من فقه الإسلام حكم ( الترفيه بين المنع والإباحة )

على المسلم ان يغتنم ساعة نشاطه :

النفس لها ساعات تنشط فيها لفعل الخير وساعات تفتر فيها عن فعل الخير فاذا نشطت فأكثر المهم أن لا يطغى واجب على ما هو أوجب ومما رواه النبى صل الله عليه وسلم عن صحف ابراهيم " ينبغى للعاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله _ان يكون له أربع ساعات : ساعة يناجى فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فى صنع الله عز وجل وساعة يخلوا فيها لحاجته من المطعم والمشرب رواه ابن حبان فى صحيحه من حديث أبى ذر رضى الله عنه ومن تنظيم الوقت ان يكون فيه جزء للراحة والترويح ولابد من قدر من اللهو والترفيه المباح كما قال على رضى الله عنه روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فان القلب اذا أكره عمى فهذه هى سنة رسول الله صل الله عليه وسلم ومنهجه الوسطية والاعتدال بين حظ النفس وحق الله تبارك وتعالى ولهذا لما سمع الرسول صل  الله عليه وسلم حنظلة أحدا الصحابة الأبرار وقد اتهم نفسه بالنفاق لتغير حاله فى بيته ومع أهله وولده عن حاله عند رسول الله صل الله عليه وسلم قال له يا حنظلة لو بقيتم على الحال التى تكونون عليها عندى لصافحتكم الملائكة فى الطرقات ولكن يا حنظله ساعة وساعة وروى الأصمعى أنه رأى فى البادية امرأة بيدها مسبحة وقفت تكتحل وتتزين قال فقلت لها أين هذا من هذا ؟ يعن أنه يستبعد أن تكون من أهل الذكر والتسبيح وفى الوقت نفسه من ذوات اللهو والتجمل فأنشات المرأة تقول _-ولله منى جانب لاأضيعه ___وللهو والبطالة جانب قال الأصمعى ففهمت أنها امرأة صالحة ذات زوج تتجمل له " .  وصل الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الدعابة الصادقة :

كان  الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم يمزحون ولا يقولون الا حقا اقتداء برسول الله صل الله عليه وسلم وذلك عندما جاءت اليه امرأة عجوز فقالت له يارسول الله صل الله عليه وسلم:" ادعوا الله لى أن أكون من أهل الجنة فقال لها رسول الله صل الله عليه وسلم إن الجنة لا تدخلها عجوز " فولت المرأة تبكى فقال صل الله عليه وسلم:" أخبروها أنها لن تخلها وهى عجوز ثم تلا صل الله عليه وسلم " إنا أنشأنهن إنشاء فجعلنهن أبكارا عربا أترابا " سورة الواقعة وجاءت اليه إمرأة تشكوا زوجها وطلبت منه صل الله عليه وسلم أن يطلقها من زوجها فكسر رسول الله صل الله عليه وسلم حد الغضب عند المرأة بكلمة عجيبة حتى أن المرأة تركت رسول الله صل الله عليه وسلم وذهبت الى زوجها وهى تنظر الى عينيه وهى تقول له هل أنت فى عينياك بياض قال لها ومن قال ذلك قالت رسول الله صل الله عليه وسلم فقال لها صدق ما دام قال ذلك وأخذ بيد زوجته وذهبا الى رسول الله صل الله عليه وسلم ونسيا ما كان بينهما من شقاق لدرجة الفراق فقال الرجل هل أنا يارسول الله فى عينى بياض قال نعم كلنا عندنا بياض وسواد فى أعيننا قضحك الرجل وأخذ بيد زوجته ورجع الى بيتهما فى فرح وسرور فانظر أخا الإسلام الى أثر دعابة صادقة كانت سبب فى حل مشكلة إجتماعية يمكن لو أن الر سول صل الله عليه وسلم تدخل بالنقاش ماحلت ولهذا يقول المثل العربى ان لم تكن ملحا تصلح فلا تكن ذبابا تفسد " وهناك من يضحكون ويسخرون من خلق الله لدرجة أن الواحد منهم يكاد يطرح على ظهره وهذا شئ مذموم لأن الضاحك من معاناة الناس مذموم " ويقول الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكونوا خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس لإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فألئك هم الظالمون سورة الحجرات ".  وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بين المزاح و الكذب :

قال صل الله عليه وسلم " ويل للذى يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ويل له ويل له " الدين الإسلامى لايقوم ولا ينهض إلا على أسس الأخلاق الإسلامية الفاضلة التى يحبها الله ورسوله صل الله عليه وسلم من أجل بناء أمة متحضرة وإقامة مجتمع فاضل يصعب التغلب عليه أو انهياره , ومن مبادئ الدين الإسلامى الحنيف أنه قام على السماحة واليسر وما خير رسول الله صل الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان من أبعد الناس عن ذلك كما تروى عنه ذلك أم المؤمنين عائشة رضى الله تعالى عنها والرسول صل الله عليه وسلم كان يضحك للنكتة البريئة ولمن من غير حط من كرامة أحد ولا سخرية من انسان , فالضاحك من معاناة الناس مذموم , ومن الناس من يجلس ويضحك على غيره بحجة ما بينه وبينه  من وصل وعشم أو لأنه ذا فضل عليه وهو ألعن فى عند الله فى حقهم وحق وحق من يضحكون عليهم لدرجة أن الواحد منهم يطرح على ظهره من شدة الضحك والله سبحانه لم ينهانا عن الضحك وكيف ينهانا وهو فطرة فى الإنسان قال تعالى " وهو الذى أضحك وأبكى " سورة النجم ولكن لابد وأن يكون عندنا انضباط فى كل شئ كما قالوا خذا من المزاح كما تعطى الطعام من الملح , ويشتد الذنب عند الله تعالى عندما يجمع المازح بين الكذب وما يقول وفى غزوة تبوك قال بعض القوم وهم فى طريق رجوعهم " إن قرائنا أوسع الناس بطوننا ولكنهم جبناء عند اللقاء "  وبلغ ذلك النبى صل الله عليه وسلم وما حدث منهم فأنزل الله تعالى فيهم وفى غيرهم  قرآنا يتلى قال تعالى " ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " سورة التوبة  وقد حرص القرآن الكريم أن يسود المجتمع الإستقرار والأمن والتواد والترابط بين أفراده قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون " سورة الحجرات وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المزاح الصادق :

كان الصحابة والتابعون رضى الله تعالى عنهم يلتزمون الصدق حتى فى دعابتهم وكانوا يتخذون من المزاح ترفيها للذهن وإعمالا للتفكير بالنظر فى مواقف الصالحين يظنها البعض تناقضا مع سلامة العقيدة وهم فى ذلك يقتدون بالرسول صل الله عليه وسلم الذى كان يمزح ولا يقول إلا حقا ومن ذلك أن حذيفة بن اليمان رضى الله تعالى عنه وهو سر رسول الله صل الله عليه وسلم وقد دخل يوما على أمير المؤمنين عمر رضى الله تعالى عنه فسأله عمر رضى الله تعالى عنه كيف أنت ياحذيفة ؟ فأجابه : بخير والحمد الله , " إننى ممن يحب الفتنة , ويكره الحق , ويبغض الخير , ويشهد على ما لم يره , ويصلى بغير وضوء, ولى فى الأرض ماليس لله فى السماء , فاكفهر وجه عمر وغضب لهذا وأمر به أن يسجن , ثم استدعى عليا بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه , وقص عليه ما كان من أمر حذيفة , فلما سمع على ذلك ضحك , وقال صدق الرجل فدهش عمر وقال أتصدقه وقد كفر ؟ فقال الإمام على رضى الله تعالى , أما عن حبه الفتنة , فهو يحب المال والولد وقد قال الله تعالى " إنما أموالكم وأولادكم فتنة , وأما عن كراهيته للحق فهو يكره الموت , وقد قال صل الله عليه وسلم " والموت حق " وأما عن بغضه للخير فقد يطلق الخير على المطر وكثير من الناس لايحب المطر , وأما عن شهادته على ما لم يره فهو يشهد أن محمد رسول الله وهو لم يره , وأما عن صلاته بغير وضوء , فهى صلاته على النبى صل الله عليه وسلم _ ولايشترط لها الوضوء , وأما عن قوله ولى فى الأرض ما ليس لله فى السماء , فله زوجة وولد , وليس لله تعالى شئ من ذلك فاستبشر عمر وضحك واستحسن هذا التأويل الصادق للقول الطريف , هكذا يتداعب المؤمنون بالصدق ولا يقولون إلا حقا " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

النفوس اللاهية

قال تعالى " ألم يأن للذين أمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ومانزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون " سورة الحديد عندما يصبح الإنسان عبدا لشهواته وألعوبة لنزواته وأطماعه المادية يكون بذلك فريسة سهلة منقادا ومستسلما لكل حقير وصغير , فقد هانت عليه نفسه وذلك لما ترك مبادئ دينه وتعاليم إسلامه والله تعالى يقول أما آن لهذه القلوب الغافلة أن ترجع إلى ربها ؟ وهذه النفوس اللاهية , أما آن لها أن تخشع وتخضع ؟ وهذه الأمة التى تفرقت بها السبل وأصبح بأسها فيما بينها شديد أما آن لها أن ترجع وتتجمع وتأخذ من دينها ما يجعلها فى أوج العزة والمكانة العالية وذلك بالإلتفاف حول مائدة القرآن الكريم علما وعملا وسلوكا فهو الدستور الخالد الذى لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد , أما آن للأمة الإسلامية , أن ترفع راية القرآن الكريم وتعرف أن ما صارت إليه من بعد وفرقة وما وصلت إليه من ذل وشقاء وهوان وعذاب سبب كل هذا ترك العمل بالدين وسنة سيد المرسلين صل الله عليه ووسلم لماذا ننسى خيريتنا ورسالتنا التى كلفنا الله تعالى به نحن الموجهون فيها والقادة بما نملك من قيم وما نحمل من أمانة التى وهبنا الله إياها , لقد أصبحنا فى زمان نرى فيه المعصية ترتكب علنا دون نكير من أحد حتى أصبح المنكر معروف والمعروف منكرا وتغافلنا عن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " وليتنا وقفنا عند هذا الحد , بل إنقلبت الموازين فصار كل من يجاهر بالمعصية محبوبا لكثير من الناس يطربون لسماعه ويتحفونه بثنائهم ومدحهم وأصبح المتمسك بتعاليم الإسلام وآدابه مبغوضا بل أصبح الطائع فاكهة الحديث عند كثيرا من ضعفاء النفوس وعبيد الشهوات فهل من مجيب " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

إبتسم

ليس هناك أجمل من ابتسامة صادقة , تضئ الوجه وتجعله أكثر حيوية وجمالا , والإبتسامة تسعد من يراها وهى عمل سهل وبسيط ولا يكلف كثير عناء , لكنه فى الوقت نفسه من أكثر التعابير النفسية تعقيدا , والإبتسامة الصادقة تبعث على السعادة التى لها آثار إيجابية على الجهاز العصبى ويساعد الضحك على تنشيط الدورة الدموية , والإبتسامة تساعد على الألفة وتؤثر على مشاعر الناس من حولك وتنقل السعادة للآخرين وفى ذلك يقول النبى صل الله عليه وسلم " تبسمك فى وجه أخيك صدقة " ويقول صل الله عليه وسلم " لاتحقرن من المعروف شئ ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

استعمل المباح

أن تأكل من الطيبات من غير اسراف , وأن تستجم نفسك من غير افراط , وأن تستعمل النعمة فى غير ترف , وفى ذلك معنى الشكر , وهذا كله يؤدى إلى النشاط لعمل الخير , ويكبح ميل النفس نحو اللهو الرخيص والعبث والظلم , ولهذا قال على ابن أبى طالب رضى الله تعالى عنه " روحوا عن القلوب ساعة فإن القلوب تمل كما تمل الأبدان " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ينبغى للمسلم

ان يحرص على عدم تضيع وقته فيما لايفيد وان يجعل له جزء من وقته للراحة والترويح فان النفس تسأم بطول الجد والقلوب تمل كماتمل الأبدان فلابد من قدر للترفيه المباح كما قال على رضى الله عنه روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فان القلب اذا اكره عمى ___وان يجعل لكل وقت حقه ومما رواه النبى صل الله عليه وسلم ينبغى للعاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له اربع ساعات ساعة ينجى فيها ربه وساعة يحاسب فيه نفسه وساعة يتفكر فى صنع الله عزوجل وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب ولايحسن بالمسلم ان يرهق نفسه بالعمل ارهاقا يضعف من قوته ويحول دون استمرار مسيرته ويحيف على حق نفسه وحق اهله وحق مجتمعه حتى لو كان هذا الارهاق فى عبادة الله تعالى صياما وقياما وتنسكا وزهدا ولهذا قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه لما رأهم تكاثروا للصلاة خلفه فى الليل خذوا من الاعمال ما تطيقون فان الله لا يمل حتى تملوا وان أحب الاعمال الى الله أدومها وان قل رواه الشيخان من حديث عائشة رضى الله عنها وصل الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الترفيه عن النفس بين المنع والإباحة

جاءت الأديان بوجه عام وخاصة الدين الإسلامى , من أجل تهذيب الإنسان وما تحمله نفسه من صرعات وأهواء , وكما يدعو الإسلام الإنسان إلى الإستقامة على الطاعة وحسن المعاملة مع الخلق فإنه كذلك لايمنعه حق نفسه , وذلك بإشباع ميولها الخيرة فى حدود ما أحل الله , ولقد خلق الله الإنسان وما يحتويه من غرائز لأنها ضرورية لبقاء حياته فى الأرض , حيث خلقه سبحانه من ترابها المكون من عدة عناصر ليتلائم معها فى تقلباتها , قال تعالى" هو الذى خلق لكم مافى الأرض جميعا " سورة البقرة الاية 29_  ولهذا فإن الله تعالى لم يترك إدارة الحياة للملائكة , لأن طبيعتهم النورانية الخالصة فطرت على الجد فى العبادة قال تعالى " يسبحون الليل والنهار لايفترون " سورة الأنبياء الآية 20_
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (1)

وظيفة الدين فى حياة الإنسان

إن مهمة الدين وما جاء به من تعاليم ونصائح , هى ترويض الغرائز فى الإنسان
وتوجيه قوتها إلى عمل الخير بقدر جهد الإنسان واستطاعته , والإنسان يتكون من روح وجسد وعقل وغرائز ولكل منهما غذاؤه الذى يعيش به , ولا يجوز أن يطغى كلاهما على الآخر , ومن أجل ذلك جاء الدين يرشد إلى غذاء كل منهما , ووفقت بين مطالبها المادية والروحية فى اعتدال , وحكمة من أجل عمل الخير والبعد عن الشر وبذلك نصح سيدنا موسى عليه السلام ومن أمنوا معه لقارون الذى نسى ربه وانحاز لمطالب جسده , وغفل عن مطالب روحه قال تعالى " إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك إن الله لا يحب المفسدين " سورة القصص الآية 76_ 77_
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (2)

منهج وسط

وإن من يتتبع المنهج الإسلامى وما جاء به, وجده من أحكم المناهج فى سياسة الغرائز الإنسانية فإنه يربط بين أمور الدنيا والدين معا , ونصوصه فى ذلك أكثر من أن تذكر قال تعالى " أم للإنسان ما تمنى فالله الاخرة والإولى " سورة النجم الآية 24_25_ وكذلك عمل الرسول صل الله عليه وسلم وأصحابه فى هذا المجال يشهد
بحيوية هذا الدين وعدم تزمته وانغلاقه , وزهده فى الحياة ويشهد بقيام الدعوة الدينية على سنن الله الكونية المراعية للفطرة , الإنسانية التى تحل من الجدية والصراحة
طوال حياتها , ولذلك كان ولابد لها من الترويح المقبول الذى تغذى بها روحها وعاطفتها , وأنواع الترويح كثيرة تنبثق من الكون كله وهى متاحة لكل من يريدها
غير أن الدين قد وضع لها إطارا تمارس به من خلالها , حتى لا يساء استغلالها
وحتى لاتخرج عن الغرض منها , فقد أباح الترفيه الذى لايصدم مع نص يمنعه أو حكما ثابتا فى الدين يحرمه "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (3)

الإباحة مشروطة بعدم التعدى لحدود الله

والترفيه المباح هو الذى لايترتب عليه , تقصير فى واجب دينى أو دنيوى
وأن يكون الترفيه بقدر كما تعطى الملح فى الطعام , حتى لايصير عادة تغريه بالإنصراف عن الأعمال الجادة وقد رفض رسول الله صل الله عليه وسلم مسلك من اعتزم الرهبانية ولم يرض عما قرروه من عدم التزوج , ومن قيام الليل كله وصوم النهار كله وقال لهم" والله إنى لأخشاكم لله وأتقاكم له , ولكنى أصوم وأفطر , وأقوم وأرقد , وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى "
وكان صل الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقا وله فى ذلك مواقف مشهورة وكان يسمع الغناء العفيف والإنشاد من النساء فى الأعياد والأفراح "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (4)

من سيرته صل الله عليه وسلم

وكان يشاهد مع أم المؤمنين عائشة رضى الله تعالى عنها لعب الحبشة , الذين كانوا يرقصون بأسلحتهم وحرابهم وقد قال فى ذلك صل الله عليه وسلم " ولتعلم يهود أن فى ديننا فسحة إنما بعثت بالحنفية السمحة " وسمع الحداء وأعجب به _ ودخل السباق بالعدو ( وهو الجرى ) مع السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها كما ورد عنه أنه تسابق مع بعض الأعراب على ناقته , وشهد الرماة وهم يتبارون بالنبال وشجعهم جميعا دون انحياز
وكل ذلك يدلنا على أن الإسلام ليس ضد اللهو البرئ , بل إن الله تعالى يدعوا لتنشيط النفس على العبادة , فإن القلوب تمل كما تمل الأبدان , فما دامت الكلمات حلالا
والأداء طيبا وسليما , والغرض من ذلك نبيلا وبعيد عن المجون والفجور ولعب القمار وبريئا عن المحرمات , وبمقدار لا يلهى عن واجب فهى فى دائرة الحلال "

وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (5)

روحوا عن القلوب :

يقول الإمام على كرم الله وجهه : أجموا يعنى " أريحوا " هذه القلوب والتمسوا لها طُرف الحكمة , فإنها تمل كما تمل الأبدان , والنفس مؤثرة للهوى آخذة بالهوينى , جانحة إلى اللهو أمارة بالسوء مستوطنة للعجز طالبة للراحة نافرة عن العمل فإن أكرهتها أنضيتها " أبليتها " وإن أهملتها أرديتها . موقع من فقه الاسلام للشيخ سامى وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خير الأصدقاء من ترك المزاح:

قال عمر بن عبد العزيز: "اتقوا الله وإياكم والمزاح فإنه يورث الضغينة ويجر إلى القبيح.. تحدثوا بالقرآن وتجالسوا به فإن ثقل عليكم فحديث حسن من حديث الرجال. ويقول صاحب إحياء علوم الدين: لكل شيء بذور، وبذور العداوة المزاح.وقيل: المزاح مقطعة للأصدقاء فإن مزحت فلا تقل إلا حقاً، ولا تؤذي قلباً ولا تفرط فيه، ومن الخطأ الكبير أن يتخذ المزاح حرفة يواظب عليه ويفرط فيه، فلا تسخر من أخيك المسلم وتقول: "هذا مزاح، ولا تكذب وتقول: هذا مزاح، ولا تمزح مع أخيك بسلاح. ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

احذر :

ـ المزاحة التي تذهب المهابة وتورث الضغينة. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه -، من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه؛ لأن الضحك يدل على الغفلة عن الآخرة، وكان الصحابة والتابعون يضحك بعضهم إلى بعض، فإذا كان الليل كانوا رهباناً. ". موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

احذر :

ـ المزح الذي أوله فرح وآخره ترح. يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: درج أكابرُ السلف والخلف على ما كان عليه رسول الله صل الله عليه وسلم- من الطلاقة والمزاح الذي لا فحش فيه ولا كذب، فكان عليُّ بن أبي طالب يكثر المداعبة، وكان ابن سيرين يكثر المزاح، ولم ينكر عليهم أحد. وعن أبي هريرة رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب من المزاحة، ويترك المراء "الجدال" ولو كان صادقاً" رواه أحمد وأبو داود .".موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

احذر :

ـ المزح الذي يجلب الشر صغيراً والحرب كبيرة. ولهذا كان المزاح والضحك في هدي وحياة النبي صل الله عليه وسلم ـ مقيد بضوابط لابد وأن تُراعى ، منها:ألا يقع فيه الكذب ليُضحك الناس، ولهذا قال يقول النبي صل الله عليه وسلم :" ويل للذي يحدث فيكذب، ليضحك القوم، ويل له، ويل له، ويل له" رواه الترمذي. ويكون المزاح بقدر يسير معقول، وفي حدود الاعتدال والتوازن، الذي تقبله الفطرة السليمة، ويرضاه العقل الرشيد، ويتوافق مع المجتمع الإيجابي العامل، ولهذا يقول النبي صل الله عليه وسلم :" يا أبا هريرة أقل الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب" رواه ابن ماجه. .".موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الترويح عن النفس مطلوب ولكن :

جاء الإسلام يدعوا إلى التبسم وإدخال السرور والفرح على قلوب الآخرين ولكنه حض على ضرورة الاقتصاد في المزاح ، حيث أن الإسراف والإكثار منه قد يؤدي إلى تجاوز حدود عدم التقبل ، مما يؤدي إلى نتائج سلبية. كذلك عدم التساهل في توجيه الكلمات الجارحة بحجة المرح والترفيه عن النفس ، وأن التهاون في ذلك يؤلم الآخرين ويتسبب في ضيقهم ، فإن الذي يضحك مما بتسبب في معاناة الآخرين مذموم " ومن المهم عدم توجيه المزاح للآخرين إلاّ بعد معرفتهم ، وعدم التعامل مع الكل بنفس الطريقة ، فلكل فرد طريقة تعامل تناسبه ، إننا نجد من يتصفون بالمزاح الثقيل لا يحب الآخرين وجودهم في كل وقت ، وقد يتهربون منهم إذا لم يصل إلى حد العداوة والبعد عنهم بشكل نهائي. ومن المهم جداً ألا يخرج المزاح عن خطه الايجابي الذي يساعد على الترفيه عن النفس والبعد عن الضيقة ولا يصل إلى مرحلة الكذب والترويع وإيقاع الضرر بالآخرين , والرسول صل الله عليه وسلم يقول في الحديث :" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُروعن مسلما " والأمر لا يقف عند المسلم فقط بل يتعدى ذلك كل إنسان له حرمته وكرامته ." . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كان يمزح ولا يقول إلا حقاً:

وعن ذلك سئل بعض السَّلف عن مزاح النبي صل الله عليه وسلم - فقال: كانت له المهابة العظمى، فلو لم يمازح الناس لما أطاقوا الاجتماع به والتَّلقي عنه، وكان يمزح ولا يقول إلا حقاً.والمزاح معناه هو الانبساط مع الغير من غير تنقيص أو تحقير، أما المرح فهو شدة الفرح والتوسع فيه، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه -: سُمي المزاح مزاحاً؛ لأنه أزاح صاحبه عن الحق. عن أبي هريرة رضي الله عنه - قال: قالوا: يا رسول الله إنك تداعبنا. قال: نعم، غير أني لا أقول إلا حقاً.. رواه الترمذي. وهذه هي المداعبة التي حافظ عليها رسول الله صل الله عليه وسلم - طول حياته. عن عبد الله بن الحارث قال: ما رأيت أحداً أكثر تبسما من رسول الله. قيل لسفيان بن عيينة: المزاح هجنة، فقال: بل هو سُنة، لكن لمن يحسنه، ويضعه في مواضعه". . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المزاح لقاح الضغائن:

والمنهي عنه هو الإكثار من الضحك، والمبالغة في المزاح والضحك التي يُخشي من ورائها الإلهاء عن الأعباء، أو تجرؤ السفهاء، أو إغضاب الأصدقاء، أو الوقوع فيما حرم الله . وفي‮ ‬صحيح الجامع عن أبي‮ ‬هريرة رضي‮ ‬الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال‮: "من‮ ‬يأخذ عني‮ ‬هؤلاء الكلمات فيعمل بهن، أو‮ ‬يعلم من‮ ‬يعمل بهن؟"، قال‮: ‬قلت‮: ‬أنا‮ ‬يا رسول الله، فأخذ بيدي‮ ‬فَعَدّ خمساً‮ ‬وقال‮: "‬اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمناً، وأحب للناس ما تحب لنفسك، تكن مسلماً، ولا تكثر الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب‮.".‬موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

إنما المزاح سباب، إلا إن صاحبه يضحك:

عن الحسن بن حيي رحمه الله تعالى قال :" المزاح استدراج من الشيطان واختداع من الهوى" وقال أحد الحكماء: إنما المزاح سباب، إلا إن صاحبه يضحك.إننا لو تدبرنا كلمة المزاح لوجدنا أن معناها الإزاحة عن الحق، والدخول إلى الباطل والاستهزاء بالآخرين وكشف عيوب البعض الذي يحاول ستر نفسه بفضحه عن طريق المزاح، أي يتمادى البعض إلى هتك الأعراض في المجالس عن طريق الضحك والمزاح، ظنا منه انه يمزح وهو لا يدري إن بمزاحة هتك عرض البعض وفتح جروح قد كان صاحبه يسترها واستغل العدو الثغرات التي فتحها الممازح في غفلته. وقال بعض الشعراء:مازح أخاك إذا أردت مزاحاً....وتوق منه في المزاح جماحا فلربما مزح الصديق بمزحة ......كانت لباب عداوة مفتاحا .... وقد يؤدي هذا التصرف الأحمق إلى العداوة والقطيعة بين الناس، وفتح أبواب المشاكل للآخرين، وقد يكون بقصد أو غير القصد إنما النتيجة هي نفسها نشر العداوة بين الناس سفك أعراض الآخرين، وإحراج الغير..".‬موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم