كيف عالج الإسلام الفقر

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أتى النبي صل الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه فقال صل الله عليه وسلم :" أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك "قال رسول الله صل الله عليه وسلم : " وأنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا"لقد ضرب لنا معلم البشرية وخير البرية محمد صل الله عليه وسلم أروع الأمثلة وبيَّن لنا أفضل السبل في فن التعامل مع اليتيم فها هو عليه الصلاة والسلام يمسح على رأس اليتيم ويقول: " من مسح على رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له في كل شعرة مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين" وفرق بين أصبعيه السبابة والوسطى.وها هو كذلك عليه الصلاة والسلام يقبل اليتيم ويدعو له ويحتضنه ويسأل عنه وعن أحواله فهو صاحب القلب الرحيم وصانع المواقف العظيمة.

من هو اليتيم ؟
لقد حضنا الإسلام على فضائل الأعمال , والتمسك بمكارم ، ومن تلك الأخلاق الفاضلة الإحسان إلى اليتيم , واليتيم هو الشخص الذي فقد أحد والديه أو كليهما قبل أن يبلغ الحلم , أي قبل البلوغ. وقد أوصى الإسلام برعاية اليتيم . ذلك أن اليتيم من أحوج الناس إلى البر والإحسان ، لأنه فقد أباه في وقت هو في أشد الحاجة إليه ، فاحتاج إلى البر والإحسان..وإذا رأيت الرجل ، رحيماً بالأيتام.. محسناً إليهم ، فاعلم أنه صاحب خلق كريم.. وسجايا حميدة يقول الرسول الله صل الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا" وأشار بالسبابة والوسطى " إن رحمة اليتيم ، والإحسان إليه ، هي من أخلاق الكرماء ، ولا يفعله إلا رجل نبيل.. جامع للفضائل.. محب للمحاسن.. وكفالة اليتيم ، لا يشترط لها ، أن تكون من أرباب الأموال الطائله.. بل إن من ضم يتيماً إليه ، وأطعمه مما يأكل وسقاه مما يشرب ، نال تلك الدرجة..

قال النبي صل الله عليه وسلم: " من ضم يتيماً بين مسلمين ، في طعامه وشرابه ، حتى يستغني عنه ، وجبت له الجنة" فكن حريصاً ، إن أمكنتك الفرصة على كفالة يتيم ، ولا تضيع على نفسك ذلك وفكر في ثواب من كفل يتيماً.. ألا تحب أن تكون رفيقاً للنبي صل الله عليه وسلم في الجنة ؟ عملا بقول الله تعالى :" ويُطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا , إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا , إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا , فوقاهم الله ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا , وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا " سورة الإنسان الآيات 8 ـ 11 ـ ومما يلفت الأنظار أن الله سبحانه وتعالى ذكر لفظ اليتيم في القرآن الكريم " ثلاثًا وعشرين مرة " ، وفي ذلك إشارة واضحة للمسلمين للانتباه والوقوف وقفة جادة أمام هذه الفئة وأمام احتياجاتها ، والمشاكل التي قد تواجهها سواءً أكانت معنوية أم مادية أم اجتماعية أم غير ذلك ,

، قال تعالى:" واعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربي واليتامي والمساكين " سورة النساء الآية 36 ـ وقوله تعالى :" أرأيت الذي يُكذب بالدين , فذلك الذي يدع اليتيم , ولا يَحضُ على طعام المسكين " سورة الماعون الآية 1-3 ـ وقال تعالى ممتدحا حال الصالحين:" ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " سورة الإنسان الآية 8 ـ وعلى العكس قال تعال موبخا كفار قريش ومن على شاكلتهم :" كلا بل لا تكرمون اليتيم " سورة الفجر الآية 17 ـ كما أمر عز وجل بحفظ أموال الأيتام ، وعدم التعرض لها بسوء ، وعدَّ ذلك من كبائر الذنوب وعظائم الأمور ، ورتب عليه أشد العقاب ،

قال تعالى :" إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظُلماً إنّما يأكلون في بُطُونِهِم ناراً وسَيصلَونَ سَعِيراً " النساء10،قال السدي رحمه الله: "إذا قام الرجل يأكل مال اليتيم ظلماً ، بُعث يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ، ومن مسامعه ، ومن أذنيه ، وأنفه وعينيه يعرفه من رآه بأكل مال اليتيم"
إلى كل الآباء والأمهات أن هناك من الأطفال من يشعر بمشاعر اليتيم الحقيقي
وذلك مما يعانوه من إهمال الوالدين لهم خاصة في هذا الزمان التي كثرت فيه المُلهيات والمغريات فأرجو منكم أيها الآباء والأمهات أن لا تيتموا أطفالكم وأنتم أحياء ترزقون .

بماذا يكون الإحسان إلى اليتيم؟
الإحسان إلى اليتيم ، يكون بعدة أشياء ، وكل واحدة منها تصلح أن تسمى إحساناً..
منها: إطعامه ، وكسوته ، والقيام على حاجاته الضرورية ، وقد مر معك فضل ذلك.
ومنها: مسح رأسه ، وإشعاره بالرحمة والحنان ، وفي ذلك أثر كبير على نفس اليتيم..
فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا رأى يتيماً مسح برأسه وأعطاه شيئاً.
ومنها: الإنفاق عليه في تعليمه ، ودراسته كما يحرص الواحد على تعليم ولده.
ومنها: الإخلاص في تربيته ، وأن يخلص في ذلك كإخلاصه في تربية ولده.
ومنها: الرفق في تأديبه ، إذا ارتكب فعلاً يستوجب التأديب.
ومنها: أن يتقي الله في ماله ، إن كان لليتيم مالاً، فلا يسعى في إهلاكه ، لكي لا يطالبه إذا كبر، بل يحفظه له ، حتى إذا كبر سلمه ماله ، وقد مر معك الوعيد الشديد لمن أكل أموال اليتامى ظلماً.ومنها: تنمية أمواله ، والإخلاص في ذلك ، حتى لا يذهب في الزكاة.

آداب وطرق التعامل مع اليتيم :

أن أول هذه الفنون في التعامل مع اليتيم زرع الحب والثقة في النفس فان إعطاء الثقة بالنفس يعطي اليتيم الانطلاق والتجديد فمثلاً إعطاؤه الفرصة في إثبات وجوده والمحاولة في إيجاد الحلول المناسبة لكثير من المسائل بل تكرار المحاولة حتى الوصول إلى الحل المناسب الصحيح. التربية الجادة والهادفة التي تعطي ذلك اليتيم الجرعة الإيمانية الصالحة وذلك من خلال طرح بعض القصص القرآنية لبيان عظمة الله تعالى وغرس العقيدة الصحيحة لديه ويأتي بعد ذلك دور القصة النبوية ليخرج بذلك إلى القدوة الصالحة والعمل الجاد المثمر ولا ننسى أن النفس البشرية لديها الاستعداد والحب الفطري لسماع القصة وهذا مما يجعل الطفل خاصة يتربى تربية جادة ومثمرة بإذن الله تعالى .

. اعلم أن إدخال البهجة والسرور على اليتيم من أعظم الطاعات والقربات التي يتقرب بها العبد لله سبحانه وتعالى فقد قال عليه الصلاة والسلام " لاتحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق" فهذا هو منهجه عليه الصلاة والسلام يلاطف الصغير والكبير. هذه الآداب وأهمها لين الكلام وحسنه مع اليتيم ولذلك قال عليه الصلاة والسلام " والكلمة الطيبة صدقة " فكم كلمة طيبة أدخلت السرور على إنسان وكم من كلمة ساقطة عملت بصاحبها فعل السهام.

الثناء على الإنسان وخاصة بعد انجاز عمل ما ، ودفع الحوافز له من أجدى السبل في رفع الروح المعنوية لديه وحثه على الاستمرار والمواصلة للوصول إلى معالي الأمور بإذن الله تعالى , ومنها التواضع ولين الجانب من الآداب المهمة التي ينبغي على الإنسان أن يتحلى بها ولذلك قال تعالى :" ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" سورة آل عمران فنجد أن ربنا تبارك وتعالى يبين لنا أن النبي صل الله عليه وسلم كسب بتواضعه ولين جانبه قلوب الناس وخالط بشاشة قلوب جميع طبقات المجتمع.موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي .وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الشيطان يعدكم الفقر :


يقول سفيان الثوري رحمه الله تعالى - "ليس للشيطان سلاح للإنسان مثل خوف الفقر، فإذا وقع في قلب الإنسان:منَعَ الحق وتكلم بالهوى وظن بربه ظن السوء".المغني عن حمل الأسفار 4/32. ويقول الإمام على رضي الله عنه :" الناس من خوف الذل في ذل .. ومن خوف الفقر في فقر" ويقول الشيخ محمد العزالى رحمه الله تعالى :"كل دعوة تحبب الفقر إلى الناس ٬ أو ترضيهم بالدون من المعيشة ٬ أو تقنعهم بالهوان في الحياة ٬ أو تُصبرهم على قبول البخس ٬ والرضا بالدنية ٬ فهي دعوة فاجرة ٬ يُراد بها التمكين للظلم الاجتماعي ٬ وإرهاق الجماهير الكادحة في خدمة فرد أو أفراد. وهى قبل ذلك كله كذب على الإسلام ٬ وافتراء على الله. ا,هـ

ولهذا كان النبي صل الله عليه وسلم يتعوذ بالله من الكفر والفقر فيقول :" اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر " وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول :" لو كان الفقر رجلا لقتلته , فالإسلام لا يرضي للناس المذلة ولا الحياة المهينة بل يرضي لهم الحياة الكريمة , وهو يدعوهم إلى الأخذ بأسباب الحلال كما يقول النبي صل الله عليه وسلم :" نعم المال الصالح للرجل الصالح . " . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

تذكروا إخوانكم الفقراء :

أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها , هناك من إخوانكم من لا يجدون بيتا ولا مئوي , وهناك من لا يجدون ما لا يدفئهم من الملابس وغيرها , إنهم يلتحفون السماء ويفترشون الأرض , وقد أصاب البرد من أجسامهم , حتى ذلك على حياتهم فمنهم من يموت بسبب هذا البرد الشديد
، فينبغي علينا أن نسارع إلى مساعدتهم ، وأن نقف بجوارهم ، ونمد إليهم يد العطف والشفقة والرحمة لكي نرفع عنهم الكرب والحاجة ، فعلى كل مسلم أو مسلمة أن يتصدقوا بما أفاء الله عليهم من خير وفضل يملكونه من مال ولباس وغيره حتى , والله سبحانه وتعالى يبتلى الأغنياء بالفقراء ليرى ما فاعلون عملا بقوله تعالى :" يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد " سورة فاطر الآية 15 ـ

ويقول النبي صل الله عليه وسلم:" ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه الله ، ليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم ، فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم ، فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ، فاتقوا النار ولو بشق تمرة رواه البخاري ومسلم . ويقول أيضا صلوات الله عليه وسلامه :" من فرج عن أخيه كربة من كرب الدنيا ، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة رواه مسلم.علينا أن ننظر المحتاجين في الحي والقرية , وكل قريب منكم ، تلطف في قضاء حوائجهم , أدخلوا الدفء والبسمة والسعادة والفرحة في قلوبهم ، وعلينا أن نبدأ بالأقارب وذوي أرحامكم من أهلينا ثم جيرانكم وأهل بلدكم ثم الأقرب منكم فالأقرب ، وقدموا لأنفسكم من الخير ما ينفعكم عند ربكم ، ولا تحقروا من المعروف شيئاً ، يقول النبي صل الله عليه وسلم:" اتقوا النار ولو بشق تمرة" رواه البخاري ومسلم.

إن ما نعيشه في تلك الأيام من شدة البرد وقسوته ، علينا أن نتذكر إخواننا من الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل ممن يعيشون معنا ممن هم في حاجة إلى العون والمساعدة ، فهناك أسرٌ يتعففون عن سؤال الناس فلا يجد أبناؤهم ثياباً تدفئهم من برودة الشتاء عند ذهابهم إلى مدارسهم ، وليس عندهم دفايات تدفئ بيوتهم ، وليس عندهم ما يسد جوعهم ولا يملأ جوفهم ، فهم يحتاجون إلى الرعاية والعناية والدفء بالطعام والملابس والبطانيات. موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الحمد لله وأصلي على سيدنا محمد وآله وبعد :
سأل بعض الأخوة عن كيف يُصبح غنيا ؟
الجواب أولا : ينبغي على كل مسلم أن يعلم أن الغني ليس عن كثرة العرض من الأموال والعقارات وغيرها ولكن الغني غني النفس كما بين لنا الرسول صل الله عليه وسلم ـ وقال أيضا :" ارض بما قسم الله لك تكن أغني الناس " وحتي يتحقق لك الغني يجب أن يكون عن طريق الحلال المشروع كما في دعائه صل الله عليه وسلم :" اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وأغنني بفضلك عن من سوالك " وكذلك لا يحملك استبطأ الرزق أن تطلبه بمعصية الله فإن ما عند الله تعالى لا ينال إلا بطاعته ,

ثانيا : الإكثار من الاستغفار ويا لها من عبادة عظيمة في تفريج الكرب والهم وكثرة الخيرات والبركات قال الله تعالى :" يقول الله سبحانه وتعالى: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا , يرسل السماء عليكم مدرارا , ويمددكم بأموال و بنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا " سورة نوح يقول النبي صل الله عليه وسلم :" من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا , ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب " رواه أبو داود وابن ماجة. فعليك بالدعاء وكثرة الإستغفار مع صدق التوجه والإخلاص لله عز وجل ." موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أثر التغذية في حياة الإنسان :

مما ينبغي أن يهتم به الإنسان حتي يحفظ لنفسه صحته من الضعف وحتي لا يُصاب بالأمراض غذائه من الطعام والشراب , الذي جعله الله تعالى من مقومات حياته فعلي الإنسان أن يتدبر ذلك كما في قوله تعالى :" فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا وشققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا " سورة عبس من الآية 23 ـ 31 ـ والمسلم يتميز عن غيره في ذلك فهو يتناول الحلال الطيب من الأطعمة والأشربة وغير ذلك , وهو يأكل ليعيش بدون اسراف ومن غير تجاوز لايعيش ليأكل , ولهذا يقول النبي صل الله عليه وسلم :" كُل ما شئت واشرب ما شئت ما أخطاتك خصلتان سَرفٌ ومَخِيلةٌ " والله سبحانه وتعالى لا يُحب المتجاوزين لحدود الإعتدال عند تناول الطعام والشراب وغير ذلك من النعم كما يقول تعالى :" كلوا واشربوا ولا تُسرفوا إنه لا يُحب المسرفين " سورة الأعراف الآية 31 ـ اللهم ارفع عن الجَهد والجوع والعري ، واكشف عنا من البلاء ما لايكشفه غيرك ، اللهم وعم بلادنا وبلاد المسلمين بخيرك وبركتك ورحمتك ." . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

قصة وعبرة :

مما يُذكر عن حاتم الأصم أحد العُباد من الأئمة الصالحين رحمه الله تعالى ، أنه حن قلبه في سنة من السنوات إلى الحج وما كان يمتلك نفقة الزاد إلى الحج ولا نفقة الأبناء والزوجة عند سفره طعمهم وشرابهم ونفقتهم ولا يجب الحج بل لا يجوز أن يسافر دون أن يضع نفقة أبناءه إلا أن يرضوا، فلما اقترب الموسم رأته ابنته حزيناً باكياً وكان في البنت صلاح وهي صغيرة، قالت: ما يبكيك يا أبتاه، قال: الحج أقبل قالت ومالك لا تحج قال: النفقة قالت: يرزقك الله قال: ونفقتكم قالت يرزقنا الله قال: لكن الأمر إلى أمك فذهبت تذكر أمها أن الرزاق هو الله وليس الأب في النهاية الأم والأبناء قالوا له: اذهب إلى الحج وسيرزقنا الله ترك لهم نفقة ثلاثة أيام، ذهب هو إلى الحج لم يكن لديه القيمة الكافية ليلتحق بالقافلة فكان يمشي من وراء القافلة، في أول الطريق عقرب لسعت رئيس القافلة سألوا هل يوجد من يمكن أن يقرأ عليه أن يعالجه وجدوا حاتم نادوا له فقرأ عليه فعافاه الله من ساعته فقال: رئيس القافلة نفقة الذهاب والإياب علي، فقال: اللهم هذا تدبيرك لي فأرني تدبيرك لأهل بيتي ..

مرت الأيام الثلاثة انتهت النفقة عند الأبناء نفذ الطعام في البيت بدأ الجوع يقرص عليهم فبدأوا اللوم على البنت: أنت السبب أنت التي أقنعتينا بأن نأذن له انظري الآن من أين نأكل؟ البنت تضحك وهي جائعة تضحك، ما يضحكك ونحن نتلوى من الجوع، قالت لهم: يا أماه يا أختاه يا أخي أبونا هذا رزاق أم آكل رزق؟ قالوا لها: آكل رزق الرزاق هو الله، قالت لهم: ذهب آكل الرزق وبقي الرزاق، هي تكلمهم فإذا الباب يقرع من على الباب قالوا: إن أمير المؤمنين يستسقيكم، كان في رحلة صيد الحاكم وعند رجوعه شعر بشدة من العطش نفذ الماء منهم فقال: اقرعوا هذا الباب اطلبوا لنا ماء منهم فقامت الأم تملئ لهم من القربة وهي تقول: سبحان الله ثالث ثلاثة من الأيام لا نجد طعاماً وأمير المؤمنين يستسقينا، فشرب الخليفة فوجد حلاوة في الماء لم يعهدها فقال: من أين أتيتم بالماء قالوا من بيت حاتم فقال: نادوه حتى أجازيه فقالوا إنه قد ذهب على الحج، فخلع الخليفة منطقته -المنطقة هي حزام من القماش الفاخر مرصع بشيء من الجواهر-

وقال: هذه لهم ومن كانت لي عليه يد -أي يعزني يحبني يحترمني- فليخلع عليه منطقته، الوزراء والتجار والحاشية الكل صار يخلع منطقته مثل هذا الزمان لو إذا رأوا المسؤول الكبير يميل الى شخص الكل مالوا إليه، سبحان الله النفوس البشرية نفسها في كل زمان واحدة!! فتكومت المناطق فجاء أحد التجار واشتراها منهم بمال ملأ البيت ذهباً يكفيهم إلى الموت، وأعادها إلى أمير المؤمنين وإلى الحاشية تزلفاً إليهم مجامل ، فاشتروا الطعام بدئوا يأكلون وهم يضحكون فإذا بالبنت هذه تبكي، قالت لها الأم إن أمرك عجيب يا بنيتي قبل قليل نحن نتضور من الجوع وأنت تضحكين أما وقد فرج الله علينا فمالك تبكين ,

، قالت: يا أماه إن هذا مخلوق لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً "أي الخليفة الحاكم " نظر إلينا نظرة عطف أغنتنا إلى الموت فكيف لو نظر إلينا الخالق!!انظر إلى القوة التي عاشتها البنت من أين جاءت هذه القوة؟ لم يثنها تهديد الفقر لم يثنها الواقع الذي ضغط  عليها بالجوع، أكثر من ذلك لم يغيرها المحيط – الكلام هنا عن المحيط – لم يغيرها لا لوم الأم، ولا لوم الإخوان، ما غيرها شيء ثابتة، ولما ثبتت أثمر هذا الثبات أن الله أيدها بهذا الثبات فتحولت من ملومة معرضة للتأثر إلى صاحبة عظة تعظ الذين حواليها . . " . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم