عن العرف الخاطئ وأثره فى حياة المسلمين

التخلية قبل التحلية :

وبذلك يتبين لنا الجواب عن معنى هذه المقولة ليست آية أو حديث حتى نختلف حولها أو ينزعج البعض عند سمعها بل هى قاعدة من قواعد التربية وتزكية النفس عند علماء التصوف السنى  ومعناها أن يطلب العبد قبل  البحث فى مسائل الفقه وكبار العلم , أن يربى نفسه ويزكيها من الأخلاق المذمومة والرذائل الممقوته , ويحليها بالفضائل والأخلاق الحسنة ,   ومنه قول الربانى وهو الذى يربى الناس على صغار العلم قبل كباره  ولهذا قال ابن عباس رضى الله تعالى عنها عن معنى الرباني: هو الذي يُربي بصغار العلم قبل كباره "، وهذا يعني يعلم تلاميذه حتى يربيهم التربية هي التنشئة؛ يعني أنه يحرص على أن ينشئهم على العلم النافع فيعلمهم مبادئ العلوم شيئا فشيئا ، ثم بعد ذلك يتوسع بهم إلى أن يحصلوا على العلم فيسمى ربانيا. وكذلك على العبد قبل العمل والعبادة  أن يتعلم ويتعرف على حقائق الدين وإلا ضل وأضل كما هو شأن كثير من العُباد الذين ينقصهم العلم  ـ والله أعلم موقع من فقه الإسلام للشيخ سامى  ـ وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 26)

يذكر البعض بأن كلمة دعاء الرجل لغيره بكلمة " الله يخليك " من الأخطاء الشائعة :

ـ ونقول : إنه لا تلازم بين المبنى والمعنى , لأن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ وعلى هذا يقع كلام الناس وحديثهم عامة  , وعندما يقول الرجل لأخيه لمعروف قدمه له أو يستحثه عليه لا يخطر بباله هذا المعنى لكلمة التخلية , فمعناها في اللغة " ترك الشئ "  ولهذا فإن للعرف أثره في تفسير كلام الناس وكم من كلام في اللغة لو ذكرته لبعض الناس وناديته به , لحدث بينه وبين قائله مشدة ومشاجرة وربما كان الاقتتال , و في الحديث الصحيح أن النبي صل الله عليه وسلم قال في حق من يخدم غيره أو يعمل عنده قال وهو يطلب منه العطف عليه ومعاملة معاملة كريمة  :" إخوانكم خًوالكم " " يعنى خدمكم " وخول الرجل : أي حشمه , والواحد خائل : وقد يكون الخول واحد وهو اسم يقع على العبد والأمة "   فمهما كان الإنسان من الخُلق والحلم هل تستطيع في زماننا هذا أن تقول له تعالى :" يا خَول " بالطبع لا , لا , لأن هذا أصبح عندنا عيب علي ما تعارفنا من إنزال الكلام ,إذن يجب علينا أن ننظر إلى ما تعارف عليه الناس مما لا يُخالف الشرع الحكيم وينزل على ذلك الكلام من خير أو شر , ( 27 )

وقد كان أهل العلم لا يفتون أحدا في مسألة من مسائل العلم حتى يسألوه من أين أنت فمثلا في مصر البلد الحبيب الناس لا يُطلقون على من تناول سمكا , بأنه أكل لحماً فلو حلف في هذا البلد وقال والله ما أكلت لحماً كان صدقاً مع أن القرآنَ الكريم سماه :" لحماً طرياً " وفى مكان آخر من البلاد يسمون السمك لحماً وهناك أمثلة كثيرة تجعلنا قبل أن نحكم على الشئ أن ننظر إلى ما تعارف عليه الناس وقد قال سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :" ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسنا , وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيحا " فلكل بلد حكمه حيث تقع الألفاظ ومعانيها . فدعاء البعض للغير بكلمة الله يخليك ليس فيه شئ . والله أعلم موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 28)