولايأثم فى من يحب , ولا يضيع ما استودع , ولا يحسد , ولا يطعن , ولا يلعن , ويعترف بالحق وإن لم يشهد له , ولا يتنابز بالألقاب , وفى صلاته خاشعا , ولزكاته وأدائها مسرعا , وفى الشدائد وقورا , وفى الرخاء شكوراً قانعا بالذى له , ولايدعى ماليس له , ولا يشطط عند غيظه , ولا يغلبه الشح عن معروف يريده , يُخالط الناس كى يعلم , ويناطق الناس كى يفهم , وإن ظُلم وبُغى عليه صبر , حتى يكون الرحمن ينتصر له .

إن العبد المؤمن الذى يعمل بطاعة الله , ويمتثل ما أمره الله , وينتهى عما حرم الله عليه , تحف به صالحات عمله , وتقول لملائكة العذاب : لا سبيل لكم عليه , إليكم عنه وكما جاء فى كتاب احياء علوم الدين : قال كعب : " إذا وضع العبد الصالح فى القبر احتوشته أعماله الصالحة : الصلاة والصيام , والحج والجهاد , والصدقة , قال : فتجئ ملائكة العذاب من قبل رجليه , فتقول الصلاة إليكم عنه , فلا سبيل لكم عليه , فقد أطال بى القيام لله عليهما , فيأتون من قبل رأسه فيقول الصيام : لا سبيل لكم عليه فقد أطال ظمأه لله فى دار الدنيا , فلا سبيل لكم عليه , فيأتونه من جسده , يقول الحج الجهاد : فقد أنصب نفسه , واتعب بدنه وحج وجاهد لله تعالى , فلا سبيل لكم عليه , قال : فيأتونه من قبل يديه , فتقول الصدقة : كفوا عن صاحبى , فكم من صدقة خرجت من هاتين اليدين حتى وقعت فى يد الله تعالى ابتغاء وجهه , فلا سبيل لكم عليه

قال : فيقال له , هنيئا طبت حيا , وطبت ميتا , قال وتأتيه ملائكة الرحمة فتفرش له فراشا من الجنة , ودثارا من الجنة , ويفسح له فى قبره مد بصره , ويؤتى بقنديل من الجنة فيستضيئ بنوره إلى أن يبعثه الله فى قبره .
هذا هو حال المؤمن , بما قدم من أعمال صالحة , وابتغاء وجه الله الكريم , فقد انتصر على نفسه وهواه , وانتصر على شياطين الإنس والجن , واستقام على ذلك ,
وأما المنافق الفاجر من أهل المعاصى والسيئات , والمجرم والكافر فيقال لروحه , كما جاء فى الحديث الذى رواه ابن ماجة :" اخرجى أيتها النفس الخبيثة كانت فى الجسد الخبيث , اخرجى ذميمة , وأبشرى بحميم " الشديد الحرارة , وغساق ضده , وهو الشديد البرودة , وآخر من شكله أزواج , ألوان من العذاب , فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج , ثم تصير إلى القبر , فيجلس الرجل السوء فى قبره فزعا مشغوفا فيقال له : فيم كسبت ؟ .

فيقول لا أدرى , فيفرج له فرجة قِبل الجنة فينظر إلى زهرتها ومافيها , فيقال له : انظر إلى ما صرف الله عنك , ويفرج له فرجة إلى النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا , فيقال : هذا مقعدك على الشك كنت , وعليه مت , وعليه تبعث إن شاء الله
وفى رواية الإمام أحمد وأبى داود والحاكم :" فتعاد روحه فى جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول هاء هاء لا أدرى قال : فيقولان له : ما دينك فيقول : هاء هاء لا أدرى , فيقولان له : ما هذا الرجل الذى بعث فيكم ؟ فيقول هاء هاء لا أدرى , فينادى مناد من السماء , أن كذب فأفرشوه من النار , وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها , ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح , فيقول أبشر بالذى يسوؤك هذا يومك الذى كنت توعد , فيقول من أنت فوجهك الوجه القبيح يجيئ بالشر ؟ فيقول : أنا عملك الخبيث "

قال تعالى :" فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هى المأوى , وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هى المأوى " سورة النزعات
وقد تحدث الحديث الذى معنا وذكر فريضة الصلاة , لأن الصلاة هى من أول ما يحاسب العبد عليها يوم القيامة , فإن صلحت فاز ونجح , وإن فسدت خاب وخسر
وأما عبادة الصيام هى سر بين العبد وربه , وهى معنى يدل على مدى مراقبة العبد لربه وخالقه سبحانه وتعالى , وقوة يقينه ومحبته وطاعته وفى الحديث أن النبى صل الله عليه وسلم كان يحرص عند دعوته وذلك عندما سأله رجل عن فرائض الإسلام بقوله أخبرنى ما فرض الله , أرشده إلى فريضة الصلاة , والصيام , والزكاة , والرجل يقول له , هل على غيرها يقول : له صل الله عليه وسلم لا , إلا أن تطوع , فقال : الرجل والله لا أزيد على هذا ولا أنقص فقال النبى صل الله عليه وسلم :" أفلح إن صدق " . موقع من فقه الاسلام ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

من أحوال الآخرة عذاب القبر ونعيمه:

يقول الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى:"حال العبد في القبر كحال القلب في الصدر، نعيماً وعذاباً، وسجناً وانطلاقاً.فإذا أردت أن تعرف حالك في قبرك، فانظر إلى حال قلبك في صدرك، فإذا كان قلبك ممتلئاً بشاشة وسكينة وطهارة، فهذا حالك في قبرك بإذن الله-، والعكس صحيح ؛ ولهذا تجد صاحب الطاعة وحسن الخلق والسماحة أكثر الناس طمأنينة فالإيمان يذهب الهموم، ويزيل الغموم ، وهو قرة عين الموحدين، وسلوة العابدين من أدام التسبيح انفرجت أساريره,ومن أدام الحمد تتابعت عليه الخيرات ,ومن أدام الاستغفار فتحت له المغاليق" الداء والدواء"اهـ.

ولقد كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر يبكى حتى يبل لحيته ، فقيل له : تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، وتبكي من هذا! ، فقال : إن رسول الله صل الله عليه وسلم ، قال : القبر أول منازل الآخرة ، فإن ينج منه فما بعده أيسرُ منه ، وإن لم ينج منه فما بعده أشدُّ منه . قال : وقال رسول الله صل الله عليه وسلم : والله ما رأيت منظرا قط إلا والقبر أفظع منه " رواه أحمد والترمذي وحسنه الشيخ الألباني .وهذا الموقف من عثمان رضي الله عنه وما ينتابه من خوف وفزع من رؤية القبر ، نابع عن تصور صحيح لذلك المكان الموحش ، فبعد أن كان الإنسان يحيا حياة الأنس والسرور ، إذا به يأوي إلى مكان ليس فيه أنيس ولا جليس ، وبعد أن كان مبجَّلاً معظماً في هذه الحياة إذا به يهال عليه التراب ، ويرمى في قعر بعيد ، إنه أمرٌ لو تفكر فيه المتفكرون ، واعتبر به المعتبرون ، ما التذوا بعيش ، ولا هنئوا بسعادة .
أتيت القبور فناديتها فأين المعظم والمحتقر
وأين المذلُّ بسلطانه وأين القوي إذا ما قدر
تفانوا جميعا فما مخبر وماتوا جميعا ومات الخبر

ومما يروى في هذا المعنى أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله وعظ يوماً أصحابه في حال أهل القبور ، فقال : إذا مررت بهم فنادهم إن كنت منادياً ، وادعهم إن كنت داعياً، ومر بعسكرهم، وانظر إلى تقارب منازلهم .. سل غنيهم ، ما بقي من غناه ؟ .. واسألهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون، وعن الأعين التي كانوا للذات بها ينظرون .. واسألهم عن الجلود الرقيقة ، والوجوه الحسنة، والأجساد الناعمة، ما صنع بها الديدان تحت الأكفان؟! .. أكلت الألسن، وغفرت الوجوه، ومحيت المحاسن، وكسرت الفقار، وبانت الأعضاء ، ومزقت الأشلاء ، فأين حجابهم وقبابهم .

؟ وأين خدمهم وعبيدهم ؟ وجمعهم وكنوزهم ؟ أليسوا في منازل الخلوات ؟ أليس الليل والنهار عليهم سواء ؟ أليسوا في مدلهمة ظلماء ؟ قد حيل بينهم وبين العمل، وفارقوا الأحبة والمال والأهل.فيا ساكن القبر غداً ! ما الذي غرك من الدنيا ؟ أين دارك الفيحاء ونهرك المطرد؟ وأين ثمارك اليانعة؟ وأين رقاق ثيابك؟ وأين طيبك وبخورك؟ وأين كسوتك لصيفك وشتائك؟ .. ليت شعري بأي خديك بدأ البلى .. يا مجاور الهلكات صرت في محلة الموت .. ليت شعري ما الذي يلقاني به ملك الموت عند خروجي من الدنيا ..وما يأتيني به من رسالة ربي .. ثم انصرف رحمه الله فما عاش بعد ذلك إلا أسبوعا واحداً,

, إن القبر هو أول منازل الآخرة وهو إما أن يكون روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار ، فإن العبد إذا أدخل في قبره ضمه القبر ضمة تتداخل معها أضلاعه ، وهذه الضمة لا ينجو منها أحد ، سواء أكان مؤمنا تقياً أم كافرا شقياً ، ففي الحديث عنه صل الله عليه وسلم أنه قال :" إن للقبر ضغطة ، ولو كان أحدٌ ناجياً منها نجا منها سعد بن معاذ " رواه أحمد .حتى إذا فُرِّج عن العبد من ضمة القبر أقعد للسؤال - مؤمناً كان أم كافراً - فيسأل عن ربه ودينه والرجل الذي بعث فيهم ، فأما المؤمن فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، والرجل هو رسول الله صل الله عليه وسلم ، فينادي منادٍ من السماء ، أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة ، وافتحوا له بابا إلى الجنة ، وألبسوه من الجنة ، فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفتح له فيها مد بصره ،

، وأما الكافر فيأتيه ملكان فيجلسانه ، فيقولان : من ربك ؟ فيقول : هاه ، هاه ، هاه لا أدري ، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه ، هاه لا أدري ، فيقولان : ما هذا الرجل الذي بُعثَ فيكم ؟ فيقول : هاه ، هاه لا أدري ، فينادي منادٍ من السماء أن كذب ، فافرشوه من النار ، وألبسوه من النار ، وافتحوا له بابا إلى النار ، فيأتيه من حرها وسمومها ، ويُضيَّق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ، ثم يُوكل له أعمى أبكم ، معه مطرقة من حديد لو ضُرب بها جبل لصار تراباً ، فيضربه بها ضربةً يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين فيصير تراباً ، ثم تعاد فيه الروح . كما روى ذلك أبو داود وصححه الشيخ الألباني .

وما يحصل في القبر من عذاب أو نعيم هو مما تواترت الأدلة على إثباته ، وتقدم ذكر بعض الأحاديث في ذلك، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا في نحو قوله تعالى عن آل فرعون : "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " سورة غافر: الآية 46 ـ وفي قوله: "ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون " سورة الأنعام: الآية 93 ـ والفتنة في القبر بالسؤال وإن كانت عامة إلا أن الله اختص بعض عباده فنجاهم منها ، وممن اختصهم الله بالنجاة من هذه الفتنة الأنبياء والشهداء فقد :"سئل النبي صل الله عليه وسلم ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد ؟ قال : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة " رواه النسائي وصححه الألباني .

وممن ينجيه الله عز وجل من فتنة القبر من مات مرابطاً في سبيله ، فقد روى فضالةُ بنُ عبيدٍ رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال : "كل ميت يُختم على عمله إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله فإنه يُنْمَي - أي يزيد - له عمله يوم القيامة ، ويأمن من فتنة القبر " رواه الترمذي وأبو داود .فهذا هو القبر بما فيه ، عذاباً ، وجحيماً ، سرورا ، ونعيماً ، عذابا وجحيما على الكافرين ، وسرورا ونعيما للمؤمنين ، فينبغي للمسلم أن يسارع إلى ما ينجيه من القبر ووحشته ، كي لا تكون حاله - والعياذ بالله - كحال الذي فرَّط في فعل الصالحات حتى إذا جاءه الموت صاح بعد فوات الأوان " رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت "المؤمنون:99- 100 ـ .

وكذلك المحافظة على قراءة سورة الملك فقد ورد في فضلها جمع من الأحاديث وفيها أنها تشفع لصاحبها وتنجيه من عذاب القبر، والظاهر ـ والله أعلم ـ أن التنجية إنما تحصل لمن احتاج لها من أهل المعاصي والذنوب ، وقيل إنها تمنع من المعاصي التي توجب عذاب القبر: ففي الحديث أنه صل الله عليه وسلم قال: سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر. رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد ـ ووافقه الذهبي.ولهذا حثنا رسول الله صل الله عليه وسلم أن نستعيذ من عذاب القبر, كما كان يأمر أصحابه رضوان الله عليهم ـ

ـ كما في حديث أبى هريرة رضي الله تعالى عنه قال كان رسول الله صل الله عليه وسلم يدعو :" اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر , ومن عذاب النار , ومن فتنة المحيا والممات , ومن فتنة المسيح الدجال " رواه البخاري , فالمسلم يقول هذا الدعاء بعد قراءة التشهد وقبل أن يسلم من صلاته .ويبين الرسول صل الله عليه وسلم لنا أيضا أن تجتنب المعاصي ما ظهر منها وما بطن من أسباب الوقاية من عذاب القبر ، فقد "مر النبي صل الله عليه وسلم بقبرين فقال : أما إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله " متفق عليه. .". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم