نساء خالدات : منهم الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين عائشة رضى الله تعالى عنها : وغيرها من الصحبيات رضى الله عنهن

حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنهما _

وزوج رسول الله صل الله عليه وسلم "

بعد أن زفت حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنهما : إلى سيد الخلق
وحبيب الحق صل الله عليه وسلم : وسيد ولد آدم المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله الصادق الوعد الأمين , لم يكن ليغفل عمر رضى الله عنه عن مراقبة ابنته
فى تصرفاتها مع رسول الله صل الله عليه وسلم _ ومع رفيقاتها من زوجات رسول الله حتى يستطيع أن يقومها , إذا رأها قد انحرفت عن الجادة أو جانبها الصواب
فى قول أو فعل , لأنها كانت تغضب إذا رأت شيئا ساءها , وكان رضى الله عنه
يقول لها , أين أنت من عائشة ؟ وأين أبوك من أبيها إيه إيه يا ابن الخطاب فلو سلكت فجا لسلك الشيطان فجا آخر .

وكانت حفصة رضى الله تعالى عنها : تراجع رسول الله صل الله عليه وسلم
فى بعض الأمور فيسمع بذلك عمر رضى الله عنه : فيأتيها من فوره وينهاها
ويحذرها بيد أنها رضى الله عنها كانت تندم على مراجعتها رسول الله صل الله عليه وسلم : وتعتذر إلى النبى صل الله عليه وسلم فيعذرها , ويعفو عنها ويصفح الصفح الجميل بيد أن عمر رضى الله عنه كان يعفو عنها حبا فى رسول الله صل الله عليه وسلم واجلالا لمكانته من ربه عز وجل .

وقد جاء فى الصحيح من حديث جابربن عبد الله الأنصارى رضى الله عنها :
عن أم مبشر الأنصارية أنها سمعت النبى صل الله عليه وسلم : عند حفصة يذكر أصحابه الذين بايعوه تحت الشجرة , فى الحديبية فقال : " لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد من الذين بايعوه تحتها " قالت حفصة يا رسول الله صل الله عليه وسلم _ وأين قول الله تبارك وتعالى " وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا " مريم الآيه 71 _
فقال النبى صل الله عليه وسلم : قد قال عز وجل " ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا " سورة مريم 72 _ الآية

فانظر أخى الكريم أخلاق من علم البشرية , مراجعة زوجته فى كلام رب العالمين الذى نزل عليه ويرد عليها بأدب
النبوة ويبين لها كلام رب العالمين فأين نحن , أمة الإسلام من أخلاق رسول الله صل الله عليه وسلم الذى قال فيه ربه سبحانه وتعالى : " وإنك لعلى خلق عظيم " سورة القلم , وتذكر لنا كتب السير والتاريخ , غضب على حفصة يوما فطلقها فقال له جبريل عليه السلام :" راجعها إنها صوامة قوامة وهى زوجتك فى الجنة " وفى رواية للطبرانى أن رسول الله صل الله عليه وسلم طلق حفصة فبلغ ذلك عمر رضى الله عنه فحثا على رأسه التراب وقال :" ما يعبأ الله بعمر وابنته فنزل فنزل جبريل من الغد وقال للنبى صل الله عليه وسلم :" إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر "

وأصبحت حفصة رضى الله عنها , لا تراجع النبى صل الله عليه وسلم : فى شئ كما كانت تراجعه من قبل وظلت وفية , لزوجها طيلة حياته معها بل و لا تقصر فى حق من حقوقه , وبدت عليها علامات الهدى والتقى والزهد وعاشت بعد رسول الله صل الله عليه وسلم سنوات طوال عاكفة فى بيتها .
فرضى الله تعالى عن حفصة أم المؤمنين وعن أبيها وعن سائر أمهات المؤمنين أجمعين , وجمعنا الله تعالى بهم فى مستقر رحمته ودار مقامه ومع خاتم النبين صل الله عليه وسلم .
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الصحابية الجليلة :

أسماء بنت عميس رضى الله تعالى عنها

أسماء بنت عميس رضى الله تعالى عنها _ بعد أن شرح الله سبحانه وتعالى صدرها للإسلام وهبت حياتها لله تعالى طاعة وعبادة , وقد عاشت فترة ليست بالقصيرة بعيدا
عن جو الدعوة إلى الله تعالى حيث منابع العلم والنور, لمن يعيشون بجوار النبى صل الله عليه وسلم : فى مكة فقد كانت أسماء بنت عميس رضى الله تعالى عنها , قد هاجرت مع زوجها فى ذلك الوقت جعفر بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه : إلى الحبشة
فلما قدمت من هجرتها إلى المدينة , أرادت أن تعوض ما فاتها فاقتربت من نساء بيت النبوة , تنهل من الرحيق المختوم وتأخذ من أفواههن , وتحفظ ما قاله رسول الله صل الله عليه وسلم لنسائه

, وهى تروى لهن ما رأت فى بلاد الحبشة , وكانت رضى الله تعالى عنها من أقرب الناس , إلى الطاهرة المطهرة البتول فاطمة بنت محمد رسول الله صل الله عليه وسلم _ حتى أن فاطمة لما شعرت بدنو أجلها أوصت بأن يغسلها زوجها على بن أبى طالب , وأسماء بنت عميس وكانت رضى الله تعالى عنها حينذاك زوجا للصديق أبى بكر رضى الله عنه _ وكانت الطاهرة المطهرة فاطمة الزهراء , تتحرج من وصف جسد المرأة عندما تشيع لقبرها , وشكت ذلك لأسماء فشرحت لها كيف أن الحبشيات يتغلبن على ذلك , بنعش يغشى ثوبا فسرت به وأوصتها أن تصنع لها مثل ذلك إذا حضرتها الوفاة , روى البخارى ومسلم أن فاطمة بنت رسول الله صل الله عليه وسلم _ قالت يا أسماء إنى إستقبحت ما يصنع بالنساء , إنه يطرح على المرأة الثوب يصفها فقالت أسماء , يا ابنة رسول الله صل الله عليه وسلم _

ألا أريك
شيئا رأيته بأرض الحبشة فدعت بجرائد رطبة , فحنتها ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمة ما أحسن هذا وأجمله يعرف به الرجل من المرأة ,فإذا أنا مت فغسلينى أنت وعلى رضى الله تعالى عنه _ ولا يدخل على أحد فلما توفيت فاطمة رضى الله عنها جاءت عائشة إلى أبى بكر رضى الله تعالى عنهما , فقالت أسماء لا تدخلى فشكت عائشة إلى أبى بكر فقالت : إن هذه الخثعمية تحول بينى وبين ابة رسول الله صل الله عليه وسلم _ وقد جعلت لها مثل هودج العروس , فقالت أسماء أمرتنى أن لا يدخل عليها أحد وأويتها الذى صنعت وهى حية , فأمرتنى أن أصنع ذلك لها فقال أبو بكر فاصنعى ما أمرتك ثم غسلها على رضى الله عنه مع أسماء بنت عميس رضى الله تعالى عنها "

وقد صنعت مثل ذلك للسيدة زينب بنت جحش إذ كانت أسرع , نساء النبى صل الله عليه وسلم لحوقا به
وقد أمر عمر رضى الله تعالى عنه بألا يخرج , لتشييعها إلا أقاربها من ذوى رحمها
فقالت أسماء بنت عميس : يا أمير المؤمنين أأريك شيئا رأيت الحبشة تصنعه لنسائهم
فصنعت نعشا وغشته ثوبا فلما نظر إليه , قال ما أحسن هذا ما أستر هذا ثم أمر مناديا فنادى : أن اخرجوا على أمكم أى أخرجو فى تشيع جنازتها , بعد أن استترت
عن أعينكم بما صنعته أسماء بنت عميس رضى الله تعالى عنها

أول من هاجر إلى المدينة المنورة

          السيدة أم سلمة_ ( أم المؤمنين رضى الله تعالى عنها)

إن من يتتبع السير والتاريخ الإسلامى , يجد أنه مليئ بالعبر والدروس , والمواقف الإيمانية العظيمة التى قام بها أولئك , الصفوة المختارة من الرعيل الأول , الذين شاءت إرادة الله تعالى لهم أن يكونوا, نماذج تطبيقية وعملية لتبين للناس ماذا يصنع الإيمان فى النفوس .
ولقد كان للمرأة الحظ الوافر والنصيب الأكبر , من بين هذه النماذج فإن الإسلام لم يفرق فى عقيدته وتشريعاته بين رجل وإمرأة , إلا ما اختصه الدليل فيما يتوافق
مع التكوين الخَلقى والفطرى فى كلا الطرفين .
والهجرة النبوية الشريفة هى من أعظم الأحداث , التى سجلتها لنا كتب التاريخ
و السير .

إذ بها انتقل الإسلام من أجل بناء الدولة الإسلامية , وتكوين المجتمع الإيمانى
والذى يمثل لنا النموذج العملى والتطبيقى , لأحكام الإسلام وتشريعاته السمحة
ومن ثم كان الحديث عن المواقف الإيمانية , التى سجلها لنا هؤلاء الصحابة
رجالا كانوا أو نساء لتظل لنا نبراسا يضيئ لنا جنبات الحياة على أساس من الإيمان الصادق والعقيدة الصحيحة التى يتربى , عليها الإنسان الصالح الذى تسعد به الحياة
ومن هذه الصفوة السيدة هند بنت بنت أمية بن المغيرة القرشية المخزومية والمكناة
بأم سلمة وكان أبوها يلقب ( بزاد الراكب ) لأنه كان من أهل الجود والسخاء
, فإذا سافر معه أحد فإنه لا يحمل هم طعام مادام أنه فى رفقة أبى أمية .

وقد تزوجت " هند " من ابن عمها عبد الله بن عبد الأسد , والمكنى بأبوا سلمة
وكانا من السابقين إلى الإسلام ونالا معا شرف الهجرة , فى سبيل الله إلى الحبشة
ثم عاد إلى مكة وهما يتحملان فى سبيل , الإيمان المشاق والإضطهاد الذى كان يتعرض له المسلمون فى مكة قبل الهجرة .
وحين أذن للمسلمين بالهجرة إلى المدينة المنورة , خرجت أم سلمة فى رفقة زوجها
وهى تحمل طفلها " سلمة " فلما رأها رجال من بنى المغيرة , أهلها منعوها من زوجها ولما رأى بنو عبد الأسد أهل الزوج ذلك قالوا لن نترك ابننا معكم وتجاذب الأعمام والأخوال الطفل " سلمة " وانطلق به الأعمام بعد أن خلعت يده من أثر المشدة التى حدثت بين الفريقين .

وقد استمرت أم سلمة رضى الله عنها تخرج كل غداة وتجلس بالأبطح خارج مكة
وهى تبكى وليدها الذى حرمت منه , ولوعة الفراق والحبس عن أن تلحق بزوجها
واستمر الحال كذلك حتى رق لحالها رجل , من بنى عمومتها فقال : ألا تُحرجون
من هذه المسكينة , لقد فرقتم بينها وبين زوجها وابنها , فسمحوها لها باللحاق
بزوجها فذهبت إلى المدينة المنورة , وكانت بذلك أول إمرأة خرجت مهاجرة إلى الحبشة , وهى كذلك أول ظعينة تدخل المدينة المنورة , وشاء القدر أن تفقد زوجها
" أبا سلمة " شهيدا فى غزوة أحد , وإذا بالرسول صل الله عليه وسلم _ يرى ما نالها فى سبيل الإيمان فأراد أن يتوجها بكل إجلال وإعزاز , فتكون من أمهات المؤمنين
فيتزوجها الرسول صل الله عليه وسلم ويرعى لها أولادها , وهذا شأن كل إمرأة تحملت صابرة على ما أصابها وهى راضية ومحتسبة الأجر والثواب من الله تعالى

ثم يكون لها من بعد ذلك من سداد الرأى , وحسن المشورة ما يكشف لنا عن رجاحة عقلها وصواب رأيها إذ تشير على النبى صل الله عليه وسلم _ وذلك عندما أصيب المسلمون يوم الحديبة وما حدث لهم فيها , بشئ من الإحباط النفسى ولم يقوموا بما أمرهم به صل الله عليه وسلم _ فتقول له بأن يتحلل من إحرامه , بالحديبية حيث منعت قريش المسلمين من أداء العمرة وينحر الهدى حتى يتبعه المسلمون فى ذلك , وقد كان ما نصحت به
توفيت أم سلمة رضى الله تعالى عنها فى شهر شوال , سنة تسعة وخمسين من الهجرة , وكانت آخر من مات من أمهات المؤمنين رضى الله تعالى عنها وعن
سائر الصحابة أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين "
       وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

إرتفعت بإيمانها فوق الأحداث

          الصحابية الجليلة والأم الفاضلة السيدة " تماضر بنت عمرو بن

الشريد السلمية " الملقبة " بالخنساء "

عندما يتحقق القلب بالإيمان الصادق , ويختلط بشغاف قلب الإنسان
فإن النفس البشرية تتأثر بما يجعلها تقبل , على الخير مهما يكمن وراءه
من تضحيات وتكاليف ومشاق , وبالإيمان العميق والفهم الواعى لمنهج الدعوة
الإسلامية , تتحقق للنفس الصورة المثلى , لما ينبغى أن تكون عليه الشخصية السوية
فتتغير أهدافه , ويصبح صاحب غاية يعيش لها وبها , ويحيا من أجلها ويسمو فوق الأحداث , ومايعترضه من ظروف  وشدائد , ويسلم لله الزمام فى كل ما ينزل به  
ويرضى بقضائه وقدره

, والإيمان بالله تعالى يجعل للإنسان المنهج الذى به يعد نفسه
بكل ما يتطلبه المحتوى التربوى العام سواء , فى التربية والتوجيه أو فى الإعداد والتغير وعندما يستجيب الإنسان لحقائق الإيمان , فإن الإيمان يخلق فيه انسانا آخر
كما أن الإيمان الإسلامى لا يعترف بالمراحل السنية , التى تحدث عنها علماء النفس
والتربية ومدى الإستفادة منه , ولقد ذكر لنا التاريخ صور ونماذج لرجال ونساء دخلوا فى هذا الدين فى سن متأخرة , وكيف غيرهم الإيمان طبعا وخُلقا وصاغهم
صياغة أخرى غير التى كانوا عليها , ولم يكن أحد ينتظر منهم ذلك وما الذى حملهم على ذلك ؟ إنه الإيمان صانع العجائب .

ومن هذه النماذج التى تخطط كل شئ , ولكنها عند الإيمان وقفت وتغيرت قلبا وقالبا
صورة ومعنى تلك الصحابية الجليلة _ تماضر بنت عمرو بن الشريد السلمية
الملقبة " بالخنساء " فقد سجلت شخصيتها بأحرف من نور , ما جعلها فى دوحة الشرف وزهت بشخصيتها فى روضة الفضل , وإذا كان أبوها وأخوها , معاوية
وصخر سادات قبيلة " سليم المضرية " وكانت الخنساء بارعة الجمال والأدب
خطبها " دريد بن الصمة"سيد هوازان فردته وأثرت التزوج فى قومها من بنى عمومتها , ولما فقدت أخويها معاوية وصخر , بسبب ثأرالجاهلية وحروبها
وقد جزعت عليهما أشد الجزع , وبكتهما بكاء مرا ورثتهما رثاء ما بعده رثاء
وكانت تجدد الأحزان عليهما حتى أنها , ملأت الآفاق عليهما بكاء وعويلا

ولقد لنا التاريخ والأدب العربى , من شعر المراثى والبكاء والدموع ديوانا الفريد من نوعه فى شعر المراثى والدموع منه قولها : أعينى جودا ولا تجمد  _ ألا تبكيان لصخر الندى ؟
                         ألا تبكيان الجرئ الجميل _ ألا تبكيان الفتى السيدا ؟
وقول آخر :            يذكرنى طلوع الشمس صخرا _ وأذكره بكل غروب شمس
                        ولولا كثرة الباكين حولى _        على إخوانهم لقتلت نفسى  
هذه حال الخنساء قبل إسلامها , جزعة باكية حزينة , يأكل الهلع والألم من قلبها
ولكنها بعد ما أمنت تغير قلبها وقيادها , وتبدلت شخصيتها وتغيرت حياتها
فمنذ أن وفدت على قومها " بنى سليم " على رسول الله صل الله عليه وسلم :
وقد غير الإيمان هذه النفس , حتى فيما تهدف من البكاء , إن بكت فقد كان بكاؤها
على أخيها صخر , لا يزال ملازما لها إلا أن الدافع , من ورائه قد أختلف عن ذى قبل إذ عبرت هى عن ذلك بقولها , كنت أبكى له من الثأر وأنا اليوم أبكى له من النار
نظرا لموته على غير الإيمان

, وتذكر لنا كتب التاريخ أنها شهدت حرب القادسية
بين المسلمين والفرس تحت راية , القائد سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه , وكان معها بنوها الأربعة فرسانا مشاركين , فى المعركة وجلست إليهم فى فى ليلة من الليالى الحاسمة تعظهم وتحثهم , على القتال والثبات وكان من قولها , لهم أى بنى
إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين , والذى لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد
ما خنت آباكم ولا فضحت خالكم , ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم وقد تعلمون ما أعد الله تعالى للمسلمين فى حرب الكافرين ,

, واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية والله تعالى يقول " يا أيها الذين أمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا لعلكم تفلحون " سورة آل عمران فإذا أصبحتم غدا , إن شاء الله , سالمين فاغدوا إلى قتال
عدوكم مستبصرين , فإذا رايتم الحرب قد شمرت عن ساقها , فتيمموا وطيسها وجالدوا رئيسها تظفروا بالغنم فى دار الخلد " إنها وصية صادقة من قلب مؤمن
موقن بوعد الله الذى لا يخلف الميعاد , والرضا بقضائه والتسليم لحكمه وارادته
دون جزع أو هلع .

فما أن أصبح الأبناء الأربعة وباشروا القتال , بقلوب فتية وأنوف حمية , وهم يتذكرون وصية أمهم فينطلقون كالسهام وينقضون على أعداء الله كالصاعقة , وظلوا كذلك حتى استشهدوا عن أخرهم واحدا بعد الآخر , وقد بلغ الأم استشهاد بنوها الأربعة , فما لطمت خدا , ولا شقت جيبا واستقبلت النبأ بإيمان الصابرين , وصبر المؤمنين قائلة " الحمد الله الذى شرفنى بقتلهم وأرجوا من ربى أن يجمعنى بهم فى مستقر رحمته "
وبذلك أصبحت هذه الأم نموذجا صلبا لما , يصفه صدق الإيمان فى النفوس
وبذلك علت فوق الأحداث سابحة فى عالم النور والخير, مع أنها كانت لا تزال  تعيش مع عالم الأحياء فى الدنيا  , اللهم ارض عنها وعن
بنيها الشرفاء الشهداء , وعن سائر الصحب والآل والولد والصالحين الأطهار فى كل زمان ومكان " وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا