صفة المؤمن عدم اليأس

لاتيأس

لا تيأس  فاليأس كفر برحمة الله ولاتغضب فالغضب قتل لفضائل النفس ولاتحقد فالحقد تشويه لجمال الحياة ولاتحزن فالحزن اتلاف لأعصاب الجسم والروح وتحمل من الهموم ما يضنيك وما لاينسيك سلطان الله قضاءه وقدره فى تصريف الزمان ولا تعش غير مبال بما يجرى حوالك فالمشاركة الوجدانية أنبل خصائص الانسان ولاتكن أنانيا فالايثار أجمل خصائص الانسان قال تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب سورة المائدة والاسلام يجعل المسلمين جسما واحدا يشعر كل واحد منهم بشعور الاخر ويقف فى الحياة موقفا متساندا والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض سورة التوبة فالمسلمون شركاء فى المسؤلية لايتصدعون ولا ينعزلون ولا يتخلى بعضهم عن بعض كما يقول الرسول صلوات الله عليه والمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعصه بعضا وشبك بأصبعه رواه البخارى
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

روحانيات من الأحاديث القدسية

قال الله تعالى " أهل ذكرى أهل مجالستى , وأهل شكرى أهل زيادتى , وأهل طاعتى أهل كرامتى , وأهل معصيتى لا أوئيسهم من رحمتى فإن تابوا فأنا حبيبهم وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعائب "

وفيه أيضا :

يا ابن آدم خلقتك بيدى , وربيتك بنعمتى , وأنت تخالفنى وتعصانى , وإن رجعت إلى تبت عليك , فمن أين لك أن تجد ربا مثلى , وأنا الغفور الرحيم ؟

وفيه أيضا

ما أقل حياء , من يطمع فى جنتى بغير عمل , كيف أجود برحمتى على من بخل بطاعتى . " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

نداء

أين أنتم يا أمة الإسلام " مما يحدث فى بورما وفلسطين وغيرها من البلاد ومع حالة الضعف التى إجتاحت الأمة الإسلامية وما أترفوا فيه من لهو ومعاصى , وما إنغمسوا فيه من آثام ومجون نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون " ولا نملك إلا سلاح الدعاء, نتوجه به الله فنسأله سبحانه فى علياءه أن يصلى على سيدنا محمد, صلاة تحل بها العقد وتكشف بها الكرب , وتزال بها الأضرار , وتهون بها الشدائد والصعاب , وترضيك وترضيه وترضى عنا بها يارب العالمين , اللهم إنا نسألك أن تعلى ديننا , وترفع مقامنا , اللهم إنا نرفع إليك أكف الضراعة والإبتهال رغبا للتوفيق للطاعة واصلاح الحال , اللهم أغثنا بما أنت أهله , يا غياث المستغيثين , يا أمان الخائفين , جاس أهل الكفر ديارنا , اللهم احفظنا بالإسلام قائمين ,  واحفظنا بالإسلام قاعدين ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين , اللهم انصر الإسلام وأعز  المسلمين وأذل الشرك والمشركين و قاتل الكفرة والمجرمين أعدائك أعداء الدين , اللهم لاترفع لهم راية , ولا تحقق لهم غاية واجعلهم عبرة وآية , وأهلكهم كما أهلكت عادا وثمود , اللهم أحصهم عدد واقتلهم بدد ولاتبقى منهم أحدا , اللهم إنا نجعلك فى نحورهم ونعوذ بك من شرورهم " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ومن أخلاق الإسلام الرجاء وعدم اليأس

وهنا نعرض هذا النموذج الدعوى الذى يدل على حكمة أصحاب محمد صل الله عليه وسلم وهو موقف أبو الدرداء رضى الله عنه من رجل مر عليه والناس من حوله يضربونه ويسبونه فنهاهم عن ذلك قائلا " أرأيتم إن وجدتموه فى حفرة ماذا أنت تصنعون قالوا نأخذ بيده ونخرجه منها , فقال لهم هكذا إفعلوا معه فإن الشيطان قد أوقعه فى الذنب فلا تعينوا عليه الشيطان واحمدوا الله الذى عافاكم فقالوا أفلا نبغضه؟ قال إنما أبغض عمله فإن تاب فهو أخى .
وهنا يأتى معنى الرجاء فى الله فلا نقنط أحدا أبدا من رحمة الله , ولا نستعظم الذنب الذى وقع منه , وهذا من أفضل الطرق فى المضى قدما فى طريق الدعوة إلى الله تعالى , وفى جذب الناس إلى طاعة الله تبارك وتعالى .
ولنعلم أنه من أهم شروط الرجاء أن يكون مقرونا بالعمل والأمل فيما عند الله تعالى وإلا كان الرجاء مجرد أمنية وفى ذلك يقول بن عطاء الله فى حكمه " الرجاء ما قارنه عما وإلا فهو أمنية " ونجد لذلك فى الأثر عن الحسن البصرى رضى الله تعالى عنه " ليس الإيمان بالتمنى ولا بالتحلى ولكن ما وقر فى القلب وصدقه العمل , وإن قوما غرتهم الأمانى وقالوا نحسن الظن , وخرجوا من الدنيا , ولا حسنة لهم , ولو أحسنو الظن لأحسنوا العمل "

وهذه المعانى لابد وأن يفيد الناس منها ويستفيدوا فى حياتهم , والإنسان إذا عاش عمره بين صفحات التمنى لضاع وقته من غير أن يصل إلى هدف , ولو ربط التمنى بالعمل لوصل إلى ما يتمناه دون أن يضيع وقته سدى .
والرجاء فى الله تعالى لابد وأن يواصله العمل الدائم , حتى يحصل للإنسان ما يرجوه ويكون ذلك من خلال عمل إيجابى منتج وحتى لا يستهلك الإنسان وقته فى الأمانى والأوهام الكاذبة .
والرجاء المقرون بالأمل يجعل الإنسان لايستعظم ذنبه مما يجعله ييأس ويدع التوبة
منه , والعبد لو علم أن ربه سبحانه وتعالى بما يتصف من صفات الحلم والكرم والفضل وأنه واسع المغفرة لاستصغر ذنبه مهما كان عظيما وفى ذلك

يقول بن عطاء الله فى حكمه " لايعظم الذنب عندك عظمة , تصدك عن حسن الظن بالله "
فإن من عرف ربه استصغر فى جنب كرمه ذنبه " وبذلك تحصل له منه التوبة وقد علق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على قول بعض الصالحين عندما قال " إن من أحبه الله لم يضره الذنب " فوجد له الإمام ابن تيمية مخرجا حسنا فقال إن من أحبه الله تعالى لم يضره الذنب , حيث يوفقه الله تعالى لتوبة نصوح من هذا الذنب وهذا من علامات حب الله تعالى للعبد .
ويقول بن عطاء الله رضى الله عنه وهو ينصح الإنسان على عدم يأسه من وقوعه فى الذنب فيقول " إذا وقع منك ذنب فلا يكن سببا ليأسك , من حصول الإستقامة مع ربك , فقد يكون هذا آخر ذنب قدره عليك "
قال تعالى " قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " سورة الزمر
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

عند الشدة والرخاء :

_ الإنسان خلق عجولا كثير العجز قليل الصبر , عند نزول الشدائد والبلاء , كثير الغرور قليل الشكر عند حصول الرخاء والنعماء , فإذا أصابه مكروه كضيق وعسر ومرض وفقر , وغير ذلك من بلايا الدنيا وشدائدها , استولى عليه الياس وملكه الجزع وظهر ذلك على وجهه وجوارحه بالتغير والإضطراب , فإذا ثاب إلى رشده وعاد إلى صوابه , أقبل على ربه بالتضرع وأكثر من الدعاء له تعالى فى جميع أحواله , نائما أو مضطجعا , قاعدا أو قائما ساكنا أو متحركا , قال تعالى :" وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون " وعلى من ابتلى ببلية ونزلت به محنة أن يقف عند هذه الأمور منها : أن يكون راضيا بقضاء الله غير معترض عليه بالقلب واللسان _ ومنها : أن يصلح نفسه بالتوبة إلى الله تعالى والإنابة إليه مما فرط منه _ ومنها : أن يشتغل فى ذلك الوقت بذكر الله والثناء عليه , بدلا من الدعاء له لأن الإشتغال بالذكر والثناء اشتغال بالحق , والإشتغال بالدعاء اشتغال بحظ النفس وفى الحديث القدسى :" من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين " _ ومنها : أن يبذل وسعه فى شكره تعالى إذا زال عنه تلك المحنة وان لا ينقطع عن ذلك الشكر فى عموم الأحوال من السراء والضراء والشدة والرخاء , فإن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ثقة المسلم بنفسه :

_ أكدت التربية النبوية على أن يحرص المسلم على ثقته بنفسه , ودعت المسلم إلى أن يتخلص من الإحساس بالنقص والشعور بالضعف والخوف , وحثته على الإعتزاز بنفسه , وعلى الشجاعة فى قول الحق وإبداء الرأى والتعبير عما يجيش فى أفكاره ومشاعره دون أن يخشى أحدا من الناس فمن حديث أبى سعيد رضى الله عنه أنه صل الله عليه وسلم قال : " لا يَحقر أحدكم نفسه " قالوا : يارسول الله , كيف يحقر أحدنا نفسه ؟ قال :" يرى أمر لله عليه مقال , ثم لا يقول فيه , فيقول الله عز وجل له إلى يوم القيامة : ما منعك أن تقول فى كذا وكذا ؟ فيقول خشية الناس فيقول : فإياى كنت أحق أن تخشى " روا ابن ماجة وأحمد وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

الأمل بين السكينة والسعادة:

_ بالأمل تنمو شجرة الحياة , ويرتفع صرح العمران , ويتذوق المؤمن طعم السعادة , ويحس ببهجة الحياة , والأمل قوة دافعة تشرح الصدر للعمل , وتدفع الكسول إلى الجد والمجد , إن الذى يدفع الزراع إلى الكد والعَرق أمله فى الحصاد , والذى يبعث الطالب على الجد والمثابرة أمله فى النجاح " والذى يحفز الجندى إلى الإستبسال أمله فى النصر , والذى يهون على المسلم تكاليف الجهاد أمله فى التحرير , والذى يحبب للمريض الدواء المر أمله فى العافية , والذى يدعوا المسلم ألى أن يخالف هواه ويطيع ربه أمله فى رضوانه وجنته " وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل _ قال ابن مسعود رضى الله عنه :" الهلاك فى إثنتين : القنوط والعجب " والقنوط هو اليأس , والعُجب هو الإعجاب بالنفس والغرور بما قدمته " وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لا تشاؤم مع الحياة :

_ يحكى أن المنصور بن عامر الأندلسى كان إذا أراد الغزو , عقد لواءه بجامع قرطبة فحدث مرة أن رفع حامل اللواء فصادف ذلك , ثريا من ثريات الجامع
فَكُسِرت ونزل زيتها على اللواء , فتطير الحاضرون وتغير وجه المنصور , فقال رجل من الحضور أبشر أيها الأمير , بغزو هين وغنيمة سارة فقد بلغت أعلامك الثريا وسقها الله تعالى من شجرة مباركة زيتونة , فاستراح الحضور واستبشر المنصور خيراً وكانت غزوة من أبرك الغزوات "
وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المؤمن لا ييأس :

إن المسلم الصادق لايعرف اليأس له طريق , لإيمانه بالله الواحد القهار , وإنه لاييأس من روح الله إلا القوم الكافرون , ولا يقنط من رحمة ربه إلا الضالون , فمهما توالت المحن وتتابعت الشدائد والنكبات , واشتدت الصعوبات , وعصفت بالأمة الأعاصير فلابد من يوم يأذن الله تعالى فيه بفرج ونصر عاجل قريب , والذى يتتبع مجرى تاريخ الأمة الإسلامية يرى أن ما نزل بها وأصابها ما أصابها من ضعف وتخاذل إنما هو بسبب بعدها عن كتاب ربها وسنة نبيها صل الله عليه وسلم ـ
وهذا الإبتلاء الواقع بالأمة اليوم , من الخوف الجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات من أجل أن يعيدها الله تعالى إلى رشدها , وليملأ القلوب بالرجاء ممن يملك إجابة الدعاء ومن غير الله يقدر على ذلك ؟

قال تعالى :" أمن يجيب المضطر إذا دعاه يكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله ؟ قليلا ما تذكرون " سورة النمل الآية 62 ـ لقد قال ذلك الأنبياء والمصلحون لما تقطعت بهم الأسباب :" متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب " سورة البقرة آية 214ـ وقال تعالى :" فدعا ربه أنى مغلوب فانتصر " سورة القمر آية 10 ـ إننا جميعا بحاجة إلى أن نلجأ إلى الله متضرعين إليه ففيه الأمل وبه النصر ," وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم "
سورة آل عمران آية 126ـ وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بين اليأس والأمل :

يجب على المسلم أن يبتعد عن كل ما يدعوه إلى اليأس , والتراخي والكسل عن أداء ما كلف به من أمور دينه ودنياه , ومما يعينه على ذلك أن يتوكل على الله ويأخذ بأسباب الأمل التي تدفعه إلى العمل فقد قال صل الله عليه وسلم :" إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن يغرسها فليغرسها " هكذا نرى الإسلام يدفع بالإنسان إلى الإيجابية وينعى على السلبية والسلبيين , فيقول النبي صل الله عليه وسلم :" استعن بالله ولا تعجز " ولماذا ييأس المسلم مما ينزل به من مصائب , سواء كانت فقراً أو مرضا , أو ما آل إليه المسلمون من الضعف والهوان , والله سبحانه وتعالى ناصر دينه ولو كره المشركون , فإذا تتبع المسلم طرق الخير وتجنب طرق الشر كان من الفائزين في الدنيا والآخرة .

إن الحياة من غير أمل كجسد بلا روح  , فلا يأس مع الحياة , ولا حياة مع اليأس , والعاقل هو من ينظر فى الأمور وعواقبها و يجد لكل عقدة حلا أو يحاول على الأقل تقدير مانزل به من مشكلات  , والأحمق يرى في كل حل مجموعة من العقد المتشابكة , ويعيش حياته فى ظلام دامس فى غير أمل  , وبما أن صحيح الشرع لا يمكن أن يتناقض مع صحيح العقل , لأن التشريعات موجهة لمصالح العباد , فقد عدّ العلماء : اليأس والقنوط من رحمة الله  عزّ وجل  من الكبائرعن ابن عباس  رضي الله عنهما  :"  أن رجلا   قال : يا رسول الله ما الكبائر  ؟ قال : صل الله عليه وسلم   :  ” الشرك بالله والإياس من روح الله والقنوط  من رحمة الله , من وقاه الله إياها وعصمه منها ضمنت له الجنة   " ويقول الحق سبحانه وتعالى على لسان إبراهيم عليه السلام في حواره مع الملائكة وقد بشروه بإسحاق  عليه السلام قال تعالى   :" قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبما تُبشرون , قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه غلا الضالون "  سورة الحجر:  الآية 54  ، 55 ، 56  ,

وهذا يعقوب عليه السلام يقول لولده : " يا بني تحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لاييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " سورة يوسف: الآية 87 , ويقول الحق سبحانه وتعالى" : " قل يا عبدي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " سورة الزمر: الآية 53 .فلا ييأس مذنب من العفو , لأن الله تعالى فتح باب التوبة واسعا , وفي الحديث القدسي أن رسول الله صل الله عليه وسلم : ” يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي , يا بن آدم لو جئتني بقراب الأرض خطايا لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بمثلها مغفرة ” أخرجه الترمذي .ولا ييأس مريض من عدم الشفاء مهما كان مرضه عضالًا , فعليه أن يأخذ بأسباب التداوي مع التعلق بحبل الله في الشفاء , ولنا في أيوب عليه السلام أسوة ، يقول الحق سبحانه :" وأيوب إ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكري للعابدين " سورة الأنبياء الآية 83 ، 84.

وإن كنت عقيماً لا تنجب فلا تيأس من رحمة الله وفيض عطائه , فهذه امرأة إبراهيم عليه السلام عندما بشرتها الملائكة بالولد على كبر سنها تقول: " يا ويلتي آلد وهذا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشئ عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد " سورة هود: الآية 72 ، 73 ، وزكريا عليه السلام عندما دعا ربه فقال :" رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك ب شقيا , وإني خفت الموالي من ورائى وكانت امرأتي عاقراً فهب لي من لدنك وليا " سورة مريم: الآية 4 ، 5 وجاءته الاستجابة الربانية العاجلة قال تعالى :" يا زكريا إنا نبشرك بعلام اسمه يحي لم نجعل له من قبل سميا " سورة مريم: الآية 7 ـ , وعندما تساءل عليه السلام :" رب أني يكون لي غلام وقد لغني الكبر وامرأتي عاقرا قال كذلك الله يفعل ما يشاء " سورة آل عمران: الاية 40 ـ

جاءه الجواب قال تعالى :" كذلك قال ربك هو عليَّ هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا " سورة مريم : الآية 9ـ . وإن كنت في حالة من ضيق اليد فاعلم أن فقير اليوم قد يكون غني الغد , وغني اليوم قد يكون فقير الغد , والأيام دول , وأن الله تعالى إذا أراد للعبد شيئًا أمضاه له قال تعالى :" إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " سورة يس: الآية 36ـ , ويقول سبحانه وتعالى :" ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يُمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم " سورة فاطر الآية 2ـ .

ومهما تكن لحظات حياتك عصيبة فتعلق بحبل الله عز وجل ، فهذه مريم عليها السلام عندما أظلمت الدنيا في عينيها ولم تجد ملجئًا من الله إلا إليه قالت:
يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً " سورة مريم مريم: الآية 23 ـ فكان الغوث والرحمة في قوله تعالى: " فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك ثريا , وهُزي إليك بجذع النخلة تُساقط عليك رطبا جنيا , فكلى واشربي وقر عيني فغما ترين من البشر أحداً فقولي إني نظرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم إنسيا " سورة مريم: الآية 24 ، 25، 26ـ .وها هم المسلمون في غزوة الأحزاب عندما أطبق عليهم المشركون من كل جانب لكن النصر جاءهم من حيث لم يحتسبوا كما صور ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى :" يا أيها الذين امنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جُنودٌ فأرسلنا عليهم ريحا وجُنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا , وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا , هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديداً " سورة الأحزاب: الآية 9 ، 10 , 11 ـ

وها هو سيدنا إبراهيم  عليه السلام  عندما ألقاه قومه في النار كان النجاء من عند الله :"  قلنا يا نار كوني بارداً وسلاماً على إبراهيم , وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين " سورة الأنبياء  : الآية 69 , 70ـ وهذا يونس عليه السلام  عندما التقمه الحوت فلجأ إلى الله عزوجل  واستمسك بحبله كانت الرحمة والنجاة متتابعتين له من ربه ، يقول  الحق سبحانه  : وذا النون إذ ذهب مُغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادي في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين , فاستجبنا له ونجينه من الغم وكذلك نُنجي المؤمنين "سورة الأنبياء  : الآية  87 ، 88  .

.ومن رحمة الله عز وجل بنا أنه يحاسبنا على الأخذ بالأسباب ، أما النتائج فمردها إليه سبحانه ، فإن أحسنّا الأخذ بالأسباب وأحسنّا التوكل على الله عز وجل فتح لنا أبواب رحمته في الدنيا والآخرة ، فيروي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صل الله عليه وسلم يقول :" لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً ." أخرجه أحمد ,ويقول الحق سبحانه :" ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " سورة الطلاق : الآية 2 ـ , ويقول سبحانه : " ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدراً " سورة الطلاق : الآية 3 ـ ،ويقول سبحانه : " ومن يتق الله يجعل له من أمره يُسرا " سورة الطلاق الآية 4 ـ ،ويقول سبحانه : " أليس الله بكاف عبده ويُخوفونك بالذين من دونه ومن يُضلل الله فما له من هاد " سورة الزمر : الآية 36 ـ

وللتأكيد على أهمية العمل دعانا الإسلام إلى أن نعمل إلى آخر لحظة من حياتنا ، حتى لو لم ندرك ثمرة هذا العمل ، وما ذلك إلا لبيان قيمة العمل وأهمية الإنتاج للأفراد والأمم، كما في حديث أنس بن مالك رضي اله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :" إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة , فإن استطاع أن يغرسها فليغرسها " الأدب المفرد .كما دعا القرآن الكريم إلى العمل ، وجعله في مصافّ العبادات ، فقد نادانا الحق سبحانه لصلاة الجمعة هذه الشعيرة العظيمة بأمرٍ، ثم صرفنا إلى العمل بأمرٍ مساوٍ له حيث يقول تعالى:" يا أيها الذين أمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون , فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تُفلحون سورة الجمعة 9 – 10ـ وكان سيدنا عِرَاكُ بن ُ مالك رضي الله عنه ": إِذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال :" الله إني أجبت دعوتك وصلين فريضتك , وانتشرت كما أمرتني , فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين " تفسير ابن كثير .. " . موقع من فقه الإسلام للشيخ سامي وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم