التحذير من تقليد الأجانب فى عادتهم السيئة :

التحذير من تقليد الأجانب فى عادتهم السيئة :

إنذار محمدي ( صل الله عليه وسلم ) الى أمته :
                                                                           
مع حديث نبوي معجز من أحكم أحاديث الإعجاز العلمي فى السنة الشريفة المطهرة من حديث أبى سعيد الخدري رضى الله عنه قال رسول الله صل الله عليه وسلم _ لتتبعن سنن من كانوا قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراعا حتي لود خلوا جحر ضب لاتبعتموهم قلنا يارسول الله اليهود والنصارى قال فمن ؟ رواه البخارى ومسلم واللفظ للبخاري _  والإتباع والإقتداء والامتثال بمعنى السير وراء آخر حسيا كان أو معنويا ومن هنا شاع مصطلح التبعية بين الناس سواء فى المجال الاقتصادي أو الثقافي أو السياسي أو التربوي والاختيار كما قال الله تعالى " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين " سورة آل عمران وقال تعالى " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا سورة النساء  والمعنى أن يختار لنفسه منهج ودين غير الإسلام وقال تعالى " واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان " سورة البقرة أى عمل اليهود بما تتلوا الشياطين والإقتداء يكون بحذو خطاهم شبرا بشبر وذراعا بذراع
                                                                      ( 1)

___ وفى هذا الحديث النبوي الشريف اعتراف ضمني بأنه لابد من تداخل الحضارات وتشابك الإستفادات المدنية واختلاط السلوك الإنساني على تعدد الأجناس والملل وفى الحديث تحذير للأمة من التهالك على الفتات المسموم ومن الإتجاه نحو الردة والمسخ الإنساني والمعنوي وهو المسارعة بتقمص كل ما تسرب عن الغير والذى ينظر الى حال المسلمين اليوم ومنذ أمد بعيد يجد أن المجتمعات الإسلامية بلا استثناء فى منزلة المغلوب على أمره فى كافة نواحي الحياة ونتج عن ذلك أن سقط المجتمع بالإقتداء بالغالب فى شعاره وزيه وأهوائه وسائر أحواله وعاداته _ كل هذا تحت شعار التقدمية ومن ذلك :_
أولا_ عرضي الأزياء النسائية واختيار ملكات الجمال فى الصالونات والفنادق ووسائل الإعلام المعادي للإسلام وشرائعه وليت هذه الأزياء كانت ساترة بل إنها الموضة التى تبرز المفاتن وتصف العورات بل إنها تدعوا الى العرى وتزيدها بهرجا وتبرجا " ( 2)

ثانيا _ مانراه فى الإعلانات التجارية التى تتبع منوال الغرب من التركيز على الجنس والفتنة ولا شئ غير رشاقة الأنثى الخليعة
ثالثا _  وكذلك التركيز على الرياضة النسائية كالجمباز وترغيب اليافعات على إبراز مفاتنهن وعوراتهن وبما يوحون لها بأن هذا شأن فتاة اليوم المتحضرة المثقفة .. وأن هذا ليس عيبا يخدش الحياء والإباحية تقضى على القيم والأخلاق ويساعدهم فى ذلك وسائل الإعلام المنحرف ومنح الميداليات ببذخ ومن غير حساب
نواحي متعددة تعمل على الإطاحة بالمرأة المسلمة وذلك من خلال دعوتها الى الإقتداء المنحرف حيث الخلاعة والاختلاط الماجن والترويج للدعارة من خلال حوانيت فخمة لحلاقات الرجال وأفخم المحلات لحلاقين النساء وذلك من خلال مدارس قص فاضح ماجن " ( 3)

رابعا _ الحرص على إقامة دور فسق ومجون فى بعض البلاد الإسلامية وتأيدها بالقوانين حتى يمكن لها من أداء ما تهدف إليه وهو نشر الرذائل والموبقات
خامسا _ إقامة أندية اليانصيب وسباق الخيل باسم ما يسمونه ( بالأعمال الخيرية ) لكنه يقوم على الطريقة الأوربية وهو من أعمال اليهود ويعملون لذلك عيدا توزع فيه الكؤوس وأثمن الميداليات
خامسا _ تأييد العمل بالقوانين الوضعية المعطلة لأحكام الشريعة الإسلامية والانتصار لها فى كل نواحي الحياة حتى لبس على عوام الناس واستفحل الداء فى ديار المسلمين , وكل ذلك مدعاة للفتنة وفساد الحال واختلال فى الموازين والمسلم الحق مطالب بأن يأخذ بوسائل النجاة وهو يسأل ربه سبحانه بأن لا يجعله فتنة للقوم الكافرين بمعنى ألا يجعله مفتونا بالكفرة وأعمالهم والإقتداء بهم فى سلوكهم وأحوالهم فتختل له أمور دينه حيث آنذاك تحدث لهم الغلبة والسيطرة قال تعالى " ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم " سورة الممتحنة
( 4)

استرجاع لأحوال المسلمين اليوم :

معاشر المسلمين نحن نعيش اليوم كالتائهين الذين لايعرفون لهم وطنا يلوذون به ولا مكان يركنون إليه ونحن نحاول أن نلحق بهذا ونلتمس القوة من التشبه بذاك حتى ضاعت معلم شخصياتنا الإسلامية وظهرت علينا بشبح التبعية لهؤلاء ...أو أولئك والنذر من حولنا تصك الآذان وتهز القلوب ولا من مجيب ومن ثم اتجهت الظنون الى الإسلام بالاتهام فى خلق هذه الحالة من التخلف والركود
والمسلمون اليوم يعيشون وكأنهم ليسوا هنا فهم يتصارعون وينهش بعضهم بعض ويذيق بعضهم بأس بعض فهم تائهون كأنهم لا ماض لهم يثير فيهم الهمة ويبث فيهم النخوة وإذا كانت الصحوة الإسلامية تمثل اندفاعا لاحتضان كل ماهو إسلامي واسترجاع شخصياتنا الإسلامية السوية وبناء حضارتنا ومستقبلنا على أساسها
( 5)

وقد بين لنا القرآن الكريم والسنة الشريفة المطهرة عناصر البناء والتربية التى تقوم على التخلية والتحلية للشخصية الإسلامية وقد لخصها الرسول صل الله عليه وسلم فى كلمات قليلة موجزة ولكنها عميقة المبنى والمعنى حيث سأله بعض الصحابة بقوله قول لى فى الإسلام قولا لأسأل عنه أحدا غيرك قال " قل آمنت بالله ثم استقم " والمهم أن يتجاوب المسلمون معها ويحرصوا على إحيائها فى نفوسهم وإبرازها فى تصرفاتهم وسائر أحوالهم وإقامة بيوتهم وأسرهم وتربية أولادهم على نور من معالمها وقيمها البناءة حتى يحققوا لأنفسهم الحياة التى يريدونها ويريدها الله لهم قال تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " سورة آل عمران
فيأيها المسلمون اتقوا الله فى دينكم وتمسكوا بأحكامه وشرائعه واعتصموا بحبله وتحلو بأخلاقه وفضائله ليعود للإسلام عزه وللمسلمين مجدهم وكرامتهم قال تعالى " ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما " سورة الأحزاب  ( 6)

شاهد ودليل على إصلاح الدين للنفوس :

إن الذى ينظر الى حال العرب قبل الإسلام لهو أكبر شاهد على ما وصلوا إليه بعده على ما وضح لنا من تهذيب الدين للنفوس وإصلاحه حال الأفراد والجماعات بل والأمم والشعوب فقد كان العرب قبل الإسلام قبائل تعبد الأصنام وكانوا فى خصام دائم وتنازع مستمر فلما جاء الإسلام وجه قلوبهم الى عبادة خالق الخلق ومدبر الكائنات ونزع ما فى صدورهم من العداوة والبغضاء وصاروا بفضل الإسلام إخوانا متحابين متحدين قال تعالى " واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا " سورة آل عمران ( 7)

المستفاد من الحديث تابع الإنذار المحمدي ( صل الله عليه وسلم )

وفى هذا البلاغ النبوي إنذار وتوجيه يبين لنا فيه الرسول صل الله عليه وسلم أن كثيرا من أبناء أمته قد
اتبعوا سنن غيرهم وانساقوا فى تيارهم غير مكرهين انبهروا بتمدينهم فعموا وتاهوا وضلوا وأضلوا ولا تعتقدن أن الحديث عام ينسحب على  جميع أفراد الأمة فقد أفاد صل الله عليه وسلم أن أمته لا تجتمع على ضلالة " وفى الحديث نهى وإرشاد من الرسول صل الله عليه وسلم عن عدم الالتفات إلى مستنقع فسوقهم وإن أحاطوه بأعراس الزهور ودعوة للتمسك بالشهامة والفضيلة والقيم الثابتة ذلك لأن نور الإسلام قد بهر الأضواء كلها وإن المقتحمين والمتهافتين على الزائف من مدنية الغرب لهم المذمومون الأحقرون ولا يغيب عنا بالنا أن الحضارة أخذ وعطاء وأن الله تعالى خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف ولا يخفي علينا أن الإتباع سلاح ذو حدين أحدهما نافع والآخر ضار"  (

والإنذار المحمدي من الرسول صل الله عليه وسلم موجه الى نبذ الضار وعدم التمسك بالتمدين أللأخلاقي وبهتان الدعوات الضالة والمذاهب الهدامة وفى ذلك توجيه مؤكد إلى الاعتصام بالكتاب والسنة
إننا إذا أردنا تربية صحيحة عميقة الجذور تثمر ثمراتها فى سلوك  الفرد فى صورة مستقلة هو أن تسود الفكرة الإسلامية حتى تؤثر فى أوضاعنا المختلفة وتصبغها بصبغة الإسلام قال تعالى " صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون " سورة البقرة
والمتأمل فى تاريخ الأمة الإسلامية يرى أن عدوى تقليد السابقين قد دبت الينا وأصابتنا فى كل نواحي حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإسلام لم يمنع من الأخذ عن الغير فيما هو صالح ومفيد فى الحقول العلمية وهو مطلب شرعي مطالبة به الأمة الإسلامية كي تكون فى مصاف الدول المتقدمة وفى الحديث الصحيح " الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذ بها وهو أحق " ( 9)

إن إتباع طرق ومناهج الآخرين سواء فى الأخلاق أو السياسة والقانون التى لم تنبثق من الدين الحنيف والاستنارة بمقوماته والإتباع العريض بالمعاصرين لاحق كما فعل من قبلهم  فقد وقعوا فى المخالفات والخلاعة والمجون
حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم فمسلموا اليوم قد تعلقوا بطرائق وآثار الآخرين ولو أنهم دخلوا فى مضيق أو جحر وفى مأوى كمضيق الضب لهبوا وراءهم مقلدين مبالغة وإفراطا فى الإتباع والضب ذلك الحيوان الزاحف الأصغر وفى الأمثال عنه تقول " أضل من ضب _ يقال إذا خرج من جحره ضاع ولا يهتدى إليه فهل بعد هذا من ضلال وقيل أحير من ضب ومعناه إذا فارق جحره تحير وسدت أمامه سبل العودة الى أمان مخبئه الأول إذ الضب من المخلوقات الأشد ضلالا وحيرة وعقدا وشؤم مؤخرة وضيق مسرب ولذا مثل الرسول صل الله عليه وسلم غيرنا من أمم الضلال بالضب والرسول صلى الله عليه وسلم ليس من الذين يرسلون الكلام على عواهنه وكفى بحكمته حسن مقال " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم  (10)

نتفدم ولكن للخلف :

الذى ينظر إلى حال بعض المسلمين اليوم , وللأسف الشديد , لم يجد منهم طريقا للتقدم إلا تقليد الأوربين , وليتهم قلدوهم فيما هو نافع ومفيد , ومايكون سببا فى تقدمهم وقوتهم , بل قلدوهم فيما هو ضار ولايقره دين ولايقبله عقل سليم , وما لاينفعهم فى دينهم ودنياهم وفى ذلك الحديث الذى رواه الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه" والواجب على المسلم أن يلتزم شرع الله تعالى ، وأن يتبع سبيل المؤمنين ، ويترك مشابهة الكافرين فيما يخص دينه  ، وأن يعلن الولاء للإسلام وأهله ، وأن يتبرأ من الكفر وأهله. . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى  وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (11)

روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه"

وهذا الحديث الشريف  علم من أعلام نبوة الرسول صل الله عليه وسلم ، يبين فيه صل الله عليه وسلم ـ حال كثير من المسلمين  من هذه الأمة في اتباعهم سبيل غير المؤمنين ، ومشابهتهم لأهل الكتاب من اليهود والنصارى حيث جاء في روايات الحديث: " قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ " وهذا التشبيه في المتابعة "شبرا بشبر وذراعاً بذراع" وفي رواية: حذو القذة بالقذة كناية عن شدة الموافقة لهم في المخالفات والمعاصي لا الكفر، والقذة بالضم هي ريش السهم وهو دال على كمال المتابعة. ثم إن هذا اللفظ خبر معناه النهي عن اتباعهم وعن الالتفات إلى غير الإسلام لأن نوره قد بهر الأنوار وشرعته نسخت الشرائع ، وقوله: "حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" مبالغة في الاتباع لهم ، فإذا اقتصروا في الذي ابتدعوه فستقتصرون ، وإن بسطوا فستبسطون حتى لو بلغوا إلى غاية لبلغتموها.
والحديث يبين لنا أن فساد أهل البدع فى المسلمين , أشد من فساد اليهود والنصارى لأنهم يرتكبون الحماقات والمخالفات , والبدع والمنكرات باسم الدين . . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى  وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ( 12 )

في التحذير من التقاليد السيئة والعادات المذمومة :

ـ إن الله تعالى قد ابتعث إلينا رسولا من أنفسنا , شاهدا علينا بما بلغه لأمته قال فيه ربه عزوجل :" قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم " سورة المائدة الآية 16 ـ إنه رسول الإنسانية ومعلم الناس الخير سيدنا محمد صل الله عليه وسلم ـ فما ترك من فضيلة إلا حثنا على التخلق بها , وما ترك من رذيلة إلا حذرنا من قبحها وبين سوء عاقبتها , فلماذا نسير على غير هداه ؟ ونقلد الأجانب فيما نهى عنه ديننا , وما لا يتفق مع آداب الإسلام وسير المسلمين الصادقين , إنه لمن العار بل من الحرام أن نترك محاسن ديننا ونرتكب ما يغضب الله تعالى فيما نهانا عنه , ( 13)

لقد أهمل كثير من الناس أمر دينهم واستهانوا بحقوقه وعبثوا بواجباته , بل إن كثيرا منهم صار اباحيا لا دين له , جريئا على انتهاك حرمات الله ولا يبالى فلا حياء يمنعه ولادين يردعه , ولا قانون يُحاسبه , فصار كل واحد منهم وراء شهواته وهواه قال تعالى :" ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لايهدى القوم الظالمين " وإذا أردت أن تحكم على خُلق قومٍ فانظر إلى ذلك في سلوكياتهم وأعمالهم عند احتفالهم  بأعيادهم الإسلامية  ومواسمهم الدينية , فهناك الكثير من يخلع برقع الحياء والأدب منطلقا لإشباع أهوائه ورغباته الدنيئة  " استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله :" سورة المجادلة نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون سورة الحشر اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ". والله أعلم موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (14)

الإسلام واستقلال الشخصية:

_ جاء الإسلام كمنهج حياة للمسلم ليصنع لنفسه شخصية تتأكد فيها كل معاني الإنسانية والنبل والمعروف , والمسلم الصادق يعتنق الحق , ويسير على ضوئه , ويعمل في دائرته , دون أن يتأثر بالعوامل الخارجية أو التقاليد السائدة , فهو يؤمن بأن جزاءه من الله تعالى مقيد بما يقوم به من عمل , فإن أحسن فلنفسه , وإن أساء فعليها , والله سبحانه وتعالى قد استودع الإنسان في نفسه الفطرة السليمة والعقل الراجح والضمير الحي الذي به يؤكد ذاته ومن خلال ذلك يستطيع أن يحكم على الأشياء قال الله تعالى :" إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها " سورة الإسراء آية 7 ـ والإنسان وحده هو الذي يجنى ثمرة هدايته , وهو كذلك وحده هو الذي يحصد وزر ضلالته , فكل نفس وما كسبت , فلا يُنجى اهتداؤه غيره , ولا يعاقب بضلاله سواه يقول سبحانه وتعالى :" من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " سورة الإسراء آية 15 ـ
(15)

والمسلم لا تتأرجح شخصيته بين مد الحياة وجذرها , وبذلك تتدهور قواه المعنوية , تابعة كل ناعق , ومنادية كل إنسان أنا معك , محسنا كان أو ظالما من حديث حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" لا تكونوا إمعة تقولون : إن أحسن الناس أحسنا , وإن أساءوا ظلمنا , ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا " رواه الترمذي ولن يكون الإنسان أبدا إمعة إذا ما سار الإنسان مع أهل الخير ووافق آرائهم يقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى " ولست بإمعة في الرجال أسأل هذا وذاك ما الخبر ؟ ولكنني مِدْرهُ الأصغرين ـ فتاحُ خير وفراجُ شر .( 16)

ولهذا قسم الإمام على رضي الله عنه الناس ثلاثة أصناف : فقال الناس ثلاثة: عالم ربـّاني ، ومتعلـم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيؤوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق." وهذا التقسيم من الإمام رضي الله عنه فيه دليل على أن الناس محصورة في هذا المعني وأنه لا رابع له . ومن ثم من المخيف على الإنسان أن ينطبق عليه قول الله عز وجل :" لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون " سورة الأعراف الآية 179 ـ . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (17)

الصراط المستقيم :


الصراط المستقيم هو طريق الإسلام الذي يدعونا إليه رب العالمين , والتمسك بأهدابه وقوام أحكامه وشرائعه , قال تعالى :" وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون " سورة الأنعام ـ وقد جاءنا هذا الدين بكل ما هو خير لنا وأمرنا به , ونهانا عن كل ما هو شر وحذرنا منه , ومن العار بعد ذلك بل من الحرام أن نترك محاسن ديننا ونقلد غير المسلمين فيما نهانا عنه ديننا , مما يُغضب رب العالمين من الأقوال والأفعال ، والنبي صل الله عليه وسلم نهانا عن التقليد الذي من هذا النوع فقال "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" رواه البخاري ومسلم .

ولهذا فإن الإسلام يربأ بأتباعه أن يُقلدوا غيرهم في احتفالاتهم مما يخصهم وما جاء من شعائر دينهم وأن لا نبرِّر لأنفسنا ذلك مهما كانت نوايانا حسنة ولهذا ننصح بعدم المشاركة في مثل هذه المناسبات ، ( كشم النسيم وغيره ) ولماذا نحرص على طعام بعينه في هذا اليوم ؟ والأطعمة عامة في أي وقت من الأشياء المباحة لكن قد يكون ما تشتريه في هذه الأيام من الأطعمة الخاصة التي تشتري في هذا اليوم مما غلا ثمنها , وقد نهانا الإسلام أن نشدد على أنفسنا , وهل النسيم وشمه لا يكون إلا في هذا اليوم ؟ وأما عن مجاملة غير المسلمين من الأقباط فمطلوبة بشرط ألا تكون المجاملة فيه على حساب ديننا وأخلاقنا وما يحط من كرامتنا , فإن كانت كذلك فهي ممنوعة ,

, إن كل ما يحدث في هذا اليوم من كثير من المسلمين من خروج على القيم والانطلاق مع أهل المعصية والغوية فيما لا يُقرُّه دين ولا يقبله عقل سليم لمن الأمور المذمومة والسيئات الممقوتة ولهذا نهي الرسول صل الله عليه وسلم المسلم أن يكون إمَّعة يقول : إن أحسن الناس أحسنت ، وإن أساءوا أسأت ، ولكن يجب أن يوطِّن نفسه على أن يحسن إن أحسنوا، وألا يسىء إن أساءوا ." رواه الترمذي ويقول النبي صل الله عليه وسلم : "من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكَّله اللّه إلى الناس " رواه الترمذي وغيره ." . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم