تفسير سورة الإنشراح

تفسير سورة الإنشراح

وهى سورة مكية وعدد آياتها ثمان آيات نزلت بعد سورة الضحى

وفيها عطف على رسول الله صل الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم

ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذى أنقض ظهرك *
ورفعنا لك ذكرك * فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا * فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب *

المعنى اللفظى

ألم نشرح لك صدرك : , والمعنى شرحنا لك صدرك بنور المعرفة فكن
, راضيا بما تلقاه فى سبيل الدعوة إلى الله

ووضعنا عنك وزرك , أثقل ظهرك _ وهو عبارة عن شدة وطأته
ورفعنا لك ذكرك , نوهنا باسمك ورفعنا شأنك بالثناء عليك دائما
فإن مع العسر يسرا , فإن مع كل ضيق يعقبه فرج وسعة بسرعة
, لأنهما كائنان معا

فإذا فرغت فانصب , فإذا انتهيت من عملك لنفسك وأهلك فاتجه
, فى الدعوة إلى الله

وإلى ربك فارغب , واقصد بعملك وجه الله

البيان العام

وفى السورة الكريمة بيان وتوضيح لما كان عليه رسول الله صل الله عليه وسلم
من الإحساس بالضيق النفسى والروحى , لأمر من أمور الدعوة التى صدع بها
فجاء الخطاب من الله تعالى فى استفهام تقريرى , ومناجاة من الله لطيفة رقيقة ندية
أى يا محمد فتش فى صدرك , فسوف تجد النور الذى يبدد , كل ظلمة والإنشراح الذى يمسح كل تعب وعناء .
ولقد رفع الله تعالى لك ذكرك يا محمد فى الوجود كله , وفى الملأ الأعلى , وأى رفعة أعظم من أن يذكر الله تعالى فتذكر معه , مع كل شفة تنطق أو آذان يؤذن
" لا إله إلا الله محمد رسول الله " وأى رفعة ومقام استوجب الحب من ملايين الملايين " من المسلمين فى بقاع الدنيا " وهم يصلون عليك يا محمد بأمر من الله تعالى " إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما كثيرا " سورة الأحزاب .

وإن أمرُك يا محمد وأمرُ دينك ودعوتك إلى الله كله يسرٌ, مصاحب العسر أنى ظهر
فيرفع الله تعالى عنك ثقله وهمه , ولهذا جاءت العبارة مؤكدة بكل ضروب التوكيد
" فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسر " فلن يغلب عسر يسرين ولهذا جاءت الجملة مؤكدة بإن ومكررة

وإن من أسباب اليسر فى الحياة أن تتوجه إلى ربك , بقلب تقى نقى خالص حين تفرغ من شغلك فى الحياة وهذا ما تستحق أن تَنصب فيه , وتكد وتجتهد , بالعبادة
والتفكر فى ملكوت الله , فإذا احتجت إلى زاد _ وأنت لا شك محتاج , فارغب إلى ربك , وحدك خاليا من كل ما يشغلك عن التقرب إليه , " فإذا فرغت فانصب , وإلى ربك فارغب " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ايجاز البيان

سورة الإنشراح سورة مكية , وهى تتحدث عن مكانة الرسول صل الله عليه وسلم
العظيمة وشخصيته الجليلة , ومقامه الرفيع عند الله سبحانه وتعالى , وقد تناولت الحديث عن نعم الله العديدة , على عبد ورسوله محمد صل الله عليه وسلم , وذلك بشرح صدره بالإيمان , وتنوير قلبه بالحكمة والعرفان , وتطهيره من الذنوب والأوزار , وكل ذلك بقصد التسلية والملاطفة لرسول الله صل الله عليه وسلم عما
يلقاه من أذى الفجار , وتطيب خاطره الشريف لما منحه الله تعالى من الأنوار " ألم نشرح لك صدرك , ووضعنا عنك وزرك , الذى أنقض ظهرك "

ثم تحدث المولى تبارك وتعالى عن إعلاء منزلة الرسول صل الله عليه وسلم
ورفع مقامه فى الدنيا والآخرة , وقد قرن اسمه صل الله عليه وسلم باسم الله تعالى "
ورفعنا لك ذكرك "
وقد تناولت السورة الكريمة دعوة الرسول صل الله عليه وسلم وهو بمكة يقاسى
مع المؤمنين الشدائد والأهوال من الكفرة المكذبين , فآنسته بقرب الفرج وقرب النصر على الأعداء بقوله تعالى " فإن مع العسر يسرا , إن مع العسر يسرا "
وقد ختمت السورة المباركة بالتذكير للمصطفى صل الله عليه وسلم " بواجب التفرغ لعبادة الله بعد إنتهائه من تبليغ الرسالة , شكرا لله تعالى على ما أولاه من النعم الجليلة
" فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

تفسيرمختصر سورة الشرح :
بسم الله الرحمن الرحيم :

أقال تعالى :" ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذى أنقض ظهرك *
ورفعنا لك ذكرك * فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا * فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب *
من الآية 1 _ 4 _ ألم نوسع لك _ يا محمد_ بنور الآسلام صدرك بعد حيرة وضيق , وحططنا عنك بذلك حملك الذى أثقل ظهرك وجعلناك بما أنعمنا عليك من المكارم فى منزلة رفيعة عالية ؟ ومن الآية _ 5 _ 6 _ فلا يثنيك أذى أعدائك عن نشر الرسالة فإن مع الضيق فرجا , إن مع الضيق فرجا ومن الآية _ 7 _ 8 _ فإذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها فجد فى العبادة والى ربك وحده فارغب فيما عنده " تفسير سورة الشرح _ وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

تفسير سورة ألم نشرح وهي مكية

يقول تعالى :" ألم نشرح لك صدرك" يعني : أما شرحنا لك صدرك ، أي : نورناه وجعلناه فسيحا رحيبا واسعا كقوله : " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام" الأنعام ـ 125 ـ وكما شرح الله صدره كذلك جعل شرعه فسيحا واسعا سمحا سهلا لا حرج فيه ولا إصر ولا ضيق .وقيل : المراد بقوله :" ألم نشرح لك صدرك" شرح صدره ليلة الإسراء ، كما تقدم من رواية مالك بن صعصعة ، وقد أورده الترمذي هاهنا . وهذا وإن كان واقعا ، ولكن لا منافاة ، فإن من جملة شرح صدره الذي فعل بصدره ليلة الإسراء ، وما نشأ عنه من الشرح المعنوي أيضا ، والله أعلم

قال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثني محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز ، حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن محمد بن أبي بن كعب ، حدثني أبي محمد بن معاذ ، عن معاذ ، عن محمد ، عن أبي بن كعب : أن أبا هريرة رضي الله عنه كان جريا على أن يسأل رسول الله صل الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره ، فقال : يا رسول الله ، ما أول ما رأيت من أمر النبوة ؟ فاستوى رسول الله صل الله عليه وسلم جالسا وقال : " لقد سألت يا أبا هريرة ، إني لفي الصحراء ابن عشر سنين وأشهر ، وإذا بكلام فوق رأسي ، وإذا رجل يقول لرجل : أهو هو ؟ .

؟ قال : نعم فاستقبلاني بوجوه لم أرها , لخلق قط ، وأرواح لم أجدها من خلق قط ، وثياب لم أرها على أحد قط . فأقبلا إلي يمشيان ، حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي ، لا أجد لأحدهما مسا ، فقال أحدهما لصاحبه : أضجعه . فأضجعاني بلا قصر ولا هصر . فقال أحدهما لصاحبه : افلق صدره . فهوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع ، فقال له : أخرج الغل والحسد ، فأخرج شيئا كهيئة العلقة ثم نبذها فطرحها ، فقال له : أدخل الرأفة والرحمة ، فإذا مثل الذي أخرج ، شبه الفضة ، ثم هز إبهام رجلي اليمنى فقال : اغد واسلم . فرجعت بها أغدو ، رقة على الصغير ، ورحمة للكبير " . تفسير القرآن العظيم للإمام بن كثير رحمه الله تعالى . موقع فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم